شبكة ذي قار
عـاجـل










الديمقراطية منظومة حياتية متكاملة وليست انتخابات وتداول للسلطة على افتراض إن هكذا تداول سيحصل فعلا في حكومات المنتج الاحتلالي الفاسد المعلول وهو افتراض نحن نعرف يقينا انه مستحيل . الانتخابات لوحدها ليست سوى احد وجوه المنظومة ولا قيمة لها قط إذا غابت أو غيبت الوجوه والممارسات الأخرى ومنها احترام الإنسان كقيمة عليا وحريات التعبير والإعلام عموما وإنتاج البنى الاقتصادية التي تحقق رفاهية الإنسان والخدمات التي ترتقي إلى المستوى الحضاري المتناسق مع روح العصر وترتقي بمجمل حياة الإنسان إلى نمط الكرامة السامية ونبل العلاقات البينية المعبرة عن تفاعل مخرجات الحياة مع بعضا البعض وبناء المنظومة الاجتماعية المتجانسة العابرة لتفاصيل اصغر من قيمة الإنسان التي بثها الخالق جل في علاه في معنى الوجود البشري.


إن ما أنتجه الغزو والاحتلال في العراق من نظم فاشلة فاسدة وتولية أحزاب وقوى وأشخاص لا ينتمون إلى المنظومة الوطنية ولا القومية بل إلى منظومات تمزق الوطن والأمة بسبب ولاءها الفرعي أو ولاءها العابر والقافز فوق المصلحة الوطنية والقومية هو في حقيقته منتج مقصود بتركيبته وملامحه وسحنته وليس فشلا بالمعنى الدارج للفشل لان الفشل هنا لا يبتعد كثيرا عن القصد والتعمد . كما إن تناسل التجربة العراقية بسينيورهات مختلفة في ليبيا ومصر وتونس واليمن لا يبتعد كثيرا عن القصد المسبق والمتعمد في إنتاج نظم فاشلة تمتص حنق وغضب وثورة العرب على واقعهم المزري لتضعهم في واقع أكثر بؤسا وأكثر ابتعادا عن تطلعاتهم الوطنية والقومية في التحرر والنماء والتطور والحرية والوحدة.


إن استخدام الانتخابات الصورية والتي تحدد نتائجها سلفا القوى التي سلطت على الأمة وأقطارها ومنحت مفاتيح صناديق الاقتراع إن هي إلا وسيلة خداع كبرى تضع العرب أمام الفهم القاصر والمزيف للديمقراطية وتحقن في نفس الوقت الأنظمة الفاشلة الناتجة بحقن البقاء والديمومة عن طريق تكرار الانتخابات دوريا لكي يتاح لشركات الهيمنة النفطية وبنوك المال والشركات المنتجة للسلاح وعصابات غسل الأموال وتجار الخردة والبضاعة المنتهية الصلاحية أو نصف المستهلكة التي جاء الغزو والاحتلال والتدخل الغاشم في مقدرات امتنا من اجلها وليس من اجل أي شئ غيرها.


على العرب أن يعوا جيدا إن الديمقراطية الحقيقية هي التي تنتج حياة مدنية حقيقية وان الحزب الديمقراطي الحقيقي والنظام الديمقراطي حقا هو الذي لا يمارس الموبقات التي كان يحاربها لفظيا و كان يطرحها شعارات لتعبئته السياسية قبل استلام السلطة. عليه أن يقبل بالتظاهرات والاعتصامات وكل أنواع الاحتجاج وان يحمي الرأي والرأي الآخر ويزيد من تبادلها في قنوات الإعلام المختلفة وان لا يقتل ولا يعتقل ولا يهجر. أما من يمنحون أنفسهم حق القتل والاغتصاب والتهجير والاجتثاث والاعتقالات فإنهم نتاج معلول  للأجنبي ولن تكون الانتخابات إلا حقن تنشيط لهذا المنتج المعلول لا تلبث أن ينتهي مفعولها في اليوم الثاني لفتح صناديق التزوير.


وارى مقتنعا إن أميركا لن تنجح طويلا في زرق الحياة بمنتجاتها الإجرامية في وطننا العربي عن طريق حقنها بمورفين الانتخابات فلقد سقطت الأقنعة كلها وتحولت ديمقراطية أميركا إلى مجرد مزحه يتندر بها أطفالنا في المدارس رغم إن بعض آباءهم لما يزل يتاجر بها في سلال مصنوعة في هوليود وتل أبيب وشاحنات تحمل لوحات تسجيل إيرانية.

 

 





الاربعاء ٥ صفر ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / كانون الاول / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة