شبكة ذي قار
عـاجـل










كلّ ذكرى معرّضة للزوال أو للنسيان او للاهمال الاّ ذكرى إستشهادك مهما طال الزمن وتراكمت الأحداث وتشتت شمل العراقيين وتكالبت عليهم عاديات الزمان. وسوف تبقى خالدا ومخلّدا, حيّا في النفوس والأفئة, حاضرا في كل حديث وجلسة وحوار. وإن إختلف الناس حولك نظاما وحكما وسياسة, فهذاهو دائما شأن العظام في التاريخ, الاّ أن الأعداء قبل الأصدقاءإعترفوا, حتى بعيد الاحتلال بأشهر معدودة, بانك كنت الأصدق قولا والأنبل فعلا وعملا, والأنظف يدا وقلبا وضميرا من كل مَن جاء بعدك وقبلك.


كنت أكثر وطنية وإلتحاما بالشعب وهمومه من أي رئيس أو حاكم أو قائد عرفه العراق في تاريخه الحديث. كنت هيبة العراق وكان العراق بك مُهابا ومُصانا ومستقرّا. يفتخر فيه المواطن باتنتمائه الى بلد أن صنعت له مجدا وسمعة وحضارة وكبرياء رغم حملات الشيطنة والأكاذيب وفبركة الحقائق. وقد أثبتت مرحلة ما بعد الاحتلال إن خصومك, من عرب وعجم وإفرنجة وعلى كافة المستويات والعناوين, خابوا إيما خيبة وفشلوا إيما فشل في إقضائك وإبعادك عن قلوب وعقول العراقيين.


واليوم حيث تمرّ بنا ذكرى إستشهادك تزداد تجذرا وتعمّقا في ذاكرة الشرفاء من أبناء وطنك وشرفاء العالم, تلك اللحظات المهيبة التي إجتمعت فيها رهبة الموت وبسالة البطولة وقوة التحدّي في شخصك حبث ) وقفتَ وما في الموت شكٌ لواقفٍ - كأنّك في جفن الردى وهو نائمُ ( بينما تجمّدت الدماء في عروق تلك العصابة من القتلة والمجرمين الذين توهّموا, ويا لهم من سذّج وبلهاء, بان قامتك الباسقة ستنحني أمام الموت الذي هو قدر الجميع, الفرسان والأبطال والأنبياء والقدسين والناس البسطاء, )يموتُ راعي الضأنِ في ضأنه - ميتة جالينوس في طبّه( كما قال شاعرنا العظيم المتنبي.


ولم يدر في خلد ذلك النفر من القتلة وأصحاب السوابق من أمثال المالكي والدجال مقتدى الصدر والجعفري والجلبي وبقية العصابة الطائفية بأن إستشهادك ووقفتك المفعمة بالتحدي والشموخ والكبرياء بعثت في نفوس ملايين العراقيين الآمل والرغبة والتصميم على مواصة النضال والمقاومة ضد الغزاة الأمريكان وعملائهم الصغار المحشورين في دهاليز وأقبية المنطقة الخضراء. بل أن راية "الله وأكبر" لم تسقط ولو لحظة واحدة بعد إستشهادك البطولي, كما كان يتمنى وبيحلم الغارقون في أحلامهم الصبيانية.


فقد هبّ عن بكرة أبيهم, وكالبنيان المرصوص, تملايذك وأحفادك وأبناؤك الأوفياء لمقارعة الغزاة المحتلّين من ذوي اللحى والعمائم المزيّفة أو أصحاب الوجوه الماساء الحليقة المعطّرة بالغزي والعار والمذلّة. وتحوّلت أرض الرافدين من الشمال الى الجنوب الى جحيم يستعر تحت أقدامهم. ولم تبقَ لهم فسحة أرض تأويهم, رغم مساحة العراق الشاسعة, غير محميّة المنطقة الخضراء, فانحشروا فيها مع أسيادهم الأمريكان والفرس والصهاينة, كاللصوص المطاردين المرعوبين. وما زال الشعب العراقي الأبيّ لهم بالمرصاد. وإن ساعة الخلاص من هذه الحثالات البشرية الضارة آتية لا محالة.


ستبقى ذكرى إستشهادك الأسطوري, أيها الرئيس البطل, حافزا وملهما ومصدرا لكل شعوب الأرض التي تناضل وتطالب عن حقوقها وتدافع عن أوطانها ضد أطماع الغزاة والقوى المتكبّرة. لقد قدّمت في موتك, كما فعلت في حياتك الغنية بالمواقف البطولية, أروع مثل للتحدي والصمود والدفاع عن الحق. وستثبت السنون ويقتنع الجميع, الاعداء منهم قبل الأصدقاء, بأنك باقٍ , مخلٌّد, حيٌ في ضمائر ونفوس وقلوب ملايين الناس, لا في عراقك الذي أفديت له أغلى ما لديك فقط )يجود بالنفسِ إن صحّ الجواد بها - والجودُ بالنفسِ أقصى غاية الجودِ( بل وفي كل أنحاء العالم.

 

 





الاثنين١٥ صفر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٩ / كانون الثاني / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب محمد العماري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة