شبكة ذي قار
عـاجـل










عند قراءة العلاقة بين الأمة العربية والفرس عبر التأريخ لابد وأن يتوقف الباحثون أمام حقائق وشواهد تحتم التمعن والبحث الأعمق والاشمل لبيان أو تبيان الأسباب الحقيقية التي جعلت تلك العلاقة متميزة بنفورها وجذور الحقد والكراهية التي تتحكم بعقول الحكام اتجاه العرب ومن سبقهم قبل التأريخ أي لسنة 537 ق . م والدور الذي لعبوه بتحالفهم مع اليهود الذين تم أسرهم في فلسطين كي يدمروا مملكة بابل ونظامها السياسي ، وقد وصف رواد الفكر القومي الثوري العربي في توثيقهم لصراع الأمة العربية وأعدائها بان أساسيات الصراع هي حضارية وخاصة بعد أن حمل العرب مبادئ وقيم الإسلام كثورة اجتماعية ليبشروا بها ويحرروا الأمم والشعوب ومنهم الفرس ، ومن هنا فان قراءة العلاقة فيما بين الأمة وبلاد فارس قبل وبعد الحرب الكونية الأولى وما لحق بها نجدها سلبية بمعناها الأوسع والاشمل وللنظام الإيراني القديم والجديد دور في كل مآسي الأمة وخاصة مع طرفي الإيذاء للعرب الامبريالية الأمريكية ومن تحالف معها والصهيونية العالمية التي تخطط وتقود كل مراحل العدوان والإيذاء ، وللتحديد ســوف أتناول تحالف النظام الإيراني بمختلف اتجاهاته وتوجهاته مع أمريكا التي يصفها الملا لي ألان بأنها الشيطان الأكبر ، وأقول يختلف المحللون والباحثون في توصيف العلاقة القائمة بين إيران الملا لي والولايات المتحدة الأمريكية نتيجة الغموض الكبير الذي يكتنف القضية ، مع تباين المواقف العملية إن كانت أقوال أو أفعال للإدارة الأمريكية تجاه إيران ولإيران تجاه الولايات المتحدة الأمريكية ، وقد تناول الباحثين والمعنيين بالشأن الإيراني هذه العلاقة ما بعد الوصول المبرمج لخميني إلى السلطة وفقا" للأفكار والآراء التي طرحها مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق بريجنيسكي ، ولغرض الوصول إلى المبتغى أتناول جزءا" منها :


* - الرأي الأول : يذهب للقول بأن جمهورية إيران الإسلامية صنعة غربية بحتة ، وأنها تابع مطلق لمصدر الصنعة مستندا في ذلك إلى الدعم الذي واكب قيام ثورة الخميني غربيا !!! وإلى جملة من الأحداث التي تعطي مؤشرا بهذا الاتجاه ومن أهمها رفع شعار تصدير الثورة الإسلامية والمستهدف الأساس فيه النظام الوطني القومي العراقي الذي يعد وبدون أي تردد هو القاعدة المحررة للأمة وطارح المشروع القومي النهضوي ، وأصحاب هذا الرأي يرون أي موقف أو حدث بين الطرفين خارج إطار هذه الرؤية هو من قبيل المسرحية والرتوش الضرورية للتأكيد على أن العلاقة القائمة بين هذين الطرفين هي علاقة العداء المستحكم وهي صورة يرغب كلا الطرفين صناعتها لدى أتباعه وفي المنطقة لتحقيق مآرب أخرى في حقيقتها استهداف المشروع القومي النهضوي الذي سيمكن ألامه من امتلاك مقومات المقاومة والتصدي لكل أشكال العدوان


* - الرأي الثاني : يذهب للنقيض من الرأي الأول ويعد المتغير الحاصل في إيران وقيام جمهورية إيران الإسلامية كثورة إسلامية على الغرب وعملائه ، وأن العلاقة القائمة بين الطرفين هي علاقة عداء مستحكم ، وعلى نقيض الطرف الآخر ينفي أصحاب هذا الرأي أي رواية أو تصريح أو موقف يصب باتجاهٍ مخالفٍ لرأيهم ، أو يعمدون إلى اعتباره خدعة غربية يُقصد من ورائها تشويه سمعة إيران ما بعد الثورة الإسلامية في أنظار المسلمين ومشاعرهم وقد يلجئون إذا اضطروا للاعتراف ببعض الحقائق في هذا الشأن إلى تأويلها أو تبريرها خارج نسق القراءة الموضوعية والواقعية لها


* - الرأي الثالث : يذهب لتقدير الموقف والمتغير بأنه نتاج حاله موجودة وهناك كثيرا" من المسببات التي لا ترتقي للتعارض العقائدي الظاهر بين السنة والشيعة في إيران وإلى إلغاء الشيعة ككيان مستقل وفاعل له حضوره وبات رقما صعبا ، بعزيمته وإصراره تارة وبإرادة أجنبية تارات أخرى من خلال التيارات والحركات والأحزاب التي مهد لها الغرب ودعمها وأنه ليس بالضرورة أن يكون واقع إيران اليوم أن تختار بين أن تكون عميلا منقادا للغرب أو تابعا مطلقا لأجندته فالتحول الذي أحدثه الخميني بإقامة حكومة للشيعة تحت مبدأ ( ولاية الفقيه ) أحال أدوار الشيعة من الظل إلى الضوء ومن المذهبية ( الغائبة ) إلى السياسية ( الطائفية ) ومن ردود الفعل إلى الفعل ابتداء وكما هو ألان في العراق ما بعد الغزو والاحتلال ، وعليه فإن العلاقة بين جمهورية إيران الإسلامية والولايات المتحدة الأمريكية تخضع لتجاذبات مختلفة وعوامل متعددة ، ولا يلزم إطلاقا أن يكون لهذه العلاقة تصور أوحد وهدف وحيد ومن ثمَّ فإن بإمكاننا من هذا المنظور أن نفسر الأقوال والمواقف العملية المتباينة التي تصدر من كل طرف تجاه الآخر ، دون أن نلجأ إلى نكرانها أو تأويلها أو تبريرها بشكل لا موضوعي ، وانطلاقا من هذا الرأي يمكن القول أن لملالي إيران مشروعهم الخاص الذي يتجسد في التشيع الذي تتخذ منه ميدانا" فاعلا في التمدد وإيجاد مواطئ القدم لها في المشرق والمغرب العربي والدول الإسلامية في أفريقيا وأسيا ، وللولايات المتحدة الأمريكية مشروعها الخاص ولكل منهما أجندته الإقليمية والدولية ، ووفقا لذلك فإن العلاقة بين هذين الطرفين تقوم على مدى التقارب بين أهداف مشروعيهما واتفاق الأجندة التي يرغبون في تشكيلها وخير دليل على ذلك التوافق الحاصل فيما بينهم قبل غزو واحتلال أفغانستان والعراق ، وما أفرزته سني الاحتلال الأمريكي للعراق على وجه الخصوص وتنامي الدور الإيراني إلى مستوى تزاوج الاحتلالين الأمريكي والإيراني والعمل سوية على إثارة الصراعات الطائفية والمذهبية التي راح ضحيتها ألاف العراقيين ومن جهة أخرى اختلاف وسائل إدارة الصراع اليوم وتوزعها على كافة المجالات الثقافية والاقتصادية والسياسية والإعلامية والاجتماعية



يتبع بالحلقة الثانية

 

 





الثلاثاء ٤ صفر ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / كانون الاول / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامـــل عـــبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة