شبكة ذي قار
عـاجـل










قبل أن تهرب أميركا, كانت عشرات الدول الشريكة لها في الاحتلال قد هربت وفي مقدمتها بريطانيا التي كانت ثاني أكبر شريك في الغزو. ولم يتبقى على ساحة العراق المدمر بعد قرابة تسع سنوات على الغزو والاحتلال إلا بقايا متخفية من الأمريكان تحت عناوين شبحية مرتعبة وإيران وعملاء إيران. إذن نحن إزاء ما يعرف في علم الكيمياء والفيزياء بالتفاعل المتسلسل الذي كل خطوة فيه تؤدي إلى متفاعلات هي بمثابة مواد أولية للتفاعل اللاحق... وهذا يعني إننا إزاء الخطوة اللاحقة في التفاعلات المتسلسلة التي تتحكم بها بودقة ومفاعلات المقاومة العراقية البطلة ولا أحد سواها ألا وهي خطوة هروب إيران وأعوانها والتي لا يمكن أن تتم إلا بتواصل مكونات الفعل الأسطوري لمقاومتنا البطلة.


إن تواصل العمل المسلح بصيغ متصاعدة ومتجددة تتناسب مع طبيعة الجزء المتبقي من أجزاء الاحتلال والذي يختلف في العديد من خصاله وسماته عن الأمريكان والانجليز والبولونيين وغيرهم من دول العدوان. ويتوجب علينا هنا أن نؤكد بما لا يقبل اللبس إن الحل الوحيد الذي يوصل العراق وشعبه إلى الحرية والاستقلال والعودة إلى المنظومة العربية كحاضنة قومية ومحيط حياتي عضوي لا مناص منها للعراق العربي والى المنظومة الدولية التي خرج منها يوم أعلن الأمريكان عن وقوع البلد تحت سطوة الاحتلال وفقدانه لمقومات السيادة والاستقلال ومع ذلك مارسوا إنتاج دستور وعملية سياسية مخابراتية وأجروا انتخابات وشكلوا حكومات كلها تفتقر إلى الشرعية بحكم وقوع البلد تحت الاحتلال, الحل الوحيد هو بإبقاء خيار المقاومة المسلحة وما يسندها ويعضدها من جهد إعلامي وسياسي على كل الأصعدة.


العدو المتبقي يمارس احتلال العراق وهو إيران وأزلامها يقفون على خصال يتوجب إدراكها وفهمها لتقوم مقاومتنا بوضع تكتيكات واستراتيج يتناسبان مع الطبيعة الخاصة لهذا الاحتلال:


أولا: الفرس لا يأبهون ولا يهتمون كثيرا للخسائر البشرية لأن الإنسان عندهم ارخص من الذبابة ولذلك يتوجب إيقاع الخسائر الفادحة بما يوجعهم ويقض مضاجعهم ليجبرهم على الهرب وهو تدمير مصالحهم ومن أهمها المصالح التجارية المختلفة التي تجني إيران من وراءها أموالا عراقية طائلة معظمها أموال مجانية تدفع تحت ستار التبادل التجاري.
ثانيا": إيقاع أضرار متواصلة بحركة السياحة التي تستثمرها إيران ثقافيا ومخابراتيا للتوغل بين أضلاع المجتمع العراقي.
ثالثا": منع إيران من الاستفادة من النفط العراقي بأية صيغة مباشرة كانت أو غير مباشرة.


رابعا": ضرب المنشآت الإيرانية في العراق ومنها مقرات حزب الدعوة العميل وفيلق بدر المجرم ومقرات المليشيات التابعة لإيران بمختلف مسمياتها مثل حزب الله والقدس والحرس الثوري واطلاعات وثار الله والعصائب وغيرها إضافة إلى السفارة الإيرانية ببغداد وقنصليات إيران في محافظات العراق عموما والفرات الأوسط والجنوب خصوصا.


نحن على يقين ونحن نضع بعض تصوراتنا البسيطة لمرحلة المواجهة الجديدة بأن قيادة المقاومة تعي هذه المتطلبات وما قد يكون أعمق تأثيرا و أهمية منها ولذلك فان ملاحظاتنا قد تفيد الرأي العام في العراق عموما وأهلنا في بغداد والفرات الأوسط والجنوب العزيز خصوصا لأنها ستكون في تقديرنا ساحة المعركة القادمة الأكثر سخونة وتتطلب أول ما تتطلب الارتقاء بالدور الشعبي هناك تجاه واجبات وحقوق العراق حيث صار العدو هو ليس أميركا، بل إيران وأزلامها. العراقيون في الفرات الأوسط والجنوب يدركون الآن يقينا إن إيران هي اللاعب الأساسي المتبقي في ساحة بلدهم كطرف محتل وان عروبتهم وعراقيتهم تستفز الآن أكثر بكثير مما كانت تستفز إزاء وجود القوات البريطانية والبولونية والبلغارية والأمريكية. نحن أبناء الجنوب ونعرف تماما ماذا يعني أن تكون إيران هي التي تحتل العراق لوحدها لأن إيران دولة جارة ولديها أجندات سياسية قاتلناها سنوات طوال وان بقاءها في العراق بعد رحيل أطراف الاحتلال الأخرى يعني أول ما يعني إن إيران قد ربحت الحرب واقتربت من تحقيق أهدافها التي قاتلناها وقدمنا من اجل إسقاطها تضحيات جسام في الأرواح وفي الأموال وفي فرص العمران التي أوقفتها في جلها حرب تصدير الثورة الخمينية الفارسية الطائفية الصفوية. هذا فضلا عن إدراكنا بأن إيران تراهن خاسئة على ولاء افتراضي وهمي يكنه لها أهل الفرات الأوسط والجنوب وعلينا أن ننهي هذا الوهم عمليا وميدانيا.


إن ساحة المعركة الآن هي التي يقطنها العراقيون الذين حاججنا نيابة عنهم في قسوة الظروف التي واجهوها بعد الغزو وتعدد القوى التي سلطت عليهم الموت المجاني وسطوة القوة الغاشمة إضافة إلى سطوة الاحتلال الفارسي ممثلا بأدواته السياسية والمليشياوية وتأثيرات الكهنوت الحوزوي ..غير إننا الآن أمام معادلات جديدة فعدونا لم يعد طيران ودبابات ومدرعات الدول التي غزتنا، بل إن العدو الذي يحتلنا هو مقرات بدر والدعوة والمجلس الحكيمي ومقرات فيلق القدس الإيراني وحرس الثورة واطلاعا توههم يوجهون حقد ثأرهم رجلا لرجل نحو صدورنا نحن الرافضون لوجودهم الاستعماري في وطننا والى صدور أخوتنا في بغداد والمحافظات الشمالية والغربية ليحققوا التصفية الطائفية الإجرامية التي يحلمون بها لتحقيق استقرار المنهج الصفوي ودولة الولي الفقيه الفارسية لتربض فوق صدورنا تنهش وجودنا وترشي من بعض فضلاتها الإدارة الأمريكية المجرمة التي سلطتها وحمت تشكلها وصيرورتها على أرضنا.


إن مقاومتنا الآن ليس فقط عليها أن تتجذر وتتوسع وتصعد وسائلها وتطور أدواتها، بل عليها أن تتوحد بكل فصائلها بأسرع وقت ممكن لأننا الآن لا نواجه القوة العسكرية الأجنبية الغازية فقط ببقاياها الضحلة، بل نواجه الطائفية والعرقية بكل وحشيتها وقذارتها والتي تتطلب مواجهتها هوية عراقية وطنية جامعه وعلى أن يكون أبناء الجنوب رقما صعبا فيها. إن الصفحة الراهنة تتطلب تصعيد الأدوار الجهادية لفصائل الفرات الأوسط والجنوب المقاتلة وعشائرها العربية البطلة التي تستنكف أن يستعبدها أعجمي وسخ قذر ابن باطل وجشع وباطنية ونفاق.


إن العبرة الأهم التي نستقيها من خطاب الرفيق قائد البعث وجبهة الجهاد والتحرير والخلاص الوطني، هي أن الجهاد قد بدأه رجال مجاهدون رساليون مؤمنون ولن يتخلوا عنه أبدا حتى يتحقق التحرير الناجز لبلدهم ويعيدون تشكيل دولتهم العراقية الوطنية العربية المؤمنة التي يحكمها أبناء العراق عربا وأكرادا وتركمان وكل الأعراق والاثنيات والأديان دون حساب لشئ سوى وطنيتهم وإيمانهم بأمتهم المجيدة ودورهم الإنساني المتجدد. وإنها لمقاومة حتى النصر أو النصر.

 

 





الثلاثاء٣٠ صفر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٤ / كانون الثاني / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة