شبكة ذي قار
عـاجـل










 بسم الله الرحمن الرحيم

) يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ( ([1])

 

 

 

طفلتين عراقيتين بيدهما صورة والدهما المقتول والمُدمى في رأسهِ والمبتوره ذراعيهِ مِنْ الأعلى... ضحية مِنْ ضحايا "السجون السرية" للاحتلال الأمريكي والحكومات العراقية الطائفية السادية... كيف سينشأ أطفال العراق وهم على هذا الوضع المأساوي...؟!

 

مُفاجآت أشكال قتل شعب العراق تقشعرُ لها الأبدان، وتستهجِنُها الإِنسانية برُمتها، إِلا مَنْ كان على ذاتِ منوال الاحتلال الأمريكي والحكومات العراقية التي نصّبها سيما "حكومتي المالكي" الأولى والثانية.

الحكم بحدِ ذاتهِ ليس مزاجاً شخصياً لحاكمٍ ما، أو فرض دكتاتورية رؤى حزب الأغلبية، أو تكتل الأغلبية.

 

 الحكم امتحان دنيوي وأخروي عن مدى قدرة الحاكم الابتعاد عن "المظالمِ" والعمل على رفاهيةِ رعيتهِ، وقد كان المُفكر الكبير "مُنتسيكو" على حقٍ عندما قال: “إذا أردت أن تعرف أخلاق رجُلٍ فضع السُلطة في يدهِ ثم أنظُر كيف يتصرف.“.؟!

 بمسلكي "تزوير الديمقراطية"، و "قهر صناديق الاقتراع"، وبإِتفاق علني أمريكي-إيراني طائفي، تربع على عرشِ الحُكم في العراق "نوري المالكي"، الذي بدوره لَمْ يترك "فعلاً أو عملاً دونياً" يعتبُ عليهِ لاحقاً، لَمْ يقُمْ بهِ مِنْ أجل بقاءهِ في السُلطة، فكان حُكمُهُ بمثابةِ "فناء للحقِ وتعميمٌ للظُلم".؟

 

مُنظمة "هيومن" كشفت في تقريرها السنوي العالمي لسنة 1012 الذي جاء في 676 صفحة قيّمت فيهِ المُنظمةِ المذكورة التقدم الذي تم إحرازه على مسارِ حقوق الإنسان خلال العام 2011 في أكثرِ مِنْ 90 دولة، والذي أصدرته في شباط/فبراير 2012 أماطت فيهِ اللثام عن “ مركزِ احتجازٍ سري تُسيطر عليهِ قوات أمن نخبوية مسؤولة مِنْ مكتبِ رئيس الوزراء نوري المالكي مُباشرة“. نفس الوحدات النخبوية تسيطر على "كامب أونور"، وهو مُنشأة منفصلة في بغداد يُعذب فيها المحتجزين في ظلِ الإفلات مِنْ العقاب.

 

وكانت مُشكلة القسوة في السجونِ – بما في ذلك التعذيب في منشآت الاحتجاز – مشكلة كبرى على مدار العام، ففي فبراير/شباط 2011 كشفت هيومن رايتس ووتش عن وجودِ “ مركز احتجاز سري داخل قاعدة كامب جاستس العسكرية في بغداد تديرهُ قوات أمن نخبوية مسؤولة مُباشرةً مِنْ مكتبِ المالكي العسكري.“. بدءاً مِنْ أواخر 2010 نقلت السلطات العراقية أكثر مِنْ 280 محتجزاً إلى تلك المنشأة التي تسيطر عليها الفرقة 56 مِنْ الجيش ووحدة مكافحة الإرهاب.

 

نفس الوحدات النخبوية كانت تسيطر على "كامب أونور"، تعرض فيها المحتجزون للتعذيب مع الإفلات مِنْ العقاب، وهناك أكثر مِنْ 12 محتجزاً سابقاً في "كامب أونور" ذكروا لـ هيومن رايتس ووتش: "إن المحتجزين هناك يُحتجزون بمعزلٍ عن العالم الخارجي في ظروفٍ لا إنسانية، لشهورٍ في بعضِ الأحيان. قال المحتجزون إن المُحققين دأبوا على ضربهم وتعليقهم في وضعٍ مقلُوب لساعاتٍ، وصعقهم بالكهرباء على مُختلفِ أجزاء الجسد، بما في ذلك منطقة العضو التناسلي، وتكرر وضع أكياس بلاستيكية فوق رؤوسهم إلى أن يفقدوا الوعي مِنْ الاختناق."؟!.

 

السيدة "سارة ليا ويتسن"، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش"، أكدت أن: "قوات الأمن في العراق، لا سيما في مراكزِ الاحتجاز، تنتهك الحقوق الإِنسانية مع تمتعها بالإفلاتِ مِنْ العقاب، وكثيراً ما تشيح الحكومة بوجهها عما يحدث، على الحكومة أن تضمن وجود تحقيقات جنائية فعالة، ومُلاحقات جنائية لأي شخص مسؤول عن التعذيب أو غيره مِنْ الانتهاكات". ([2])

 

دكتاتورية "المالكي" شخصتها بدقة تقارير مُنظمة "هيومن" وغيرها مِنْ المنظمات الأُممية، وجاء هذا التشخيص مِنْ قبلِ السيدة "سارة" أيضاً، التي أكدت رؤيتنا أعلاه عن "دونيةِ المالكي"، بقولها: “ العراق ينزلقُ سريعاً إلى الدولةِ السلطوية القمعية، مع إساءة قواته الأمنية إلى المُتظاهرين ومضايقتها للصحفيين. رغم تطمينات الحكومة الأمريكية لأنها ساعدت على تهيئة نظام ديمقراطي مستقر، فالواقع يقول إن العراق في طورِ بدايات الدولة البوليسية".“، والتعبيرين ""دولة سلطوية قمعية" و "بدايات الدولة البوليسية" أعلاه، يؤكدان على المنهج المُخطط والمُنظم للاحتلال والحكومة العراقية في ديمومة "محرقة الموت" العراقية اليومية، فضلاً عن "التعسُفِ والقهر" الذي يتعرض لهُ وطنيي العراق الرافضين لإستراتجيةِ الاحتلال الأمريكي في العراق، ولـ "دونية المالكي وحزبه الطائفي"، فضلاً عن أن التاريخ قد أرخ، سواء على مستوى العراق، أو المستوى الأُممي، أن :"حُكم المالكي" هو الأكثرُ سوءاً في تاريخِ العراق، والأكثر دمويةً وإِرهاباً، وانقياداً وتبعية للأحتلال الأمريكي-الإِيراني، فكان تعدد السجون السرية، وتعذيب آلاف المعتقلين فيها لحدِ مُفارقة الحياة مِنْ مُنجزاتهِ، ولا غرابة في ذلك، فهذه مِنْ سماتِ "حكومات إِبليس" التي جاء ذكرها في تراث المذهب الإِمامي، الذي يحكمُ "المالكي" باسمهِ، وبمُباركة مرجعيته الحوزوية.

 

أختم بدعاءٍ مِنْ الأدعيةِ التي ذُكرت في تراث "المذهب الإِمامي الأثني عشري" الذي يحكم العراق منذ عام 2003، وما المظالم التي يشهدها شعب العراق، إِلا تحصيل حاصل لصمت مرجعية ذلك المذهب عن الإِفتاء بعدمِ شرعية القائمين على حُكمِ العراق جراء مظالمهم، بعد أن صمتت تلك المرجعية عن "الإِفتاء بالجهادِ" ووالت قوات الكفر الأمريكية في غزوها واحتلالها، وأتمنى الدعاء بهِ مِنْ قبلِ مَنْ تعرضوا لظُلمِ الاحتلال وحكومتي المالكي وما أكثرُهم، فلا حجاب بين الله  ودعوة المظلوم.

 

الدُعاء ذكره الشيخ "أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي 385-460 هـ" المُلقب بشيخ الطائفة"، بروايةٍ تضمنت: «.. قال: حدثني أبي موسى بن جعفرr، قال: جاء رجُل إلى سيدِنا الصادق جعفر بن محمد r فشكا إليه رجُلاً يظلِمُهُ، قال لهُ: أين أنتَ عن دعوةِ المظلُوم على الظالمِ التي علمها النبي (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) لأميرِ المؤمنين r.؟ ما دعا بها مظلُوم على ظالمهِ إلا نصره الله Y عليهِ وكفاه إياهُ ، وهو: " اللهم طمه بالبلاءِ طما، وعمهِ بالبلاءِ عما، وقمهِ بالأذى قما، وارمهِ بيومٍ لا معاد لهُ، وساعةٍ لا مرد لها، وابح حريمه، وصلِ على محمد وأهل بيته وصحبه، واكفني أمرهُ، وقني شرّهُ، واصرف عني كيدهُ، واجرح قلبهُ، وسُدَّ فاهُ عني، وخشعت الأصوات للرحمنِ فلا تسمعُ إِلا همسا، وعنتُ الوجوه للحيِّ القيوم، وقد خاب مَنْ حمل ظُلما، اخسئوا فيها ولا تكلمون " صه صه ، سبع مرات. ([3]).

 

 

هوامش :

ـــــــــــــــــــ

[1] غافر/52، تفسير الآية الكريمة كما وردت في تفسير الجلالين المُحمل على قرص كمبيوتري: ((52 - (يوم لا ينفع) بالياء والتاء (الظالمين معذرتهم) عذرهم لو اعتذروا (ولهم اللعنة) البعد من الرحمة (ولهم سوء الدار) الآخرة أي شدة عذابها..Facebook Like
[2] منظمة هيومن رايتس ووتش http://www.hrw.org: العراق: حملة قمع حرية التعبير والتظاهر تشتد.. ما زال المشهد العراقي تعذيب وسجون سرية وهجمات على المتظاهرين، يناير 22, 2012. أنظر الرابط الإِلكتروني: http://www.hrw.org/ar/news/2012/01/22Facebook Like
[3] محمد بن الحسن الطوسي، الأمالي، تحقيق قسم الدراسات في مؤسسة البعثة، طبع ونشر دار الثقافة، ط1(قم-1414هـ)، رواية تسلسل 523 / 61، ص274. Facebook Like

 

 





السبت١٦ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٠ / أذار / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور ثروت الحنكاوي اللهيبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة