شبكة ذي قار
عـاجـل










أذا كنت تتساءل عن تعريف النفاق ستجد الجواب هنا, بهذه الجملة أفتتحَ الكاتب والصحفي الأمريكي اليهودي ريتشارد سيلفرشتاين مقالته في صحيفة الغارديان البريطانية حول " الأتصالات الاسرائيلية الايرانية", وجاء فيها :


في مارس أذار سنة 2008 ميلادية, زارَ وزير الخارجية السويسري أيران ووقفَ جنباً الى جنب مع الرئيس أحمدي نجاد ليوقع عقد بمليارات الدولارات مع طهران بهدف تزويد سويسرا بكمية كبيرة من الغاز الطبيعي على مدى الـ 25 سنة المقبلة.


وعلى الفور أدانت وزارة الخارجية الأمريكية الصفقة وقالت بأنها ستطلب التحقيق فيما لو كانت تُمثل خرقاً لقانون العقوبات المفروض على أيران, حينها أشتكت اسرائيل أيضاً ووصفت زيارة وزير الخارجية السويسري الى طهران بأنها "عمل غير ودي لأسرائيل", بينما مجموعات يهودية مُختلفة أنضمت هي الأخرى الى الأحتجاج بما في ذلك المؤتمر اليهودي العالمي.


كانَ هذا السخط صالح يُمكن التنبؤ به تماماً لكن هنالك أكثر من شيء شاذ الى حد ما, أذ كشفت صحيفة سويسرية في الثلاثين من مارس أذار مِن ذات السنة أن اسرائيل تشتري النفط الأيراني منذُ سنوات في وقت كانَ من المُفترض ان تُقاطع كُل شيء أيراني.


القصة في المانيا حينما زودني الصحفي الأسرائيلي شراغا عيلام بترجمة أنجليزية سوف أقتبس منها التالي :


"تستورد اسرائيل النفط الايراني على نطاق واسع على الرُغم من المُقاطعة الاسرائيلية الرسمية لأيران, وتتحايل اسرائيل أيضاً بهدف الحصول على النفط الأيراني عن طريق أوروبا, ووردَ ذلك في نشرة أخبار الطاقة الاسرائيلية في الثامن عشر من مارس اذار من ذات العام".


" وقالت نشرة أخبار الطاقة بأن هنالك معلومات تُشير الى صفقات تجارية مع ايران من مصادر اسرائيلية في مصافي النفط المحدودة Oil Refineries Ltd في حيفا, ووفقاً لنشرة أخبار الطاقة أيضاً فأن النفط الايراني مُفضل في اسرائيل لأن نوعيته أفضل من أنواع النفط الخام الأخرى".


" التقرير الذي أعده شاليف موشيه لنشرة أخبار الطاقة يقول بأن النفط الأيراني يصل الى موانيء أوروبية مُختلفة, وفي مدينة روتردام الهولندية يشتريه الاسرائيليين بعد تزويدهم بالأوراق الضرورية للشحن والتأمين ثم يُنقل الى حيفا, والمورد شركة ايلات عسقلان Eilat Ashkelon Pipeline Company التي تُحافظ على سرية مصادر نفطها المستورد".


تأسست شركة ايلات عسقلان في سنة 1968 ميلادية بوصفها شركة اسرائيلية ايرانية مُشتركة لنقل النفط من ايران الى اوروبا, وبعد سقوط الشاه سنة 1979 ميلادية أشيعَ بأن هنالك نزاعات قانونية مُشتركة بين الشريكين.


ويقول تقرير الصحيفة السويسرية بأنه من غير الواضح فيما لو كانَ المٌصدرين الأيرانيين يعلمون عن المُشتريات الأسرائيلية من نفطهم, اما الطرف الأخر من المشترين الاسرائيليين والمكاتب الحكومية يدركون جيداً مصدر النفط العالي الجودة الذي يأتيهم على الرغم من انه تحدي سافر للمُقاطعة, وحتى الرقابة الاسرائيلية طلبت من اخبار الطاقة أجراء تغييرات في النص, وفي الواقع يزيد ذلك من صحة تقرير أخبار الطاقة.


أحد خبراء الطاقة أكد ذلك وقالَ بأن اسرائيل تستورد النفط الايراني منذُ سنوات طويلة وتجرى عمليات الشراء في الأسواق الحُرة وكذلك مُباشرة من ايران, وأضافَ بأن شركة باز النفطية المحدودة Paz Oil Company Ltd تُصفي النفط الأيراني منذُ بداية سنة 2008 ميلادية, وهي أكبر شركة وقود اسرائيلية لتوزيع البنزين والغاز الطبيعي والمُنتجات النفطية الأخرى.


وهنا تطرح الأسئلة نفسها, أذا كانت ايران تُشكل تهديداً على وجود اسرائيل كما يدعي بنيامين نتنياهو, فلماذا تسمح الحكومة بمثل هذه التجارة؟! تُثير أسرائيل قضية الهجوم على البرنامج النووي الايراني وصراعات مُحتملة مع ايران على صعيد المنطقة في حين لا يمكنها فطم نفسها من النفط الخام الأيراني العالي الجودة, فلماذا هذه الأثارة بين الطرفين؟! واذا يرتعد الاسرائيليون خوفاً من القنبلة الأيرانية واحمدي نجاد المُعادي للسامية فكيف يسمحون بالتجارة مع العدو اللدود ؟!


عند المُقاطعة لاتقاطع وحينما يكون من مصلحتها الأقتصادية السافرة يحق لها المراوغة, على المرء ان يتساءل اذا كانت اسرائيل لاتحترم المقاطعة المعلنة مع ايران فلماذا يتعين على بقية العالم مُقاطعة قطاع غزة؟! واذا كانت اسرائيل لا تفي بالتزاماتها الخاصة في المقاطعة فلماذا ينبغي على أعضاء الكونغرس الأمريكي التصويت مع أيباك لصالح أسرائيل؟! أهو تكريم لأسرائيل لانها تتعامل مع ايران؟!


من المثير للأهتمام أن نلاحظ مناقشة باللغة العبرية على موقع كِدما لليهود الأرثوذوكس KEDMA بأن اسرائيل لا تُعرف أيران رسمياً كـ"أمة عدوة", وفي المعنى القانوني الدقيق مثل هذه التجارة مع ايران غير جائز, ومن سخرية القدر بأن ايران ايضاً لديها مُقاطعة ضد اسرائيل في كُل مكان وتتخذ تدابير خاصة في مثل هذا الصدد, فهل عرفت "تعريف النفاق"؟

 

 





الاثنين٢٩ صفر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٣ / كانون الثاني / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أيهاب سليم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة