شبكة ذي قار
عـاجـل










عندما نناقش موضوع الاشتراكية كهدف استراتيجي "سوقي " من أهداف البعث أري ضرورة تحديد ما يلي :

1 - التمايز في الفهم الاشتراكي للبعث عن غيره من الفكر الانساني و بماذا يفسر ؟ 

2 - مفهوم الاشتراكية عند البعث و علاقتها ببقية الأهداف ؟

3 - كيف انتقلت النظرة من الطرح الفكري المجرد إلي التجسيد العملي في تجربة الحزب في العراق في ظل الحكم الوطني ؟

 

التمايز في الفهم الاشتراكي للبعث عن غيره من الفكر الإنساني و مبرراته.

 

منذ التجليات الفكرية الأولي وحني قبل التأسيس وبالرغم من الانفتاح الفكري علي الآخر واعتباره الفكر الإنساني ملكية جماعية للإنسانية رفض البعث فكرة الشيوعية وإفرازها الاقتصادي والاجتماعي ممثلا في الاشتراكية لعدة اعتبارات منهجية وعلمية فهي نتاج فكري لخصوصية غربية لا يمكن نقلها وتبنيها في بيئة عربية إسلامية تختلف في تكوينها التاريخي والحضاري والروحي عن المجتمعات الغربية المثقلة بهيمنة الكنيسة مما جعلها (الشيوعية والاشتراكية) ذات نزعة علمانية معادية للدين .. وبالتالي فهي تعالج قضايا ذات علاقة بالمجتمعات الغربية رغم تقاطعها في بعض مفاصلها التحليلية مع ما يعانيه المجتمع العربي مجتمعات غربية هي نتاج الثورة الصناعية والحركات القومية المتعصبة والتمايز الطبقي والتوسع الاستعماري والصراع القومي .. من هنا اعتبر البعث نقل المفاهيم الغربية الشيوعية والاشتراكية حرف لنضال العرب في معالجة قضاياهم الجوهرية إذ تهدم هذه المفاهيم الشعور القومي لأمة لم تتكون قوميتها بعد وفي وقت لم يتحرر فيه العرب بعد من الظاهرة الاستعمارية.

 

أ) مفاهيم ليست مجرد نظام اقتصادي بل عبارة عن رسالة مادية أممية تنفي حقيقة القوميات وتتنكر لعقائدها الدينية والروحية وفي مقدمتها رسالة الأمة العربية.

 

ب) مفاهيم قامت في الغرب علي معاداة الدين ومحاربته ولها ما يبرر موقفها السياسي باعتبار أن مؤسسات الدين (الكنيسة) قد وقفت في صف الاستغلال (الحكومات) ولأن الرأسمالية والإمبريالية قد وظفتها أيضا في خدمة مصالحه .. في حين الدين عند العرب لم يزل علي نقاوته وعلي أهدافه التحررية والإنسانية فهو مصدر أمل الجماهير الكادحة في التحرر والنهضة وتحقيق تطلعاتها الوطنية والقومية الإنسانية المشروعة

 

العرب أمة تاريخية بفعلها الحضاري وعظيمة برسالتها الإنسانية المتمثلة في التوحيد الإيماني والتحرر الإنساني .. ليست أمة صغيرة وثانوية بفعلها التاريخي حتي تسير في ركاب أمم أخري لذا أن يتبنى العرب الاشتراكية الماركسية لنظام أممي يتجاوز السياسة والاقتصاد إلي الأخلاق والدين ونواحي الحياة الأخرى .. يشوه الاشتراكية الصحيحة التي يحتاجها العرب والمستمدة من روحهم ومن حاجات مجتمعهم .. اشتراكية تؤسس لإقامة تنظيم اقتصادي عقلاني يلغي الاستغلال والتمايز الطبقي والاجتماعي .. يحفز علي الإنتاج والإبداع يقدس العمل ويعمل علي تحرير الثروة القومية من الاستغلال الأجنبي وإقامة العدل بين أبناء الأمة

 

مفهوم الاشتراكية عند البعث و علاقتها ببقية الأهداف. 

الاشتراكية التي يدعو البعث إليها هي الروح الاشتراكية التي تراعي الشروط الخاصة للعرب كأمة لا تلك التي تعمل علي إحلال المادة مكان والإلحاد مكان الإيمان .. اشتراكية عنوانها أن يشترك جميع مواطني الأمة العربية في ثروة وطنهم العربي لغرض تحسين حياتهم وتحسين حياة أمتهم .. وانطلاقا من هذا المفهوم يري البعث أن الاشتراكية مرادفة للقومية .. فالقوميون العرب هم اشتراكيون لأنهم يدركون أن الاشتراكية هي الطريق الصحيح لتحقيق نهضتهم ووحدتهم ومن أن النضال القومي يستوجب النضال الاشتراكي حني تؤمن الجماهير أن وحدتها القومية ستضمن لها العدالة والمساواة والعيش الكريم لذا فالنضال من أجل الوحدة هو في ذات الوقت نضال في سبيل تحقيق العدالة الاجتماعية للقضاء علي الاستغلال الطبقي والاجتماعي وعلي الفئات المستغلة للقضية القومي .

 

كيف انتقلت النظرة من الطرح الفكري المجرد إلي التجسيد العملي في تجربة الحزب في العراق في ظل الحكم الوطني ؟

 

في دراسة هذا المحور يستوجب علي البعثي أسلوب القراءة المتأنية لتصور الشهيد صدام حسين الناضح من المعاناة الواقعية و الابتعاد عن التفسير اللفظي لذات الفكرة بألفاظ أخري بما يجعله قادرا علي استنطاق التجربة. لا إعادة إنتاجها ...أو الهروب إلي المقارنة بتجارب شعوب و أمم أخري في ذات الموضوع ...لأن مثل هكذا معالجة تغييب عنا مثال البعث المتميز من حيث التطبيق و النتائج ...فما هي طريقة البعث في التطبيق الاشتراكي نظريا أو ميدانيا علي مستوي العمل و ما هي النتائج ؟ 

 

أ‌) التأطير النظري للتطبيق الاشتراكي :ينطلق الشهيد في التأطير النظري للتطبيق الاشتراكي من اعتبار البعث حزب قومي وطني و في ذات الوقت إنساني أممي ..

 

ب‌) البعث حزب قومي وطنيأسباب ذلك معروفة و التي هي بإيجاز :من حيث النشأة و التطور و اشتداد الساعد يرتبط الحزب بظرفه الخاص و ظروف الأمة العربية في تطورها في علاقة بنضال الحزب و نضال الحركات السياسية الأخرى و جماهير الشعب من ناحية و من ناحية أخري ما يعيشه الحزب في فكره و نضاله و ضمير مناضليه علي صورة الأمة كما يرسمها لتكون عليه بفعل التطور و قيادته لجماهير الشعب ===> حزبنا حزب قومي وطني فكرا و نشاطا إنسانا و نضالا أهدافا و تطلعات و من أجل إنسانه المجيد ..فكيف نراه حزب إنساني و بالنتيجة أممي ؟

 

ج ) البعث حزب إنساني أممييتوضح ذلك من خلال عدة عوامل تحددها جملة مؤشرات فكرية و عملية في ذات الوقت اذ أن حزب البعث لا يقصد في نضاله لا بشكل مباشر و لا من حيث النتيجة ..

 

 انتزاع حقا ثابتا و مشروعا من أية أمة أخري  ..

 لا يهدف جعل الأمة إلي درجة أعلي في القيمة الإنسانية و الحضارية لتجعل الأمم الأخرى في موقع أدني لا بالتصور و لا بالتصرف.

 لا يسعى إلي الاستئثار أو الانغلاق علي النتائج العلمية و الحضارية و القومية التي يحرزها ارتقاء... .بل يضعها في مجري المسير الإنساني المنفتح علي الأمم الأخرى...

 

رغم ولادته من صلب الأمة العربية بكل ما تعنيه من ماضي عريق أو في تكوينها الحضاري في آثاره و نتائجه ===> حزينا يتأثر فكرا و نضالا بنتاج الإنسانية ألأممي بقدر تفاعل و تأثير و تأثر الأمم الأخرى بالأمة العربية ...أو بالواقع المعاش و المرئي في حركتها الحالية ... مما يعني ...أي نظرية قومية وطنية لا بد أن يكون فيها حيز إنساني و أممي إن كان في التصور الفكري أو في السلوك و الوسائل المستخدمة النتيجة القول في أي نظرية تقول بالأممية دون اعتراف بأن سندها الأســـاس هو البناء القومي فكرا و نشاطا و تطلعا .. يبقي قولا شكليا لأن في نتيجتها وطنية و قومية ..و أي نظرية أو نشاط قومي ووطني فهو من حيث عوامل أخري إنساني و أممي ... و في هذا يقول الشهيد "" قد يقول قائل إن المسلمين أمة واحدة و ليس أمما و نقول لهم بقد ما يسمح به الحديث في هذا المجال بان الله يقصد بالأمة هي أمة الدين الواحد و الروحية الواحدة و في التعاطف و التعاون التعامل الإنساني و أمام الله ..وان الأمة و الأمم في مفهوم حزبنا ليس الكيان المتعصب المنعزل المتعالي علي الأمم الأخرى و إنما هي الكيان البين المحدد الصفات و العلامات ليمارس دوره الإنساني و رسالته الخاصة بالتفاعل و التعاطف و التعاون مع كل أمم الأرض حيثما كان ذلك ممكنا و مفيدا .."" (صدام حسين المختارات ج1ص13) ...ليضيف مقربا الصورة نظريا للآخر "" ..من أجل تعزيز و تعميق القناعة بهذا الفهم علينا أن نستذكر أن الأنبياء و الرسل يكون دورهم بينا و فعالا أكثر في الرسالة حيثما كان لهم دورا واسع في مجال بناء نظرية العمل للدين الجديد...و إن إعطائهم هذا الدور و عدم إلحاق نظرية العمل مع المبادئ و الأحكام التي يأتي بها الدين الجديد بصورة منزلة هو تعبير عن احترام وتقدير للعقل الإنساني ... و ما تحتاجه الحياة من حرية التصرف في المستجدات .ظروفا و إمكانات ..سواء كان ذلك في عقلية نبي أو رسول أو في عقلية إنسان عادي .."" و يضيف الشهيد مؤطرا نظرية البعث في البناء الاشتراكي "" .. بموجب هذه المفاهيم ....لم يتعامل البعث (الفكر العربي الثوري) مع النظريات و نشاطات الأمم الأخرى تعاملا منفعلا في الوقت الذي كانت شبابيكه مفتوحة أي لم ينقل و لم يجتزئ ..و كان موقفه قائما علي ما تحتاج إليه الأمة من المحافظة علي الأصالة نظرة و تصرفا في الوقت الذي تبني دورها في العصر الحديث علي أساس لا يغفل عوامله و ظروفه في التطور و التطلع و العمل اليومي " (صدام حسين المختارات ج1 ص 14/15) محددا بذلك الإطار الفكري لنظرية البناء الاشتراكي ...فما هي ملامح التطبيق الاشتراكي ميدانيا و عمليا ؟

 

 

(*) . منذ تفكك الاتحاد السوفياتي و ما ترتب عنه من بروز لدعوات تنظر لنهاية عصر الإيديولوجيات ... و كأن الامبريالية التي هي وليدة الإيديولوجية الليبرالية ...و ما تفرع عنها من عولمة ليست رؤية إيديولوجية ... اتجهت العديد من الأحزاب ذات المرجعية الاشتراكية إلي التبرؤ منها إما خطابا أو رؤية أو تسمية ... و تواترت الحالة في الوطن العربي تحت طائلة الحراك الشعبي و ما رافقه من خطاب اسلاموي ليس آخرها ما تم في الساحة التونسية ؟؟؟

 

 





السبت ٢٤ شعبــان ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٤ / تمــوز / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب يوغرطة السميري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة