شبكة ذي قار
عـاجـل












ألا تَبتَهجُ عُيونُكُم عِندما تَرون المُروج والرّوابي المُوشاة بِالأعشاب والأزهار الزاهِية؟! ألا تَفتنكُم خَيوط الشَمس الذّهبية وهي تَنسلُ مِن خِلال السُحب الفِضّية؟! ألا تَسُركُم رُؤيَة فَراشَة تَخفِقُ فَوقَ رَوضَةٍ مُزهِرَة؟! ألا تَطرَبُ اذانُكم لِخَرِير الماءِ وتَغريد العَصافير وحَفيفِ أوراقِ الأشجار؟! ألا يَنشرِحُ صَدرُكُم لِرَوائِح التُربَة النّدِيّة وشَذا الأعشاب وأريج الأزهار؟! لا شَكّ في ذلِك.


أذاً أين هذه البَهَجةُ والعالمُ مَلان حُروباً وكَراهيِة ومُنازَعات؟! فالفِتنة تَتَفشّى حَولَنا كالوّباء ولا يَتَردّدُ البَعضَ في أستِخدام أشنَع الأسَاليب لِتعذيب وخَطِف وأعَتِقال وقَتل النَاس دون رَحمة حَتى يُمزق الهِجرُ العَائلات لِتَطوف الكون الفسيح مِن مَشرِقه الى مَغرِبه كالأسَماك التي تَسبح في المُحيطات والطيور التي تُحلق في أسَراب.


ألا يَبدو تَناقُضاً أن تَكونَ الحَياةُ في الغالِب مأساوية جِداً فيما يَرغَب المَرء طَبيعياً في التَمتُع بِها؟! لقد جاهَدَ العَرّب الفَلسَطينيين والعِراقيين طَوال السَنوات المَاضِية لِيَتَغلّبوا على العَقَبات التي غَالباً ما تُنَكدُ عَيَشَهُم ولكِن دُون جَدوى, فما هو السَبب يا تُرى؟!


الأيمان..الأيمان الحَقيقي عِندّما نَتَسلّمُ رَسائِلَ مِن أحِبائِنا نَشتاقُ الى قِراءَتِها لأنها مُرسَلةً بِاللغة العَرّبية, الأيمان الحَقيقي عِندّما نُخاطِب أحِبائِنا ونَشعُر بِالسَعادة معهم لأن لِسانهُم عَرّبياً, الأيمان الحَقيقي عِندما نَدرِك بِأن القُران الكريم جَاءَ كالزهرة الجَميلة بِرائحة ونَكهةً عَرّبية.


في سَنة 2009 ميلاّدية, طَلبت أختٌ أجنبية نُسخةً مِن كِتاب القُران الكريم فأهديتها الكِتاب بِلغتها الأم, وأذ أتفاجأ بَعد مُدة بِأن الكِتاب لا يصلُح لها لِتعدد فِهم مَعنى تَرجمات الكلمة العَرّبية في لُغتها الأصلية, فأدركتُ حَينها سِر الكِنز الذّي وهبه الخَالق الى العَرّب والأمة الأنسانية فيما لو أجدّنا اللغة العَرّبية والأنتِماء لها.


في العِرّاق هُنالِك عَرّب شيعّة وسُنة وحَتى مِن أهلنا الكُرد والتُركمان يَجيدّون قِراءة وفَهِم القُران الكُريم بِاللغة العَرّبية, في العِرّاق أيضاً هُنالِك كِلدانيون وأشوريون وأرمن ومِندّائيون يَجيدّون قِراءة وفَهم القُران الكَريم بِاللغة العَرّبية الى جَانب الأنجيل وكنزا ربا, وجَميع هؤلاء تَعايشوا وتَصاهروا مَع أخوتهُم العَرّب مِن النَازحين الفَلسَطينيين في بَغدّاد ونينوّى والبَصرة مُنذُ نَكبة فَلسطين سَنة 1948 ميلاّدية ولِغاية اليوم.


بل أن الكثيرين مِنهُم تزاوجوا مع القَضية الفَلسَطينية ولم يُفرقوا بين لوّن ولا عِرق ولا حِدود, بل لم يَجمعهُم فقط الطَعام الطّيب والشّراب اللذيذ في التَجمُع السَكني الفَلسَطيني بِمَنطقة البلدّيات في بَغدّاد وأنما مَا جَمعهم فيه روح القُدّس الشَريف وشَغفهُم لِتقبيلهُ مِنذُ الطِفولة, وهو مَا دعى أحَد الحَاخَامات الأسَرائيليين بِأن يقوّل السَنة المَاضية أن " السَيطرة اليَهوّدية على العِراق لن تتم الأ بَعدّ أسَتئِصال اللأجئِين الفَلسَطينيين في البِلاّد فَخِبرتهم كافية لِيقضَة العِراقيين".


عَن أي يَقضة يَتحدّث هذا الحَاخام؟! اذا لَم يَفهم المرء ما يَعنيه الحَاخام فَعليه أن يَسكُب المَاء البَارِد على رأسهِ حينها سَيفهم ويَدرِك بِأن فَلسَطينيو العِرّاق أشَجار وأزهَار وأنَهار تَجري في البِحار الواسِعة.

 

 





الثلاثاء٣٠ صفر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٤ / كانون الثاني / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أيهاب سليم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة