شبكة ذي قار
عـاجـل










في " العراق الجديد " اصبح الفساد ظاهرة ومعولا للهدم والتخريب وبسببه ضاعت مليارات الدولارات منذ غزو العراق وحتى الان.
ولم تقتصر ظاهرة الفساد على التطاول على اموال العراقيين وسرقتها حسب وانما طال ساسة العراق الذين اخفقوا في الحفاظ على ثروة العراق ومنع وصول اللصوص اليها والتوافق على رؤية تقلل اثار وتداعيات الاحتلال .


فالفساد السياسي لايقل خطرا عن الفساد المالي والاداري فكلاهما وضع العراق في صدارة الدول التي تعاني من هذه الظاهرة .
وخسر العراق بسبب الظاهرتين امواله وامنه واستقراره وتراجعت عملية البناء والاعمار وتحول بسبب ذلك الى بلد مستهن غير قادر على تسخير امواله في مشاريع انتاجية تعيد الحياة الى مشاريعه الصناعية والزراعية والاستثمارية المتوقفة .


وطبقا لاحصائية لوزارة التخطيط العراقية فان نحو 80 في المئة من ميزانية العراق هي تشغيلية كرواتب للعاملين بمؤسسات القطاع العام والقوات المسلحة والاجهزة الامنية والمتقاعدين .
وبحسبة بسيطة فان نحو 90 مليار دولار تذهب لهذه القطاعات والباقي من موازنة العراق لايكفي للشروع بعملية تنمية وبناء واعمار بسبب الفساد المالي وتغول السماسرة واللصوص الذين يتمتعون بدعم وحماية المتنفذين في السلطة السياسية .


ولعل فضيحة صفقة السلاح الروسية والفساد الذي رافقها دليل على تغول المفسدين بالعبث بالمال العام ما اضطر السلطات العراقية الى وقف ابرام الصفقة بعد ان تبين ان سماسرة السلاح حصلوا على نحو 195 مليون دولار من قيمة عقد التسليح الذي بلغ نحو اربع مليارات ونصف المليار دولار كعمولات .


ان الفساد المالي والاداري لايمكن ان يتغول ويطال اوجه الحياة من دون حماية ودعم من المفسدين الذين يمنعون ويعرقلون المساءلة القانونية عن هؤلاء .
فسجلات هيئة النزاهة العراقية تحتوي على نحو / 30 / الف قضية فساد في الوزارات العراقية ومؤسساتها مقدار اموالها تتجاوز العشرة مليارات دولار مادفع رئيسي هذه الهيئة الى الاستقالة جراء الضغوط التي يتعرضون اليها من سياسيين نافذين لثنيهم على عدم تحريك قضايا الفساد بحق المحسوبين عليهم .


ومايؤكد هذه الحقيقة ان الفساد في صفقة السلاح الروسية قد كشفتها هيئة النزاهة في البرلمان العراقي وليس هيئة النزاهة والسبب معروف ان السلطة التنفيذية تسعى لبسط سيطرتها على الهيئات المستقلة خصوصا هيئات الانتخابات والنزاهة والرقابة المالية والبنك المركزي العراقي .


من هنا تاتي خطورة الفساد السياسي الذي انتج ظاهرة الفساد المالي التي اتت على اموال العراقيين وحاجاتهم .
وبسبب هذا التغول تسلل الفساد الى سلة غذاء العراقيين / البطاقة التموينية / الذي قلص مفرداتها من 13 الى خمس مفردات جراء عمليات الغش والتلاعب بقوت العراقيين مادفع الحكومة العراقية الى وقف العمل فيها وتعويض المستفيدين منها بمبالغ نقدية سرعان ماتراجعت عن قرارها بشبهة الفساد .


واذا عدنا الى اصل ظاهرة الفساد المالي والسياسي فان من شجع على التطاول على اموال العراق ووفر الحماية لسراقها هو سلطة الاحتلال وحاكمها بول بريمر الذي اهدر خلال سنته المشؤمة في العراق نحو ثمانية مليارات دولار من دون ان يعرف احد اين ذهبت واي يد امتدت اليها حتى الان .


وسلطة الاحتلال التي نقلت مليارات الدولارات عبر الطائرات لدفع منح مؤقتة للعاملين في مؤسسات الدولة كانت شحيحة وغير مجزية ومذلة طالها الفساد والمفسدين من دون اي اجراء لوقف التلاعب بالاموال المخصصة لهذا الغرض .


ولم يقتصر الهدر والفساد على الاموال وانما كان النفط هو الاخر مصدرا للهدر والتلاعب مثلما كانت اثار العراق وذاكرته التأريخية عرضة لسرقة والمتاجرة بها .


ان سلطة الاحتلال هي من اسست وشجعت ظاهرة الفساد المالي والاداري لاخفائها وفشلها وتخبطها واعتمادها على طبقة سياسية فاسة فضلت مصالحها على مصالح العراق العليا .


والنموذج الاميركي الذي حاول الاحتلال تصديره للعراق وترسيخه في الحياة كان نموذجا تدميريا وتقسيميا وطائفيا تقاطع مع ارادة العراقيين ورفضهم للهيمنة والاحتلال ولكنه اسس لنموذج مشوه وغير قابل للحياة مازال العراقيون يعانون من تداعياته التي طالتا ثروتهم وامنهم واستقرارهم



A_ahmed213@yahoo.com

 

 





الاحد ٤ محرم ١٤٣٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / تشرين الثاني / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب احمد صبري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة