شبكة ذي قار
عـاجـل










ترتفع الحرارة في المناخ السياسي العربي عموماً لتصل إلى مرحلة بداية الحسم في بعض الأقطار، بعضها سيأخذ شكل الاضطهاد السياسي والآخر فوضى ثورية ستدفع فاتورتها الجماهير.


والوصول إلى مرحلة حصد نتائج الرخاء الاجتماعي والاقتصادي بحاجة إلى سنوات طويلة من الاستمرار بالنهج الثوري الشعبي والتمسك بالثوابت والمنطلقات الوطنية.
في مصر مخطط استعماري ينفذه المجلس العسكري بتعاون الإخوان المسلمين وحلفائهم، والشعب يرفض بقاء المجلس، والنخب السياسية الأخرى ترفض أيضاً وتقود الحراك ضمن رؤيتيين، المجموعة الأولى فهم ما يجري وقراءة متأنية وعميقة للأحداث وتحرك بمستوى المصلحة الوطنية العليا بإنكار الذات،و مجموعة الرؤيا الثانية تتضمن معرفة حقيقة ما يحدث مع طموح شخصي للشراكة في الحكم أو الاستيلاء الكامل على الحكم.


وقبل الخوض في التفاصيل، تعيدنا الذاكرة وتسلسل الأحداث إلى نقطة ما بعد الصفر عندما بدأت الأحداث في مصر تصل إلى نهاية طريق إسقاط النظام،شرعت الإدارة الأمريكية للطلب من (مبارك) تعيين قائد الجيش الذي كان يتواجد حينها في (واشنطن) بزيارة رسمية نائباً وتفويضه بجميع صلاحيات الرئيس، ورفض(مبارك) وعين (سليمان) نائباً وفوض إليه صلاحيات الرئيس كاملة، فاستمرت الثورة،حتى تنحى بصورة كاملة عن الحكم وعين (طنطاوي) رئيساً لمجلس عسكري يحكم،بقرار من نظام سابق وبموافقة شعبية.


وجاءت بعدها نتائج انتخابات مجلس الشعب، لتعبر عن حقبة قمع واضطهاد استمرت لعقود. والنتائج لم تعبر عن إرادة المصريين الحقيقية بل كانت ردة فعل على الحقبة التي ذكرنا.
الإخوان المسلمين لم يشاركوا في بدايات الثورة، ولم يشكلوا في انطلاقتها أي رافعة من روافعها، بل لحقوا بها لقطف ثمارها ، فقد انشغلوا منذ البداية بإعادة ترتيب صفوفهم، وتعزيز تواجدهم بين طبقات الشعب المختلفة، وترتيب قوائم المستفيدين من هيئاتهم وجمعياتهم الخيرية.


لا شك أن الأحداث في تونس فاجأت الجميع، وبخاصة القوى الاستعمارية، ومنهم الإدارة الأمريكية، وسارعت الأخيرة إلى وضع خطط تضمن بقاء وجودها، معتمدة على عنصرين(الإخوان المسلمين/الجيش)، وقبل الخوض بهذا لابد من فهم معادلة القوى الاستعمارية، بتناول وضع الدول العربية قطرياً، فهي تتعامل مع دول جوار فلسطين المحتلة معاملة خاصة، تختلف عن الدول الأبعد نسبياً، وفي هذا تفاصيل كثيرة، المهم أن لكل دولة حساباتها الخاصة التي يحددها حجم المصالح الاستعمارية فيها وحولها.


فاستلام الجيش للسلطة في تونس والإسراع في الانتخابات كان حالة طبيعية، أما في مصر له شروط مختلفة من أهمها ترتيب الأولويات لضمان امن الكيان الصهيوني.
فالضامن الجيش لما يتمتع به من تأييد شعبي واسع، ويأتي دور الإخوان كأداة حكم بالولاية عن الجيش.
عندما اشتدت الثورة طلب(مبارك) من الجيش التدخل، إلا أن قيادة الجيش رفضت بنصيحة من الاستخبارات الأمريكية.


ما أريد توضيحه هنا، أن الإستراتيجية الأمريكية في السيطرة،كانت تعتمد على منظومة حكم فاسد، إلا أنها وبعد تجربتها في العراق، ومحاولاتها لشراء قادة الجيش، أو رجال الدولة، وكان فشلها في هذا قاسي، فعمدت منذ تلك اللحظة وخاصة في دول ذات النظام الفاسد، على الاتصال المباشر مع قادة الجيش باستقلال عن القيادة السياسية والأمنية.


وكانت أيضاً بحاجة إلى سيطرة شعبية، من خلال تنظيم برغماتي، يستطيع الحراك ضمن الخطة دون نقاش، لهذا اختيرت جماعة الإخوان المسلمين ،الذين تعهدوا من خلال الحكومة التركية القناة الرسمية للتعاون وتلقي الأوامر، بعدم تجاوز السقف والخطوط.


في مصر اليوم الصورة ضبابية،فتخلي المجلس العسكري عن الحكم لن يكون إلا وفق الخطة الاستعمارية، التي تضمن امن الكيان الصهيوني ، وحتى لحظة الانتهاء من الترتيبات النهائية للبدء بإنهاء القضية الفلسطينية وما بعدها أيضاً، والتي بالفعل بدأت بما أعلنه (خالد مشعل) رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس)، عن عدم نيته للترشح مرة أخرى، وجاء الإعلان في الاجتماع المغلق للمكتب، ورفضت رغبته من جميع الأعضاء،وفي حال نفذت الرغبة سيكون (إسماعيل هنية) الأوفر حظاً، مما يضاف للثقل العسكري والتنظيمي ثقلاً جديداً للحركة في القطاع،ويعني هذا حصر الحركة في القطاع، وعزلها عن الضفة الغربية، وإعطاء المجال لقيادة حركة (فتح) لتمرير كل القرارات والتوصيات تمهيداً لتصفية القضية.


ويعارض النظام القطري رغبة (مشعل) ويدفع باتجاه إقامة مشعل داخل القطاع، وبقائه في منصبه القيادي الحالي.
عندما أشرنا بمقال سابق إلى حكم قيادة الإخوان الدولية لصالح الحركة،بالخلاف التنظيمي بينها وبين أخوان الأردن، قلنا حينها أن الحركة ستخرج من عباءة الوصاية الإيرانية، وستكون ضمن المعسكر السني لمواجهة (إيران) ، وخاصة أن تنظيم الإخوان بكل فروعه، صار جزءاً مهماً من المعسكر، وبقيت (حماس) لفترة محدودة خارج المعسكر، لتشعب علاقاتها مع المعسكرين، ومهمتها اليوم، تحجيم ومحاصرة حركة (الجهاد) في القطاع وعزل سكان مخيمات اللاجئين في لبنان عن أي اتصال مع (حزب الله)،مما يعني تجريد (إيران) لأحد قواعدها في أي اشتباك مع أي طرف.


وما يحدث وسيحدث اليوم، ليس من منطق المؤامرة على الحركة بل بموافقة الأطراف كلها.
الأحداث تتشابك، لهذا يظن القارئ أن المقال يخرج من دائرة مغلقة إلى أخرى، مع أن الواقع منافي لهذا فالدوائر متداخلة والأحداث تتسارع والمخطط الاستعماري ينفذ ضمن خطة محكمة،لن يوقفه إلا الانتفاضة الشعبية تحت عنوان التحرير والعودة.


ما يحدث اليوم في مصر يتعدى المطالبة الشعبية في حكم ديمقراطي مدني، ما يحدث هو تقرير مصير المنطقة العربية برمتها، وبخاصة القضية الفلسطينية.


إن النخب السياسية الغير مرتبطة بأي طرف من أطراف ثالوث عداء الأمة العربية في مصر،عليها أن تنشط اليوم باتجاه توعية الشارع المصري، بحقيقة ما يحدث وأن حراك المصري في الشارع اليوم لإسقاط المجلس العسكري، هي ضمانة استمرار قضية فلسطين، كحالة وجودية لا حالة افتراضية.


صمود المواطن العربي في مصر، هو الذي سيفشل المخطط الاستعماري، وسيعطي أيضاً غطاء شعبي عربي لإعادة بناء الدولة الوطنية في العراق، ولنا في هذا مقال خاص.

أن إسقاط المجلس العسكري في مصر، هو إسقاط لعنصري المخطط الاستعماري ( الإخوان / الجيش )، وهو بالتأكيد إعادة الجيش إلى مكانه الطبيعي كحامي للسيادة والكرامة والمدافع عن الحقوق الوطنية وصمام الأمان، وتطهيراً له من الهيمنة الاستعمارية.


فالمراهنة اليوم على صمود المواطن العربي في مصر حتى إتمام عزل المجلس العسكري عن الحكم، وإقامة النظام الديمقراطي المدني،هو إفشال للمخطط، وتمهيد لثورة شعبية عربية تحقق الحرية والوحدة.



00962795528147

Etehad_jo@yahoo.com

 

 





الخميس٠٩ ربيع الاول ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٢ / شبــاط / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الله الصباحين نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة