شبكة ذي قار
عـاجـل










لا بد من التذكير بما قال الخليفة عمر بن الخطاب (رض) الذي كان عهده مبشراً بفتح العراق، وفي ظل قيادته سقطت أكبر امبراطوريتين في ذلك العصر هما الامبراطورية الفارسية في العراق والبيزنطية في الشام.

 

[ العراق جمجمة العرب، وكنز الإيمان، ومادة الأمصار، ورمح الله في الأرض، فأطمئنوا: فأن رمح الله لا ينكسر] .

ينجر العرب منذ أكثر من عقدين إلى أكثر من لعبة خاسرة، تشتتوا فيها وضاعت بوصلاتهم ومعاني وجودهم كشعب وأمة. تتالت الهزائم الواحدة بعد الأخرى، وكأنهم قد حُكم عليهم أن يضيعوا في التيه الأخير من القرن العشرين والتيه الأول في بدايات قرن التحرر العالمي المقبل.

 

كثرت المتاهات العربية مشرقاً ومغرباُ، وضاعت من أيادي العرب لأكثر من جيل الكثير من الفرص سواء في التحرر أو التنمية والإنعتاق الحقيقي من كل أشكال التبعية للاستعمار، ولم يحل أي من الأجيال العربية المتعاقبة مشكلة العلاقة بين الحاكم والمحكوم.

 

ومنذ بزوغ فجر الانتفاضات والثورات العربية في مقتبل القرن الماضي ضيع العرب جيلا بعد جيل كل خرائط الطرق الموصلة بهم إلى المجد، الذي يليق بهم كأمة وشعوب، بدلا من الاستدلال بالخرائط الاستعمارية وما رسمته الأيادي البريطانية والفرنسية في معاهدة سايكس ـ بيكو وما تلاها من نفوذ أساطين السياسات الأمريكية ـ الصهيونية من مسارات ذهب الكثير من نخب وحكام العرب المغفلين فيها إلى هاوية لا قرار لها، قولا ومصطلحا ومساراً.

 

وعبر ثلاث عقود متتالية ضاعف الإيرانيون والأمريكيون والصهاينة معاً استكمال ما نُفذ وطُبق من سياسات الأنظمة العربية وصارت اللعبة ممارسة جرى التمكن فيها من حبك ألاعيبهم في تشتيت صفوف العرب وتمزيق لحمتهم، وخاصة في الموقف التساومي من العدو الصهيوني بعد زيارة السادات للكيان الصهيوني وتوقيع النظام المصري والتزامه باتفاقيات كمب ديفيد ولحقه النظام الأردني بتوقيع اتفاقية وادي عربة وتهالكت البقية من القطيع على التطبيع مع العدو الصهيوني بصيغة وأخرى، سراً وعلانية.

 

وهكذا تجسد التراجع العربي عن الالتزام بالحقوق القومية وحق شعوب الأمة العربية في الاستقلال والحرية والتنمية والوحدة القومية. وكان التفريط بقضية العراق بعد فلسطين، بدا واضحاً وأكثر خطورة في مشاركة العديد من البلدان العربية في العدوان الثلاثيني على العراق واستكمال خطوات حصاره وغزوه ومن ثم تكريس احتلاله وإسقاط دولته الوطنية، والاعتراف بحكومات أذناب الاحتلال المتتابعة، في ظل هذه التراجعات الكبرى جرى أيضاً ضياع الصومال وفشل الوحدة اليمنية وانقسام فصائل الثورة الفلسطينية واستمرار الصراع الطائفي بلبنان وصولا إلى الحرب الأهلية وسقوط هيبة مصر وانكفاء دول المغرب العربي في عزلتها عن بعضها البعض ومع المشرق العربي، تم ذلك مع استهتار الأنظمة الدكتاتورية المشبوهة في تطلعاتها وعبثها بحرية وكرامة الشعوب وبتكريس أنظمة الاستبداد والتوريث والفساد بكل أنواعه، وعلى جبهات أخرى ظهر العبث والتفريط بالمال ونهب خزين الطاقات الكامنة داخل الأرض بدلا من استغلال وارداتها لتشكل الطاقة الضامنة لمستقبل الشعوب العربية بعد نفاذ النفط والغاز.

 

نصف قرن متواصل من التراجع والانكفاء وراء أوهام الدولة القطرية وهيكلية الدويلات الميكروية والأنظمة الاستبدادية، وليدة الانقلابات العسكرية، حتى تحقق للمخططين الإستعماريين تنفيذ تلك الخرائط والمسارات الاستعمارية المطلوبة من العرب تنفيذها. ونشهد اليوم عمليا نكبة عربية كبرى تتجسد في ضياع فلسطين والعراق وتجزئة العديد من البلدان العربية إلى طوائف وتحالفات ومشهد سقوط عربي لا قرار له في هوات سحيقة تحت ضربات الصراعات المستجدة والمتفجرة والموقوتة. ونلمس ذلك بوضوح، خاصة بعد محاولات حرف نهوض الانتفاضات العربية لجماهير وفئات وطبقات ضاقت ذرعا بتسلط الحكام واستمرار أنظمتهم وكياناتهم الهزيلة في سائر أرجاء الوطن العربي بلا تنمية أو استقرار أو حياة تليق بكرامة الإنسان وتحسسه بمواطنته.

 

وبات ذكر العراق نكرة في تيه تلك المخططات، وضاع شعبه من مستقبل وعناوين البلدان العربية وتقاسمته مفردات معاجم الدساتير المستوردة من بلد عربي إلى بلد موصوف بالانتساب إلى الجامعة العربية، وإلى بلد مؤسس للجامعة العربية... الخ. من أساليب الرطانة اللغوية الدستورية التي توجهت أساساً في نصوصها المس بهوية وانتماء العراق والتشكيك بمكونات شعبه وإلغاء صفة عروبته، وحذف موقعه التاريخي والحضاري، كعنصر وبيئة ظلت فاعلة في حياة العرب والمسلمين على مدى الدهور.

 

وإذا كان الفعل المتعمد في تدمير العراق قد نُسب إلى أيادي وأفكار نخب سياسية عراقية، سبق أن احتضنها المحتل وأعدها لتلعب أدوارها المطلوبة، بعد أن حملها ضمن ناقلات دباباته ليحكم باسمهم شعب العراق في سنوات الاحتلال وما بعد الانسحاب المزعوم، إلا أن كل ذلك لا يعفي بقية العرب الذين دفعوا بأموال شعوبهم فاتورة الأسلحة التي غزت بها الولايات المتحدة العراق، ووفرت لتلك الأسلحة قواعد الانطلاق لتدمير جمجمة العرب وكسر سيفهم. ومهدت لتشويه المقاومة العراقية بإرسال دفعات الإرهاب لكسر الإرادات الوطنية وتكريس الاحتراب بكل أنواعه وللأسف إن صراخ العراقيين وطلبهم لنخوة ونصرة أشقائهم العرب لم يسمعها احد في صخب اشتداد الصراعات المذهبية وحروب الطوائف السياسية؛ فالذبح في المسلخ العراقي بات طقساً يومياً معتاداً، يتم تارة باسم الثأر للمظلوميات السابقة، والدعوة إلى ثارات باسم الإسلام الشيعي والسني وطوائفهما السياسية تحت عرش الدولة المحتلة وتقاسم محاصصاتها وامتيازاتها.

 

وعندما يستنكر العراقيون الفتنة الطائفية من أي جهة كانت ويلعنون مشعليها، يذهب الصراع إلى منحى آخر ويتم إشعال الصراع تحت عنوان الاحتدام والضغائن الإثنية والقومية بين طرف عربي وآخر كردي وثالث تركماني حتى بات الحديث عن تحديد حدود المناطق المتنازع عليها وصارت حلولها من مهمات الغير، تتدخل فيها مؤسسات الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة الوحدة الإسلامية، والدول المجاورة، صغيرها وكبيرها، التي مدت خراطيمها نحو كل بئر نفطي لتشفطه بالمشاركة أو بالانفراد.

 

باختصار أن كل تلك الصراعات التي نسمع بها تشملها وتجمعها وحدة المصالح والأطماع البترولية المحلية والدولية، وليس من سبب غير ذلك . أما القائمون على التنفيذ فهم خدم الاحتلال والموظفين فيما يسمى بالعملية السياسية.

 

صفويون وسلاجقة وبويهيون وأتراك وعربان مستعجمين ومستعربون وشعوبيون من شتى الانتماءات تهالكوا على تدمير العراق ومجابهة مقاومته الوطنية نيابة عن قوات الاحتلال وبحمايتها، جاؤوا من سائر الخلجان العربي والفارسي، تراهم بكل الصفقات وهابيون ومرجعيون وإخوان، وإسلاميون وملاحدة، عرب من جميع القطريات وأعاجم قادمون يرسمون للعراق في دستوره قاعدة التقاسم والمحاصصة والتجزئة.

 

صار العراق ومن بعده بقية أقطار البلدان العربية نموذجا لشعار" كم أدفع لكَ لكي تحتلني" ، وهو الشعار المترجم اليوم في أولويات أصوات ندوات وتصريحات الإعلام العربي في النقل المباشر، وصار طلب وصول القوات الدولية بنداً من بنود وقرارات الدول العربية حيث توظف بعض بلدان الخليج جزءا من أموالها في الاستثمار في صفقات الديون المالية لمساعدة العصابات السائبة القادمة من الخارج في مهمات مشبوهة لإسقاط نظام معين أو الابتزاز لآخر باسم ثورات الربيع العربي.

 

وظيفة جديدة للمال العربي الاستثمار في تحويل جهد الانتفاضات الشبانية وما سمي بـ "الربيع العربي" وتنصيب من تراه مناسبا لقيادات المرحلة العربية القادمة سواء في البرلمانات المنتخبة أو الرئاسيات الجديدة. وتجهد الفضائيات النفطية نفسها في تلميع الوجوه المطلوبة لقيادة الوضع العربي من خلال مقابلات تعد بشكل انتقائي وإعطاء ادوار في قيادات الانتفاضات على حساب الأبطال الحقيقيين والشهداء والمنتفضين ضد الجوع والحقرة والاستبداد.

 

حتى انتفاضة العراقيين في ساحة التحرير في 25 شباط 2011 جرى التآمر عليها عربيا قبل الاجهاز عليها بالقمع الشرس من قبل سلطات المالكي وعصابات المليشيات الطائفية وتحالفاتها الاقليمية والمحلية؛ لكون تلك المظاهرات كانت تشكل وتؤشر انها ستكون من اكبر الأخطار في الوطن العربي على الأنظمة فيما لو امتدت في سهل المقاومة العراقي كهبة شعبية، واحتضنتها بنادق الثوار ضد الاحتلال والعملية السياسية الزائفة.

 

فضائيات العرب وأخواتها تنكرت لنقل الأخبار العاجلة من بغداد، واكتفت ببث مراسليها مُسلحين بالمال وهواتف الثريا، وجندت معلقيها من استوديوهاتها يبثون الخبر المطلوب إنقائياً ويقزمون دور الثوار الحقيقيين بانتظار ملامح الصفقة الدولية المطلوب تنفيذها بالتعاون مع النخب التي رشحت نفسها بالقبول والتنسيق مع الأمريكيين قبل ذهابها إلى الانتفاضة الشعبية او الانخراط في حمل الصناديق الانتخابية المطلوبة شعبيا لاختيار الحكام والقادة الجدد.

 

تبدو كثير من الأفعال مرسومة سلفاً، خاصة عندما لوحظ تحمس بعض الحكام العرب وممثليهم في الجامعة العربية من الذين عرفناهم في أجواق مشعلي فتن واحتلال العراق وغيره، وهم بيقيني واهمون من أن وصول النيران إلى معسكرهم ومخيماتهم لازال بعيدا، ويمكنهم إطفاء النيران في الانتفاضات العربية، وخاصة في مصر، ان الثورة قادمة لا محالة إلى ضفاف آبار الخليج وقصور مشايخه.

 

الكل كان مستعدا للتغطية والعمل المجاني من اجل إيصال صور الاعتداءات والممارسات والمذابح الجارية في العراق إلى الوكالات والفضائيات إلا أن صوت العراق ومقاومته الوطنية وانتفاضاته المتتالية لازال ممنوعا من الإسماع، وحتى التنصت، وقرار الإفراج عنه سيتم حتى إشعار آخر.

 

الإيرانيون أحكموا لعبتهم القذرة في العراق وسوريا ولبنان وبعض من بلدان الخليج وهم يساومون بالعراق ومصيره ورقة في الصفقات التي سوف لا تفضي إلى شئ سوى ما أفصح عنه الإيرانيون أخيرا: أنهم يتطلعون إلى وحدة اندماجية مع العراق، ويسارع الكويتيون ببلادة إلى عرض سخي لحكومة المالكي في ضم العراق إلى دول اتحاد دول الخليج العربي، وقد استنكر الإيرانيون هذا الطلب وسارع بوق وغراب حكومة المالكي علي الدباغ إلى الاستهزاء بالطعم الخليجي وسخف من عقول مقترحي المشروع مشيرا بشكل صفيق إلى انتماءهم الإيراني وسيادة الروح الانفصالية لدى شركائهم الكُرد وتوزع العراقيين في طوائف وملل واديان وأحزاب مذهبية ومرجعيات لا وطنية.

 

هكذا يجري الاستفراد الإيراني بالعراق وشعبه، وكأن العرب ينتظرون منا تقديم المليون الثالث من الشهداء كي ترى عدسات كامراتهم فداحة الأوضاع المزرية في العراق.

باتت البلدان العربية مُجرد أكوام حطب يابس كالهشيم، هناك من يصب الزيت عليه، ويتطوع آخرون بقدح أعواد الثقاب المحلي والأجنبي ويكتفي آخرون بالنفخ بالرماد بادعائهم أنهم من مطفئي الحرائق العربية كما هو الحال في اليمن الذي صار أكثر من يمن وفيه ورثة صالح وقبيلته.

 

الأولوية في كل محرقة عربية باتت سبقا صحفيا وإعلاميا ومبادرة لصور تلفزية تُهيأ لها المراسلات والمراسلين التي باتت تنقلها إعلاميات الجزر العربية الميكروسكوبية والمسماة في القاموس السياسي المعاصر، دولاً عربية وهم من " أهل القرى" النفطية يقودون انتفاضات الغير من منتجعاتهم ومن بيوت الراحة على ضفاف البحر، فهم دولا حسب الطلب تارة خليجية وتارة عربية وتارة دول مصدرة للنفط أو الغاز. المهم صارت آبار الحزام النفطي العربي لكل واحدة منها دولة ووكالة أنباء وتلفاز وقمر صناعي يبث بعدة قنوات، وله عدة صحف تصدر في بعض طبعاتها من عواصم المتروبول، لكل بيت مالي خليجي شركة اتصالات للهاتف النقال، ولكل شيخ ونائبه وولي عهده وحولهما مستشارون وكُتاب وروائيون ومؤرخون، وعلى كل قصر لشيخ راية وشعار للدولة الميكروية، وله فريق " قومي " لكرة القدم، وتتنافس حوله عدد من "الأندية الرياضية" تتسابق في دوري الإمارة النفطية أو تلك للفوز والتنافس على عدة كؤوس، تارة باسم الحاكم وتارة باسم ولي عهده وحتى باسم كلبه وعبيده وبقية مؤسساته العائلية التي اقتسمت ترأس جميع تلك المؤسسات السخية بالمال لمن هب ودب. ويتم التقاط لاعبي الفرق ومسابقاتها من نفايات فرق دول العالم لإجراء المسابقات الرياضية بكل أصنافها وعناوينها ونقلهاعبر قنوات تلفزية لا حصر لها، فإضافة لكرة القدم، اللعبة الأكثر شيوعاً، هناك سباقات للتنس والكولف والهوكي وسباقات الخيل والقوارب وحتى الإبل وسباقات السيارات " الفورملا" والدراجات الهوائية والبخارية، يتسيد عليها اللاعبون ألأجانب وعصابات النهب باسم الرياضة ، حتى صارت لدينهم أخرى باسم مسابقات للتزحلق على الجليد وعلى رمل الشاطئ ورياضة مطاردة الغزلان وفقئ عيون الطرائد في البراري العربية بالصقور الأميرية التي يمتلكها شيوخ المقاطعات النفطية.

 

وأمام هذه الملهاة الكبرى في سيرك الملاهي للشيوخ والأمراء ودولهم يتسائل المنصفون أين هم هؤلاء من هم العراق وشعبه ومعاناته، وإذا ما دعتهم جامعة الدول النفطية العربية مع ملحقاتها من الدول الفقيرة كجيبوتي والصومال نراهم يتسارعون لملئ مقاعد الديكور السياسي والمقاعد باسم دويلاتهم وهم ينشطون المؤتمرات واجتماعات وزراء الخارجية العرب ومنظمة التعاون الإسلامي ولا يرفضون الحضور إلى القمة العربية "الإيرانية" ببغداد، وقلما يمتنعون من حضورها إلا بأعذار أقل ما يقال عنها [ رب عذر أقبح من فعل] حين يقولون أنهم لم يحضروا القمة العربية الأخيرة، تضامنا مع شعب العراق ومن اجل وحدة شعب العراق التي مزقتها حكومة المالكي؟.

 

بالأمس تناخت هذه الميكرويات المُدولة في مستعمراتها النفطية، وصرخت على حين غرة بالإحساس بجرح كرامتها القومية، بدأت مناوراتها البحرية والجوية والبرية، واستنفرت معها شركات الحماية الأمنية لاحتلال شوارعها وتأمين قصورها الفارهة. قبلها باسبوع فقط كانت البرقيات تتهاطل على شيخ الإمارات ووزير دفاعها وتتناقلها الفضائيات بأخبار عاجلة معلنة بعد قطع البث العادي بفوز الحصان الانجليزي [قيل من أصل وسلالة عربية] ويركبه فارس انجليزي أيضا لمجرد أن الحصان السعيد تعود ملكيته للأمير الخليجي، كان فوز الحصان عرسا إماراتيا بامتياز لأنه ربح سباق الخيل على مضمار لسباق الخيول في إحدى الدول الإماراتية، مضمار سباق الخيل والحصان والفارس كلهم انجليز، والكل يعملون بإدارة بريطانية صرفة أما الاحتفال فقد كان خليجيا بامتياز.

 

عندما شاهدنا الاحتفالات التي وصفها البعض بعرس القرن الرياضي وسماع البرقيات خلنا أن الإمارات العربية ولدت من جديد، وكأن ضخامة نصوص التبجيل لفخامة "طويل العمر" التي عكستها البرقيات والتهاني العربية والخليجية تُنبئ الناس أن ثمة خلل في العقول، والقوم على دين حكامهم فوارس وفرسان حتى من دون ركوب الخيول المطهمة، لكنهم احتفلوا بمبالغة لا مثيل لها بفوز الإمارات، وتحدث البعض من أن ذلك الفوز سيكون بادرة فأل وخير لاسترداد وزير الدفاع الإماراتي صاحب الحصان المبروك إحدى جزره الخليجية المحتلة، أو بدء الحشد العربي بتلك الخيول العربية وفرسانها باسترجاع الجزر العربية الثلاث أو بعضها من يد الغاصب الايراني.

 

للأسف لم يمهل الوقت أصحاب الفرحة الغامرة وأصحاب الرقصات بالسيوف المذهبة اللامعة وهم يلوحون بالرايات بفخر نيل كأس الفوز التاريخي لذلك الحصان الانجليزي المحظوظ بالرعاية الشاملة، رغم علم الجميع أن الحصان الانجليزي المُشترى كان جاهزاً ومركوباً من قبل أحد الفرسان الانجليز في مضمار صاحب الفخامة والسيادة وزير الدفاع الإماراتي الشيخ محمد آل نهيان، حتى فاجأهم الخبر العاجل التعيس بتدنيس الأطلال الرملية المنسية منذ أربعين سنة بأقدام الرئيس الإيراني محمود نجاد.

 

هذا الشاه الجديد الطامع بعرش إيران الصفوي الكامل الممتد من تخوم أفغانستان إلى ضواحي بيروت الجنوبية والغربية وتشمل رعايته قطاع غزة، وصعدة اليمنية وهو المتطلع إلى تحقيق طموحات الفتح الصفوي على كامل بقية إمبراطورية المشرق العربي، وهو اليوم يبدأ باعلان الضم الرسمي لجزر الخليج العربية، يضمها رسمياً، ويسميها مجتمعة مع بقية أخواتها وجزء من عربستان السليبة "الأحواز العربية" ومع جزر أخرى منسية هنا وهناك لتصبح المحمية الايرانية الخليجية الرسمية بامتياز نجادي اسمها "محافظة الخليج الفارسي".

 

محمود نجاد رأيناه كسابقه، الشاه المقبور، حالم بالتعايش الإستبدادي في مصير الخليج العربي وبحماية أمريكية في السر والعلن. شاه إيران يقوم بجولة سياحية مطلوبة منه في هذا الوقت لكسب الأصوات خلال انتخابات تكميلية لمجلس نواب البازار الإيراني ـ الصفوي. وكأنه يقول للصحابي الفاتح سعد ابن أبي وقاص وللخليفة الاعادل عمر بن الخطاب "رض" : ها قد عدنا يا عمر.. ها قد عدنا ياسعد . عاد الفرس ويخجلون ان يقولوا انهم لازالوا مجوساً ولكن هذه المرة يخترقون بلاد العرب تحت رايات إسلامية متشيعة مشبوهة الاغراض.

 

أخبار جزر طنب الكبرى وطُنب الصغرى وأبو موسى وبجوارهما جزر مستقلة، إضافة إلى الإقليم الاحوازي العربي المحتل، منذ أكثر من قرن بصفقة بريطانية، ستبقى منسية، كما نُسي العراق ودولته، طالما أن دول الخليج لازالت غارقة بهموم حسابات بئرها النفطي أو تدفقات بئرها الغازي، وهي سعيدة بأخبار ريال مدريد وريال الرياض وريال الدوحة ، ولها راياتها الخفاقة في ميادين سباق الخيول، ما بالها والجزر المحتلة قد طواها زمن خؤون وموحش، لكن البركة في حراسات موانئ التصدير الخاصة والتأمين على حياة المارينز في ستيلية، وسلامة خواطر حكام قطر والبحرين وراس الخيمة ودبي الميناء والدولة الشامخة بأعلى برج في العالم... الخ. من الترهات الفارغة وحشد الأسماء الأمريكية التي لا عناوين لها إلا في " الخليج الفارسي" كلها إهتزت لإعلان ترسيم المحافظة الإيرانية الخليجية، وصار الكل يتسائل فيما إذا قد شمل القرار الإيراني ضم بقية المشايخ ، إضافة الى الجزر المحتلة الثلاث.

 

من ينسى العراق تحت الاحتلال الإيراني لا يرى من طنب الصغرى أو أبو موسى سوى بقية من مركب غارق، مثل ذكرى "تيتانيك" ، وسط لجة الصراعات الأمريكية والمصالح الإيرانية وتقاسم الأطماع في ضفاف "الخليج الأمريكي"، تسمية حقيقية له على واقع الاحتلال القائم.

 

البازار النفطي تذكر فجأة الجزر الثلاث وأراد أن يؤكد حضوره في السوق السياسية والإعلامية اللاهية بنقل أخبار الانتفاضات الشعبية في شوارع مدن الفقر العربية. كرر الإعلام الخليجي الوعيد والتهديد بمقاطعة نظام الملالي بطهران، وذكر الامتيازات التي يمكن أن يقدمها الشيوخ والأمراء للبازار الإيراني في حالة تخفيفه من الابتزاز الطائفي والسياسي بتقديم مستحقات الولاء بأرقام فواتير الشركات النفطية وكارتلاتها في الرصيد البنكي الدولي، أو الانضمام إلى الحملة الأمريكية الانتخابية لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي، وصار الاستعداد الخليجي لمقاطعة ايران وسوريا اقتصاديا معلنا بكل الوسائل المتاحة، ومكثفا في إعداد برامج وندوات الإعلاميين العرب المقيمين في الدوحة وابي ظبي والمتربصين بطول السنتهم بهذه المناسبات طلباً للخبز والدولارات وتمديد الإقامات الفاخرة لعدة أيام. فلكل أزمة رجالها ونسائها يا خليج العرب، يا واهب المحار والبترول والردى. رحمك الله يا سياب العراق والعرب، أيها المنسي حزينا في ظلمة ولجة الخليج في ضفاف جيكور المحتلة.

 

العرب بامتياز هم أصحاب الفواتير والحسابات المالية والعنوان الدائم لمقرات استثمار شركات البترول ونقله وتوزيعه على بلدان العالم، سواء بالبيع او مقابل الصفقات بالمجان، عندما تتطلب ذلك المصلحة الأمريكية والبريطانية. العرب يُباعون شعوبا وقبائل وأحلافاً ومشيخات وأحزاب وعمائم وفق التسعيرة الأمريكية في البورصة الانتخابية التي تتكرر كل أربع سنوات، لذلك فخروج البعبع الإيراني من قمقمه كمارد يحاول شفط النفط والجزر مهم بالنسبة للدعاية والتحريض الأمريكي بعد غياب شبح بن لادن وخطابات الظواهري في مثل هذه المناسبات الحميمية عند قرب المواعيد الانتخابية.

 

تظل الولايات المتحدة الأمريكية بحاجة إلى إيران في كل مناسبة تتطلب الحشد الأمريكي الداخلي للأغراض الانتخابية، الملف الإيراني، وملف محاكمات شباب من بلدان الخليج في غوانتنامو في محاكمة القرن لابد أن تتناسق مع لحظة ترشيح أوباما للرئاسيات في نوفمبر القادم ، الى ذلك الحين لا بد من تضخيم عدو إرهابي خطير، وملف نووي كاذب، وتشهير عربي بملفات الفساد. وفي كل الحالات هي فرصة لبيع مخزونات الأسلحة المتبقية في مخازن شركات السلاح الغربية .

 

العدو الأمريكي والإيراني اعتادا اللعبة ويمررونها في كل مرة من على رؤوس العربان في الخليج وغيرهم. كل يخدم مصالح الآخر، ونحن نقتل بعضنا بعضا وندفن قضية الأحياء المقاومين في ساحات الإعلام الممول خليجياً.

 

" سبحان وفاق الدبين" قالها الشاعر مظفر النواب يوماً قبل نصف قرن، صرخة جريحة صادقة، وهو يرى رفاق حزبه السابق يتصالحون مع "الامبريالية عدوة الشعوب" تلك المصالحات الأمريكية ـ السوفيتية طواها الزمن وورثتها جزئيا روسيا الآن في قضية سوريا وغيرها في التلاعب بالمواقف الدولية ومنابر الأمم المتحدة ومجلس الأمن. وعلى نفس المنوال: " سبحان وفاق الشيطان الأكبر وولي الله الفقيه في طهران" أنهم يتفاوضون على النووي ببغداد، هل هناك أكثر من هذا من مكان لا تثار به الشبهات الإيرانية. كل هذا النفاق بهذا الوفاق، ولا يظهر "الحجة المهدي المنتظر" من شقوق أرض العراق.

وفاق الدبين هذه المرة بين تكساس وطهران، والمزرعة التي يتم فيها التوافق هو حدائق المنطقة الخضراء، اقتسام الفريسة تتم في العراق ، فكلما تقدم الراعي الأمريكي ليحلب ناقة من نياق العرب في مراعيهم ونفطهم كان يطلب ابتزازها بالذبح بمدية إيرانية صفوية .

 

وحالنا حال الناقة المسكينة التي لا تستدر حليبها غريزي إلا إذ كان وليدها جائعا ومتواجدا بالقرب منها، وهي تمنحه حليبها راضية حتى وان شربه في تلك اللحظة حلاب غازي أو محتل. وعندما تشم الناقة حوارها ويكون في قرب منها توافق العطاء راضية مستكينة وطائعة على الحلب بطبعها الغريزي، لكن النوق العربية ظلت تشترط في إدرار حليبها من ضرعها إلا اذا لامسه حوارها الذي ولدته عن بطنها وشمت رائحته عن قرب. الحيران العربية ذُبحت في طقوس الولاءات الاستعمارية للعرب نحو جيرانهم، وفي كثير من الحالات ظلت النوق العربية تُحلب وهي مكسورة ومهيضة الجناح او كانت مضللة من قبل أهلها، ولم يبق جنب الناقة العربية في الخليج إلا كيس التبن المغلف لجلد الحيران المذبوحة، يوهمها منح اللبن لإبنها وتقبل استمرار اللعبة القذرة يمارسها الأعراب.

 

وتلك هي الوسيلة الأمريكية المفضلة والوحيدة لاستدرار حليب البترول العربي وخيرات الأرض العربية، تأخذه مدرارا تحت خنجر وشبح التخويف بالذبح الإيراني . التصريح الإيراني في طهران، يكفي لفتح الحسابات وهو الذي يلهب الأسعار في بورصات النفط في باريس وواشنطن ولندن.

 

والتصريح الإيراني بغلق مضيق هرمز يلهب الأسعار ويبيع الأسلحة الغربية الكاسدة في معامل التصنيع الحربي، ويسمح بتدفق تصدير خردة جيوش الغرب وإسرائيل الى مخازن الثكنات الخليجية الخالية من المقاتلين والجند، نشترى أسلحة بلا جنود، جيوش عربية من وهم الفواتير ومناسبات الاستعراضات في معارض بيع السلاح في دبي.

 

الخليجي يشتري سلاحا، حتى ولو كانت حالة السلاح رثة ولا فائدة منه. ويكتفي البعض من الحكام بعرضه في المتاحف أو منحه إلى قطعات الجنود الأمريكيين الغازين لأفغانستان والعراق في حربي 1991 وغزو 2003. وأخيرا وجدت سوق السلاح الغربي ضالتها بتمويل خليجي وأذرع ثوار بحاجة إلى من يحميهم من قمع أنظمتهم فذهبوا الى الاستنجاد بحماية الناتو وطائراته للتحرير وإسقاط أنظمة حلفاء الأمس من الطغاة والمستبدين. أليس درس العراق يتكرر في أكثر من ساحة صار الجلبيون [نسبة إلى العميل أحمد الجلبي عراب الاحتلال] لا يستحون من طلب التدخل والاحتلال لبلدانهم والفاتورة سيدفعها تراكم المال الخليجي.

 

صار تكريس الاحتلال الإيراني وحضوره في العراق وسوريا ولبنان وغزة والبحرين والإحساء والقطيف واليمن في صعدة وحضرموت والصومال وباتت حاجة أمريكية ملحة لتطمين عملائها بحمايتهم، إن أرادوا تشغيل مؤسسات الشركات الأمنية الخاصة. وحدات المارينز وقادتها باتوا مرتزقة للتكليف بتنفيذ المهمات القذرة في أكثر من بلد عربي، وهم يتواجدون بصيغ عدة في هذا البلد أو ذاك في كثير من الأحيان بصيغة مرتزقة ومقاتلين بالمقاولة لتنفيذ أية مهمة قتالية قذرة، وتشتغل عديد الوحدات العسكرية الأمريكية والبريطانية والفرنسية بصفة مقاولات تنفذ لشركات من مثل " بلاك ووتر" ومثيلاتها.

 

ويفتخر كل شيخ أو قبيلة نفطية أو عائلة غازية ومملكة كارتونية، وحتى أبناء وأسر بعض الجمهوريات التي صارت جملوكية بأنهم وقعوا عقودا مع شركة أمنية لحماية قصورهم وسلطاتهم وممتلكات الشعوب التي سرقوها.

 

هكذا نُسي العراق ومقاومته في حُمى أراجيف الخوف العربي من التدخل الإيراني والإحتلالات الالكترونية والإعلامية والرقمية، وصار شبح التلويح بالمخاطر النووية الايرانية الجديدة يقض مضاجع حكام الضفة المقابلة للأحواز العربية المحتلة. كل هذا يتجسد في محنة وضياع العراق عندما أدار العرب ظهورهم ورؤوسهم كلية عن رؤية بغداد وهي تُحتل وتُستباح وتُذبح أمام كامرات فضائياتهم.

 

صار حجم المأساة أكبر من أن تراه حدقات زرقاء اليمامة في قصور نجد والجزيرة العربية المحتلة بكل أنواع الإحتلالات الغربية والأمريكية والصهيونية والإختلالات العقلية في الرؤوس العربية .

بات العرب لياليهم السوداء والبيضاء ولا يتذكرون العراق إلا ماضيا كانوا يفتخرون بانجازات عظمته وكانوا ينتسبون بالفخر الى بيت حكمته، وسيف معتصمه، وفروسية منصوره، وعظمة رشيده . وهم يتذكرون كل ذلك اليوم ويتدثرون كل ليلة برجفة المصائب والأخبار الدموية وتداول الإحتلالات التركية والصفوية بعد سقوط عاصمة الخلافة الإسلامية بغداد على يد هولاكو والتتار المغول.

 

تداول عرب الخليج صفعات الكابوس الإيراني الجاثم ببغداد قرونا صفوية مقيتة لم تنقطع إلا بإحتلالات عثمانية ليصبح العراقيون بعدها عربا مقسمين إلى سنة وشيعة يتحاربون حول أحقية الخلافة بعد اجتماع المسلمين بسقيفة بني سعد، صاروا عربا وشعوبيين أو أعاجم " مستعربين" أو صفويين او مسلمين يمارسون صلواتهم بالتقية ينعتهم كتاب السلاطين حسب رغبة الحكام والمحتلين بالانتساب المذهبي للمحتل.

 

ببغداد المحتلة أو طهران الغازية أو الإستانة الحامية توزعت ولاءات العراقيين. وتلك محنة العراق المعاصرة وريثة عدة قرون من الإحتلالات والاختلالات في البنية الاجتماعية، لكنهم ظلوا على الدوام طليعة وجمجمة العرب وسيفهم، شعب مقاوم يظل دائماً ينتظر لحظة التخمر الثوري، ويستعيد عافيته ووحدته الفورية بتلقائية عند نزول الطلائع إلى ميدان التحرر مبشرين بالثورة الجامحة التي ينحني دائما أمامها سجل التاريخ الثوري الخالد للامم الحرة التي تستحق البقاء والوجود .

 

لم أقرأ مرة ان العرب أغاثوا العراق واسترجعوه من أيادي محتليه فُرسا كانوا ام أتراك أم تتار أو انجليز او يانكيين لقطاء جمعوا من نفايات الجيوش الغازية؛ بل قرأت في كثير من الحالات إن العراقيين هبوا لنصرة العرب في محنهم بدء من عبور نبوخذ نصر إلى القدس ومرورا بمعارك حطين وبطولات صلاح الدين الايوبي في الحروب الصليبية، وانتهاء بملحمة التحاق جحافل وقطعات جيش العراق إلى الجبهة الشرقية في معركتنا الشهيرة ضد العدو الصهيوني في اكتوبر 1973 لإنقاذ دمشق ومنع سقوطها تحت الاحتلال الصهيوني.

 

عقد من السنين الثقيلة مر على العراقيين تكلكلت بظلالها المرة على شعبنا الصابر الكريم، عقد يمر على مأساة بيع العراق في البازار النفطي العربي للأمريكيين ومن خلالهم للإيرانيين ليظل الحاكم العربي مطمئنا على بقاء كرسيه وسلطته في قاهرة المعز، وضمان البقاء لأسرته وتسلطها في غوطة الشام الدمشقية، وموعود بحكم أبناء سلالته أسدا بعد أسد، وذئب بعد ذئب . أصفار النفط وعقالاتهم [ نعت الراحل هواري بومدين شيوخ الخليج بالأصفار " زيروات من جمع زيرو بالفرنسية" ] التي يتم تصفيرها كل مرة أمام صفير الريح العربية العاتية والآتية في انتفاضات فقراء المدن في شوارع المدن الثائرة من اجل حقوق البقاء كبشر لهم حق الحياة واكتساب حقوق المواطنة بعيش كريم على مسقط رأس الناس في قراهم ومدنهم الأصلية المستباحة.

 

شعب العراق يضمد جراحه ويقاوم ولا يعرف عنوانا لمقاومته الا ببغداد الرشيد، حاضرة مقاومات العالم، تدعو العرب إليها للانضمام إلى ثورتها، تذكرهم بشهدائها، وتمسح المسميات الإحتلالية والطائفية باسم التحرير.

 

بغداد ستبقى عاصمة العراق الموحد، حتى وان سماها أعلام الارتزاق " بمسميات التقسيم الطائفي مابين عواصم " المثلث السني " تارة " والمخمس الشيعي" و" المناطق الساخنة" والإقليم الكردي المُبرزن [نسبة الى إمارة برزان مسعود]، وأن محيط بغداد صار حاضنة للإرهاب ، وتابعا لـ "جمهورية العراق الإسلامية"، وأن سلطة المنطقة الخضراء بسفارتيها الامريكية والايرانية تحارب " فلول البعث الصدامي"... الخ من صياغات الابتذال السياسي .

 

والحقيقة تؤكد فقط ان هناك جمهورية العراق، وشعب العراق، ومقاومة العراق، وبوحدة التحرير الصلبة نواجه الإحتلال الأجنبي ونواجه زمر المتسلطين باسم الإسلام السياسي ومذاهبه الطائفية، ومن سموا أنفسهم بمسميات الأحزاب والكيانات من رهط الإسلاميين الطائفيين المتطرفين من دعاة التطرف المذهبي تارة باسم السنة وتارة باسم الشيعة، وهم في الحصيلة عصابات الحاكمين اليوم في جمهورية المنطقة الخضراء المحتلة بحماية اغرب إحتلالين متوافقين في كراهيتهم لأمة العرب .

 

الخط الفاصل بين شعبنا وأعدائه واضح لا يحتاج إلى لجان دولية لترسيم الحدود ما بين العراقي والعراقي الآخر. لا كيانات في العراق سوى العراق الواحد الثائر، أما ما يسمى بحدود عربستان وكردستان وشيعستان وسنيستان فكلها جمهوريات الوهم الأمريكي والإيراني. ستسقط كسقوط جمهوريات الموز الكارتونية في اقرب الآجال وبأقرب هبة جماهيرية.

 

هي جمهورية مقاومة العراق، عربا وكردا وتركمانا، مسلمين ومسيحيين وأرمن وشبك وآشوريين وكلدان. كلهم في الكيان العراقي الواحد، تصهرهم وحدة العراق الجغرافية والتاريخية والحضارية، وأهداف تطلعهم واحدة هو التحرير الكامل من رجس الاحتلال وصنائعه، تبقى صرختهم المدوية إنهم كانوا وسيبقون عراقيين وأحرارا إلى الأبد.

 

قد يظن البعض من الواهمين، أنه لم يعد هناك من جهد عربي أو عالمي يسأل أين شعب العراق وجمهورية العراق التي أسقطها الاحتلال بالغزو والتآمر من جهات عربية وإقليمية. لكن العراق قائم بما أفرزه الاختمار الثوري في سائر الوطن العربي، الكل اليوم يعلمون ان لحظة الثورة قصيرة وأسرع من البرق في توهجها وعندما تنفجر مرة واحدة لا يمكن رصدها بالكامرات الخفية او العلنية للإحتلالين الأمريكي والإيراني.

 

واذا كان بعض العرب قد اعترفوا في لحظة اليأس واعترفوا إن العراق الذي اختطفته العصابات الطائفية لازال رهينة بالمنطقة الخضراء وشدوا الرحال الى قمة النخاسة الأخيرة فإنهم يصطدمون في كل يوم بمدى صلابة شعب العراق وحلمه.

 

بالأمس كان العرب يتحدثون عن ضرورة المصالحات الوطنية بين العراقيين ، وحتى جامعتهم العتيدة بقيادة عمرو موسى فرضت قانونا غريباً على من حضر وذهب الى القاهرة مباركا دعوة العرب في استرجاع وحدة العراق، لكنها للأسف كانت دعوة بعيدة عن المنطق، تجسدت في مطالبة الجامعة العربية بالمصالحة بين المقاومين والخانعين للاحتلال. لم تعترف جامعة العرب ووزراء خارجيتها بثوار العراق؛ بل اعترفوا بكيان حكومة الاحتلال البغيض. وجاء إلى القاهرة يومها عراب الطائفية ووجهها القبيح المدعو إبراهيم إشيقر الجعفري، رئيس حكومة الاحتلال الثالثة آنذاك، لم يستح القول ولم يخجل من فعل زنا المحارم الإحتلالية وراح يطرح نفسه مُنظرا وخطيباً ووقحا،ً راح يشترط على قادة العراق كيفية الخنوع للدخول إلى بيت الطاعة الإيرانية والأمريكية المتحد في خلوة المنطقة الخضراء تحت حماية سلاح المارينز.

 

سكت العرب حين طالبت حكومة المليشيات الطائفية من الثوار بوضع السلاح وقبول الإنخراط في بيت العملية السياسية الكسيحة في العراق. ولما لم يجدوا أي من المقاومين الأحرار من يقبل الجلوس مع خدم الدبابات الأمريكية وشراذم العمائم الإيرانية، بدأ تمزيق العراق، بشكل فضيع. كل يريد حصته الطائفية، ويرسم حدود إمارته وسلطات حكمه الذاتي والطائفي.

 

بعد مسرحية الانسحاب الأمريكي الموهوم من المدن العراقية ليصير الهم الأول سلسلة من الترضيات لاقتسام ما تبقى من مزبلة الإحتلالين الأمريكي والإيراني. الكل يجري ويسعى من اجل المصالحة بين أقزام الاحتلال ما بين برزاني ومالكي، وبين مالكي واليافع الضال بجيش لا هدى له من قم، مقتدى الصدر، وما بين غنج عمار الحكيم ودلال ابراهيم إشيقر الجعفري وتمنع عادل عبد المهدي وتصلب صولاغ ولاءات حاخام براثا، وحسابات احمد الجلبي وطموحات هادي العامري في عصابة بدر، الكل يركض إلى الدخول فيما يسمى اليوم بـ" المصالحة الوطنية". والسؤال هنا يبدو منطقيا من جديد : " من يصالح من ؟؟" ، هل العملاء إذن بحاجة إلى مصالحة بعد ان فرقتهم فواتير المقاولات والنهب المنظم للعراق. وهل لن العملاء اليوم بحاجة إلى الدخول إلى بيت الطاعة الشيعي، ذلك البيت الذي أسسه وسماه أحمد الجلبي بعد إفلاسه السياسي غداة الاحتلال في العراق. الكل مدعوون هذا الأسبوع إلى دخول خيمة التحالف الوطني بشروطها المالكية وقبول السجود في خيمة دولة اللا قانون، هم خلقوا لهم دكتاتورا وهو يريدهم كذلك عبيدا وأزلام وغلمان بقبولهم سلطة حزب الدعوة المالكية المطلقة .

 

ووسط هذا التيه في أروقة المنطقة الخضراء ومصيف صلاح الدين هناك من يجري يمينا وشمالاً لمصالحة مسعود البرزاني مع مام جلال الطالباني وأنو شروان وما بينهما من جحوش الأمس واليوم من عرب وكرد.

 

وإذا كان لا بد من مصالحة وطنية فالعراق فلا بد من تحديد أطرافها تحت قاعدة واضحة وجلية أن لا مصالحة بعد اليوم مع من لم يتصالحوا مع شعبهم وارثه وتاريخه العظيم فقسموا وطرحوا أبماء العراق الأحرار وصاروا هم بمحظ إرادتهم وإمرة أسيادهم خارج الاقواس والبيت العراقي العتيد.

 

ربيع عربي لم نسميه بعد دقيقاً، وكيف هي ألوانه وغنائه ونشيده، لا احد سيجيب حتى الساعة، ربيع تتناقله صفحات الاخبار، زمن موحش لازال العراق فيه خارج الفصول كلها. شرف للعراق أن يكون الفصل الخامس من فصول العرب؛ لأنه اختار لون فصله في صلابة وعصف ريح المقاومة والثورة والتضحية وعدم القبول بالتسويات الدولية ذليلاً.

 

أكثر من عام ونيف، والفصول الأربعة تتالت في مداهمات جدران وزارات الداخلية العربية ومتاريس رجال أمنها، حاكم مصر نزيل سريره في مستشفاه العسكري الرفيع، هو مستمتع بمشاهدات غزوة الجمل وجدالات المسيرات المليونية وزئبقية مواقف الأخوان وانتهازيتهم السياسية للوصول الى السلطة على حساب مواقف الأمس والعمل على تشتيت الثوار الحقيقيين؛ بغية الاستحواذ على أصوات الانتخابات المفبركة.

 

لا أحد يقول لنا لماذا تتعرى الثورات العربية ثورة بعد أخرى؟ هل جزاء تضحيات شباب اليمن أن يأتي ظل صالح رئيساً لليمن الثائر؟؟، ولماذا تتآكل الانتفاضات الشعبية في مهب الأيام المتتالية التي مرت وكأنها أشجار يابسة في عصف نيران الرياح الخريفية، هل لأن الأسد محتمي بظل الفيتو الروسي؟؟ لماذا تنكسر عصي الثورات في مخابر التفكيك الأمريكية لأن بعض اللحي غيرت تسريحتها واصطبغت بألوان من غير الحنة، وتنازلت عن المسواك بفرشاة انجليزية تمضغ معاجين الديمقراطية الجديدة وتبصق بنكران الفضل بوجه الثوار الذين جاؤوا بهم من السجون إلى الساحات على الأكتاف؟ لماذا التراجعات أمام سلطات القمع وعودة ديناصورات الجنزوري الى كراسي الوزارة المصرية ؟؟ هل طابت جلسات التكييف للمسارات الأمريكية وتسارع البعض لتطمين الغرب وإسرائيل على مستقبل التطبيع والبقاء في القطيع؟؟ .

 

نحن نقلق على مصير ثورة عراقنا الأبية أيضا عندما يتم تفكيك لحمة شعوب امتنا العربية إلى مشاهد كارتونية تلفزية ملونة بالدماء وجثث القتلى ومطاردات الشرطة واستمرار المداهمات التي تنقل على المباشر؟ لا بد من هبة جماهيرية واحدة من المحيط الى الخليج عندئذ سنرى العراق على حق عندما تسائل أحراره المنسيين أي ربيع عربي ستتوجه اليه الآلام والآمال العربية هل في القاهرة أم بغداد.

 

لا حل للعرب ولا ربيع إلا الالتفاف حول ثورة العراق وفلسطين واليمن وسوريا واعتماد الخلاص في وحدة مصير عبر قيادات ثورية محنكة عرقت أياديها قبضة البارود، لم تعرف أياديها رجس المصافحات مع الأمريكيين ووكلائهم في صالات فنادق الخمسة نجوم.

 

نحس بالاختناق، وقد تراكمت فوقنا سحب الخريف العربي مشرقا ومغربا من دون نتائج حاسمة، المال النفطي يسيل بالوقت كسيلانات أمراض الانظمة والأحزاب التي تجاوزها الزمن. سحابة إعصار اسود تضلل العواصم العربية المنتظرة لفيض نتائج الإقتراعات والانتخابات والحملات على الفيسبوك والمنتظرة الأخبار القادمة عن فوز ساركوزي أو خصومه من باريس، ومن واشنطن هل القادم سيكون أوباما أم شريكه المرشح الجمهوري، وكلاهما يمثلان الوجه الأمريكي البشع في احتلالات العراق وافغانستان ومصائب امتنا في كل من ربيعها وخريفها.

 

العراق المنسي يدق أبواب الحرية ويزداد جراحا سيقدم كشفا عن ما فعله الديمقراطيون المزيفون . العراق صورة البؤس الإحتلالي الايراني الجديد أين يتعامل العملاء فيه لتحويله الى مستنقع آسن لا يمتلك الناس فيه سوى الدوس على جمرات الاحتلال وتتصاعد منه أبخرة النفط والغاز لتباع وتستقر في جيوب أمراء العصابات الطائفية والإثنية على حساب أرض وشعب العراق ومستقبله.

 

ليست القضية اليوم في العراق قضية تسوية لحدوده مع الكويت ولا ازاحة رصيف من ميناء مبارك، ولا توسط شيخ الكويت في الخروج من البند السابع سواء بقرار أمريكي أو موافقة كويتية ولا استرجاع أسلحة جيشه التي نهبها الإيرانيون وتقاسمتها مليشيات الأكراد الانفصاليين، ولا مناوشات التصريحات لطوائف وكيانات علاوي مع المالكي، ولا اختيار البديل الأنسب طائفيا عن دكتاتورية المالكي واستبداله بمملوك آخر من نفس العصابة الطائفية المحكومة باستلام السلطة بأغلبية وبمباركة المرجعيات الرجعية الغارقة بوحول الاحتلال والولاءات للتبعيات الإيرانية.

 

الكل يخطأ في تحديد اتجاه البوصلة، لكن ثوار العراق لهم قبلتهم الوحيدة هي بغداد الثورة والتحرير، وسوف يخطأ ممن يراهن على الانتظار والتردد ووصول دعم الأشقاء العرب، وما سيفرزه الربيع العربي من حكام جدد .

 

لا جدوى من كل هؤلاء طالما بقي الطنطاوي وريث مبارك الماموث المنقرض، ووريث علي عبد الله صالح ابنه في الحرس الجمهوري ونائبه صار رئيسا، والأسد لازال يغازل هدهده ويكلفه التفاوض ويقيم الانتخابات لمجلس نوابه وسط محارق الشام ومدنها المكلومة، وورث القذافي وزيره للعدل السابق، والملوك يتناولون خيارات تشكيل حكوماتهم ما بين خصاونة الأول وطراونة الثاني ..الشارع العربي يغلي والبركان في مرجل الثورة لا ينطفأ طالما هناك مقاومات وبقي كهان الهيكل السياسي العربي من دون تجذير .

 

البعض يراهن على آخر سيناريوهات وصفقات حركات الأخوان وأبناء عمومتهم، والحركات التي تسيدت الموقف بعدما إختبأت تحت عباءة القرضاوي وكسبت الدعم والضمان التركي والولاء لمتطلبات الغرب في تشذيب الوسطية الإسلامية الى اعتدال ما بعد الحداثة المطلوبة.

 

إن ثورات توجهها فضائيات العربية والجزيرة والحرة والبي بي سي واخواتهما تحت قيادة مايسترو واحد تطالبنا الاعتدال والسلمية في طلب السلطة وقبول الاقتسام والمحاصصة وهو ما يسعى إليه المال النفطي الخليجي في تهذيب سلوك الثوار في الساحات. لكننا نقول لثوار العراق توحدوا واصنعوا ربيع العرب الحقيقي في عنف الثورة واقتحام السلاح للمنطقة الخضراء، لا تسوية مع من رفض المصالحة وحولها مطية للاجتثاث والاعتقالات وتصفية الخصوم.

 

يا ثوار العراق سوف تخطئون في تحديد سلوكيات قادة الجريمة المنظمة سياسياً عندما تنتظرون إلى أمثال حامد المطلك وظافر العاني ورموز الحزب الإسلامي بشقيه العربي والكردي، لا تثقوا من أنهم من امتدادات حركة الأخوان وإنهم يخافون الله في تسلطهم على العباد لكنهم متهالكين على توزيع الموائد السياسية في تلك المحاصصة الطائفية الوسخة.

 

إنهم ومن لف لفهم لن يسترجعوا بثرثراتهم وصفقاتهم كرامتكم ولا يشدون جرح العراق النازف من خلال مؤتمرات ما يسمى بالمصالحة الطائفية التي ترفرف عليها رايات إيران والبرزاني، ويحضر جلساتها السفير الأمريكي ويحضرها من دون استحياء سفراء إيران وممثلي ولاية الفقيه وترى لهم جواسيساً في كل حزب وكيان سياسي في دروب العراق.

 

ما يدعون إليه في " المؤتمر الوطني" هي عودة العمائم والطرابيش والسداير واللحي المعطرة لكي تتصافح من جديد كما بدأت يوماً في مؤتمرات لندن وواشنطن وصلاح الدين، هي ذات الأيادي القذرة التي شاركت باغتيال شعبنا في السر والعلن ورفعت في خناصرها خواتم المرجعيات الطائفية والمذهبية لتوقع على وثيقة تسليم العراق لأمريكا ومن بعدها إيران.

 

" اللقاء الوطني" المرتقب، ليس وطنياً، لان ليس له وطن في العراق؛ طالما أن أصحابه يباتون لياليهم في خيم الاحتلال وشقق السفارة الأمريكية ويصبحون نهارا في صالات البرلمان ويصوتون على بيع العراق لقمة سائغة للقتلة واللصوص والعملاء. انهم يختلفون اليوم لكي يقتسموا بنسب أخرى محاصصاتهم الجديدة على ضوء أرقام الريوع المتصاعدة عن تصدير النفط،إنهم ينهبون بقية الفيض النفطي وإعادة توزيعه كل حسب جرائمه وتعداد مليشياته، ولا فرق بين أزلام القائمة العراقية بيضاء كانت او سوداء أو تكتلات المواقف الرمادية، أو كانوا من دولة القانون أو جيش المهدي أو عصابات بدر، ذهب زمن مباركة خمس المرجعيات وما تدفعه شركات الدول الاجنبية للعملاء وأدلاء جحافل الاحتلال ليلة التاسع من أفريل 2003، رأيناهم كيف يحرثون ارض العراق بفؤوس الفتنة والتقسيم والصراع الدائم.

 

وهم يجتمعون غدا ببغداد الصابرة على ضيمهم، ترضية لتسديد فواتير الإستيراد المتصاعد للبضائع الفاسدة العابرة من حدود إيران أو تركيا وهم يتقاسمون تهريب النفط العراقي ومشتقاته خارج عيون المحاسبة والضبط للدولة المنهارة نفطنا يذهب إلى تركيا وإسرائيل وإيران. هذا ما قال واتهم به حلفاء الأمس بعضهم بعضاً، الكل حليف الشيطان رغم طول المسابح ذات المئة وخرزة واحدة، الكل أمام هيئة النزاهة كاذب ومفتري ومختلس ومتواطئ في الكسب الحرام.

 

المؤتمر الوطني لإعلان اندماج فصائل المقاومة في جبهة وطنية عريضة سيكون من بغداد المقاومة، ولا حليف لشعب العراق سوى بنادق ثواره وضمان وحدة مناضليه . ولا خير يُرتجى من تداول إعلامي بائس يتحدث بشفقة حول أوضاع شؤون شعب العراق. المهم بقاء البنادق العراقية مشرعة لتحرير العراق والأمة في بقية الأقطار التي تنتظر قدوم رياح الثورة العراقية وعصفها القومي .

 

لا رهان على دعم عرب النفط ومشايخهم لثوار العراق في اللحظة الأخيرة أنهم مشغولون بملك البحرين الشقيقين وفي أحوال الشعبين الشقيقين المتقاسمين جناح المعارضة الشيعية وجناح الحكم الملكي على ارض الجزيرة التي يتطلع إليها السعوديون جزيرة للراحة وفتح البارات وشرب الموبقات.

 

لا يهم الإعلام المتناسي لمحنة شعب العراق رحيل الأسد الثاني، أو بقاء ذرية العلويين من بقايا أبناء الشريف حسين والشريف لورنس، ولا يهم أهل اليمن الانتقال بالسلطة من أيادي أهل السنة والجماعة إلى أبناء بلقيس أو بني الأحمر .. ما نراه على مدار الساعة من زوابع وهمية لصراعات الإعلام المضلل تريد نسيان ساحة العراق، معقل الثورة وارض التضحيات الجسام، والتي لم ينشف بعد دماء أبنائها في كل الولايات العراقية على مدار الساعة والدقيقة والثانية .

 

أيها العربان يا من بقيتم متحصنين بآخر قصور بني الأحمر في الأبراج الإسمنتية العالية، في دبي وجدة والرياض، يا من وضعتم طائراتكم المدنية والعسكرية جاهزة لحمل أمتعتكم وخزين سرقاتكم في حالة الإقلاع على طريقة بن علي تذكروا : إن الإعلام والمال والرشوات السياسية والحفاظ على بقايا وزارات داخليات بن علي ومبارك وعلي عبد الله وبشار الأسد وغيرهم. لا يغير كل ذلك الحشد من العنف ضد العزل من تدفق اتجاهات التغيير القادمة من كل صوب ضمن المعادلات العاصفة لمسار التاريخ الحقيقي للشعوب الحية.

 

ولا يبطئ الثورات تدفقها عندما لم تجد في سلميتها حلا مع الحكام وحاشياتهم المحمية بحواجز القمع والمتاريس البوليسية والغازات الخانقة. سيكون السلاح هو المفصل في كل منعطف حاسم للثورات الحقيقية.

 

جيل التمرد قادم رغم تعثره، وان الإمارة الإيرانية الخضراء سعيدة في اقامتها ببغداد فلا تضيعوا جهدا جانبيا يشغل العرب عن أول معركة للمصير موقعها ارض العراق، لا تشغلوا الناس في حروب داحس والغبراء والتحجج بالانشغال ضد الموجة الشيعية والصفوية القادمة من طهران، فأنتم أعجز من تحرير شباب الامة بالملاهي الالكترونية ، وتذكرو من أن التاريخ له عبره في ثورة نوفمبر وتحرير الجزائر 1954 وثورة 14 تموز في العراق وغيرها من الثورات العربية ، انكم واهمون حين ظننتم أن تحرير شعوب الأمة من بعض حكامها سيتم بملاهي الفيسبوك والإنترنيت فالفقراء بلا بيوت ولا كهرباء ولا ماء ولا حواسيب الكترونية، الجوع أبو الكفار دافع الثورة الأول والأخير، والكرامة الوطنية والقومية وقود الحرية الدائم، عودوا إلى رشدكم وتذكروا ان العراق وثورته ومقاومته كان وسيبقى حرس البوابة الشرقية ومربطها الصامد، والعراق المقاوم العنيد هو من يعيد قطار الأمة التائه في خرائط الطرق والسكك الأمريكية والصهيونية والبوصلة ستوصله إلى سكته المطلوبة، وليس الحل بمكان يكمن في أخبار القمم العربية الجوفاء المنتفخة بعاهات الأنظمة العربية.

 

يا أبناء العراق الصابرين المجاهدين لا يغيظكم الحال إن لم يعد يُذكر العراق سوى في لحظات دفق الدم السكوب النابض بالكرامة، دم العراقيين وشهداء مقاومة العراق من كل الجنسيات العربية يطالب بمصالحة العراقيين مع أنفسهم ومع العرب، ويقطع الأيادي التي زحفت يوما لتستجدي من أُعطيات ريوع فنادق لندن وباريس وطهران ، وهي تُنصب كروشها اليوم حكاما على بلد الرشيد.

 

و إن غدا لناظره قريب

 

 





الجمعة٢٠ جمادي الاخر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١١ / أيــار / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ا.د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة