شبكة ذي قار
عـاجـل










أين تتجه بوصلة الدولة التي يحكمها مثل هذا النموذج ...؟! الخطر المُميت مِنْ الجهاتِ الستة؟!

 

في كتابِ "الخوف مِنْ الحُريةِ" لـ "إيريك فروم" يقول فيه: هناك تعريف لـ "سيبون ويل"، يقول: "السلطة هي القدرة على تحويل الكائن الحي إِلى جثمانٍ، ومِنْ ثم إِلى شيء."؟!

ويقول "السيد "أحمد عباس صالح"، في كتابهِ "اليمين واليسار في الإِسلام": "حين يحكم السيف تضيع الكرامة، ويستسلم الناس، ويستدعون مِنْ أنفسهم الكوامن الخبيثة ليُعايشوا السلطة القاهرة بأسلحةٍ مِنْ طباعها، وحين ينتصر الباطل في أفضحِ صورهِ، في موقعةٍ أثر موقعة، ويكتسح الحُكم الإرهابي أمامهُ كل العقبات، يحدث ما يشبهُ الوباء العام، وتصبحُ غالبية الناس جُبناء، ونهازين، وقتلة ومُجرمين."؟!

السؤال آنف الذكر يُمكن وصفه بـ "القديم – الجديد"...؟

والإِجابة عليهِ ربما يختلف عليه الكثير.؟ وربما يتم الاتفاق عليه الكثير للوهلةِ الأولى.؟!

ولمَنْ يختلف لهُ حُججهُ.؟ ولمَنْ يتفق لهُ حُججهُ.؟

 

وعنصر الحسم بالنسبة للرأي الأصح، يكمنُ في الحجج، والشواهد، الميدانية التي جرت في العراق منذُ غزو واحتلالهِ عام 2003 ولغاية تاريخ كتابة هذا الموضوع.؟!

وأياً كانت هذه الآراء فهي تُعبر عن وجهة الآخر، ومقبولة، وتُحترم سيما وإِنْ كانت تصب في رفضِ الاحتلال، وما نصبه مِنْ حكوماتٍ منذُ العام أعلاه، ولغاية التحرر الكامل بأمرِ الله Y.

وما يخالف ذلك لا خيار لنا سوى أنْ ندعو الله Y، لهُ بالإِصلاح، لأن شواهد "المظالم" التي عمت كل زاوية مِنْ زوايا العراق لَمْ تؤثر فيه، فربما خرج عن الطورِ الإِنساني للطور اللا إِنساني.؟

 

في وقفةٍ تدبرية: أيهما أخطر على العراق:

الأحتلال الأمريكي أمْ الحكومات الإِمامية العراقية التي تعاقبت على حكمه منذ عام 2003 .؟!

ربما هذا التساؤل يتطابق مع سؤال يوجه إِلى مُجرمٍ مُتمرسٍ صدر عليه حكم الإعدام جراء ارتكابه جرائم عده ضد الإنسانية..؟ الخيار الذي منح لهُ: هل تُريد تنفيذ حكم الإعدام بكَ شنقاً أم حرقاً..؟

هل تريد تنفيذ حكم الإعدام بكَ رمياً بالرصاص... أم بتقطيع الأوصال على ذاتِ طريقة ميلشيات المهدي، وبدر الإِمامية التي جرت في عراق "الفوضى الخلاقة"..؟!

 

السؤال وجه إِلى مُجرم  مُتمرس، الحس الإِنساني فيه قد اختفى، ومبادئ القيم الأخلاقية لديه مُستهجنة...؟!

المُجرم كشخص أُتهم بجرائم عده.... جميعها جاءت ضد الإِنسانية..؟

الاختيار بين أشكال الموت أعلاه، نتيجته واحدة ... وهو الموت الحتمي.؟

ولكن الفرق بين موتٍ وموتٍ آخر... هو الفترة الزمنية التي يقضيها ذلك المُجرم ليموت..؟ وما يُصاحبها مِنْ عذابٍ يُثقل عليهِ سكرات الموت..؟!

فهناك فرق بموتهِ خلال ثوانٍ رمياً بالرصاص، ودقائق وهو يُحرق بالنار، وربما ساعات أو أياماً وهو مقطع الأوصال..؟!

 

الاحتلال الأمريكي، والحكومات العراقية المتعاقبة على حُكمِ العراق بتعيين أمريكي مُباشر، أحدهما يُكمل الآخر، ولا يُمكن الفصل بينهما.."!

فكلاهُما يُمثلان أشكال الموت المختلفة التي أشرنا إِليها أعلاه، بل أبدعوا سويةً في ابتكارِ أشكال الموت الأخرى التي جرت ولا زالت في العراق، مثل ثقب الرؤوس بالدريل، وتفجير الرؤوس، أو الشوي على النار لحد الموت، أو ثقب الركبتين بالدريل، ثم عظام الحوض لحد الموت، ثم قلع العيون، و...إلخ؟! وهذا ما جرى بالذات من قبل الميلشيات الإِمامية الفوضوية المتمثلة بميلشيا بدر الإِيرانية، والمهدي الإِمامية، وفرق الموت لوزارة الداخلية العراقية، و...إلخ.

 

فالأحتلال الأمريكي لكي يُحقق إستراتيجيته اللعينة في تدمير وتخريب حضارة العراق، لا بُد لهُ مِنْ وسائلِ تُنفذْ.. وأهم هذه الوسائل هي الحكومات التي يتدخل بشكلٍ مُباشر في تعيينها تحت غطاء ما يُسمى انتخابات حرة ديمقراطية..؟!

 

بمعنى أنَّ حكومات العراق الإِمامية هي مُجرد وسائل بيد الاحتلال الأمريكي تنفذ ما يُريدهُ منها الاحتلال رغماً عنها ، ومتى ما عجزت أو تمردت تُركل على أدبارها كما تُركل الحيوانات ..؟!

فنخلص: الموت التي يُمارس ضد العراق الوطن سواء مِنْ الاحتلالِ الأمريكي، أو الحكومات العراقية هو واحد..؟!

التناغم المذهل، الذي قل نظيره في التاريخ الحديث والمعاصر بين الاحتلال الأمريكي وتلك الحكومات الإِمامية، كان قد أخذ اشكالاً مُتعددة، يُحقق فيها كل طرف من الأطراف أهدافه اللا شرعية، واللا أخلاقية... وكلاً مِنْ الطرفين أعطى الضوء الأخضر للآخر على استباحةِ العراق بكل ما فيه، ولكن عليه أنْ لا ينسى أنْ لا يتجاوز خطوطه الحمراء، وما أقصده بهذه النقطة بالذاتِ أنْه ليس بمقدور الحكومات الإِمامية العراقية تجاوز الأجندة الأمريكية بأيِّ حالٍ مِنْ الأحوالِ..؟!

 

هذا التناغم يكتب عنه الكثير، وربما نجده في جملةٍ مِنْ النقاطِ التي منها:

1-  أن الحكومات العراقية منذ عام 2003 تحكم باسم الإسلام المذهبي الفتنوي، فثقل الحكم يكمن لدى "المذهب الإِمامي الاثنا عشري"، والحكومات التي جرت تعيينها مِنْ قبلِ الاحتلال الأمريكي كان بمُباركةٍ مذهبية مباشرة مِنْ قبلِ مراجعها الإِمامية في المرجعية العراقية والمرجعية الإِيرانية التي توحدت في مثل هذا الموضوع توحداً مُذهلاً..؟!

 

2-  لما كانت « حكومات إِمامية مذهبية » فيعني أنها تعلم بأحكام الإِسلام، وما يجنب تجنبه مِنْ "مظالم" نهى عنها الإِسلام، وإِذا بها مِنْ أجلِ أن تتسيد السلطة استغفلت الإِسلام بشكل كامل الذي تمثل في مفردة منه "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" فأصبحت تلك الحكومات تعمل بالضد من ذلك المبدأ الإِسلامي الإِلهي المنزل، بمعنى أنها "تعمل بالمنكر وتنهى عن المعروف"...؟! وهنا تقمصت تلك الحكومات بشكلٍ دقيق جداً، ما ورد في تراثها الإِمامي من كونها "حكومات فتنوية دموية" .؟! ناهيك عن موالاتها قوات الكفر الأمريكية الغازية لدار الإِسلام، ورفضت بتعنت إِعلان الجهاد عليهِ.؟!

 

مَنْ يحُكمِ العراق ... الرئيس الإِيراني "أحمدي نجاد" ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي"

 

3-   في موافقة أمريكية محسوبة وفق ما ورد، ويرد في تاريخ ثقافة الاحتلال، أنْ جرى تمدد « الحكومات الإِمامية العراقية » نحو « المرجعية الإِمامية التي تحكم منذ عام 1979 إِيران.».؟ وأصبح للمرجعية المذهبية الإِيرانية اليد الطولى بكل ما يتعلق بحكم العراق، ويُخطىء مَنْ يظن أن المحتل الأمريكي غير قادر على قطع يد تلك اليد خلال فترة زمنية تجعل مِنْ القائمين على الحُكمِ الإِمامي في العراق، وميلشياتهم التي استباحت كل ما في العراق تتراكض بحثاً عن جحرٍ يحميها مِنْ نهايةٍ بائسةٍ محسوبه، تعرفه هي بشكل دقيق جداً لذا سعت، وتسعى جاهدة إِلى سرقة أكثر ما يمكن مِنْ أموالِ العراق، ثم تخريب الإِنسان العراقي، ثم تعزيز المحاصصة الطائفية، ثم....إلخ، بحيث تترك تركة ثقيلة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، و...إلخ، يصعب لمَنْ يأتي بعدها مُعالجتها بسهولة.

 

4-  المرجعية الموحدة للأحزاب الإِمامية، المُتمثلة بالمرجعية الإِيرانية، جعلت الخصومات، والخلافات، و...إلخ بين الأحزاب الإِمامية التي تتولى حكم العراق، والهيمنة على مجلس النواب العراقي، تُحسم بسرعة لصالح القرار الإِمامي الإِيراني حصراً.؟ حيث استخدمت المرجعية الإِيرانية الإِيرانية، على المستويين المذهبي، والسياسي، « سياسة العصا الغليظة مِنْ حيث النظرية والتطبيق »، بحيث أندفع هرولةً أقطاب تلك الأحزاب، وغيرُهم بما في ذلك حزب الأخوان المُسلمين المُسمى بـ "الحزب الإِسلامي العراقي لزيارة طهران"، وأصبح القرار هو ما يأتي منها حصراً.

 

سياسية العصا الغليظة تلك أدت مِنْ ضمنِ ما أدت إِليه أن يُقدم القائمين على حكم العراق تنازلات كارثية بحقِ استقلالية وحقوق شعب العراق لأيران والمُحتل الأمريكي.؟!

في حين كانت الأحزاب المذهبية الأخرى التي مراجعها دول الخليج وغيرها تعاني ولا تزال مِنْ عدمِ توحد قرارها جراء عدم توحد قرار مرجعياتها، الذي كان يُفترض أنْ يُلزمها كحدٍ أدنى بالتوحد وإِنْ كان قسرياً.؟ أو تعديل برامجها بما يتناسب وقوة مرجعية الأحزاب الإِمامية، التي جعلها تخسر الكثير جداً، مما كان يجعلها قوة تنافس الأحزاب الإِمامية، التي تُعدُّ حالياً غير مقبولة نهائياً لدى الشارع العراقي، الذي تأكدت لهُ أن تلك الأحزاب لا يهمها العراق، بقدر ما يهمها أن يكون العراق إِيرانياً.؟!

 

ما ورد آنفاً، لا يعني أن مُجرياته هو تجاوزاً للإستراتيجية المحتل الأمريكي، بل الأمر بالعكس، هو يحقق تلك الإستراتيجية ما دام يصب في سياستهم المعلنة "الفوضى الخلاقة"، ثم "الفوضى الذكية" التي تبنتها وزارة الخارجية الأمريكية في حقبة السيدة "كلنتون" التي لم تكلف نفسها بزيارة واحدة للعراقِ المُحتل، وهي بذلك على الضد من نظيرتها السيدة "كوندرايزا" التي كانت زياراتها للعراق مكوكية.؟!

 

صورة "خُميني" في صالةِ الشرف بمطار بغداد الدولي

 

5-   لكي تبقى تلك الحكومات الإِمامية أطول فترة في الحكم العراق، فلا بد لها مِنْ أنْ تحصل على رضا الاحتلال الأمريكي...؟ وهنا  لا يمكن الحصول على مثل ذلك الرضا بدون أن تنفذ استراتيجياته في تدمير العراق..؟ لذات تندفع، وتبادر وتتفنن تلك الحكومات في تنفيذ الاستراتيجيات وبشكل طوعي يُريح قادة البيت الأبيض ويطمئنهم بأن أدواتهم الرخيصة مندفعة في تنفيذ أهدافهم الإستراتيجية؟ ولهذا كانت تلك الحكومات

 

على ذاتِ منوال ما ورد من وصف مُسهب لحكومات لا شرعية، ولا أخلاقية أطلقت عليها تسميات: "دولة الباطل" و "دولة إِبليس" و دولة الظلمة".؟! وفي تمعن بما عليه الاحتلال الأمريكي وتلك الحكومات خلال الفترة من 2003 ولغاية ما نحنُ عليهِ، نجد أنْ هُناك تطابق مذهل جداً بين تلك التسميات وما جاء في وصفها "المُخزي" في تراث المذهب الإِمامي، وبين "مظالمها" في العراق، التي زكمت أنف الإِنسانية في عموم هذا الكون، وصفق لها "الباطل وإِبليس والظلمة" الذي يتولون احتلال وحكم  العراق.؟!

 

6-   استكمالاً لما ورد في المادة 4 أعلاه، نجد أن قانون الفترة الانتقالية لحكم العراق، ثم الدستور العراقي الموضوع أمريكياً قد دق أسفين ذلك الأمر بشكلٍ مُذهل بوقتِ مُبكر جداً، ولم يأت دق ذلك الأسفين بمعزل عن الأحزاب الإِمامية، والأحزاب السنية المذهبية، والأحزاب الكردية العنصرية التي وجدت في مواده ما تتمترس وراءه من إشاعة فوضى، وخلافات صعبٌ احتوائها، واقتتال دائم، ، وقوى ميلشياوية مدربة على آلية القتل بدمٍ بارد، ثم السرقة، والنهب، وانتهاك الأعراض، و...إلخ.

 

ومن المفارقات المُذهلة التي تتطابق مع مقولة أن التاريخ يعيد نفسه، أن الدستور العراقي لعام 1925 كتبه المُحامي البريطاني السير بونهام ادوارد كارتر، ثم عادت الحكومة البريطانية وعينتهُ مُستشاراً لوزارة العدلية العراقية، لكي يشرف عن قرب على آلية تنفيذ ما وضعه في الدستور بما يؤمن مصالح دولته بريطانيا العظمى.؟! ويأتي احتلال العراق عام 2003 أمريكياً، ليتولى الأمريكي " البروفيسور نوح فيلديمان" ليضع الدستور العراقي للعراق الجديد المُحتل أمريكياً..؟!

 

7-   نجح الاحتلال الأمريكي، والحكومات الإِمامية بأجهزتها الأمنية وبميلشياتها الفوضوية، فضلاً عن الميلشيات الكردية في ملاحقة قوى المقاومة الوطنية، والعناصر الوطنية المؤيدة والداعمة لها، أو العناصر الوطنية السياسية التي تؤمن بالحل السياسي وترفض الاحتلال الأمريكي مِنْ إجهاضها بشكل كبير جداً، وقد جاء هذا الإِجهاض في تناسقٍ عمل مذهل بين تلك الميلشيات على مستوى عموم العراق، ثم المحافظات التي تعد قلعة المقاومة كالأنبار، وبغداد، والموصل، وديالى، التي جاءت نتيجة أخطاء ارتكبتها تلك القوى الوطنية، وتعلم بها جيداً ولكنها لَمْ تكن قادرة على معالجتها الذي لا يمكن أنْ يتم بدون توحدها على الأقل، وبذلك استطاع المحتل وتلك الحكومات مِنْ اختراقها سيما بعد "تشكيل الصحوات" التي عُدت خطاً استراتيجياً تحاسب عليه القوى الوطنية، الذي أدى في نهايةِ المطاف إِلى أن يتم تصفيتها هي مِنْ قبلِ المحتل وتلك الميلشيات.؟!

 

8-  المُحتل الأمريكي إِنْ حكم العراق، فهو جاهل كلياً بطبيعة المجتمع العراق..؟ وهذا ما ثبت خلال السنوات العجاف المنصرمة؟ فالاحتلال لا يملك قدرة التحرك السريعة تجاه مكامن الخطر التي تنتظره بسرعة.؟ في حين الحكومات العراقية المعينة من قبله ينطبق عليهم المثل القائل "أهل مكة أدرى بشعابها".؟ بالرغم من أن الجزء الأكبر من حاكمي العراق هم غرباء عنهُ.؟ ولكنه إِجادتهم للغة المحلية العراقية.؟ ومعرفتهم بالعادات والتقاليد والأعراف السائدة.؟ و...إلخ أدى إِلى أنْ تكون قدرتهم على القتل، والتدمير، أكبر بكثير مِنْ الاحتلالِ الأمريكي فيما لو يحكم هو بذاته..؟! هذا فضلاً عن تجنُبهِ الخسائر البشرية التي يَحسب لها ألف ألف حساب.؟ وما ينجم عنهُ مِنْ حقدٍ دفين عليهم.؟ ولا نخفي أن العديد مِنْ العراقيين المُلقى القبض عليهم، يتمنون الاعتقال لدى المُحتل الأمريكي، وليس الاعتقال لدى الحكومات الإِمامية.؟!

 

 





السبت٢٨ جمادي الاخر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٩ / أيــار / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. ثروت الحنكاوي اللهيبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة