شبكة ذي قار
عـاجـل










فيما أقامت سلطة الاحتلال الأمريكي احتفالا سريعا وسريا لمغادرة قواتها العسكرية العراق في القاعدة الأمريكية في الناصرية حضره وزير الدفاع ليون بانيتا وعدد من الجنرالات مقتصرا على الجانب الأمريكي فقط- لم نر فيه انزال العلم الأمريكي كما ادعت الفضائيات ، أستدعى البيت الأبيض نوري المالكي رئيس الوزراء للمثول امام اوباما ليعود بعدها الى العراق منتفخا ويكذب بشدة وجود 16.000 موظف أمريكي في سفارتهم في العراق في ما يبدو انها واحدة من توصيات الإدارة الأمريكية له ليقول عن وجود 1500موظف فقط. فلماذا لم تكذب الخارجية او البنتاغون الصحف الأمريكية من 'النيويورك تايمز' و'الوول ستريت جورنال' التي أوردت نفسها هذا العدد ويطلب من المالكي تكذيبه أمام الشعب العراقي؟ وصرح ليون بانيتا وزير الدفاع بهذه المناسبة قائلا: ان انسحاب القوات الأمريكية لا يعني إنهاء الوجود الأمريكي في المنطقة بل ان علاقاتنا متينة وستتواصل الى ما لا نهاية. ومن قاعدة فورت براغ بولاية كارولينا الشمالية التي فقدت 202 عسكري و 197جريحا في اكبر عملية للمقاومة العراقية البطلة ضد قاعدة الصقر في اوكتوبر عام 2006 خطب بوش بعد زوجته ميشيل التي - أتت لتستفتح بهذه المناسبة الحملة الانتخابية الثانية لزوجها- في جنوده مكررا أكاذيب تفجيرات نيويورك للحرب على الإرهاب وخلط عمدا مع سبق الإصرار على علاقة الرئيس الراحل صدام حسين بالقاعدة لتبرير غزو العراق مؤكد انتصار أمريكا !


فما هي ثمار العملية السياسية الأمريكية في العراق بعد الانسحاب الجزئي للقوات المحتلة؟


كتب بريمر الذي عينه بوش لإدارة العراق وهو من موظفي الشركات الخاصة- المرتزقة - التي وظفت للسطو على العراق بخصوص الحكومة العراقية في مذكراته: كنا نريد ان نحظى بسيطرة على أنشاء الحكومة المؤقتة أكبر مما يريد لنا مجلس القيادة العراقي.. الذي أوهمه زلماي خليل زادة بأننا سنسلمهم السلطة.. وسيتعين علي التأكيد على أننا نريد الاستفادة من 'التقدم' الذي احرزناه مع مجلس القيادة العراقي والتنصل في الوقت نفسه مما أبلغهم خليل زادة.. علما ان هذا الأخير يعمل في نفس حلقة بريمر أي مع المحافظين الجدد !


هكذا أقرت العملية السياسية في العراق بعد مرور عام من الغزو كواجهة للتغطية على مهمة قوات الاحتلال العسكرية والمرتزقة والمليشيات الطائفية والقاعدة أمريكية وإيرانية في نشر الفوضى الخلاقة والصدمة والترويع في كل مدينة عراقية وفي كل قرية وبسرعة وبفعالية في القتل والإبادة والتهجير والتطهير الطائفي، بينما كانت مهمة مرتزقة الاحتلال المدنيين مثل بريمر وغيره العمل السري للبناء في العراق بدءا من نهب النفط الذي يذهب منذ تسع سنوات الى ولاية الآسكا مكان الاحتياطي الاستراتيجي النفطي الأمريكي الى بناء سفارة تقوم على ثلاثين هكتارا في قلب بغداد وفي محل المؤسسات السيادية العراقية ووضع اليد على أهم أركان الدولة العراقية بتعيين مستشار أعلى من الوزير لكل وزارة -ثلاثين مستشارا بحسب بريمر- ينظمون العمل فيها ويديروها هم مباشرة ، وتم القيام بإحصاء معلوماتي كامل للشعب العراقي بما فيه البصمات وصور بؤبؤ العين والتلاعب بالممتلكات العراقية ومنح الجنسية العراقية في خرق تام للقانون الدولي، الى توظيف طبقة سياسية عراقية أخرى تخلف سابقتها تتلقى أوامرها من موظفي الشركات الخاصة التي تستخدمهم بعقود مؤقتة تدفع رواتبها الحكومة العراقية التي قبلت بمسؤولية تسجيل شركات المرتزقة في وزارة الداخلية لكي لا تلاحق مستقبلا الجهات الأمريكية وترسيخ دستور فيلدمان الذي يفتت العراق ويقسمه عرقيا وطائفيا.


لقد جلبت النكبات والكوارث للشعب العراقي على مدى السنوات التسع فمنعت عنه الخدمات الأساسية للعيش من ماء وكهرباء ونقل فيما يتمثل بخرق صارخ لحقوق الإنسان العراقي وفي ظلها حطم العراق الرقم القياسي للفساد في العالم لانتشاره في كل أجهزة الدولة او ما بقي منها. من الجعفري الى اياد علاوي الى المالكي وبأسم العملية السياسية تمت إبادة وتهجير الشعب العراقي، وباسم البيت الشيعي لأحمد الجلبي تم التطهير الطائفي والقتل والاغتيالات وزج ما يزيد على المليون رجل بدون أي تهمة في سجون المحتل ما يزال 400 ألف منهم قابعا في سجون لا تختلف فيها المعاملة عن ما حصل في ابو غريب في لا مبالاة من العالم الديمقراطي المدافع عن حقوق الإنسان.


كما شرع تقسيم العراق فأصبحت زيارة شمال العراق والدخول اليه تشبه الدخول الى دولة الكيان الصهيوني في تصوير العيون وطلب المعلومات التفصيلية الكاملة. وكما يقول شاب عراقي يعمل سائق تاكسي: لا يوجد اليوم في العراق الحر الا ثلاث مهن هي شرطي وعامل بلدية وسائق تاكسي. فيما يتزايد عدد العاطلين من الشباب والشابات المتخرجين فأن الأعمال المتوفرة والمقررة من مستشاري المحتل في الوزارات هي فقط العقود المؤقتة وبتوسط من أحزاب العملية السياسية فقط،اذ يعمل خريج كليات الهندسة مثلا بعقد 150 دولار فقط شهريا مما لا يكفي حتى لتنقله الى مكان عمله .


وبدا المالكي وهو يخطب في قضية اتهام نائب الرئيس طارق الهاشمي ورفض رغبة محافظة ديالى إعلانها إقليما غير مقنعا وذلك للتناقضات التي وردت في خطابة حول استقلالية القضاء العراقي من جهة وبث الاعترافات قبل التحقيق واتهام نائب الرئيس من جهة أخرى ومطالبته بإثبات براءته جاهلا ان المتهم بريء حتى تثبت أدانته ، لكن الشارع العراقي كان مقتنعا بأن الصراع بين أقطاب العملية السياسية هو محاولة إيرانية للهيمنة على البرلمان العراقي وعلى العاصمة بغداد بشكل تام بأذرعها الأحزاب الطائفية. فقد هدد المالكي بأنه في حال رفض وزراء القائمة العراقية الالتحاق بالبرلمان- بينما أعطيت إجازة إجبارية للبرلمانيين والبرلمانيات بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة لسكن الغالبية منهم في أوربا ووجود عوائلهم فيها- فانه سيعوضهم بآخرين من - عصائب أهل الحق- المجموعة المعروفة بولائها لإيران كما هدد الحزبيين الكرديين بقوله ان العراق واحد لا يتجزأ- يبيع ويشتري بالعراق كما يحلو له !- ليكون البرلمان العراقي وعمليته السياسية ذات أحزاب طائفة واحدة هي ائتلاف دولة القانون والأحرار من الصدريين إضافة الى الحزبيين الكرديين.


من هنا ما يمكن ان نسميه بمعركة بغداد والحرب عليها والرغبة في تغيير الطبيعة الديموغرافية- الطائفية لسكانها من قبل حكومة المالكي.


بعد تسع سنوات من غزو الولايات المتحدة للعراق تصل العملية السياسية اليوم الى المشهد الأكثر دلالة وهو أن لاعبيها ليسوا الا أجراء أريد استعمالهم بعقود مؤقتة للوصول الى المرحلة التي يحكم فيها العراق من قبل السفارة الأمريكــــية مباشــرة وتمنح هذه السفارة وصاية بغداد والبرلمان لإيران.


جيل صاعد من الشباب العراقي يلتحق اليوم بصفوف المقاومة مثل باقي أبناء الأمة العربية الناهضين للتخلص من حكومات وكلاء الاستعمار التي تلفظها شعوب منطقتنا اليوم بكل قوتها لتستعيد حريتها ولهم موعد مع بقايا المحتل ووكلائه لتحرير العراق واسترجاعه من قبضة اللصوص والقتلة .

 

 





الجمعة١٩ صفر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٣ / كانون الثاني / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ولاء السامرائي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة