شبكة ذي قار
عـاجـل










Ebraheem B Sengab

لاستاذى - يوغرطه سميرى :

السؤال :


المشروع الاسلامى (الاسلاموى ) الذى حل على المنطقه العربية خاصة فى مصر وتونس ----- ارى ان افكاره ومرجعياته ترتطم بالواقع وذلك انها اتت من خلف القضبان اما مثاليه او مرتبكة --ولكنها فى كل الحالات تستند الى اراء فقهيه نبتت فى غياهب القهر بعد ظهور الفتنه فى عهد الخليفة عثمان بن عفان او تكريس الفتنه فى عهد على بن ابى طالب وما بعدها فى
أزمنه الملك العضود . منذ تلك العهود لم يتمكنمن الحكم -- الا بعض الاستثناءات -- من نبتت افكارهم المتشددة خلف القضبان واليوم و لأسباب منها ما هو محلى ومنها ما هو خارجى تمكنوا من السلطة . فى دوله كبيره كمصر كانت موحده قبل الاسلام واهم سمات شعبها كراهية العنف او التشدد والتعصب ---- هل ترى ان ارتطام الفكر النابت خلف القضبان مع الواقع بمتطلباته الحياتيه قد يفضى الى تراجع المشروع الاسلامى عن بعض افكاره ليصبح تعبيرا عن واقع مدنى مسلم معتدل يتواءم مع قضايا ألامه ام ان الاسلاميون سيعتمدون سياسة --STEP BY STEP --املا فيما يسمى دوله الخلافه و الدوله الدينيه ؟

 

1). نظرة عامة في العقيدة كرؤية سياسية :

الإسلام كعقيدة دينية عامة تختزن قيما عليا تعج بالمعاني الإنسانية السمحة القادرة علي إنتاج كفاءات فكرية و اجتماعية مبدعة تفتح أبواب صياغات متنوعة لأديولوجيا سياسية متجاوزة لحالات الانغلاق التاريخي للمجتمع العربي عامة و المجتمعات القطرية خاصة... غير أن تحويل العقيدة أو اخضاعها القسري لتكون بصيغة رأي في تصريف شؤون الحياة فان فعلا كهذا ينحرف بها عن مقاصدها نحو مقاصد ثانوية غير تلك التي تستهدفها العقيدة في حد ذاتها سواء كإيمان أو كقيم ...و قد يقول أحد " هذا الكلام غير صحيح و من أن الدولة عند العرب المسلمين اقترن ظهورها بالعقيدة ..." جوابي سيكون نعم ...و لكن علينا أن لا نقف عند القول أو ترديد نصف الآية " و يل للمصلين " بل تتممة نصفها الثاني " الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراؤون و يمنعون الماعون " أي علينا أن نقرأ الدولة في حقيقتها و ما أفرزته من اختلاف ... اذ يشير تاريخ المسلمين العرب بعد و حتى أثناء عهد الخلفاء الراشدين أنهم اختلفوا بشكل واسع وعميق حول الطريقة الأجدى لتطبيق أحكام الدين علي الأرض وهم الذين كانوا أصحاب محمد ( صلي الله عليه وسلم ) عندما كانت تنزل عليه آيات القرآن وفي وقت لم تكن الأحكام الدينية قد أرهقت باجتهاد المدارس والمذاهب فكيف الآن إذا ما زجت الأحكام في إعطاء الفتوى بالممنوع والمسموح في شؤون الحياة التي زادت مفرداتها مرات و مرات علي ما كانت عليه قبل 1400 سنة من الآن. إن زج السلطة في إعطاء أحكام لشؤون الحياة من مدخل ديني لا بد أن يفضي إلي واحدة من الحالتين.


● عرقلة التطور في شؤون الحياة وتحويلها إلي جحيم لا يطاق من شأنه أن يقتل إبداعات الإنسان وتفاعله مع روح العصر ومستلزماته.
● إفراغ الدين من قدسيته ومهابته وروحه وتحويله إلي غطاء لتبرير الكثير من مفردات الحياة واجتهادات بما يسئ إلي الدين في جوهره وتجلياته.


الأسلمة سواء في تونس أو مصر أو المغرب الأقصى أو في خطابها في المناطق التي تعيش حراكا غير مكتمل النتائج أو تلك المهيأة للالتحاق يقرؤون الأصالة مرتدة الي الوراء كردة فعل علي الحداثة (أي حالة العصر و روحه) بصيغة التصور الظاهري لأجدادنا في فعلهم ... وليس في ارادتهم اذ أن أجدادنا الأوائل كانوا منتمين انتماءا ثوريا إلي حاضرهم الذي أصبح ماضيا في الوقت الذي كان حاضرهم منتميا إليهم انتماءا ثوري .. لأنه كان متحركا إلي أمام بفعل القيم والممارسات التي كانوا يغيرون الواقع بموجبها .. فالنقطة الأساس في عظمتهم أنهم ثاروا علي علاقات ومقاييس متخلفة ..لإحلال مقاييس و قيم جديدة ... بغض النظر عن مسألة القضبان و المنافي و غير ذلك من حالات الاضطهاد التي تعرضوا لها أو التي يستخدمها الاسلاميون حاليا في تبرير طريقة ادارتهم للدولة .

 

2) مسألة الاستناد الي الآراء الفقهية المتراكمة و الناجمة عن ما عرفه الواقع العربي و الاسلامي منذ 1400 سنة:

لنأخذه في جانبه الايجابي و لنقل أنه حالة عقلية أي تعبير عن رؤى في مسألة الايمان و كيفية تأديته و الرأي يبقي رأي و ليس مقدس لا يمكن المساس به لذلك يقول المؤرخون المنصفون من أن الاختلافات أفضت الي ظهور الفرق السياسية الاجتماعية أي شكل من أشكال الأحزاب في صيغة متقدمة من تاريخ الدولة العربية الاسلامية حتي المذاهب في داخل الفرقة الواحدة ... يسفه التاريخ امكانية قيادتها للدولة لما تثيره من انشقاق داخل المجتمع و ما تخلقه من تقابل عسكري مع المذهب المقابل أو دولة الفرقة المقابلة (الدولة العباسية xالدولة ألفاطمية أو دولة دولة بني بويه عند هيمنتهم علي الخلافة العباسية xالدولة الفاطمية رغم وحدة المذهب ــ شيعة اسماعيليةـ أو دولة المرابطين x دولة الموحدين في الطرف الغربي للدولة العربية الاسلامية ) تقابلات أفضت الي الاضعاف العام و فتحت المجال العربي الاسلامي الي الاستهداف الصليبي كحالة خارجية و تدخل الأطراف المجاورة في مرحلة أولي (العثمانيون) و في مرحلة ثانية الي الاستعمار الغربي ... اذن الاسلاميون عليهم أن يفهموا من أن الدولة التي يجب تحقيقها ان كانوا صادقين مع أنفسهم و أمتهم و هذا ما نتمناه هي التي يعيش في ظلها الشعب كله بحرية تامة في أديانهم ومعتقداتهم في انتماءاتهم المذهبية .. الدولة التي تراعي المعتقد والدين وأماكن العبادة والطقوس دون أن تتدخل فيها وتنتمي انتماء تخصصيا فئويا إلي أي منها وبالتالي دولة تتجنب أن تكون *بيت عبادة * أوفتوى عبادة أو مفتيا للحياة من طريق ديني .. وأن تركز علي دورها وواجباتها بوصفها مفتي الحياة *بيت حياة * الشعب الذي يجمع أبناءه من مختلف الانتماءات والاجتهادات في ظله باعتبار أننا نأخذ جوهر الأمة في صلاتها بالروح و صلة الإنسان بالدين وليس هناك من عاقل من أبناء الشعب يفهم جوهر الدين ومستلزمات الحياة بمعانيها الواسعة والعميقة ويقع في خطأ يجعله يتجاوز هذه الحقائق .. لكن لو سألنا الاسلاميين الذين هم يجزئون الأمة العربية في هذا القطر وذاك طبقا لما نسمعه و نقرأه لهم .. هل تريدون تجزئة الأمة؟ هل تريدون تجزئة الشعب لأجابوا أبدا لا وألف لا .. ولكنهم يتصرفون عمليا بهذا الاتجاه لأنهم ينطلقون من تفكير خاطئ يفضي إلي تجزئة الشعب في القطر الواحد وتجزئة الأمة في الوطن الكبير فالعاقل المخلص للشعب والأمة ولرسالتها والذي يحرص علي إبعاد مخاطر التشرذم والفرقة بين أفراد الشعب هو الذي ينتمي للأمة كلها لا لجزء منها هو الذي ينتمي إلي الشعب كله لا لجزء منه.

 

3) هل يتراجع المشروع الاسلامي باتجاه الاسلام المعتدل أم أنهم سيمارس سياسة خطوة خطوة علي طريق تحقيق الهدف * اقامة دولة الخلافة *؟

 

...عندما كان عمر ابن الخطاب ( رضي الله عنه و أرضاه ) يدير أمور دولة العرب المسلمين ... كان الرجل و رغما عن أهمية المركز الذي يحتله قد رفض الفرس الذي قدم له لدخول القدس و قال قولته الشهيرة " اتوني ببغلتي فاني أري من فوق هذه عظمة السلطة " ... و لكن لم يمضي علي وفاته سوي 19 سنة حتى كان معاوية ابن أبي سفيان رضي الله عنه يسكن قصر الخلافة في دمشق و يستخدم جملة من المظاهر التي كان يستخدمها الروم ...اذن مسألة التطور رؤية و تصرفا حالة انسانية بغض النظر عن طبيعة الأشخاص ...و هذا ينطبق علي الرؤية السياسية لكونها ناضحة من الواقع الذي يمارسه الفرد و لكنها تبقي مرتبطة بالهدف الذي يحمله من ذلك الفعل ...فمعاوية و ان غادر سلوكيات عمر لسلوكيات أخري حافظ علي اندفاع العرب المسلمين في فتوحاتهم ... اذن لا يمكننا أن نقول بأن الاسلاميون سيتخلون علي هدفهم و تحقيقه أو فشلهم في تحقيقه مرهون بما يمارسه الشعب من نقد لهم بصيغه المتعددة ... من ناحية و من ناحية ثانية الاعتراضات الدولية علي ذلك ... علما بأن رؤية تأسيس الامبراطوريات بما تعنيه من امتداد خارج الحدود القومية تجاوزها التاريخ و ليس لها أي أمل في التحقق و المحاججة باتحاد الأوروبي ليس لها مكان هنا لكونها تجربة من نوع آخر تماما .


d.smiri@hotmail.fr

 

 

 





السبت ٢١ شــوال ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / أيلول / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب يوغرطة السميري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة