شبكة ذي قار
عـاجـل










مثلت مناطق التقابل الحضاري العراق خاصة و الوطن العربي عامة أهمها باعتبارها مركز العالم القديم و سرة العالم حاليا و مركز صياغة القيم التي تحدد الفعل الانساني المتطلع للخلود بجانبيه المعنوي متمثلا في علاقة الفرد بالزمان من ناحية و من ناحية أخري جانبه المادي في اسعاد الانسان بما يحدده من علاقة بالمكان كمفردات غير ثابتة .. أي خلق التوازن في الذات البشرية بين ما هو مرئي محسوس و متعامل معه و بين ما هو متخيل قائم في داخل هذه الذات البشرية تعمل علي بلوغه حد التطابق وهي لم تتخلص بعد من المحسوس المهيمن عليها ... و اذا كان الاسلام قد قدم في ذلك حلولا قطعية من خلال جعل حاضر الانسان النقطة المظلمة وحدها و كل ما عداها مضي لأن حاضر الانسان مكان التجربة و الامتحان و الهوة السحيقة التي لا تجتاز إلا علي جسر الجهاد و التقوى بما يجعل الانسان غير مطمئن الي قيمة أعماله قصد بلوغ التطابق مع ما هو معنوي ثابت .. مؤشرا الحكمة الثابتة في فهم الحياة و محددا الأداة و الطريق المؤدية لتحقيق معادلة التوازن في الذات البشرية الذات التي تخضع لتأثيرات مادية طاغية كلما اطمأنت الي اشباع حاجاتها الحياتية في صيغها المباشرة .حالة عاشتها الأمة العربية الاسلامية عند بلوغها مرحلة العطاء الحضاري و كانت منطلقا بائنا للردة عن معاني الرسالة التي خصها الله بها دون غيرها من الأمم بم جعلها هدفا لتنامي النفوذ الأجنبي و دفعت ضريبتها قرونا من التخلف و الضياع المادي و المعنوي و تعيشها حاليا برؤية مغايرة و نتيجة حالة مختلفة .

 

استعادة ثوابت الرسالة الخالدة تجعل الأمة محل استهداف :

عندما بدأ العرب يواجهون مشكلاتهم بجرأة و صدق و صراحة ووثقوا من أن حل مشكلاتهم يأتي من داخلهم لا من معجزة أو من دولة خارجية و انما بتعبهم و ثباتهم عندها بدأت الرسالة الخالدة تتحقق علي الأرض العربية انطلاقا من ذات الأرض وذات الحاضرة التي صاغت أوج العطاء الحضاري كتتويج لفعل الأجداد العظام في علاقتهم بالقيم التي يلخصها جسر الجهاد و التقوى متحولة الي مركز استقطاب لكل الخبيرين في الأمة و الوطن الكبير مؤشرة بداية الصعود الي ذات القيم كما عبرت عنه سلوكا ماديا بائنا القيادة العراقية في ظل النظام الوطني و القومي و تأثيرا معنويا لها عند كل الشرفاء من أبناء الأمة بعد كل ما تعرضت له التجربة من اعتراض بصيغة الاحتلال و ما تفرع عنه من اجتثاث و تهجير و قتل علي الهوية دون اعتبار حجم الأسري و المسجونين و ما فرخه من تمزيق للنسيج الاجتماعي لتعود الجاهلية في أتعس مظاهرها كما نقلها الرواة و حفظتها كتب التاريخ و يغرق الانسان العراقي و من خلال ما يتعرض اليه يغرق العرب عامة في عزلة المكان ووحشة الزمان النتيجة طغيان المجموع علي الفرد و غياب القدر ليظهر الفرد في دور البطل الباحث عمن يصفق له حتى و هو يخون أرضه و عرضه و أهله و ذويه ..أي توسيع دائرة المصائب و اضافة عراقيل جديدة لما هو موروث و غير معالج . فما هو الرد ؟

 

المقاومة العراقية الباسلة : جيش رجال الطريقة النقشبندية مثال

إذا كانت الثورات تاريخيا هي الجواب العادل على الاحتلال سواء في آسيا أو إفريقيا أو أمريكا اللاتينية فالمقاومة العراقية هي الجواب العادل والمنطقي على هذا العدوان رغم التعتيم الإعلامي المقصود و المفروض عليها من قبل عالم الحرب بأطرافه المباشرة أو المضافة كلاعبي مصالح امبراطورية الصهيوأنكلوـ أمريكي الايراني تحت لافتة السلم العالمي و محاربة الإرهاب وحق الشعوب في العيش بكرامة حسب الطريقة الأمريكية بصيغة رؤية المؤسسات/الشركات. و انطلاقا من رؤية شاملة لطبيعة الهجمة و ظرفيتها ومن مبدأ ثابت في التصرف عند الأحرار " إذا لم تستطع أن توظف الفرصة التاريخية لصالحك فخربها على عدوك حتى تخلق الحالة التي تجعل عدوك مضطرا للانسحاب أو قابلا لشروطك " أصبح بعد كل ما مر و انكشف من فعل مقاوم من أن القيادة الوطنية للعراق تعاملت مع المؤامرة بكل صفحاتها السياسية و العسكرية و التعبوية التأطيرية حتي بصيغة النظرة الاستشرافية ...قدرة تعامل تجد تفسيرا على مستوى كل صفحة من صفحاتها أهمها تلك المتعلقة بالتعبئة و التأطير فالانسحاب الفجئي و المنظم و الموحد للجيش و لمختلف الأجهزةو المؤسسات الذي فسرته أجهزة عالم الحرب (الأنقلو – أمريكي – الصهيوني ــ الايراني ) بحالة الانهيار الشامل للدولة و بطبيعة النظام الفردية الاستبدادية و بالخيانة وهي عناوين تبنتها عديد الجهات و استخدمت بشكل موسع في النقاشات المكتوبة أو السمعية البصرية سفهته المقاومة المبرمجة كما بان ذلك لاحقا . المقاومة التي ظهرت في زمن قياسي من دخول قوات عالم الحرب بغداد مكذبة التصورات التي أشارت إلى صعوبة استعادة العراقيين لرشدهم أمام الصدمة ( كما روج الأمريكيون لذلك ) ، ليدخل العراق مرحلة مواجهة غير تقليدية تمثل الصفحة الأخيرة من " معركة الحواسم " بين مشروعين :

 

أ) مشروع صهيو ـ أمريكي ـ ايراني بشع:

يعتمد أدوات مباشرة و أخرى محلية عميلة موظفة لضبط الأمن و الاستقرار بما يسهل له تنفيذ بنود هذا المشروع التي تتمحور حول : جعل الاحتلال أمرا واقعا ، تحطيم بنية المؤسسات المدنية و العسكرية للعراق و إعادة صياغتها بما يتماشى و مصالح عالم الحرب وصولا إلى تغيير المجتمع العراقي ضمن تصور شمولي لكل المنطقة (الديمقراطية في العراق كمثال لدول المنطقة كما يروج الامركيون لذلك) في ذات الوقت يستولي عالم الحرب على أموال العراق بقرار من " الشرعية الدولية " و يوزع عقود ما يسمى " إعادة أعمار العراق " أي نهب العراق و رهنه لدى شركاته العابرة و يمارس أبشع الجرائم (تدمير الحضارة ، نهب الإرث الحضاري ، اغتيال العلماء ، القتل اليومي لأبناء الشعب العراقي ، الاعتداء على الأعراض – أبو غريب – السجون السرية ، الترويع) و يسلم ادارته بعد أن أغرقته المقاومة عسكريا و اقتصاديا الي ايران لصياغة اجتثاثه هوية و انتماءا في ظل غيبوبة النظام العربي الرسمي و سكوت عالمي مريب . إذ لم يتجرأ العرب حتى على إدانة الاحتلال !؟

 

ب) مشروع المقاومة الباسلة :

التي اعتبرت نفسها و منذ انطلاقتها امتدادا للمعركة التقليدية و بالتالي الصفحة الأخيرة من" معركة الحواسم " أي المعركة التي تحدد مستقبل قضايا الأمة العربية و دورها الحضاري سواء في فلسطين أو بالنسبة للثروات أو اختياراتها الاجتماعية ... و من أن اختيار عالم الحرب للعراق كنقطة أولى في مشروعه لم يكن نتيجة اعتبارات ميدانية بل لاعتبارات سوقية ذات علاقة بمنهجه المستقل و الأكثر تجذرا في عدائيته للتصور الإمبريالي الصهيوني المعادي للأمة و مستقبلها من ناحية و من ناحية ثانية لكونه يؤشر بداية تجديد للرسالة الخالدة بمضمون عصري لأمة عاشت الضياع و انتهكت حرماتها ( لذلك استهدف المجرمون قيادة العراق الشرعية و قبر الأستاذ ميشال عفلق مؤسس الحزب المسؤول على هذه التجربة ليس استهدافا عرضيا كما يحاول الإيحاء به إعلاميا ) .. اختيار العراق خدم قوى التحرر خاصة و أن قيادته أخذت ذلك في حساباتها و بادرت بتسليح الشعب قبل العدوان بما يضمن امتداد المقاومة لسنوات ... مع توظيف المقاومة خلال سنوات عملها التي قاربت العشر سنوات الآن لكل الفرص التي من شأنها أن تجعل مجال توسعها الكمي والنوعي و المجالي مفتوحا و ذلك بتأكيد القيادة قبل أسرها على وحدة العراق الجغرافية و التثقيف على مناهضة الطائفية مع عدم الإنجرار إلى إستخدام الشعارات المضادة ووضع تحرير العراق في أولية مهام أبنائه و ما سارت عليه المقاومة لتتحول إلى معطى شعبي بارز ينبئ بقرب إلحاق الهزيمة السياسية بعالم الحرب و عملائه المحليين و إسقاط مشاريعه بعد أن كان قد مني بالهزيمة العسكرية و الأخلاقية . معطى له تأثيرات هامة سواء على الصعيد القطري أو القومي أو العالمي .

 

و في مثل هذه الأوقات و المواقف التي تكثر فيها المصائب و تتشعب و يكثر فيها المتشائمون يجب أن يظهر المؤمنون الحقيقيون و لا يأتي الايمان الحقيقي إلا نتيجة التجربة و المعاناة و نتيجة الامتزاج الفعلي بين الأفراد و بين مصير أمتهم ... وضعية جعلت ولادة جيش رجال النقشبندية في 30/12/2006 بصيغة الحالة بائنة و متأكدة و لكنها غير منفصلة عن الفعل العام لحركة المقاومة لكونها بعناصرها و مكوناتها حالة قائمة منذ انطلاق المقاومة ولادة مثلت الاضافة النوعية باعتبار اعتمادها الثابت علي مفهوم الجسر الذي دعامته ثنائية الجهاد و التقوى كما عبر عنها البيان الأول لهذا الجيش المقاوم في اشارة لا تقبل التأويل من أنه يمثل حالة محسوسة تتجسد معنويا سلوك جدودنا العظام في علاقتهم بمبادئ الرسالة الخالدة للأمة وقيمها .. أو ما يمارسه من فعل ميداني بائن و مؤشر حتى الساعة أو ما يعلنه من مواقف بصيغة الرؤية لما تعيشه المنطقة و العراق خاصة من تجاذبات .

 

 

 

 





الاثنين ٢٠ ذو الحجــة ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٥ / تشرين الثاني / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب يوغرطة السميري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة