شبكة ذي قار
عـاجـل










قد لا نمتلك المعلومات الكافية عن حقيقة الوضع الأمني في ليبيا طيلة الأشهر الماضية , رغم ما سبق وأن تناقلته وكالات الأنباء والأخبار الصحفيّة والفضائيّة منذ ما بعد مقتل العقيد القذّافي ولغاية اليوم عن معارك ومصادمات وانفجارات حدثت في عدّة أماكن من ليبيا طيلة هذه الفترة وهنالك أنباء متضاربة عن وجود ميليشيّات لازالت هي الحاكم العسكري الفعلي للشارع الليبي .. زيادةً على الأنباء , ومنها اتصال هاتفي عَرَضي لا شأن له بالوضع السياسي علمته فجر اليوم من مصدر أثق به ويثق بي وجدته فرصة مناسبة لأتطرّق ولو سريعاً وأسأله عن الوضع الأمني في ليبيا "قبل ورود الأنباء عن مقتل السفير الأميركي فيها " فأجابني "تستطيعون أنتم تقدمون إلينا فنحن لا نستطيع القدوم إليكم لعدم وجود طيران" !؟ , ممّا يؤشّر لصعوبة "أمنيّة" ما , لم يستطع المصدر الافصاح عنها , تجري بعيداً عن الإعلام , داخل ليبيا , لا نعلم درجة قوّتها .. علاوةً على ما تناقلته الأنباء سابقاً عن دخول عدد من القوّات أميركيّة إلى ليبيا بحجّة البحث عن "خمسون ألف" صاروخ قد فقدت من الترسانة العسكريّة الّتي خلّفها القذّافي بعد سقوط نظامه وعن أسلحة بايولوجيّة "بحسب زعم المصادر العسكريّة الأميركيّة" ؟! ..


لا أدري .. ربّما تنازع الكاتب أحيانا , وكتّاب كثيرون كذلك , شكوك كثيرة في أحداث قويّة تشدّ النظر إليها بقوّة وتشلّ العقل تماماً إلى ظاهرها , أغلب الناس يقعون فريسة ذلك , لتخفي عن ما يُضمر أو مُخبّأ تحتها , "وهي صناعة إعلاميّة ماهرة جدّاً ومبهرة لا تستطيع صنعها إلّا مؤسّسات إعلاميّة ضخمة تمتلك سقف دعم مُجنّدة أقرب ما تكون لوجستيك بمعناه العسكري , عالي جدّاً !" , والأمثلة على ذلك كثيرة ومعروفة الجهة الأقدر عالميّاً على فعل ذلك .. ومنهم من يرى الأحداث "المصنوعة" تلك لكنّه ينظر إليها بعين الريبة والشكّك , حتّى ولا يكفيه المشهد المفاجئ والأكثر حيرة الآن بمقتل السفير الليبي في قنصليّة أميركا ببنغازي مثلاً كي يحسبه بحسابته الخاصّة فيصل إلى كأن يكون مثلاً "ثأراً للإسلام" فقط , بينما يمرّ الموضوع هكذا دون تمحيص ودون إسقاط للشكوك , خاصّةً وأنّ القتيل يمثّل أكبر دول العالم وأعظمها قوّةً , أو أعظمها طموحاً في استغلال الأحداث , "أو صناعتها" ! , حيث لا أحد يستطيع أن يجاري أميركا في ذلك , وهي الّتي اشتهرت بسياسة "القتال والقتل بالنيابة" دون أن تترك أيّ أثراً لبصماتها إلاّ لمن يلازم خطواتها السياسيّة خطوةً بخطوة , استمرّ ذلك طيلة عقود "الحرب الباردة" وما بعدها أيضاً ! .. أو العمل وراء الكواليس في احداث كبرى جرت حيث تنتظر الأحداث أو الّتي حشرت أنفها فيها , أو صنعتها بنفسها لحين ما تبدأ في استكمال جسور التلاقي معها وتعبيدها لتصبّ في الحقل أو الرصيد الّذي تكون قد هيّأته لذلك ؛ "ومنها ربيع براغ" ! الّذي كاد أن يسير وفق خطواتها المرسومة فيما لو تمّ نجاحه لولا مفاجآت "بريجينيف" !.. فعندما بدأت احداث ما عرف بالربيع العربي قلت حينها , وكنت الوحيد الّذي خالف رأيه الجميع في "الربيع" مبكّراً وشكّكت بمقال نشرته في موقع "كتابات", خالفت من كتب في الربيع وهوجمت "تندّراً" من بعض المواقع ألألكترونيّة بسبب رأيي ذاك! , و المقال نشر مع أيّام "الربيع" الأولى بعنوان "ما أشبه يوم زين العابدين بأمس خميني" ! وكان توصيفاً دقيقاً .. والفضل لـ "ويكليكس" وما نشره أراد بها فوضى .. ولمّا بدأت تتكشّف ما تستنّر وراء "الربيع" شيئاً فشيئاً, كتب الاستاذ محمّد حسنين هيكل , بعد مرور ستّة أشهر على بدء الربيع , مقالاً بخصوصه , وبالحرف الواحد , "الربيع العربي يذكّرنا بثورة خميني ضدّ شاه إيران" ! ...


فقبل أحداث ما عرفت "بالربيع العربي" كانت الجماهير معبّاة ضد أميركا في البلدان الّتي دخلها الربيع هذا وفي أشدّ حالات الغضب ضدّ المعسكر الغربي وضدّ الولايات المتّحدة الأميركيّة.. وكثيراً ما اقتحمت الجماهير الغاضبة مقار السفارات الأميركيّة وسفارات دول الغرب في مناسبات مختلفة لأسباب في أغلبها كانت ناتجة عن مواقف دينيّة تتعرّض للرسالة الإسلاميّة أو لشخص الرسول الكريم .. ولعلّ دوافع جماهير الأمس الغاضبة هذه في بلدان الربيع "مصر وليبيا وتونس" كانت أشدّ وأقوى بكثير , عمّا صدرت أمس بسبب اعتداءات معنويّة طالت الدين الإسلامي الحنيف لم تكن اقوى من سابقاتها إن لم تكن أقلّ! , عندما كان الغضب أقوى يتفجّر لأدنى سبب يمسّ العقيدة نعزيه لعامل الخوف المتراكم من أنظمة الأمس والاحتقان , وهي كافية لتعطي شحنات دفع "إفراغ" آنذاك أقوى بكثير من سبب أمس , كانت فيما مضى كافية لقتل سفراء الغرب وأميركا ! , خاصّة أيضاً , أنّ أغلب سفارات أميركا كانت تحاط , في ليبيا مثلاً , بعساكر ليبيّون متعاطفون بطبيعتهم مع أيّة غضبة جماهيريّة تمسّ ـ المشترك ـ لديهم , وخاصّة أيضاً وإن وقوف الغرب وأميركا في مجلس الأمن إلى جانب "الثوّار" في مصر وإلى جانب "الثوّار" في ليبيا "عسكريّاً" معهم وتأييدهم المعروف , تساعد على امتصاص الغضب المعنوي الليبي أو المصري فيما لو تأجّج لمثل تلك الأسباب , وتعطي فرصة للتفهّم أكثر من ذي قبل .. خاصّةً "ثوّار" ليبيا .. لوجود "الزاد والملح الثوري" المشترك الّذي جمعهم بالضدّ من القذّافي ! ..


"باسيل" الّذي ينحدر من جنوب كاليفورنيا ومديرا لشركات عقار , مخرج "لفلم سياسي" وليس فلماً دينيّاً ! , باسيل هذا "54" عاماً يؤكّد في الفيلم : أنّ الإسلام "دين كراهيّة" وهو "سرطان"! بحسب تصريحاته لصحيفة "وول ستريت" .. وهو من تبنّى إنتاج الفليم وجمع لإنتاجه من مائة مانح يهودي , تبرّعات بلغت خمسة ملايين دولار! وحشد لانتاجه ستّون ممثّلاً وفريقاً من 45 شخصاً خلال 3 أشهر "منذ العام الماضي"!! .. الفلم يستغرق ساعتين .. وبحسب رأيي الشخصي .. يجب أن لا تنطلي علينا , وعلى النظام الليبي الجديد أيضاً وبشكل خاصّ وأن يحذر الشرك المعدّ لليبيا إعداداً محكماً تنتهي بغزوها غزواً عسكريّاً مباشراً ! .. لأنّ أميركا عندما تريد شيئاً لا تأتيه مباشرةً "إلاّ في العراق" ! .. بل تأتيه بطرق ماكرة تبدو فيه بعيدة كلّ البعد عنه .. وبحيث حتّى الحكومة الأميركيّة نفسها لا علم لها به ! .. أعني إذا كان المقصود من الخطورة ما يهتزّ له العالم ..


"مشادّة وعراك بالأيدي حدثت بين بعض الليبيّون العاملون "عتّالون" في "ميناء مالطا" وبين عتّالون طليان اتّخذتها إيطاليا ذريعة مناسبة لاحتلال ليبيا عام 1911 م ..

 

كانت حينها "كوبا" مستعمرة إسبانيّة .. في عام 1898 وفيما الأزمة الماليّة الخانقة تعصف بأميركا , ولكي تمارس عملها بتجارة الأفيون من مناطق قريبة من الصين كالفلبّين , قامت أميركا بملئ باخرتها الحربيّة "مين" بالمتفجّرات دون علم طاقمها ! وفجّرت الباخرة في خليج الخنازير في كوبا وقتل الكثير من بحّارتها من الضبّاط والجنود واتّهمت إسبانيا بذلك ! .. وكانت "الحادثة" السبب في موافقة الكونغرس الأميركي على الدخول في حرب مع إسبانيا ومستعمراتها بعد أن كان يعارض !.. فتمّ احتلال كوبا والفلبّين لتسهلا على أميركا إدارة تجارة المخدّرات عن قرب مع الصين ! .. ومن نتائج احتلالها لكوبا لمدّة أربع سنوات هو حصولها على اتّفاقيّة مع كوبا وهي لا زالت تحت قبضتها "اتفاقيّة أمنيّة يعني !" على قطعة أرض قريبة من سواحلها قرب فلوريدا اسمها "غوانتانامو" بعقد لمدّة 100 عام ! ..


في 1964 ميلادي.. ولا زالت دماء الالاف من جنود فرنسا حارّة لم يتغيّر لون دمائهم أو تبرد نتيجة المعركة الّتي هُزمت فيها فرنسا وهي واقعة "ديا بيان فو" .. وفي خليج تونياكينا الفيتنامي .. ادّعت أميركا أنّ سفنها الحربيّة تعرّضت لأطلاق نيران من ذلك الخليج الفيتنامي ؟؟! .. دخلت جيوش أميركا فيتنام عبر ذلك الخليج بحجّة البحث على مطلقو النيران .. ونعرف كم استغرق ذلك البحث من سنين ومن دماء ملايين الفيتناميين ومن "60" ألف قتيل أميركي بحسب البيانات الاميركيّة آنذاك عدى مئات الألوف من الجرحى ومعدّات وخسائر أميركيّة لا حصر لها من أجل موقع آخر يسهل على أميركا تجارة الأفيون .. وهي في الحقيقة لا تريد لفيتنام لا أسواقاً تجاريّة ولا تنقذها من "الالحاد" الشيوعي ولا يحزنون ! ..


في العام 1839 احتلّت بريطانيا ميناء عدن بحجّة بحثها عن صيّادون أطلقوا النار على صيّادون يمنيّون "اليمني بتلك الفترة في عهد الإمامة لو ضربته "بجلاّق" على خصيتيه يتعصّر ألماً أمامك وهو يبتسم في وجهك خجلاً" !! .. استمرّت عساكر بريطانيا بالبحث عن "الإرهابيّون" مائة وثلاثة عشر سنة تقريباً .. !!


في عام 1882 احتلّت بريطانيا مصر بحجّة "الديون" المتراكمة على مصر سببها الرئيسي حفر قناة السويس .. استمرّ الاحتلال 76 عاماً بلياليها وهي تبحث في سجلّلات الماليّة المصريّة عن الديون ! ..

 

بمثل هذه الذرائع وغيرها تبرّر الدول الاستعماريّة لنفسها احتلال البلدان الضعيفة .. وليبيا ضعيفة من حيث عدد السكّان القليل الّذي لا يتناسب وحجم مساحة الأرض الليبيّة المترامية الأطراف "والمتنوّعة الخيرات" .. ! .. ولاحتلال ليبيا احتلالاً مباشراً له أبعاد عميقة في الستراتيجيّة الأميركيّة في الهيمنة على العالم , من عدّة وجوه لا مجال للتطرّق إليها هنا .. وللاحتلال شروط تنبني على أساسها خطوات تؤدّي إلى الاحتلال في نهاية المطاف ..


فمقتل السفير الأميركي "بهجوم" خطوة متقدّمة على طريق الاحتلال المباشر لليبيا .. ولا ندري ماذا يفعل "الكوماندوز الأميركيين الّذين لقيا حتفيهما في القنصليّة مع سفيرهم القتيل في القنصليّة الأميركيّة ولا نعلم كيف علم المهاجمون بوجود السفير الاميركي في بنغازي !... ولماذا القتل وليس مهاجمة السفارة وحرق العلم الأميركي كما جرت العادة في مثل هذه المناسبات الّتي تخصّ العقيدة الإسلاميّة السمحاء ! .. وأين كان الانتحاريّون السلفيّون في المناسبات السابقة ؟! .. ثمّ أن الاعتداء المعنوي على العقيدة لا تستدعي قتل السفير .. ثمّ أنّ الحراسات يديرها الأميركيّون على سفارتهم في ليبيا الجديدة .. خاصّةً وقد ولّى عهد القذّافي الّذي كان لا يسمح بانتهاك السيادة الليبيّة بالتواجد العسكري الأجنبي على الأراضي الليبيّة بحجّة حراسة السفارة ! .. فهل كانت أميركا ستسمح لليبيا بحراسة سفارتها بواشنطن بعساكر ليبيّون ! .. ؟


لقد ابتدأت خطوات احتلال ليبيا عمليّاً بضرب السواحل الليبيّة في عهد الرئيس الاميركي "ريغن" ..
ثمّ بحصارها تسعينيّات القرن الماضي باختلاق الذرائع الشتّى ..
ثمّ باختلاق حالات لابتزاز ليبيا منها قضيّة "المقرحي" ..
أسلحة الدمار الشامل ..
حقوق الانسان ..
"قتله" لشعبه الليبي ..


بعد مقتل السفير الاميركي في قنصليّتها بمدينة "بني غازي" بليبيا قررت الولايات المتّحدة الأميركيّة إرسال أفواج قتاليّة , كوماندوز , "لحماية القنصليّات والسفارات الغربيّة وقنصليّة وسفارة أميركا بطرابلس" !! ..

 

 





الخميس ٢٦ شــوال ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / أيلول / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب طلال الصالحي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة