شبكة ذي قار
عـاجـل










منذ اندلاع الحراك الشعبي في تونس في 17/12/2010 و الساحة السياسية تعيش جملة تجاذبات منها ما هو مفعل و منها ما هو فاعل علي طريق تجسيد الشعارات التي رفعها الحراك و أفضت الي هروب رأس السلطة "بن علي" ... شعارات تتمحور حول كرامة المواطن و حريته في جانب و تحصين استقلالية القطر أمام شدة الهجمة التي تمارسها الأجندات الأجنبية ... تجاذبات خلقت فرز بين خطين بائنين .. أولا :خط تهمه السلطة كغاية حتى و ان كان في ذلك تنازل عن الثوابت الوطنية و القومية بما في ذلك التخلي عن جملة المبادئ التي رفعها في وجه السلطة سابقا و اعتبرها خطوط حمراء لا يمكن التنازل عنها و يمثله الثالوث المتصدر لقيادة المرحلة الانتقالية " يسميه التونسيون ب ( الترويكا الحاكمة ـ حزب النهضة ـ التكتل لبن جعفر ـ جماعة المؤتمر للمنصف المرزوقي ) من ناحية و من ناحية ثانية بقايا التجمع بعد أن تمكنت من توظيف الوقت لإعادة صياغة خطاب منسجم و الوضعالجديد دون مغادرة رؤيتها و تحالفاتها الداخلية و الخارجية و بعض الوجوه التي خانتها صناديق الاقتراع و لم توصلها للسلطة ... ممثلة في "حركة نـــــداء تونس " الباحثة علي اعادة انتاج النظام القديم بصورة محسنة من حيث الخطاب ...ثانيا : خط وطني قومي همه الأساس تفعيل شعارات الحراك و جعلها حقيقة ملموسة و معاشة خط بلور صيغة عمل جبهوي أعلنت عن نفسها في 23/09/2012 تحت اسم الجبهة الشعبية ... قرنت فعلها المعلن بتظاهرة شعبية حاشدة في يوم07/10/2012 ... ليجعلها محل اعلامي تراوح بين الاستبشار و التشكيك ... و اذا كان الاستبشار يقدر لأصحابه و يمثل مدخلا من مداخل التحفيز علي مزيد العطاء سواء بمفهوم الرؤية أو الفعل فان التشكيك كما يمثله مقال لكاتب أكاديمي تونسي يثير جملة تساؤلات منها ما تناوله هذا الرد بصيغة: لماذا الكتابة بمفهوم خطابات الجامعة الآن و الي أين ؟

 

I ــ انتاج خطابات الجامعة ماذا ؟ـ قراءة نقدية لهذا الخطاب .

إن صناعة العدو مبدأ برغماتي للقوى العظمي عبر التاريخ بمختلف مراحله الكبري و هي حالة متأكدة في تاريخنا المعاصر , الهدف منه خلق المبررات الضرورية للتعبئة قصد انجاز مهمة من مهام الدولة بصيغة ميدانية (تكتيكية) أو سوقية ( استراتيجية ) . مبدأ تبنته حتى الدول الصغري بما في ذلك الهامشية أما تشبها أو بصيغة الاملاء الخارجي , صناعة انتقلت الي دوائر القرار و التأثير في الأحزاب و الحركات السياسية عامة و خاصة منها التي تري في السلطة غاية و ليست وسيلة لتحقيق طموحات الشعب سواء منها المادية أو المعنوية , و لكوننا في تونس نعيشه مجسدا رؤية و خطابا و فعلا في سلوك "الترويكا" (**) ,يلاقي ما يلاقيه من ردود فعل سياسية و اجتماعية تجلياتها قطعا ستكون بائنة في ما هو قادم من استحقاقات ..نفاجئ بانتقال هذا السلوك و الفعل بصيغة الرؤية الي من ينظر له ككفاءة علمية وهو يعالج تأسيس "الجبهة الشعبية " .. حالة تعد بمفهوم الانجاز الوطني و القومي مضيئة في مسيرة العمل الوطني و القومي بصيغه التحررية المستقلة و المتأخر زمنيا في بروزه مما فوت فرصة حماية الحراك الشعبي من الارتداد من حراك شعبي هادف تحقيق الكرامة و التحرر و الاستقلال الي حراك نتاجه "صيغة من صيغ تسليم المفاتيح " استبدل فيها نظام مهترء بنظام مصنع حسب مقاييس لا تخدم المصلحة الوطنية و لا القومية بقدر ما تخدم أجندة قوي دولية كما كشفها خطاب و فعل هذه القوي فيما أسمته بذاتها " الربيع العربي " ..رؤية رغم أن صاحبها يحمل من الشهائد العلمية ما يجعله يمتنع عن الانخراط في هكذا خطاب أو أن يكتب بصيغة علمية و موضوعية تعبر عنها تلك الدرجات العلمية التي اجتازها بما يجعل منه مرجعا يستند اليه لا حالة قابلة لا للنقد فقط و انما للتسفيه بحكم كون ما كتب حالة معاصرة و شخوصها لا زالوا أحياء بمفهوم الوثيقة الحية و ليس التخيل النظري من ناحية و من ناحية ثانية تجعل من كتاباته محل تساؤل و نقد مقترنة بمفهوم لماذا؟

 

1ـ يقدم الكاتب لموضوعه بالتعرض للتسمية بصيغة المقارنة مع حالات تاريخية فاشلة في جانب و لا يتردد في جانب ثاني من ممارسة الغمز لحالة نضالية ثابتة يخالفها الرأي بغض النظر عن مدي ما حققته هذه الحالة من اضافة للفعل الوطني في الساحات التي هي فاعلة فيها ... و يتناسي نفسه كرجل أكاديمي أن الكلام في مثل هكذا مواضيع يتطلب الحجة المقنعة ليتحول بذلك الي طالب يمتلك جملة معلومات يتقن باستخدامها فن المناكفة لا فن الحجة و الاقناع .

 

2 ــ يحصر الكاتب جل النشاط الوطني بمختلف فعالياته بين اليسار الأممي و التيار القومي الذي يتبناه و يلغي فعل الآخرين النضالي و الوطني بصيغة تعبر عن رؤية دعائية اقصائية يتنكر فيها لمصداقيته العلمية الأكاديمية علما من أن الساحة تعرف و تشهد من أن من كان في صراع مباشر بصيغة الفكر و الهيكل القومي علي الساحة التونسية لم تكن الجهة التي يروج لها رغم تقديرنا الكامل لكل أعضائها و منتسبيها و انما حالة أخري يعتبرها في داخله منافسة له بدل اعتبارها حالة يستوجب أن يكون معها في ذات الخندق و هم البعثيين سواء في أحداث نهاية الخمسينات أو في أحداث 1968 و المحاكمات التي تعرضوا لها و في أحداث 1972 و غيرها من الأحداث التي عرفها القطر عامة منها رفض البعثيين بقيادة المرحوم فوزي السنوسي مسألة الانخراط في الاتحاد الديمقراطي الوحدوي و وفاته في ظروف غامضة و من هي الأطراف القومية التي مارست الضغط المركب علي البعثيين و انخرطت في هذا الفعل الذي يستهدف مصداقية العمل القومي بصيغته الوطنية علي طريق التحرر و الاستقلال بما في ذلك الحراك الشعبي الأخير و الذي قدم فيه هذا الطرف شهداء دون غيره من الأطراف الوطنية المناضلة ...ليس هذا فحسب و انما ينكر علي هذا الطرف حتى تواجده بالجامعة خلال السبعينات و الثمانينات بقيادة المرحوم الصادق الهيشري الذي استشهد هو الآخر في ظروف يعرفها القاصي و الداني " تؤشر فيما تؤشر وجود يد بائنة لمن كان يمثل في نظر من يعبر عنهم كاتب المقال ـ أمين القومية العربية ـ .

 

3 ــ الطالب عامة و ليس انتقاصا ما سأكتبه فيه الآن بل هو حقيقة محببة بحكم كونه يمارس في الفضاء الجامعي التجربة النضالية التي تصقله رؤية و قدرة علي استخدام الحجة من يستخدم خطاب التملك لكل ما هو ناصع من فعل وطني وقومي و حتى انساني ... أما أن ينزلق أكاديمي و بمرتبة متقدمة و يؤطر الطلبة في بحوثهم الي ذات الصيغة فالكلام يصبح يمس الدرجة العلمية التي يقدم بها اسمه ...لماذا ؟ ان تجيير أي فعل وطني في مرحلة الشعارات فيها تتمحور حول طرد المستعمر و كيفية معالجة الفعل الوطني المستهدف لذلك تعد ملكية جماعية لكل من هو وطني و قومي و قد تصل ملكية هذا الفعل الي أن تصبح انسانية و الأمثلة في التاريخ الانساني عديدة ...و هذا المحظور وقع فيه الكاتب بإعلان تملك طرف هو يمثله و يتكلم باسمه لفعل و نضال شخصيات و منظمات حقيقة عندما نطالع وثائقها أو ما هو موروث بصيغة مكتوبة أو معلنة أو حتي دراسات تناولتها لا نعثر علي أي رابط غير الرابط الوطني النضالي خاصة و القومي الانساني عامة يمكن بما لا يسمح للكاتب بقول ما قاله الا عقلية التملك التي تحكمه و تجعل منه انسانا في المعرفة تنقصه الحيادية التي هي ميزة متقدمة حتي للمناضل المنتمي .

 

4 ــ الطالب في خطابات الجامعة النضالية ينهي كلامه بوضع الشروط حسب المقاييس التي يراها و لا يتردد حتي في اتهام من يضع اليه شروط بكونه محل شبه " صيغة الضغط " لتحقيق أي شكل من أشكال التنازل من قبل المقابل ... في حين الأكاديمي الباحث و الذي يريد لرؤيته أن تكون محل تقدير من منطلق الفعل الوطني يقترح بصيغة الرؤية للمساعدة في ايجاد الحلول و يتجنب الاتهام ... و ان كان متأكدا منه فلا يتردد في وضعه و بالحجة بما يجعل من مسألة الالتقاء حالة غير واردة بصيغة قطعية باعتبار أن "الجبهة الشعبية" موضوع البحث الذي كتبه الكاتب تؤكد الاستقلالية و كرامة المواطن و الوطن و حالة كالتي طرحها الكاتب تنسف الهدف الشعار الذي ترفعه الجبهة من جذوره . حالة نقاش تفرض السؤال اعادة تصنيع خطاب الجامعة تحت لافتة أكاديمية الي أين ؟

 

II ـ اعادة تصنيع خطاب الجامعة تحت لافتة أكاديمية الي أين ؟

رؤية التقزيم المتعمد لبعض مكونات العمل الوطني و القومي ( البعثيين خاصة) و التشكيك في استقلالية أطراف وطنية ذات أفق أممي ... لا يبررها قول الكاتب الأكاديمي ". إن انسحاب حركة الشعب التعبيرة السياسية الأهم للتيار القومي في تونس بفضل ضغط قواعدها وهياكلها الوسطى من الجبهة الشعبية " باعتبار أن انسحاب أو عدم انضمام طرف ما من أطراف العمل الوطني للجبهة هو مسألة داخلية من حقها اتخاذه و مناقشته بالصيغة و الصورة التي ترتئيها و حتى تثقيف منخرطيها علي ما أقرته من رؤية ... أما و أن يأخذ شكل علني و متداول فهو غير مستثني بما ورد فيه من اعتباره حالة من حالات المناكفة ... تستهدف الفعل الجبهوي الذي هو شعار يرفعه كل مناضل وطني و قومي في هذه المرحلة التي بلغ فيها الفرز حدا واضحا و مكشوفا و لا لبس فيه بين من هو ضمن أجندة الوطن و الأمة العربية و بين من هو طرف منخرط و فاعل في أجندة تحسب نفسها ظاهريا علي الأمة و تعمل بما يعرقل تحررها و يجعلها تحت طائلة الأجنبي كقوة عالمية أو أخري اقليمية تماما كبعض ممن يحسبون علي التيار القومي في البحرين و في الأقطار العربية الذين لازالوا يمارسون لعبة تلميع الوجه الكالح لإيران الملالي و يسوقونها علي أساس أنها قوة صديقة و هي تستهدف الأمة هوية و تاريخا و مجالا جغرافيا غير عابئين بما ترتكبه في العراق من فعل احتلالي يهدف اجتثاث الوجود العربي أساسا أو يتبنون صنيعتها في لبنان الذي يمارس دورا تأهيليا للنفوذ الايراني لا في المجال الجغرافي فحسب و انما في الضمير الجمعي للمواطن العربي رغم أنه قطع الطريق أمام الفعل المقاوم و حرمه من جبهة مفتوحة للفعل بالضد من الكيان الصهيوني و جير كل عمل وطني بصيغة طائفية انتقلت بعد اكتمال قوتها الي تهديد النسيج الاجتماعي للمجتمع العربي بالقطر اللبناني ... استهداف الفعل الجبهوي بما يحرفه عن مهامه التي من أجلها أسس ... و يرتقي في البعض من فقرات الرؤية الأكاديمية للكاتب الي اعادة تصنيع خطابات السبعينات التي سادت الجامعة الخطابات التي أغرقت القوي الوطنية و القومية في نقاشات ممجوجة انتهت الي شرذمة المشرذم و أعاقت الفعل الوطني و القومي الي أمام ... بما سهل للقوي الأخرى من الاستفراد بالساحة و التقدم أفقيا داخل المجتمع علي حسابها... و بما يجعله يوازي في نتائجه لذات الخطاب الذي يمارسه بن جعفر صاحب حزب التكتل و المرزوقي صاحب حزب المؤتمر الذي لا يصنف لأكثر من أنه حلقة من حلقات البحث علي الرضي قصد التمكين لدي حزب النهضة و التي قدمها الكاتب الأكاديمي كاستشهاد من تلقاء نفسه عندما كتب قائلا في مقاله " ودخلت قوى جديدة حلبة الصراع السياسي وعلى رأسها حركة النهضة التي بات يُخشى من تغييرها لموازين القوة في قادم الأيام " فمتي يقلع البعض من الأكاديميين علي الوقوف عند أبواب السلاطين و يقدرون معارفهم حق قدرها ؟

 

* ) قراءة في مقال للكاتب الدكتور سالم لبيض منشور علي شبكة التقدمية الرابط http://www.taqadoumiya.net/?p=20200

** ) مقال بصيغة الاستشهاد منشور علي الرابط
http://www.albasrah.net/pages/mod.php?mod=art&lapage=../ar_articles_2012/0912/yoqarta2_090912.htm

 

 

d.smiri@hotmail.fr

 

 





السبت ٢٦ ذو القعــدة ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / تشرين الاول / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب يوغرطة السميري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة