شبكة ذي قار
عـاجـل










لم يكن الإرهاب الذي يستهدف الشعب العراقي منذ بداية الغزو الأمريكي الى يومنا هذا عشوائيا بل هو إرهاب منظم. فالمتابع لما يجري في العراق يرى ان كل العمليات الإرهابية التي حدثت وما تزال هي عمليات مدروسة ومخطط لها سواء على مستوى الأهداف أم على مستوى المراحل. وذلك لخلق (إستراتيجية التوتر) تنشر الفوضى الخلاقة العزيزة على كونداليزا رايس وتخلط فيها الأوراق.حيث يتم نشر البيانات على مواقع تديرها المخابرات الأجنبية لإعلان مسؤولية تنظيم القاعدة ويقوم أعلام حكومة الاحتلال باتهام البعثيين والتكفيريين.
ويكفي القاء نظرة على التفجيرات التي ضربت بغداد منذ الخميس الدامي في الثاني والعشرين من الشهر المنصرم منها تفجير مقر النزاهة لحساب الحكومة وقتل وجرح من فيه وما يقال عن تفجير للبرلمان بسيارة مفخخة أستهدف المالكي الذي لم يكن موجودا أصلا في بغداد والتفجيرات التي حدثت اليوم في البصرة ضد الزوار خاصة لكي نعرف الجناة الحقيقيين للإرهاب الذي يستهدف أبناء شعبنا الأبرياء والمظلومين الذين تقدمهم حكومة الاحتلال بتواطئها ومشاركتها الفعلية قرابين للقتلة والمجرمين لأن الملف الأمني هو بيد رئيس وزرائها نوري المالكي.
فلمن بصمات الجرائم والإرهاب ضد الشعب العراقي؟


ان طرق عمل الجيوش السرية للبنتاغون وحلف شمال الأطلسي Behind Stay-التي قامت السي أي أي و MI6 البريطاني بإنشائها في كل أوروبا الغربية غداة نهاية الحرب الثانية لمحاربة الأحزاب الشيوعية والمد الشيوعي تتطابق مع الطرق المستعملة في العراق تطابقا تاما.


فقد استخدمت (إستراتيجية التوتر) وتم القيام بعمليات حربية قذرة ضد المدنيين من تفجيرات واغتيالات وتجسس وإخفاء الأسلحة المتطورة في كل أنحاء دول أوروبا الغربية وكسب مرتزقة بكل المستويات عسكرية من استخبارات وقادة عسكريين وسياسية او مدنيين من تجار ووصوليين ومجرمين. وارتبطت في بعض البلدان بأحزاب اليمين المتطرف. وقد كشف رئيس الوزراء الايطالي جوليو اندريوتي عام 1990 عن وجود مثل هذا الجيش في ايطاليا يسمى Gladio فيما اعتبرته الصحافة سرا سياسيا وعسكريا هو الأكثر كتمانا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.


ومنذ ذلك الحين تم 'اكتشاف' جيوش الأطلسي هذه في فرنسا وفي بلجيكا وفي اللوكسمبورغ وسويسرا واسبانيا والبرتغال وألمانيا وهولندا والدنمارك والنرويج والسويد وفنلندا واليونان وتركيا. وكان البنتاغون وحلف الأطلسي ينسقان أعمال هذه الجيوش على المستوى الدولي.


ولعل عملية محطة بولون في ايطاليا هي واحدة من العمليات الإرهابية التي تظهر هذا التطابق بين إرهاب الأطلسي في أوربا وإرهابه في العراق.
لقد نفذ البنتاغون والسي اي ايه بالتعاون مع البريطانيين عملية في محطة بولون في أيطاليا في الثاني من أب عام 1980 أذ تعتبر أضخم عملية إرهابية عرفتها أوروبا خلال القرن العشرين والأكثر دموية للسنوات الثقيلة في ايطاليا وراح ضحية هذه العملية اكثر من ثمانين قتيلا وأكثر من مائتي جريح في وقت سفر العطلة الصيفية..


وقد ضغطت حكومة فرانشيسكو كوسيكا في أول الأمر على الشرطة لكي يصرحوا للأعلام بأن الحادث سببه مدخنة قديمة تقع في الطابق السفلي للمحطة. لكن التحريات التي أجريت في المكان أسفرت عن تكذيب لهذه الأقوال مما أدى الى ترجيح كفة العمل الأرهابي.


وقد اتجه تحقيق القضاة الى الأوساط اليمينية المتطرفة التي عرفت بمعاداتها للحزب الشيوعي الذي وصلت شعبيته الى مستوى لا تطيقه هذه الأوساط. فاصدر قاضي التحقيق مذكرات توقيف بحق عشرين عضوا في حلقة الجيش الثوري. وقد أدان القضاء الايطالي بعد تحقيقات دامت سنوات رئيس المحفل الماسوني وضابطين من المخابرات العسكرية الايطالية لقيامهما بهذه العملية وقد أتهم الجنرال بيترو موسوميسي الرجل الثاني في وكالة المخابرات العسكرية الايطالية والذي أتضح أنه عضو في المحفل الماسوني لتقديمه براهين كاذبة لاتهام قائدين في الحركة الوطنية كانا قد لجآ الى بريطانيا كما أسفر تحقيق القضاء الايطالي حول هذه العملية عن أتهام رجل وزوجته من تنظيمات الفاشيين الجدد ـ مثل المحافظين الجدد ـ اللذين أستمرا بإنكار ضلوعهما بالعملية وتم الحكم عليهما مع شخص آخر بالسجن المؤبد. وأدين ليسيو جيلي رئيس المحفل الماسوني لعرقلته التحقيق وكذلك أدين فرانشيسكو بازينزا وضابطان من الاستخبارات العسكرية هما الجنرال بيترو موسميسي وذلك لأنه تم أثبات وضعهما عبوة ناسفة في حقيبة في قطار تورنتو ـ ميلان في يناير من عام 1981 بنفس نوعية المتفجرات المستعملة في محطة بولون للتمويه وخلط الأوراق وتضليل المحققين.


وقد دام التحقيق في هذه العملية الإرهابية التي لم يكن يراد لها ان تنتهي خمسة عشر عاما وذلك بفضل إصرار عائلات الضحايا . .وقد دام التحقيق في هذه العملية الإرهابية التي لم يكن يراد لها ان تنتهي خمسة عشر عاما وذلك بفضل إصرار عائلات الضحايا.


وأصدرت محكمة الاستئناف الايطالية الأمر التالي عام 1995 :
(لقد تأكد وجود مجموعة واسعة متألفة من عناصر من الحركات الفاشية الجديدة المنحلة ومن عناصر من المحفل الماسوني ومن كبار ضباط الاستخبارات العسكرية، عملت على تخريب وتدمير التوازن السياسي والدستوري لتثبيت قوى معادية للديمقراطية في السياسة وتفضيل الجناة الإرهابيين الموجودين في خططهم لهذا الأمر). ولم تتوقف المحاكم الايطالية عن توجيه التهم في عملية محطة بولون حتى عام 2000 فقد أدين متهمان آخران ممن شاركوا في هذه الجريمة من اليمين المتطرف ومن الاستخبارات العسكرية. ومع ذلك فلم 'يعرف' لهذا اليوم من الذي يقف وراء هذه العملية. لكن كل الشكوك والتساؤلات اتجهت الى كلاديو الجيش السري لحلف الأطلسي الموجود في ايطاليا.


والقول بعدم المعرفة من قبل الحكومة الايطالية وطبقتها السياسية هو بالتأكيد امر غير صحيح. فبحسب الكاتب البلجيكي المتخصص ب(كلاديو) فان ايطاليا التي انضمت لحلف الأطلسي عام 1949 قد وقعت مع المعاهدة الأطلسية مجموعة من البروتوكولات السرية التي تقضي بأنشاء تنظيم غير رسمي ( لضمان بقاء خط الحكومة الايطالية الداخلي مطابقا للكتلة الغربية مستخدما كل الوسائل الضرورية حتى لو ان الشعب فضل اتجاها مختلفا ) وبدوره كتب الصحافي الأمريكي أرثر روفز (هناك مادة في معاهدة الأطلسي الأولية لعام 1949 تقرر ان كل بلد مرشح للانضمام عليه ان ينشأ سلطة وطنية لمكافحة الشيوعية قاعدتها مجموعات محلية سرية).


أما في فرنسا فقد تم أنشاء هذا الجيش بمبادرة من بريطانيا وأوكلت له أولا عملية (الخطة الزرقاء) لكي يمنع الحزب الشيوعي الخارج من الحرب العالمية الثانية بهيبة كبيرة لمشاركته الواسعة في المقاومة ضد النازية.


وضم هذا الجيش ضباطا شيوعيين ممن شارك في المقاومة بهدف اختراق تنظيمات الحزب بجانب غالبية يمينية من اليمين التقليدي الفرنسي العنصري الذي لا يهضم ترك المستعمرات لسكانها ولا الجزائر لأهلها. ومن أهم ما خطط له تحت مؤسسات أخرى لهذا الجيش تطورت فيما بعد في (إستراتيجية التوتر) هو قلب نظام الحكم وتمهيد الأرض للهيمنة على السلطة وحتى اغتيال الجنرال ديغول وذلك بسبب المكانة التي وصل اليها الشيوعيون في عقد الخمسينيات وخوفا من أخذهم السلطة بدعم سوفيتي.


وكانت التعليمات لهذه الجيوش هو أن تقاد الحرب ـ لتقليل تأثير الحزبيين الشيوعيين في فرنسا وايطاليا ـ في بلدانهم بمنتهى السرية حتى دون علم الحكومات لأن من شأن ذلك ان يفهم على انه خرق للسيادة الوطنية.


وقد أستعمل الجيش السري الفرنسي في أقذر العمليات العسكرية في الداخل ضد ديغول اذ خرج ثلاثون ألف شخص من المنتمين لهذا الجيش في عام 1968 يهتفون بدكتاتوريته، وفي حرب الهند الصينية وفي حرب الجزائر حيث قاد الاغتيالات الجماعية للمدنيين والتعذيب ودفن المزارعين الأبرياء أحياء في مقابر جماعية واغتيال قادة جبهة التحرير الجزائرية تحت أشراف كبار العسكريين الفرنسيين. ومشاهدة لأفلام حرب الجزائر وجرائمها ترينا التشابه التام لمشاهد العمليات الإرهابية التي حصلت وما تزال في أنحاء العراق منذ الغزو وخاصة مشاهد الإبادة الجماعية للمدنيين وجثث العسكريين في الشوارع فيما سماه الأعلام الحكومي المشارك بالجرائم بجثث غير معروفة الهوية في مدن وقرى العراق وأكداس الرجال في عشرات السجون التي بنتها شركتا هاليبرتن وبيشتل التابعتان لمجرم الحرب ديك تشيني وإرهاب الجيوش السرية التي أتت مع قوات الصدمة والترويع الأمريكية.


ان إعلان بوش الحرب الصليبية على العدو الجديد المسمى 'بالإرهاب الإسلامي' بعد العملية المشتركة للأطلسي والموساد في نيويورك قد أذن بالبدء بإستراتيجية جديدة لهذه الجيوش التي لم تمت بحسب الكتاب المتخصصين والتي كان آخر اجتماعاتها المعروفة في بروكسل في أوكتوبر عام 1990 ،أي بعد دخول العراق الى الكويت وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي وسقوط 'أسباب تهديده ' وانهيار جدار برلين ، وبحروب القرن الحادي والعشرين للإمبراطورية في الشرق الأوسط الكبير وغزو العراق بهدف الانطلاق منه للهيمنة على العالم.


منذ ما يناهز التسع سنوات والأعلام الغربي والعراقي يتهم المقاومة الوطنية والبعثيين والتكفيريين تارة ويتهم المتعصبين الشيعة او السنة تارة أخرى بالإرهاب والعنف في العراق. فيما يشارك السياسيون العراقيون أصحاب العملية السياسية للمحتل بكل الجرائم المقترفة ضد الشعب العراقي وخاصة نوري المالكي الذي وقع شخصيا المعاهدة الإستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة والتي تحتوي على بنود سرية وعلنية تقضي بتعاون حكومة الاحتلال معها ضد الشعب العراقي وقد صوت برلمانيو العملية السياسية على هذه المعاهدة دون نقاش يذكر حتى تجرأ النواب الأمريكيون على العراقيين بطلب تعويضات وطلب تسديد فواتير الحرب وتحمل نفقات المرتزقة المتبقين في العراق دون ان نسمع كلمة معارضة.


كما لم نر تحقيقا في إرهاب ولا في جرائم اقترفت بحق الشعب العراقي ولا في إبادة ولا اغتيالات جماعية، وأكثر من ذلك فان نوري المالكي يذهب الى أمريكا لقراءة الفاتحة على قبور المجرمين والطالباني يقدم بسخاء أموال العراق لرعاية جرحى جريمة غزو العراق غير عابئين بما آل اليه مصير شعبنا.

 

 





الثلاثاء٣٠ صفر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٤ / كانون الثاني / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ولاء السامرائي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة