شبكة ذي قار
عـاجـل










تفكك الاتحاد السوفياتي وانهيار نظام ثنائية الاستقطاب الدولي جعل التحالف الامبريالي - الصهيوني في وضعية المكشوف في توجهاته الإستراتيجية الهادفة التفرد بالهيمنة وصياغة العالم طبقا لتصوراته الاجتماعية والاقتصادية كما توضحها السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية كقوة قائدة استنادا لما تمت صياغته من تصورات إستراتيجية منذ نهاية ستينات القرن الماضي ففي اجتماع للجنة العلاقات الخارجية بالكونغرس الأمريكي 20 نوفمبر 1967 وعلي سؤال ما هو واجب الولايات المتحدة في الخمسين أو المائة سنة القادمة أجاب المؤرخ الأمريكي Henry Steele Commager "...إني أعتقد أن واجبنا في المستقبل... ليس الواجب الذي اضطلعت به بلاد الإغريق أو ذلك الذي حملته روما وإنما الاثنين معا. بحيث أن نمتلك من القوة العسكرية ما يماثل ما امتلكته روما في عصرها وأن نقوم بما قامت به نحو الشعوب الضعيفة والفقيرة. وفي نفس الوقت أن نكون كالإغريق في امتلاك المعارف والقيادة في الإبداع العلمي... إذا ما عملنا ذلك فان العديد من المشاكل والأزمات ستختفي من طريقنا . وبمبررات فكرية كتغطية لتغييب الإستراتيجية الهدف تمت صياغة فرضية صدام الحضارات التي أطلقها صومائيل هنتنغتون عام 1993، والتي بشر فيها بحتمية الصدام ما بين الغرب والإسلام وما إثارته من نقاش واسع تجاوز حقيقة ما تضمنته من مفاهيم... أي خلق العدو الذي يحل محل الاتحاد السوفياتي بصيغة المحطة بعد أن كانت قد صنعت الأداة الضرورية لتحقيق هذه الغاية بشقيه ( الأسلمة السياسية بشقيها في حالة أولي اسلام معتدل و اسلام رافض التي تطورت في مرحلتها الثانية الي أداتين متقابلتين ظاهريا و ترتبطان عمليا بذات المنشأ الموجه هما ولاية الفقيه و السلفية الأصولية ) نتيجة إدراك عميق من أن مواجهة العالم الإسلامي ككتلة يصعب عليها تجاوز المشاكل والمعوقات التي يثيرها... ومن أن أسهل الطرق إلي ذلك هو وضع أجزاء هذا العالم الإسلامي في تقابل بيني حد التسليم من خلال مثال واقعي ... فكان استهداف العراق بالاحتلال المباشر استهداف ينم على دراسة لا تخلو من فهم لبعض من الجزئيات المعلنة عن المنطقة، فالعراق استهدف بهذا الشكل والحجم الذي نعيشه ليس فقط كتجربة توفرت لها الإرادة الخيّرة للبناء والتجديد الحضاري رغم ما لهذا العامل من دور فاعل ومهم في السلوك الأمريكي إزاء العراق وقيادته وإنّما كذلك لكونه يختزل مشاكل المنطقة كلّها " تنوع ديني عرقي، الثروة والإنسان المتحفز للبناء والنهوض" في حيز جغرافي محدود.

 

ولكون قيادته تنبهت لذلك ونبهت إليه سواء فيما يتعلق بشخصية المواطن العربي وما هي عناصر قوّة هذه الشخصية ومواطن ضعفها وكيفية علاجها أو في كيفية التعامل مع الخصوصيات القطرية وكيف يمكن أن تكون مدخلا للتآمر على الأمّة مثلما هي ركيزة من ركائز البناء الحضاري بما في ذلك الموقف من الدين لذلك نرى إصرارا أمريكيا على تدمير كلّ شيء بالعراق مستخدمين شتى الوسائل... المعنوية والمادية... والمؤشرة في واقعه المعاش والمرئي... مرددة "الوضع في العراق سيكون مثالا لكلّ المنطقة"... فعل أفضي إلي :

بداية انقسام المنطقة علي أسس مذهبية ( سنية - شيعية ) حيث مثل احتلال العراق فرصة ثمينة للأمركان و حلفائهم أو أدواتهم لصناعة المثال أولا ثم العمل علي تقديمه كنموذج "ديمقراطي إقليميا وعربيا" ومن يشاهد الوطن العربي والعالم الإسلامي يكاد يقر بأن هذا المثال بدأ يأخذ حيزا في الحراك الاجتماعي سواء بصيغة تقابل أو محاصصة في أكثر من ساحة علي مستوي المنطقة بمعنى إن احتلال العراق قد أدى وظيفيا هذا الدور الذي مارسه ولازال يمارسه معظم من هم متصدرين لقيادته في ظل الاحتلال ممن قدمهم المحتل كسياسيين وساعدتهم في ذلك مرجعيات دينية لا يمكن حجب تأثيرها الاجتماعي بإفراز رجال الدين من نوع مستحدث وفي كلا الفرعين قبلوا لأنفسهم بدور أداة التغطية والتنفيذ في آن واحد.



النتيجة ما نشاهده من نتاج الحراك الشعبي في الساحة العربي * الربيع العربي حسب التسمية الغربية* هو شكل من أشكال تعميم نموذج للادارة برؤية أمريكية صرفة مع شخوص محلية ( أنظر تونس / مصر / اليمن في جانبها السياسي عامة و ليبيا بصيغة المثال المنقول ) ...


تحقيق الأمريكان لجزء هام من تصوراتهم الاستراتيجية في المنطقة ...أثارت أمامهم منافسات أهمها النقاش التصاعدي لنظام القطب الواحد و الاتجاه الي عالم متعدد الأقطاب نقاش فرضته هزيمتهم في العراق تحت تأثير فعل المقاومة الباسلة ...في الوقت الذي يجد الامريكان أنفسهم في وضعية المخرج لأكثر من مسرحية كل منها و لها ممثليها و ديكورها بصيغة الخطاب و طريقة أداء غير الأخري و ان كانت تهدف ذات النتيجة ... و تحسبا من أن يمارس الممثلين أي شكل من أشكال الخروج عن السيناريو نراها تعود الي المسرحية المثال ( العراق ) بهدف اعادة تفعيلها ... باخراج جديد يتماشي و الخطاب الجديد المسوق في الساحة العربية ... لا رأفة بالعراق بقدر ما هو شكل من أشكال كسب الوقت علي حساب الدم و الهوية و جغرافية القطر العراقي ...


مسرحية ممجوجة و معادة ... ضحاياها حقيقة يومية معاشة منذ أن انطلقت سنة 2003 و ليس وهمية سواء علي مستوي الشعب أو جغرافية القطر ...رغم أن واضع السيناريو ( الامريكان ) مقتنع شديد الاقتناع من أنها كمسرحية استوفت أغراضه ( تفريخ المحاصصة فكرا و ثقافة و سلوك بمفهوم المثال للمنطقة ) و لم تعد تقدم له الاضافة بما يجعل من مشروعه حقيقة باعتبار تفعيله لمسرحيات موازية أكثر تداخل علي أكثر من ركح في الساحة العربية ... بقي أن مساعده ( ايران ) من ناحية و من ناحية ثانية الممثلين ( أطراف العملية المخابرتية ) متمسكين بالعرض ... قصد تحقيق ما يمكن تحقيقه بصيغة آنية ... باعتبار أن زمن عرضهم الافتراضي قد انتهي ... من هنا لا المساعد ( ايران ) و لا الممثلين ( الأحذية البالية ) قادرين علي الخروج من مأزق عرضهم البذئ و المؤذي للعراق شعبا و جغرافيا من تلقاء أنفسهم الا بفعل عاملين 1 ) ... عودة المخرج ( الامريكان ) لتعديل السيناريو ... و هذا غير وارد في الظرفية الحالية ...

 

أ* باعتبار ما يشق الساحة العربية من حراك لا زال يحمل في ثناياه أكثر من مفاجأة في وقت الامريكان مشغولين بترتيبات الانتخابات و استحقاقاتها المحلية من ناحية و من ناحية ثانية انكشاف زيف ادعاءاتها علي مستوي الشارع العراقي خاصة ...

 

ب * المتغيرات الدولية و ما تحمله من ملامح العودة الي مفهوم الحقوق و الساحات لعالم متعدد الأقطاب ... 2 ) العامل الثاني انتقال المساعد ( ايران ) الي دور المخرج مستغلا حالة الانكفاء بشقيه الأول الانكفاء الأمريكي نتيجة الظرفية المشار اليها أعلاه و العجز العربي القاتل في ما يتعلق بالشأن العراقي و ديناميكيته الفائقة في غيرها من الساحات بمفهوم التوظيف المكمل للرؤية الأمريكية ... لتحقيق مساحة تمكنه من اقتطاع موقع مؤثر بصيغة المرحلة التاريخية سواء علي مستوي الاستقلالية أو النفوذ ( مفهوم القوة الاقليمية و مسألة الملف النووي ) ... فما هو الحل ...؟


الحل الحقيقي و الوحيد يتمثل بعمل جسور للمقاومة الباسلة بصيغتيه السياسية و الميدانية ... و في هذا الاطار تفويت الظرفية دون استغلالها في وحدة فصائل المقاومة سيكون بمثابة الفرصة الضائعة علي الشعب و الوطن تماما كما حصل سنة 2007 ... و بتحقيقها سنعيش قطعا واقعا كاشفا لكل العورات من ناحية و من ناحية ثانية مؤسسا و محققا للتحرير ... بما يعيد للعراق ألقه الوطني و القومي .

 

 





الجمعة ٩ شعبــان ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٩ / حـزيران / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب يوغرطة السميري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة