شبكة ذي قار
عـاجـل










ـ تجربة ديمقراطية أم * انقلاب مدني * باسم الانتفاضة / الثورة ؟



صحيح النجاح الشكلي و في مظاهره الهيكلية لعملية الانتخابات التي تمت بالقطر التونسي أوحت للمراقب البسيط في وعيه السياسي من أن الديمقراطية بالبلاد تسير علي الطريق الصحيح ... انطلاقا من فهم قاصر من أن الديمقراطية الأداة الواقعية لمطلب الحرية يمكن تفعيلها في المجتمعات المتحركة و الغير الثابتة ...في المجتمعات التي تتحكم فيها لقمة العيش و لازالت قيود الكبت آثار شروخها و جروحها بائنة علي الأجساد بشكل مادي واضح أو علي ما هو معنوي من خلال السلوك الفردي أو الجماعي للأفراد سواء أن كانوا داخل تنظيمات المجتمع المدني أو غير مرتبطين ...تصور يقفز علي حالة المجتمع و يعمل علي قيادته من فوق بما يجعله يحرف أهداف الانتفاضة /الثورة ...من أهداف تسعي إلي البناء و التطور إلي أمام ...إلي جملة أهداف خادمة و موظفة للذات الفردية "أي إعادة إنتاج الاستبداد" الذي أسقطه الشعب ...مستخدما نتيجة الانتخابات كمبرر ... يسمح له بهكذا شرعية ... شرعية تسفهها حتى التجارب الانتخابية في المجتمعات الثابتة و التي تكون فيها الانتخابات و الأصوات مستقلة بنسبة عالية جدا عن (لقمة العيش و الكبت و الاضطهاد و التيئيس المؤشرة في المجتمعات المتحركة)... من هنا يبرز العائق الأول ...الذي يؤشر وقف التنفيذ للأحزاب ... التي عبرت تعبيرا صارخا عن مفهوم الأنا الذاتية بشكل حزب ... و غيبت مفهوم الوطن و المواطنة في مداولات الحلقة الأولي من جلسات المجلس الوطني التأسيس ...التي لم تكن جلسات نقاش لتأكيد مفهوم الوطن و المواطنة في إطار رؤية الانتفاضة/الثورة بقدر ما كانت جلسات نقاش لتأكيد الأحقية في السلطة بصيغة الذات و ليست حتى بصيغة الاستحقاق الكفء ... محولة المجلس الوطني التأسيسي من أداة تشريعية هدفها ضبط مواد قانونية ...تخلق المواطنة الحقة التي تتجسد الوطن في فعلها و تصورها الآني و المستقبلي دون أن تقطع مع ما هو مضى في ماضيها ... إلي أداة تتصارع شخوصها علي توزيع تركة في صيغة مناصب ... متفق عليها بشكل مسبق في إخراج بذئ مقرف ...أفقد المتابع حتى نكهة الفرجة .. إخراج خالي من كل هدف تربوي للمجتمع في أنه أنتقل من مرحلة الاستبداد إلي مرحلة الديمقراطية ... لينتهي بالنتيجة أنه خرج من الاستبداد الفردي ...إلي استبداد *** المحاصصة المقيتة*** بما يعنيه من وضع الحجر الأساس لمفهوم الطائفية السياسية ...عائق أول ولد العائق الثاني ... متمثلا في الإقرار المضحك المبكي في نفس الوقت و المنتج من قبل المحاصصة في المجلس و المتمثل في الإقرار بحكومة يتجاوز عدد حقائبها الوزارية 51 حقيبة ... حالة غير مسبوقة لا في البلدان المتخلفة و التي نحن في هذا القطر نحتل بداخلها المرتبة الرابعة حسب تصنيف النمو و لا في البلدان الأكثر نمو و في بلدان العالم المتقدمة ...و لا نجده حتي في الدول العملاقة بمفهوم المساحة و عدد السكان ...هل هي مبررات المتابعة ؟ أم التشغيل؟ أم ماذا؟ ...نعم هي مبررات المحاصصة حفاظا علي لعبة الأواني المستطرقة المفعلة في هذه التجربة المبتدئة ...**مسألة الإرضاء المتبادل ** أي مزيد إغراق البلاد في ظاهرة الشللية السياسية ...فإذا كانت عصابة واحدة في ظل الاستبداد بائنة و مؤشرة تحصر الفساد في جهة واضحة و محددة في نظر المجتمع ...الشللية السياسية المتنفذة أو المعينة توزعه علي أطراف متعددة بما يغيب قدرة المواطن علي الرقابة من ناحية و من ناحية أخري تخلق الصراع علي الاستفادة من الوضع الجديد إلي داخل الأحزاب نفسها ... ليتحول الصراع بداخلها من صراع رؤى حول ما هو الأفضل للوطن و الشعب ... إلي صراع من نوع آخر ...بما يجعلها تتشضي و تتشرذم ...و هو المؤشر الثاني في وقف التنفيذ لها... ولعل الاستقالات التي تشق أحزاب المحاصصة حاليا أفضل مؤشراتها و إن كانت لم تطل البعض منها ظاهريا فإنها ارتدت بصيغة النقد الذاتي علي من منحها صوتها و حتى علي حركة المنتمين لها (بروز السلفية ) ... فماذا سيكون منتوج المجلس الوطني التأسيسي ...في حلقته الثانية ؟


ـ بين السلطة كغاية و السلطة كوسيلة لتحقيق المبادئ :


إن السلطة تبقي سلطة في ظل الاستبداد أو الديمقراطية ... و لكنها لا تحض باحترام المواطن في ظل الاستبداد بحكم كونها تمارس الكبت و التلجيم و نشر الوشاية و إفزاع المواطن و تهديده المستمر في حياته بصيغة تصاعدية و إن مارست نوعا من المرونة الظاهرية فأنها تمارسها بما يمهد لها الطريق إعلاميا للأقدام علي خطوة أخري أكثر نذالة وبذاءة في حق المواطن و بما يمكنها من خلق سياج إضافي لحماية نفسها بصيغة المليشيا التي تخدم اتجاهين في ذات الوقت الأول الإيحاء بالثقل الشعبي الذي تستند إليه " أنظر وسائل النازية و الفاشية " الثاني خلق و تعميق الفزع في نظر الرافض لها و الدفع به إلي الاستسلام أو الاستقالة ... كما تستخدم الانفتاح خارجيا بصيغة اختيارية للدعاية حتى و إن كانت الأطراف التي تتجه لها تتقابل في أفعالها مع رؤية الشعب و طموحاته ==>عوامل مركبة لكنها تحفر عميقا و بالتراكم بما ينهي شرعية استمرارها... أما السلطة الديمقراطية ... فعملها ينطلق من مبدأ كون السلطة وسيلة لا غير لتحقيق جملة مبادئ ذات علاقة بالرأي الجمعي للمجتمع مستندة في ذلك إلي مبدأ الموازنة بين الطموح و الواقع معتمدة المرونة المحسوبة لا بصيغة الارتداد بالهدف " الشعار " بل بصيغة المحافظة علي الهدف " الشعار " و تجنيب المجتمع الاهتزاز بما يؤدي إلي انقسامه بين قابل و رافض بين محتفل بالثورة / الانتفاضة في عيدها الأول و بين محتج رافض للشخوص الذين أفرزتهم حتى و لو كانوا عن طريق صناديق الاقتراع خاصة و هو يعلم أن هذه الصناديق كانت تعمل لافتة بجانبها معلق عليها " مال سياسي و تهديد أمني "...و يكمن مقتلها في ثلاث حالات .1/ الادعاء بالشفافية و العمل بما يناقضها مما يقود المواطن إلي طرح السؤال "لماذا تستغفلني هذه السلطة ؟" ..2/ إعطاء وعود أكثر مما يمكنها فعله ...بدل التصريح بحقيقة إمكاناتها علي ما يمكن أن تقدم ..." لكون الكل يدري بما يمكن انجازه و ما يقع في دائرة التسويق " ...3/ التردد ...أي أن تتخذ قرار ما و تتراجع عنه ... مما يعني عند المواطن ..." أن العمل لا يخضع لا إلي برامج و لا إلي نقاش و من أن القرارات تؤخذ بصيغة فرد أو جهة الهدف منها جس النبض لغايات محسوبة لديهم " و هي حالة تفقدها ثقة الشعب عامة و تحولها إلي مسخرة للتندر ...و إذا ما سقطت سلطة ما في دائرة النكتة و التندر فاعلم أن عمرها محدود ؟...مهما كان اللحاف الديمقراطي اللفظي الذي تأتزر به ...فأين تقع السلطة التي أفرزتها الحلقة الأولي من حلقات المجلس الوطني التأسيسي ؟ .


ـ موقع السلطة المنبثقة عن الحلقة الأولي للمجلس الوطني التأسيسي


مع اكتمال هيكلة السلطة التنفيذية المنبثقة عن المجلس و التي جمعت بين ثنائية الفعل و الحضور " التشريعي و التنفيذي " بدأ واضحا للقاصي و الداني للمبتدأ و المتضلع سواء في ما هو عام سياسي أو قانوني دستوري من أن الاتجاه العام لصياغة الدولة في ما بعد الانتفاضة/ الثورة لا يخرج عن إعادة إنتاج نظام ظاهره التقابل مع ما كان سائدا قبل 14/01/2011 و حقيقته استمرار للنظام الذي أسقطه الشعب في صورة جديدة ...أي أن التونسي بتضحياته لم يتجاوز مرحلة استبدال " الشيطان بإبليس " ... إنتاج أريد له التفعيل الميداني... 1/. بصيغة الخطاب ألتسويفي الذي استهلت به السلطة التنفيذية مباشرة مهامها خطاب غلب عليه مفهوم تغييب الزمن كغطاء هلامي يمكنها التقصي من مسؤولية الرقابة الشعبية و إحالة فعلها إلي مبدأ ألاهي " مقدر و مكتوب " كما ربطت حل المسألة الاجتماعية " البطالة" لا بإمكانات البلاد و مدي صدقية البرامج الموكولة لها بما يجعلها تحت محك المساءلة إما تثمينا أو انتقادا و إنما بإمكانات ساحات غير قطرية النظرة إليها متقابلة في ذهن و تفكير المواطن التونسي و طموحاته ** الساحة الليبية و القطرية أساسا و الغربية عموما** بما يمكن هذه السلطة من إرضاء حواضنها و في ذات الوقت الحصول علي التفويض الأدبي لتفعيل رؤيتها السياسية علي حساب لقمة عيش المواطن و كرامته ...و بما يجنبها النقد الشعبي ....2/. الالتجاء إلي الزجر الذي كان قائما ما قبل 14/01/2011 في صيغتين : أ). الإعلامي محاولة إعادة هيكلة هذا الجهاز لا بمفهوم الداعي إلي استقلاليته و بما يمكنه من أن يكون جهاز رقابي دافع إلي أمام مؤشرا علي ما هو ايجابي يجب تثقيف المواطن عليه و ناقدا لما هو سلبي و داعيا إلي معالجته ... و إنما بهدف تحويله إلي هيكل من الهياكل المروجة لخطابها من خلال ما اختارته من شخوص مشرفة و ما مكشوف عنها من ولاءات سابقة ...حالة اصطدمت برد فعل ...جعلها تنحني مؤقتا في صيغة تراجع بائن لا يخلو من مرونة محسوبة ... ـ ب) اعتماد الميليشيات علي المنوال الذي كان سائدا في ظل نظام ما قبل 14/01/2011 .. ب1) مواجهة الاعتصامات و حركات الاحتجاج سواء في مؤسسات التعليم العالي بصيغة تسفيه المطالب ... أو الشعبية بصيغة الاتهام و التشويه للآخر ... ب2) بث ثقافة تروج إلي معجم من المفردات ** أيتام فرنسا ... أيتام بن علي ... انقلابيون ...خونة ..علمانيون ..كفار ...** يقابلها ** متخلفين...بائعي ضمائرهم باسم الدين ...عملاء الصهيونية و الغرب ... جماعة قطر ** لم يستخدمه الشعب حتى في أحلك ظروف المواجهة مع النظام السابق ...مما يؤشر بداية عاصفة ستخلق من التراكمات التي تحفر في العقل و السلوك بما يؤدي إلي انقسام المجتمع "ملامح لعاصفة الفوضي من ناحية و من ناحية أخري بما يخلق و يقدم المبرر الشرعي لهكذا سلطة إلي الانتقال النهائي إلي الفعل المستبد باعتباره حتمية من حتميات المرحلة ...

 

 





الاثنين٢٢ صفر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٦ / كانون الثاني / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب يوغرطة السميري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة