شبكة ذي قار
عـاجـل










الاسبوع الماضي كان حافلا بالاحداث في الجزائر حين تم تشيع جنازة الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد الى مثواه الاخير، كان مجاهدا وواحدا من قادتها ورؤسائها المرموقين الذين تركوا أثرهم الكبير في وجدان وذاكرة العرب والجزائريين، وخاصة بمواقف الرجل الوطنية والقومية وفي الموقف من قضية العدوان على العراق ومأساة فلسطين.

 

وفي ذات اليوم حملت الانباء المشؤومة خبر اعدام المواطن الجزائري الشهيد عبد الله أحمد بلهادي من ابناء الجزائر الصابرة، وهو من ولاية وادي سوف، له شقيق باسم صدام حسين بلهادي الذي يناشد اليوم باسم عائلة الشهيد الضحية عبد الله احمد بلهادي السلطات الجزائرية وعلى رأسها السيد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة التدخل العاجل لتمكين عائلته من استعادة جثمان ابنها، ومساعدتها في كشف الحقيقة الكاملة عن ظروف سجنه واعتقاله ومن ثم اتهامه بـ "الارهاب" واعدامه في توقيت مريب يكشف عن حقد دفين عل الايام ان تكشف عنه. حكومة وتوقيع رئيسها المالكي سرعت باعدامه في وقت كان يناقش فيه ما يسمى "البرلمان العراقي" مشروع العفو العام عن السجناء والمعتقلين في العراق.

 

وعندما تشتد الحملة الدولية بالضغط على حكام العراق بوقف مجازر الاعدامات الجارية في العراق على قدم وساق،تعلن بقية عوائل المعتقلين الجزائريين الآخرين المحتجزين في السجون العراقية، ومنهم سجينان من وادي سوف أيضاً من المحكومين بالاعدام في العراق عن قلقها البالغ عن مصير ابنائها، وهم يترقبون الاعلان بين لحظة وأخرى تنفيذ احكام الاعدام بهما، برفقة دفعة من العراقيين المحكومين بالاعدام متكونة من 13 سجينا، ينتظرون حكم الاعدام خلال هذه الايام. واذا لم تتدخل السلطات الجزائرية بحزم ويشتد مطلب الراي العام العالمي لوقف مجازر تنفيذ احكام الاعدام في العراق بغياب العدالة والشفافية وظروف الدفاع ومراقبة الهيئات الحقوقية العالمية ولجان حقوق الانسان فإن هؤلاء الضحايا سيكونون أضحيات عيد الاضحى القادم على مشانق جلادي العراق.

 

ان السلطات العراقية المدانة بالتواطؤ سابقا عن خطف وتصفية الدبلوماسيين الجزائريين الذين عملوا في العراق الشهيدين علي بلعروسي ورفيقه عز الدين في بغداد والتكتم المستمر عن ظروف خطفهما يوم 21/ 7/2005 ثم تصفيتهما وتجاهل الكشف عن مصير جثثهما حتى هذه اللحظة. كما ان قائمة تصفية الجزائريين في العراق سواء في فترة الاحتلال الامريكي الاولى او بعد تسلم حكومات ادارة الاحتلال ظلت مفتوحة ولا نعرف بالضبط كم هو عدد الضحايا وما هي ظروف خطفهم او اعتقالهم او حتى محاكماتهم التي نسمع عنها من خلال الاعلام الحكومي وتهجماته على العرب. ان حكومة العراق التي لازالت تعتبر نفسها رئيسة دورة القمة العربية الاخيرة تتجاهل كل المسؤوليات المترتبة عليها حين اقدمت أخيرا على اعدام المواطن الجزائري الشهيد عبدالله احمد بالهادي الذي غادر الجزائر بطريقة قانونية، متجها الى سوريا، بقصد التجارة سنة 2004 واختفت آثاره عن أهله ، ولا احد يعرف بالضبط كيف قادته اقداره وحتفه الى دخول العراق ومن ثم اعتقاله وادانته بتهمة" الارهاب" لانقطاع الضحية عن التواصل مع اسرته، خاصة بعد ان غيبته سجون الاحتلال الامريكي للعراق وبعدها سجون حكومة المالكي.

 

كان البعض من المتفائلين العرب يظن ان حكومة اغلبية التحالف الوطني الحاكم في العراق الذي يترأسه ابراهيم إشيقر الجعفري، ويقود حكومته نوري المالكي يمكن ان تتروى في تنفيذ حكم الاعدام خاصة وان الاعلان عن حالة الحداد الرسمي في الجزائر بوفاة الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد وعليها ان تشارك في المراسيم الرسمية لدفن الرئيس الشاذلي بن جديد وبذلك ستفتح صفحة جديدة عن سوابق إساءاتها بحق الجزائر، والاعتذار عن ممارساتها المشينة عن صمتها وتهربها عن كشف مصير خطف واغتيال القائم بالاعمال الجزائري الشهيد علي بلعروسي وزميله الشهيد عز الدين بلقاضي في 21 /7/ 2005 في عهد رئاسة حكومة ابراهيم الجعفري، رغم مرور سنوات طويلة عن غيابهما وانتظار عوائلهما لعودة جثامينهم الطاهرة الى بلادهم.

 

واذا كان ملف اختطاف الدبلوماسيين الجزائريين ومصرعهما في بغداد ظل يلقي بظلاله على المشهد العراقي والعلاقات الجزائرية العراقية على مدى السنوات السبع السابقة لان الحكومة العراقية لم تثبت حتى الآن، من خلال تحقيقاتها التي شرعت به، وعما تبجحت به من ملاحقتها فلول وبقايا " القاعدة" في العراق أو " المجموعات الارهابية" في العراق عن الحقائق الموعودة المتعلقة بتلك الجريمة الغامضة التي استهدفت دبلوماسيين جزائريين تم خطفهما بوضح النهار، وعند باب السفارة الجزائرية في المنصور وهي السفارة التي كانت محروسة بشرطة ومليشيهات حكومة حزب الدعوة ورئيس الحكومة ابراهيم الجعفري آنذاك، الذي لم يخجل وقتها ،من خلال تصريحاته الصحفية، آنذاك من توجيه اللوم الضمني لا للجناة القتلة؛ بل للشهداء الجزائريين من قوله للصحافة بما نصه : [دعا رئيس الوزراء العراقي إبراهيم الجعفري أمس الخميس الدبلوماسيين العاملين في العراق إلى احترام الإجراءات الأمنية أثناء تنقلاتهم في بغداد. وقال الجعفري في مؤتمر صحافي في بغداد: " ندعو الدبلوماسيين إلى الالتزام بالتعليمات الأمنية الخاصة، ونحن بدورنا سندعو قواتنا الخاصة إلى أن تكون أرفع مستوى لغرض تأمين حركتهم وتجنيبهم الوقوع في شرك الإرهاب". وأضاف الجعفري: " لقد أكدنا أكثر من مرة ضرورة الالتزام بالتوجيهات الأمنية وقلنا لهم اتبعوا الإجراءات الأمنية لأنكم هدف". ونص التصريح يكشف مدى شماتة صاحبه بالضحايا بدلا ان يواسي او يعتذر لحكومة وشعب الجزائر. ويستمر الجعفري : "فيما إذا كانت عملية خطف الدبلوماسيين الجزائريين ستؤثر على بقية السفارات العاملة في العراق، قال: " قد يترك الحادث أثرا سلبيا، لكن من جانبنا نطمئن هؤلاء الإخوة بأننا سنتخذ الإجراءات الأمنية اللازمة لحمايتهم].

 

هذا الوجه الغامض من تصرف حكومة الجعفري إزاء خطف واغتيال الدبلوماسيين الجزائريين لكن المعلن كما كشفته الاخبار والضجة الاعلامية عن مساومات تصفيتهم كان أبلغ وأدهى وهي ان الاحداث المرتبطة بخطف وتصفية الدبلوماسيين الجزائرين كانت تغطي إجراءات أخرى كانت تحضر لها حكومة حزب الدعوة برئاسة ابراهيم الجعفري يمكن أن نقرأه من ما نشرته قناة العربية التي بثت في نفس ذلك اليوم حين بثت [ لقطات متلفزة لصدام حسين اثناء مثوله لاول مرة امام مسؤول بالمحكمة الخاصة، فيما كانت الانباء تتحدث عن خطف المسلحين لدبلوماسيين جزائريين في بغداد، وكما يبدو للبعض ان تلك الاجراءات كانت جزء من قضية منفصلة ضد صدام حسين، الذي وجه اليه الاتهام بالفعل في ذلك اليوم، فيما يتعلق بقتل نحو 150 من الرجال الشيعة في قرية الدجيل عام 1982 في اعقاب تعرضه لمحاولة اغتيال]، هكذا كان الخبر الرئيسي في الاعلام المحلي في العراق وفي العالم يغطي ويتناسى حادث خطف ومصير الدبلوماسيين الجزائريين، وهكذا كان المشهد الاعلامي يركز على التحقيق وقرب محاكمة صدام حسين في اليوم الموالي لخطف الدبلوماسيين الجزائريين.

 

واليوم تتكرر عملية أخرى تتعلق بحياة جزائريين آخرين لم تخطفهم القاعدة ببغداد ، بل هم رهائن بيد سجون حكومة حزب الدعوة الثانية برئاسة المالكي الرئيس الفعلي للقمة العربية الاخيرة، ونرى كما يرى آخرون انه قد تجد بعض الحكومات الذكية في فرص ما يسمى بدبلوماسية الجنائز ويمكنها من الاقتراب من الاعتذار عما بدى منها من أخطاء سياسية فتحضر الحكومة العراقية بوفد رسمي يعبر عن مواساة العراق بفقدان ورحيل الرئيس الشاذلي، كما فعلت دول عربية وأجنبية عدة بالحضور والمشاركة في مراسيم الدفن والحداد في الجزائر التي نظمتها الدولة الجزائرية بشكل رسمي ومعلن. لقد حضرت دول عربية واسلامية وغابت حكومة العراق راعية القمة العربية الاخيرة.

 

وبهذا الصدد انتبهت بفطنة ووضوح صحيفة الشروق الجزائرية فكرست يوم امس الخميس 11 اكتوبر 2012 رسمها الكاريكاتيري اليومي حول موقف حكومة المالكي، وبرز الكاريكاتير بعنوان: " الشاذلي بن جديد كان ضد المشاركة في غزو العراق"، وفي الصورة وأمام رسم قبر الرئيس الراحل بن جديد يظهر رئيس الوزراء العراقي المالكي وهو يحمل يافطة مكتوب عليها " اعدام رعية جزائرية"، بدلا من وضع اكليل الزهور على قبر الرئيس الراحل.

 

هذا في الوقت الذي كرست فيه معظم الصحف الجزائرية ادانتها لجريمة اعدام المواطن الجزائري عبدالله احمد بلهادي، وفي هذا الوقت أيضا، في ظل انشغال الجزائر والعالم بقضية الحداد ومشاركة الشعب الجزائري حزنه بوفاة الرئيس الجزائري الاسبق الشاذلي بن جديد. في هذا الصدد وعلى مدى الايام الثلاث الماضية نشرت الصحافة مواقف العديد من الهيئات الحقوقية الجزائرية والبرلمانيين والسياسيين ومنظمات المجتمع المدني التي ادانت هذه الجريمة النكراء وتوقيتها، ولا زالت البيانات والتصريحات الاعلامية تحذر من ان يكون مصير البقية من السجناء الجزائريين المحكومين بالاعدام ان يكونوا قرابين احتفالية للموت بمناسبة عيد الاضحى القادم، حيث سيتم نحر ابنائهم فجر يوم العيد أو قبله، تماما كما فعلها المالكي وحكومته مع اعدام الرئيس الراحل صدام حسين صباح الاضحى أيضاً دون مراعاة لحرمة العيد ومشاعر المسلمين بحرمة الدم في مناسبات مثل هذه.

 

ان عائلات المسجونين الجزائريين والرأي العام الجزائري تعيش اليوم على اعصابها وهي ترفع مناشداتها الى قادة الدولة الجزائرية والرأي العام العربي والعالمي لوقف تنفيذ احكام الاعدام بحق ابنائهم. وفي الوقت الذي انقطعت فيه اخبار التواصل بين هذه الاسر وابنائها فان الامهات الجزائريات المفجوعات بالاخبار القادمة من العراق، ومنهن من عائلة السجين طارق ريف من منطقة براقي احدى ضواحي الجزائر العاصمة، يرفعن ندائهن الى العالم بعنوان نشرته الصحافة الجزائرية : " انقذوا أبنائنا قبل أن يذبحوهم عشية العيد مثل ما نحروا صدام " وهم يضعون الامم المتحدة ومنظماتها الحقوقية ومنظمة الصليب الاحمر الدولي امام مسؤولياتها بعد ان توقفت كل وسائل التواصل والاتصال مع ابنائهم المسجونين في العراق.

 

بنفس الحالة تعيش عائلة السجين الجزائري الثاني وابد محمد حالة القلق الكبير. يؤكد احد أشقاء المعتقل وابد محمد من ولاية شلف الجزائرية في تصريحات له للصحافة الوطنية، ومنها جريدة الشروق اليومي "... انه وفي آخر مرة تمكنوا فيها من الاتصال بشقيقهم، انه كشف لهم ان عدداً من ضباط العراق انتقموا من جزائريين، أدلوا بتصريحات إعلامية، حيث تم تحويلهم الى زنزانات انفرادية، وانتقموا منهم، كما تم تحويلهم الى السجون الطائفية جنوب العراق، لأجل بعثهم الى التصفيات العرقية القائمة بين صراعات الشيعة والسنة والاكراد".

 

كما كشفت عوائل جزائرية اخرى عن قلقها ايضا عن مصير اولادها المفقودين وتحدثت الانباء المتسربة من العراق بوجود سجين جزائري قاصر آخر، علم أهله عن وجوده في قيد الاعتقال في سجون حكومة المالكي، عرفوا عنه من خلال احدى المكالمات الهاتفية التي سمعوها من المعتقلين في سجون العراق. هذا السجين الجزائري القاصر دخل العراق، من دون ان تكون له اية صلة بأية منظمة او تنظيم سياسي، وليس له اي انتماء لاية جهة كانت، وتم اعتقاله في العراق، ومع نقص الأدلة الكافية لادانته إكتفى القضاة بسجنه 11 سنة ، ولم تبلغ الحكومة العراقية بقضيته لا الحكومة الجزائرية ولا حتى اسرته.

 

صرح شقيق لسجين جزائري آخر محكوم بالاعدام، ينحدر من ولاية برج بوعريريج عن سوء المعاملة التي يتعرض لها شقيقه من قبل لجنة التحقيق في العراق بسبب تصريحات ادلى بها ذلك السجين الجزائري لوسائل الاعلام، فقادته الاجهزة الامنية الى زنزانة إنفرادية، ومنع اي اتصال معه، خصوصا بعد تنفيذ الاعدام بالضحية الجزائرية عبد الله احمد بلهادي، المنحدر من ولاية وادي سوف الجزائرية.

 

وفي ظل هذه الحملة الحقوقية والاعلامية التي تزامنت مع يوم الاربعاء الماضي الذي صادف " اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الاعدام 2012" والذكرى التاسعة لليوم العالمي لمناهضة عقوبة الاعدام في العالم وتصادف هذه الذكرى الخامسة لليوم الاوربي لمناهضة عقوبة الاعدام كرست جريدة الخبر الجزائرية، كبرى الصحف الجزائرية، والاكثرها توزيعا مقالة هامة للسفير البريطاني مارتن روبر على صفحتها 25 يوم الخميس 11 اكتوبر 2012 ، جاءت بعنوان [ 57 دولة ما تزال تطبق عقوبة الاعدام] ، وبطبيعة الحال لم يكن نشر المقال مصادفة بل هو اقتران متزامن مع وصول اخبار مقلقة عن مصير بقية السجناء الجزائريين في العراق ونية حكومة المالكي بتنفيذ عقوبات الاعدام بآخرين في الايام القادمة، إن لم يكن قد تم إعدامهما فعلا من دون الاعلان الرسمي لهذه المجازر.

 

يتصدرالعراق العالم اليوم بالاخبار المرعبة في القتل وعن تواصل تنفيذ الاعدامات واستمرار الاغتيالات وتعدد ممارسات الموت اليومي والتعذيب، وبشكل علني ومكشوف، وأخبار السجون تتسرب الى الخارج بشكل مرعب تتحدث عن القتل المبرمج باسم القانون في دولة بلا قانون، تحكم العراق من دون اهتمام بحياة البشر فيها. وتتسارع التصفيات بتنفيذ عقوبات الاعدام متزامنة مع اصرار بعض القوى السياسية العراقية الطائفية المتنفذة في العملية السياسية الجارية في العراق على تأجيل اصدار قانون مقترح للعفو العام عن السجناء واطلاق سراح المعتقلين الذين قضوا السنوات في المعتقلات والتعذيب من دون تحقيق او محاكمة. يقف في مقدمة القوى الداعية الى تنفيذ عقوبات الاعدام بشكل خاص التحالف الذي يترأسه نوري المالكي، وبهذا التعنت والاصرار ما هو الا تعبير عن نيات واحقاد مبيتة، تسعى الى الانتقام من خصومها السياسيين أو مقايضتهم بالامتيازات، وترتكز الحملة الظالمة ضد العراقيين والعرب الذين قاوموا الاحتلال الامريكي للعراق أو مظالم الحكومات الطائفية ومحاصصاتها السياسية، ويجري تنفيذ الانتقام بشكل خاص ضد المناضلين والمقاومين والمعتقلين الذين سلمتهم لها ادارة الاحتلال الامريكي قبل انسحابها المزعوم، كما ان تأخير اصدار القانون الموعود بالعفو، قصده الأول والأخير تسهيل مهمة الانتقام الشامل، ولتنفيذ العديد من احكام الاعدام الجاهزة للتنفيذ والموقعة من قبل المالكي او نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي بعد ان استفرد بالنيابة بهروب الهاشمي والحكم عليه بالاعدام وغياب او رفض جلال الطالباني المصادقة على احكام الاعدام ترضية لجهات اوربية ينتمي اليها سياسيا ضمن ما يسمى الاممية الاشتراكية الثانية. احكام الاعدام تتم بصورة انقائية ومقصودة ضد ابناء العراق او العرب من بلدان معينة، وهي تنم عن أحقاد وضغائن طائفية وسياسية مسبقة، وكما هو الحال مع السجناء الجزائريين المحكومين بالاعدام في ظروف غامضة ومريبة لا يمكن ان يكون الامر غير ذلك.

 

ان السباق بين الحياة والموت لا يمكن ايقافه لحظة واحدة لانقاذ رقاب وحياة الكثير من ضحايا الاحكام الانتقامية الجزافية لحكومة المالكي وعصابة مجلس القضاء الاعلى التي لاتمت للحقوق الانسانية بغياب عدالة وقضاء نزيه غير منحرف، وهي احكام تبقى في كثير من حالاتها متحيزة، ووصلت الى ذروة الاستهتار بالقوانين الوطنية والدولية، خاصة ان المناشدات التي تصل العراق من قبل لجان حقوق الانسان والهيئات الحقوقية الدولية لم تتوقف منذ عشرة سنوات لانقاذ رقاب احرار العراق ومظلومي السلطة التي نصبها الاحتلال .

 

كما الضغوط الاوربية والدول الاخرى لم تنقطع عن المناشدة بوقف نزيف الدم في العراق، وهذه الدول التي تبنت مناهضة عقوبة الاعدام لازالت تفضح ممارسات القمع في العراق، ولم تفلح حتى الآن عن ثني حكومة نوري المالكي الطائفية عن التوقف عن ممارسة هذا الذبح اليومي، وممارسة القمع والتعذيب والترهيب من خلال التعليق على حبال المشانق في سجونها واطلاق الرصاص على خصومها.

 

كما ان السباق في حومة المذابح بات على اشده في العراق، خصوصا ان الجمعية العامة للامم المتحدة وللمرة الرابعة تسعى في أواخر السنة الجارية الى مناقشة قرار يدعو الى فرض حظر عالمي على استخدام عقوبة الاعدام، ولهذا تسرع حكومة " دولة القانون" وحلفائها الى الافلات عن تنفيذ ما سيقرره المجتمع الدولي بوقف عقوبة الاعدام.

 

وبينما تصر حكومة نوري المالكي على استمرار تنفيذ احكام الاعدام ، فان أكثر من ثلثي دول العالم قد الغت عقوبة الاعدام قانونيا او تنفيذيا. وفي الجزائر لم يتم تنفيذ عقوبة الاعدام منذ عام 1983 رغم ادانة عدد من المحكومين بالاعدام عن جرائم عديدة تمت الادانة عبر محاكمات شفافة وعادلة وتوفير هيئات الدفاع والاستئناف والتمييز والطعن بالاحكام لدى هيئات متخصصة، وبذلك تكون الجزائر ضمن الـ 36 دولة التي لا تزال تحتفظ بعقوبة الاعدام في القانون، ولكنها لدوافع انسانية وعقلانية تؤجل تنفيذ تلك الاحكام ، فلم يتم استخدام وتنفيذ احكام الاعدام منذ اكثر من 10 سنوات في الجزائر.

 

تشير مقالة السفير البريطاني مارتن روبر، التي أشرنا اليها في صحيفة الخبر الى جهود الحكومة البريطانية نحو اشاعة الغاء عقوبة الاعدام وتصاعد انضمام العديد من الدول الى التوقيع على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يهدف لالغاء عقوبة الاعدام كليا في العالم، وكانت دولة البنين الافريقية آخر دولة قامت بالغاء عقوبة الاعدام في العالم، وكذلك فعلت ولاية كونتيكيت الأمريكية التي اعلنت في شهر نيسان/ افريل الماضي إنضمامها الى قائمة الـ 17 ولاية امريكية، سبق ان الغت عقوبة الإعدام.

 

ورغم ان هناك العديد من الدول بحدود 57 دولة تراجع موقفها من عقوبة الاعدام تتصدر حكومة نوري المالكي دول العالم في تصاعد أعداد المحكومين بالاعدام، وتضاعف أعداد وقوائم المغتالين لاسباب سياسية، وخاصة خلال السنة الاخيرة؛ بحيث شملت احكام الاعدام العديد من الابرياء والمعتقلين لاسباب كيدية وغامضة، ونفذت حكومة نوري المالكي عقوبات الاعدام ضد العديد من أبناء ورعايا الدول العربية ومنهم الشهيد عبد الله أحمد بالهادي، وهي تقدم اليوم أو غداً على ذبح ضحيتين جزائريتين أخريتين وفي اية لحظة.

 

ان تسهيل هروب العديد من المحكومين بالاعدام عبر صفقات ومساومات مشبوهة بما فيهم من جماعة القاعدة حالات تثير الشبهات حول ادعاء نوري المالكي وحكوماته بمكافحة الارهاب، فكثير من عمليات الهروب تمت في وضح النهار وبالتنسيق مع ادارات سجونهم التي يترأسها وزير من حزب الفضيلة احد احزاب الائتلاف الشيعي في العراق، كما هو الحال في حالات الهروب من سجون البصرة وميسان وأخيرا أحداث سجن صلاح الدين في تكريت، تلك الاحداث وما ينفذ من عقوبات الاعدام تعني الشئ الكثير للعراقيين، خاصة في انتقائية الاحكام والحكام ، وانتقائية وتحديد رعايا دول الضحايا، فهل كان نصيب ولاية وادي سوف الجزائرية ان ابنها المعدوم عبد الله احمد بالهادي انه ينتمي اليها، لأنها الولاية الجزائرية التي حرصت على اقامة ذكرى اعدام الرئيس الراحل صدام حسين في كل عام وتتذكره في كل عيد اضحى، وهي الولاية التي انطلقت فيها اول مظاهرة جزائرية حينما عزمت الولايات المتحدة على التحضير ونيتها ضرب العراق في أب / أوت 1990 وهي التي اطلقت على ميدانها الرئيسي، ساحة القدس،وساحة العراق، او ان الشهيد عبد الله بلهادي له من الاشقاء من يحمل اسم صدام حسين بالهادي هاهو يطالبنا اليوم باسترجاع جثمان أخيه الشهيد.

 

كما ان اختيار ضحية جزائرية اخرى من بلدية براقي من ضواحي العاصممة الجزائرية، وآخر من ولاية برج بوعريريج وآخر من ولاية شلف، هي توزيع من حكومة " دولة القانون" المالكية للعقوبات الظالمة على رؤوس ابناء الجزائر الاماجد، ولمعاقبة شعب الجزائر الذي وقف مع شعب العراق ضد العدوان الثلاثيني 1991 واقتطع من لقمة خبزه آلاف الاطنان من قوت أبنائه ليطعمها لاطفال العراق خلال سنوات الحصار الجائر على العراق، وهو الشعب الابي المجاهد الذي هب العديد من ابنائه بالتطوع والتوجه الى العراق ولبنان وغزة والاستعداد دائما للتضحية بحياتهم واستشهادهم من اجل طرد الاحتلال الامريكي والصهيوني من العراق وفلسطين.

 

كان على حكومة المجرم نوري المالكي ان توقف ممارسة مثل هذا الذبح، وان تقدم اعتذارها للشعب الجزائري وحكومته والاقرار بمسؤوليتها وتقصيرها وتواطؤها عن جريمة خطف واغتيال الدبلوماسيين الجزائريين الشهيدين بلعروسي وبلقايد، وتسليم بقية المساجين الجزائريين الى حكومتهم والاتفاق حول محاكمتهم ،ان كانوا مدانين، وبدلا من اعدامهم بنفس اليوم الذي سارعت فيه الدول العربية الى ارسال وفودها بالمشاركة بالتعزية بمراسيم دفن الرئيس الراحل المجاهد الراحل الشاذلي بن جديد كانت حكومة نوري المالكي ترسل أخبار تصفية جزائري جريرته انه أحب العراق وسعى للذهاب اليه.

 

 





السبت ٢٦ ذو القعــدة ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / تشرين الاول / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ا.د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة