شبكة ذي قار
عـاجـل










فسّر لنا زمننا الحالي , "الماء" في مصر , بعد الجهد , بالماءِ! .. هكذا كان محصّلة الربيع الّذي انطلق أيضاً , من مصر .. وسواء انطلق منها أم لم ينطلق , فما زاد حنّون في الإسلام خردلة ولا نقص النصارى بإسلام حنّون , أي سوف لن يعلو أو يعود إلى سابق عهده ثقل مصر الحقيقي بهؤلاء "المتديّنون" , ولكن مع ذلك , فإنّ للتغيير في مصر صداه الحسن لجهات معيّنة , العراقيّون خاصّةً , إذ كان هذا التغيير بمثابة القدر العادل الّذي طال انتظاره بالنسبة لنا ولغيرنا المنكوبون بنظام مبارك ولغالبيّة الشعب المصري كذلك , رغم أنّه "تحريك" ليس هو هذا هدفه من قبل "جهات التغيير" ! .. فرغم أنّ الاخوان المسلمون , أو أيّة حركة سياسيّة تتّخذ من الدين غلافاً برّاقاً لِجِلدِها لتسهيل اندساسها وولوجها بين الجماهير المتعاطفة والمتماهيّة فطريّاً مع العبادات ومع أنماطها , كانت ستستولي بالضرورة , على مقاليد حكم مصر , وفق التحالف الجديد القديم بين التحزّبات الدينيّة وشيوخها المتزلّجون بمهارة على بلاط السلاطين , وبين الغرب , هذا الغرب المفتّش حثيثاً على طول تاريخ انتشار الجنس بالبشري عن التديّن بشكله السلبي العائم باستمرار فوق سطح مادّة "الإفصاح الذهني" أو "مادّة" الوضوح الاجتماعي التلقائي المستجيب , لإعادة استعباده شعوب الأرض بهذا النوع من التدين المستشري مع الأسف بين غالبيّة شعوب الأرض ؛ فإنّ ذهاب نظام الحكم العميل والخائن بقيادة محمّد حسني , كان ربيعاً بحدّ ذاته ! , وأعني للّذين لاقوا الويلات والدمار من عمالته , شعب العراق كما أسلفنا , وغيره , مع قناعتنا الراسخة أنّ القادم من نظام حكم يرث مصر , بالّذي هو حاصل الآن , سوف لن يكون بأحسن أو بأقلّ وطأةً من الّذي قبله على مصير العراق .. "نفر من مدّعي التحليل السياسي دأبوا على أن يصفوا نظام حسني , طوال حكمه , بالعقبة الصلبة أمام طموحات ولاية الفقيه الإيرانيّة التوسّعيّة في مصر" ! .. ولا يدري هذا النفر , أو يدري .. لا ندري.. أنّ مجرّد ما كان يلعبه رئيس مصر محمّد حسني من دور قذر في تحطيم العراق وتخريبه وإنهائه وانهاء الحكم الوطني فيه ؛ كان بمثابة ماكنة حفر جبليّة عملاقة أحدثت فجوة كبيرة هائلة في السدّ العملاق "العراق" المانع الصلب الفولاذي بوجه التمدّد الإيراني , و"العثماني"كذلك ! , إلى مصر وغيرها , أكبر بكثير جدّاً من الفجوة الّتي أحدثها "الفأر" في جدار سدّ مأرب ..


الحزب "الاسلامي" الإخواني الحاكم في مصر , كما في العراق , وفي غيرهما , من المؤكّد , في محصّلته النهائيّة , ليس أكثر من ورقة غربيّة رابحة سنسمع ألحانها الخفيّة تُعزف بهدوء وشيئاً فشيئاً على مجمل نقاط أوتار عزف الاتّفاقيّات الخفيّة بين الأخوان وبين الوجه الناعم الأميركي "أوباما" في المستقبل القريب جدّاً .. أو بدأت تظهر بملامح بسيطة ؛ تساعد مشاريع الغرب , الاستيلائيّة, وفق التحالف إيّاه , في المنطقة , والعربيّة تحديداً , وفي غيرها من مناطق من العالم بشكل عامّ "ما يجري على سوريا مثالاً" على مواصلة تطبيق نهجه الاستحواذي , والّذي يسعى الغرب بقيادة الولايات المتّحدة على سلوكه حاليّاً .. وسنجد أنّ الجامعة العربيّة, وكذلك منظّمة الدول الإسلاميّة , في وضعهما الاستثنائي الحالي , والجامعة العربيّة على وجه الخصوص , قد كسبت مصر بكامل "ثقلها" سنداً لدول الخليج الّذين باتو مهيمنين على مقرّراتها يسوقونها إلى حيث يريدون إلى حيث أرادت المصالح الغربيّة بعد ما عمل مفعول "الربيع" فعله في ليبيا واليمن , وفي الجزائر أيضاً وفي السودان , وبالشكل الّذي لا تأخذ منهم تلك القرارات والقرارات القادمة الّتي ينوون , إلاّ بضع دقائق , وينتهي الأمر باستصدار ما يريدون على طريق الإمعان أكثر في تمزيق ونحر الآمال العربيّة المحطّمة بهذا الربيع وبغيره من مؤامرات كان النظام المصري بقيادة حسني أحد الزوايا الحادّة , في تحطيمها ..


قرارات الجامعة العربيّة قبل وبعد تحطيم العراق باتت في صالح دول الخليجّ , والّتي تصبّ تلقائيّاً في شلاّلات السياقات الغربيّة .. فمنذ ذلك الوقت , أي منذ ما سمّيت بحرب تحرير الكويت , بدأ وهج شيوخ الخليج يسطع بشكل علني بما يريد من رغبات , ولكنّها فقط كانت آنذاك , وبسبب المواقف الرافضة للهيمنة الغربيّة من قبل بعض الأنظمة العربيّة الّتي ازاحها أو طوّعها كثيراً ربيع أوباما في المنطقة ــ القذافي وصالح وبوتفليقة وسوريا ولبنان و ونوعاً ما الأردن وتونس ــ كانت تأخذ تلك القرارات الّتي تهمّ شيوخ الخليج , تأخذ وقتاً أطول ومتاعب أكبر في استصدارها .. بينما نجد اليوم , وحيث "خلى لهم الجوّ فباتو يطيرون في أجواء قاعة العربيّة أو في قاعة منظّمة المؤتمر "الإسلامي" بأعضائه الست وخمسون دولة ! وباتوا يغرّدون فيهما ويُصفرون" فبات بحكم المؤكّد سلفاً ,مجرّد إشارة من إصبع أصغر دولة حجماً على سطح الكرة الأرضيّة "غرفة ساونا نفطيّة ليست أكثر منها دولة" كافية تلك الإشارة , أو تلك الغمزة ! , لإصدار قرار من الجامعة العربيّة أو من منظّمة المؤتمر "الإسلامي" , تُعلّق عضويّة دولة أو يُنقل ملف "المغموز عليها" إلى مبنى الأمم المتّحدة , تتحطّم بهذا القرار , أو بهذا "التعليق" دولة أو قطر بحجم ليبيا , أو بحجم سوريا وتتمزّق.. بل أن تلك الغمزة ستكون كافية جدّاً لتحطيم هيكل البناء السياسي العربي و"الإسلامي" برمّته , أو ما تبقّى منه على وجه الدقّة ! .. برمّته , أو ما تبقّى منه على وجه الدقّة ! ..

 

 

 





الاحد ١ شــوال ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / أب / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب طلال الصالحي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة