شبكة ذي قار
عـاجـل










الحقيقة الصادمة التي يدركها حكام إيران قبل غيرهم هي أنهم يركبون موجة أسستها الامبريالية الأمريكية والصهيونية هي موجة الطائفية السياسية . وهم يدركون أيضا قبل غيرهم إن لهذه الموجة عمر محدد شانها شان أية موجة تشهد ذروتها عندما تغذى بعوامل آنية بعضها مصدره ذاتي يتأتى من اصطراع عوامل مناخية وجغرافية يشهدها مكان ولادة الموجه وبعضها تفرضه تداخلا مع العامل الذاتي عوامل موضوعية هي الأخرى مناخية ظرفية.فأميركا قد غذت المد الطائفي كاجتهاد لإدارتها يخدم مشروعها الاحتكاري مضافا له مشروع تامين المزيد من الأمن للدولة الصهيونية جازفت أميركا لانجازه بغزو العراق واحتلاله وتهديم الدولة العراقية الوطنية في محاولة لإقامة دولة خانعة للامبريالية والصهيونية ووضع العراق كبلد موحد على حافات الانهيار والتشرذم.


أول دلالاتنا في خسارة إيران هي انهزام المشروع الأمريكي في العراق . فالطائفية السياسية والمحاصصة والنظام الفيدرالي التي تبناها عملاء إيران وأحزابها الصفوية المجرمة التي تحتل العراق تحت الحماية الأمريكية ستفقد نهائيا قوة الحماية الأمريكية التي أسست العملية السياسية على هذه المقومات والقواعد الشاذة مع الجلاء الأمريكي الذي تم فعلا من شوارع العراق حين يتبعه قريبا بعون الله رحيل كامل للمتبقي من القوات الأمريكية المنزوية الآن في قواعدها التي بنتها بعد الغزو والتي تكيل لها المقاومة العراقية الباسلة ضربات يومية بالصواريخ التي يجري تصنيعها من قبل المقاومة في ورش محلية . إذن ..الاحتلال الإيراني سيكون في لحظة قادمة بمواجهة الشعب العراقي وقواه الوطنية والقومية والإسلامية الخيرة الغيورة وفي مواجهة فصائل المقاومة العراقية التي انتصرت على أميركا وأجبرتها على الهرب في أعظم ملحمة جهاد شهدها العصر الحديث . والنتيجة الحتمية لهذه المواجهة القائمة الآن والتي تشهد تصعيدا بديهيا سيقوض أي موطئ قدم أسسه الاحتلال الإيراني للعراق تحت الحماية الأمريكية وستخرج إيران من العراق سواءا بوجودها المباشر أو غير المباشر..وستجد إيران نفسها كتلك التي لا حظيت بزوجها ولا تزوجت سيد علي ليس في العراق فقط بل في المشرق العربي كله مع احتمالات خسارة مواطئ قدمها في سوريا ولبنان.أن ركوب موجة آنية ومصنوعة بعوامل خارجية لا يمكن أن يؤسس لنتائج ثابتة تستقر على الأرض لان طبيعة الموجة هي أنها تعيش لزمن مرتبط بظرف ولادتها الجوية والجغرافية والذاتية المرتبطة بحالة البحر فضلا عن ان من يوغل في مسالك غير شرعية وغير نظيفة لا يمكن أن يجني إلا الخسارة الشاملة.


دلالتنا الأخرى هي أن إيران طبقا لدستورها وحركتها المرتبطة به وطبقا لمعرفتنا التفصيلية بجيراننا فان إيران تعتمد الطائفية ليس لأنها ترى وتؤمن بها كعقيدة مشتقة من الدين بل لأنها تتوسلها كغطاء لسعيها المحموم لبناء أمجادها الكسروية الغابرة والتي كان جزءا منها قد ارتكز على حساب العرب وأرضهم وخاصة في العراق. إذن , إيران طائفية مزيفة وطائفيتها سياسية وليس لها صلة بالدين الحنيف وهذا يجعلها غمامة طارئة ستمضي مع مغادرة حواملها ألمعروفه .


إن السواد الأعظم من الذين تسوقهم عواطفهم للوقوع في فخ الطائفية البغيضة هم من بسطاء الناس ومن يوصفون بالسلبيين في الفعل السياسي لأنهم يخضعون لكل من يمتلك زمام الحكم وهذه الخصلة تجعل من تراهن عليهم إيران ومشاريع الطائفية برمتها كما الرمال المتحركة لا يقر لها قرار ولا يمكن أن تكون أرضا يؤسس عليها لزرع ولا لبناء.وإيران ستفقد هذه الشريحة مع طابورها الخامس في أول مواجهة بين شعبنا وبين نتائج الاحتلال ومنها حكومته التي أوصلت القرف إلى حلقوم كل العراقيين .


دلالتنا الأخرى هي فشل تشكيل دولة العراق الجديدة طبق النموذج الذي وضعته إيران وعملاءها وتبناه الاحتلال الأمريكي. فشعب العراق لا يمكن أن يرضى بتمزيق وحدته الوطنية بين الطوائف والتكوينات العرقية لذلك قاومها ببسالة وهذه المقاومة أسقطت عملاء الاحتلال المركب في متاهات الفشل الذريع.هذا الفشل يتحدث عنه مئات من رموز العملية السياسية الاحتلالية المخابراتية الخائنة العميلة وليس مجرد حقيقة نسوقها نحن المناهضين والمقاومين للاحتلال ومنتجاته الباطلة.


دلالتنا الأخرى هي نمو وتوسع وتصاعد الإدراك القومي العربي عموما والخليجي بشكل خاص بخطورة المشروع الإيراني على العراق والخليج والأمة برمتها . إن هذا التطور التاريخي يمكن أن يرتقي بنفسه وبقدرات قائمة في القوة العسكرية والاقتصاد والثروات وإستراتيجية الموقع الجغرافي وقوة الذراع اليابس والمائي ليقلب المائدة ويفتح كرش النظام الكهنوتي الفارسي في طهران. ان الحقيقة المطلقة التي تحاول إيران مجافاتها هي إن إسقاط النظام الوطني العراقي ما كان له أن يتم بقوة أميركا وحلفاءها لولا جائزة الجغرافية المائية واليابسة التي وفرها النظام الخليجي لأمريكا ودول العدوان. وتخطئ ايران ان ظنت إن لعبة التوافق الضمني التي لعبتها أميركا معها يمكن أن تستمر إلى ما لانهاية وهي واهمة في هذا الظن لان أميركا لا تؤسس لعلاقات إستراتيجية دائمة إلا مع الكيان الصهيوني ولم تتوافق مع إيران في خطة غزو العراق إلا لتحقيق هدفين :


الأول : تامين حماية لقواتها في جنوب العراق باعتماد فتاوي المرجعية الفارسية في العراق وهذه المصلحة انقضت مع جلاء الأمريكان من شوارع مدن العراق ومنها الجنوبية  .


الثاني : إسقاط الادعاء الإيراني بالمذهبية والدين لان الإسلام الحنيف يحرم التعاون والانضواء تحت أجنحة وولاية وسلطة الكفار.وهذا الخلل لم تدركه إيران إلى اللحظة ولم تدرك إن خسارتها فادحة على مستوى الأمة العربية وعلى مستوى الأمة الإسلامية بسبب الغلو والانغماس بنتائج احتلال العراق .أميركا حققت بهذه السياسة الذكية هدفين في آن معا هما تامين إبعاد إيران عن النهج الإسلامي في مناهضة الصهيونية وقوضت مصداقية الإسلام الإيراني .


إذن .. بوسع دول الخليج العربي أن توجه ضربات موجعة للمشروع الإيراني بطرق مختلفة منها التأثير على الموقف الأمريكي والغربي عموما وهو موقف مرتبط بالتواجد في العراق وهذا التواجد قد ولى بنسبة كبيرة ولم يبق منه إلا اليسير.واهم من ذلك هو أن تعيد المنظومة الخليجية النظر بموقفها الخاطئ والإجرامي من احتلال العراق وتعيد النظر بموقفها من القوى التي اعتمدتها مع دخول الاحتلال بعد أن فشلت وضاعت في عواصف المد الفارسي الذي تمثله الأحزاب الشيعية الصفوية وميليشياتها وتمد يدها للمنقذ الحقيقي وهو المقاومة العراقية وقوى الشعب المناهضة للمحاصصة والتقسيم وحكم الكهنوت.

 

 





الاثنين ١١ رمضــان ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣٠ / تمــوز / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة