شبكة ذي قار
عـاجـل










أعجب من أن الكثير من الناس, ولأسباب بعيدة عن المنطق والتاريخ والفهم السياسي السليم, ما زال يعتبر ما يجري في محمية الكويت من حراك سياسي, قبلي عشائري وطائفي, بالعمل الديمقراطي"الوحديد" في المنطقة الذي ويستحق المتابعة والاهتمام المطلوبين. ولو أن آمارةآكلي المرار, أقصد الكويت الشقيقة جدا, شأن وصوت ودور ولو بسيط على أي صعيد, باستثناء الدور التخريبي والعدواني أزاء العراق, لقلنا إن تلك الامار هي فعلا واحة للديمقراطية في المنطقة. حتى وأن إقتصرت إنتخاباتها"النزيهة جدا" على أقل من ربع سكّانها, وعلى الذكور فقط.


لكن الحقيقة التي يتناسها الناس, بسبب زحمة الأحداث وتتابعها المرير في المنطقة, هي أن إمارة الكويت, منذ أن إحتلّها الجيش الأمريكي وحوّلها الى قاعدة دائمة له, كفّت عن أن تكون دولة. علما بأنها في السابق لم تكن ولم تتوفّر فيها مواصفات وشروط الدولة. بل إن حكّامها العملاء, من عائلة آل الصباح, سلّموا بكل رضا وطواعية وإمتنان, أمورهم بيد سادتهم الأملريكان والأنكليز. وإختصر دورهم, وهم طبعا مشكورون ومدفوعو الأجر من قبل الادارة الأمريكية, علىإدارة الشؤون الادارية والمعيشية للمواطنين.


وهاهي ديمقراطية إمارة الكويت, في نسختها الأكثر جاهلية وتخلّفا وإنغلاقا, نتنج برلمانا آو مجلس"أمّة"محصورا على الرجال فقط. ولم تحصل المرأة, والتي تعتبر نصف المجتمع بل أكر من ذلك في بعض المجتمعات, حتى على مقعد واحد. وبالرغم من أن ما يٍُسمى بالمعارضة الكويتية حقّقت فوزا ساحقا, على مَن يا ترى؟, الاّ أن النواب الجدد سوف يعيدون عملية الكر والفر مع الحكومة التي تمسك بزمامها عائلة آل الصباح, في لعبة صبيانية لا نهاية لها تسببت في إسقاط الحكومة خمس مرات في أقل من ثلاث سنوات, في فصول مسرحية هي خليط بين الكوميديا البائسة والضحك على الذقون وبيع الأحلام في وضح النهار.


ولا ندري متى كان لما يُسمى بمجلس الأمّة في إمارة الكويت "العظمى" تأثير أو دور حقيقي غير كونه ديكورا ذكوريا تعافه حتى عيون العابرين. لأن هذه الأمارة المُصابة بمرض الحقد والحسد أيضا, لكونها مصطنعة وبلا شرعية, عاجزة عن إثبات وجودها السياسي والاعتباري على خارطة العالم اللّهم باستثناء آبارهاالنفطية التي تحرسها وتدير شؤونها العائلة الحاكمة لحساب المالكين الحقييين في واشنطن ولندن. وبالتالي فإن إنتخابات الكويت, التي تخلّلتها إتهامات متبادلة وعراك لفظي وجسدي في أروقة الديوانيات والخيام وحرائق متعمّدة, وهي أحدث موضة ديمقراطي في إمارة آكلي المرار وشاربي رحيق الدولار, سوف لم ولن تـاتِ بجديد حتى للقلّة من الكوايتة من ذوي الدم الأزرق!


إن الطبيعة القبلية والذهنية المتحجّرة والتخلّف الثقافي والسياسي والتهميش والاهمال الذي تعانيه هذه الامارة, وهي تستحقّه بكلّ تأكيد, من قبل شقيقاتها المجاورة, جعل كل ما يجرى فيها من أحداث"مهمّة" كالانتخابات البرلمانيةأمرا لا يستحقّ أدنى أهتمام من أدنى مسؤول في العالم.


وحتى لو إدعت وروّجت ما يُسمى بالمعارضة الكويتية التي فازت باعلى نسبة من الأصوات عن عزمها وسعيها الحقيقي للاصلاح السياسي ومحاربة الفساد, الذي هو ملح ونكهة الحياة السياسية في إمارة الكويت, فاننا سنكتشف بعد بضعة أشهر بان حليمة في الكويت عادت الى عادتها القديمة. وأن لا شيء تغيّر في أخراج وسيناريو وتمثيل كوميديا "الدمقراطية الكويتية" سوى تغيير بعض الوجوه وإضافة أضواء ومؤثرات صوتية ومرئية جديدة, وإعادة طلاء وتصميم الديكور السابق لأرضاء السيد الأمريكي المولع حتى الجنون بايةإنتخابات في بلاد تدور في فلكه الدوّار.


mkhalaf@alice.it

 

 





الثلاثاء١٤ ربيع الاول ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٧ / شبــاط / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب محمد العماري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة