شبكة ذي قار
عـاجـل











قليلة هي المواقف الرجولية التي تنم عن خلفية إنسانية منزوعة المصالح الدنيوية أو المكاسب المرحلية، وقليلة هي الأحيان التي نجد فيها مثل هذه المواقف كخيوط فجر في ليل طويل، وكثير هم من يقرأون هذه المواقف على إنها صفراً على الشمال في حراك السياسة العالمية الصفراء، التي تدهس بآلتها العسكرية والاقتصادية والإعلامية والإستخبارية كل ما في طريقها من مثل هذه المواقف، ليس بسبب ضعفها، بل لأن الأغلبية الصامتة وبالرغم من صمتها إلا إنها تريد من غيرها أن يكون قوياً خارقاً كي يصدقوا بأنه قادر على الوقوف بوجه الطاغوت الغربي.


ما قرأته مؤخراً عن هكذا مواقف صدر من شخص أقل ما يمكن أن يوصف بأنه شجاع، وتوصيف الشجاع لا يعني بالضرورة إن الإنسان يجب أن يمتلك القوة البدنية أو السلطة للتصرف بشجاعة، بل هي الشجاعة لإتخاذ المواقف المشرفة التي قل مثيلها في عالمنا اليوم، فكلمة حق في جمع ما لنصرة قضية إنسانية لا علاقة لها بدين أو وطن أو شعب قائلها لهي الشجاعة بعينها، فكيف بموقف صلب في حضرة رؤساء وقادة دول في قمة أفريقية لم يدخل في جدول أعمالها اي بند عن قضية العراق، لكن توجيه الدعوة لحضور رئيس وزراء بريطانيا السابق توني بلير للقمة أثار حفيظة رجلنا الشجاع معترضاً بشدة على وجود بلير في نفس المكان الذي يتواجد به هو، وما السبب ياترى! لقد إتخذ موقفه هذا لأن بلير مجرم حرب! وشارك في تدمير العراق مع شريكه بالجريمة جورج دبليو بوش في أسوء قرار أممي أتخذ لغزو العراق! متجاهلاً العلاقات الدبلوماسية التي تربط بلده ببريطانيا.


فقد صرح رئيس الاساقفة ديزموند توتو بأن من غير المرحب به وجود بلير في مؤتمر القمة، فموقفه في حرب العراق لا يمكن الدفاع عنه من الناحية الأخلاقية، وهي إهانة واضحة لبلير ولمن دعاه للقمة، وجاء ذلك متزامناً مع موقف أحد الأحزاب الإسلامية التي هددت بإعتقال بلير حال حضوره القمة لتسببه في غزو العراق.


نعم، هو رئيس الأساقفة في جنوب أفريقيا ديزموند توت، تذكروا هذا الأسم جيداً، فقد يمر علينا وقت طويل لنرى مثل تلك المواقف التي تثبت بأن الدنيا مازال فيها الخيريين، ففي ظل الإنبطاح العالمي تحت سياسات أمريكية غاية في الإذلال نشاهد فيه الكثير من لحظات الضعف والهوان لرؤساء وقادة يقدمون فروض الطاعة والولاء لبلير ولبوش اللعين الذي لا زالت يديه مضرجة بدماء العراقيين التي لم تبرد بعد، لكن في الإتجاه المشرق نجد من أمثال توتو يقفون بفخر بوجه هؤلاء غير آبهين بمراكزهم أو الدول التي تنتهج سياسات لا زالت مستمرة في نهجها اللا إنساني، أليست هي الشجاعة بعينها؟ ألا يمثل بلير الكاذب دولة كانت يوما ما تستعمر جنوب أفريقيا حيث أنتهى الاستعمار تدريجياً دون أن يترك مشاكل نفسية مؤثرة، فما خلفية شجاعة هذا الرجل؟


انتُخب توتو -أول أسود في جنوب أفريقيا- كبير اساقفة الانجليكانيه في كيب تاون، وهو رئيس لكنيسة مقاطعة جنوب أفريقيا ( الآن الكنيسة الانجليكانيه ). حصل على جائزة نوبل للسلام في 1984، وجائزة البرت شويزير الإنسانيه، جائزة الحرية في 1986.. ويقول بانه ملتزم بموقف العالم لمكافحة الايدز وكان بمثابة الرئيس الفخري للتحالف العالمي لمكافحة الايدز، في شباط / فبراير 2007 حصل على جائزة غاندى للسلام جائزة الدكتور عبد الكلام، رئيس الهند.


فتحية تقدير وإحترام للإنسان دوزموند توتو على موقفه المشرف الذي اقل ما يقال عنه بأنه مفخرة للإنسانية التي عرفت الكثير من هؤلاء القادة المتواضعين من امثال الدكتور محاضير محمد ورجب الطيب أردوغان الذين لم تدهسهم عجلة الكبرياء الضحل مع شعوبهم في نفس الوقت الذي يطاطئون الرؤوس لبوش وبلير وكل مجرمي العالم.

 

 





الاربعاء ١١ شــوال ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٩ / أب / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المهندس وليد المسافر نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة