شبكة ذي قار
عـاجـل










فقد والديه فطمع به الجميع، البعض يستخدم الكلام المعسول ويقترب حبا وحناناً ليسرق ثروته، والبعض الآخر بلغة رصينة يدافع عنه ليسرق خيراته،وآخرون يملكون صك وصاية مزور به يحكمون وينهبون ويسرقون،وغيرة اللصوص من الناهبين تجرهم ليكونوا ظاهرياً معارضين وهم أصل البلاء.


والأردن كياناً وشعباً يتيم، تعلق بقيادات داخلية حيناً وأخرى من الجوار، وأنقسم على نفسه بكل المشاهد،لكنه رغم الألم والشعور بالمرارة والإرهاق، ظل دوماً شعباً عروبياً مخلصاً لامته وقضيته.


و جاهد الشعب الأردني في فلسطين وأستشهد وفقد العديد من أبنائه على أسوار القدس، ومن قبل ضرب مثالاً يحتذى بالرجولة العربية الأصيلة فاحتضن ثوار سوريا ومدهم بالرجال والسلاح وآوى أعراضهم ودافع عنهم ضد الاحتلال الفرنسي، والمشهد اليوم يتكرر.


قاتل المشروع الفارسي "بالقادسية الثانية" واستمات بمعركة التصدي للمشروع الأمريكي والصهيوني في "أم المعارك" و" الحواسم".
و لازال على عهده العربي الأصيل بأخلاقه الثورية الوحدوية متمسكاً بشريعته الإسلامية رسالةً حضاريةً انقلابية ضد الجهل والظلام.


ومع هذا الإرث وهذه الخصال يبقى حائراً بوضعه وهو يشاهد اللوحة التي تحتوي رموز حكم ومعارضة وكلهم ينهبون ويسرقون ويتفاوضون ويستعينون بكل أعداء الأمة لزيادة ثروتهم المنهوبة من الوطن اليتيم.


الشعب الأردني لم يخذل أي عربي أستنجد به وهو الذي أنكر ذاته لأجل الأمة ،يقف اليوم حائراً مقهوراً بائساً ،يراقب المشهد بغرفه السوداء التي تجري بها المفاوضات بين من يدعون المعارضة وبين من يدعون وطنية الحكم، يتقاسمون الوطن فيما بينهم تمهيداً لتغير وانتقال السلطة لتكون لهم، بعد "ربيع" حكمهم التوافقي وهي المرحلة الأولى.


ظروف الثورة لم تنضج في الأردن، والشعب في تفكيره الجمعي ومزاجه العام، يراقب ويحلل ويستعرض وينتظر، فهو لا يثق إطلاقاً بالإطراف جميعاً (معارضة ومؤسسة حكم بكل أدواتها) ، ويخشى السيناريو الليبي أو المصري أو السوري، وينظر إلى الأمر بمحاولة انتقال سلمي للوصول إلى مرحلة تغيير حقيقية تراعي الإصلاح والحرية والدفاع عن الكرامة،لكنه فقد الثقة بهرم الدولة،وخاصة مع الأحداث المتسارعة خلال العام المنصرم والتي تحدثنا عنها وعن مجرياتها بمقالات متعددة ومتلاحقة .


المؤسسة العسكرية لازالت تحتفظ ببعض الاحترام لديه وبمقدار قليل من الثقة، وعندما تدخلت هذه المؤسسة الوطنية للحفاظ على كرامة الوطن أخرجت من المشهد، بعد أن بدأت الخطوات الأولى في تحولها إلى "مؤسسة لرجال أعمال"،وهي آخر المؤسسات الوطنية التي تعد بديلاً يثق به الشعب بمواجهة قيادة وعناصر المشهد المهزلة في البلد.


حتى القوى الكبرى التي تستخدم لغة الدين، وتقود المعارضة الكرتونية شكلت خلية أزمة من كوادرها ومؤيديها الكبار لإدارة الحراك الشعبي وانتهى بها الحال لتأسيس حالة جديدة من المعارضة بفعل المال الفاسد ،فضمت في تحالفها الحركات المختلفة ،لتحسين شروط التفاوض مع الجهة التي تحكم، ومن أجل إنهاء الحراك ،بعد أن تم الاتفاق على حصتهم في الحكم وحصلوا على أصل مطلبهم وهو التحول من ملف امني يحركه الجهاز إلى ملف سياسي يشارك بالحكم.


وكشفت اللقاءات المتعددة مع الإدارة الأمريكية والبريطانية اللاعبين الأساسيين في الأردن إلى الوصول صيغة تفاهم مشتركة، مع وجود معارضة من بعض مراكز القوى التي تشعر أن تحول هذه الكتلة إلى شركاء في اتخاذ القرار السياسي خطر يهدد نفوذهم وسيطرتهم،فتسعى هذه المراكز إلى تقويض التفاهم من خلال سلسلة من الإجراءات التي ستظهر قريباً جداً.


كتلة المعارضة المتأسلمة والتي تقود باقي الحركات بإطار جبهوي يستغل للوصول للهدف الأصيل كما اشرنا وهو المشاركة في الحكم، يتطلب سلسلة من الخطوات أولها إقصاء ما يسمى "جناح الصقور" وعزله شعبياً وتنظيمياً حتى لو اقتضت الضرورة الانشقاق التنظيمي، وثانيها السيطرة المطلقة على النشطاء وتوجيههم حسب مصالح الكتلة الأكبر.


وللأسف ما يتبقى من المعارضة" الأحزاب القومية واليسارية" لا يشكل أي ثقل قد يحسب حسابه، بل هو منقسم على نفسه جراء المواقف المتباينة من الثورة السورية والتي يهرب بعض قادتها من مناقشة وإعلان موقفهم بوضوح ويلجئون إلى الكذب وتزوير الوقائع والميل نحو مواقف لا ترى لأنها مجرد شعار أجوف.


المشهد العام في الأردن غير واضح والتحليل للمواقف المتغيرة لا يجدي بصيغته الإستراتيجية، لان المواقف تبنى بلحظتها والخطط التي يتبناها اللاعبون الكبار تتعرض للتغير والحذف والإضافة في كل ساعة.


ومع هذه الضبابية السوداء ، يبقى أساس الفعل والحراك ،المحاصصة في الحكم التي تطالب بها كل الأطراف الرئيسية.


وخطط الأطراف تنفذ ببطؤ وثبات وحذر،فالمزاج الشعبي غير مفهوم بصورته التفصيلية،مع وجود إشارات إلى أن التوافق في المحاصصة ستجري بهدوء ودون فوضى إلا أنها ستكون مرحلة انتقالية ، نهايتها انقلاب شعبي ضدها،فالمحاصصة ستظهر على أنها بداية الحل للمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكلنا يدرك أنها بعكس ذلك تماماً،لأن أصل المحاصصة مبني على تنفيذ استراتجيات استعمارية خارجية وأيضاً على نهب ثروات البلد.


صمت وترقب شعبي لما يحدث، وانتصار الشعب في سوريا سيشكل نقله نوعية إذا لم يصاحبه فوضى اجتماعية في تغير المزاج الشعبي.
والقوى المتفاوضة على مصير الوطن اليوم سيحاكمها الشعب و لو بعد حين، وقراراته لن تكون وسطية بحقهم.
وحركة التاريخ أثبتت أن الشعب هو الباقي وان الوطن فوق الجميع.



Etehad_jo@yahoo.com

 

 





الجمعة ٢ شعبــان ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٢ / حـزيران / ٢٠١٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الله الصباحين نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة