شبكة ذي قار
عـاجـل










بعضهم يرى أن أحداث التاريخ إذا تكررت أو تطابقت، إنما يأتي ذلك من قبيل الصدفة، ولا يرضى بمقولة إن التاريخ يعيد نفسه. قد يكون هذا الرأي صحيحاً لكن التطابق في احتلالي العراق في عامي 1258م و2003م يجعل الرأي المخالف لرأي هذا الـ (بعض) يرجح، فبعد مراجعة المصادر التاريخية في غزو التتار لبغداد وجد أن ثمة شبهاً تاماً بين غزو التتار والمغول والغزو الأمريكي البريطاني للعراق في الأحداث الرئيسة والتي لم يتعرض العراق وبغداد لأخطر منهما.

 

فأمريكا وبريطانيا اجتاحتا أفغانستان في طريقهما إلى العراق، والمغول والتتار اجتاحوا مملكة خوارزم في طريقهم إلى بغداد، وأمريكا تحالفت مع بريطانيا في حربها على العراق، وتحالف المغول والتتار في حربهم على بغداد، وجرى في احتلال أمريكا محاصرة بغداد من الشرق والغرب، وفي احتلال المغول والتتار جرى حصار بغداد من الشرق والغرب أيضاً، وبدأ غزو العراق في 16 محرم، كما بدأ غزوها يوم كانت عاصمة الخلافة العباسية في 16 محرم سنة 656هـ ـ 1258م.

 

ودخل الأمريكان بغداد يوم 7 صفر، ودخل المغول والتتار بغداد 7 صفر، وانهارت مقاومة الدولة يوم الأربعاء لتبدأ المقاومة الشعبية، وفي غزو المغول والتتار انهارت مقاومة الدولة يوم الأربعاء لتبدأ المقاومة الشعبية، وكانت مدة الغزو الأمريكي 21 يوماً حتى احتلال بغداد، ومدة الغزو التتري المغولي احتلال بغداد- الخلافة كانت 21 يوماً، وفي الغزو الأمريكي كان هناك تفوق عسكري هائل يقابله تفوق عسكري هائل في الغزو التتري المغولي. واستباح الأمريكان العراق مع عملاء لهم فسلبوا ونهبوا وأحرقوا المكتبات والمؤسسات والعلوم والمتاحف وسفكوا الدماء وقتلوا الرجال والشيوخ الأطفال والنساء، واستباح المغول والتتار بغداد مع قوم جاءوا من أنحاء عدة سلباً ونهباً وحرقاً لمكتباتها وضياعاً للعلوم وسفكاً للدماء وقتلاً للرجال والشيوخ الأطفال والنساء. وتآمر خونة ادعوا أنهم عراقيون مع الأمريكان وحرضوهم على غزو بغداد وزينوا لهم ذلك، وتآمر ابن العلقمي والمقربون وقومه مع المغول والتتار وحرضوهم على غزو بغداد وزينوا لهم ذلك.

 

وتوقف الناس عن أداء صلاة الجمعة في أول جمعة بعد الاحتلال الأمريكي خوفاً، كما توقفوا عنها خوفاً في أول جمعة بعد الاحتلال المغولي التتري. واستولت أمريكا على آبار النفط وثروات العراق الطائلة، كما استولى المغول والتتار على أموال طائلة من الخلافة العباسية.

 

وهددت أمريكا سوريا بالغزو بعد احتلالها العراق، وواصل المغول والتتار زحفهم نحو الشام لغزوها. وأصبحت أمريكا في وضع لا يحسد عليه في العراق بعد سنتين من الاحتلال بفعل المقاومة الشعبية، وبعد سنتين في رمضان سنة 658 هـ خسر المغول والتتار في الشام كل شيء من هيبة وتفوق عسكري في معركة عين جالوت الكاسحة على أيدي المسلمين من الجيش المصري وما تبقى من جيش الشام والمتطوعين. وملأ الأمريكان الدنيا أكاذيب وافتراءات بعد احتلالهم العراق عن قوتهم ومقدرتهم وشجاعة جندهم، وثقها الدكتور عبدالستار الراوي في كتاب صدر له حديثاً بعنوان ( معجم العقل السياسي الأمريكي المعاصر ـ مصطلحات الحرب العدوانية على العراق ) ، وملأ التتار والمغول كتب التاريخ بالأكاذيب والافتراءات بعد احتلالهم العراق عن قوتهم ومقدرتهم وشجاعة جندهم.

 

فماذا يقول الآن من يقول إن مقولة التاريخ يعيد نفسه محض خرافة وهراء؟

 

 





الخميس٢٨ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٢ / أذار / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سلام الشماع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة