شبكة ذي قار
عـاجـل










تحدثنا فيما مضى عن خطر القطريين ومعركة القوميين ضدهم، والتيار القومي بكل فصائله وأشخاصه هم قوام حركة التحرر العربي، التي قاتلت الاستعمار وانتصرت عليه في معارك التحرر القومي ابتداءً بالاستقلال للأقطار وانتهاءً بمجابهة ثالوث عداء الأمة.


شكلت الثورة العربية التي قادها(الشريف حسين)عام 1916 م نقطة تحول عند القوميين مع الفشل الذريع وعدم انجازها بما يتلاءم مع حجم الطموح للجماهير العربية،وجاءت الثورة بتشجيع من الحركة القومية ممثلة بعدة جمعيات سياسية تشكلت فيما سبق لمواجهة فساد و استقواء الدولة العثمانية المحتلة،وتركز جهد التحرر القومي في الشرق أكثر منه بالغرب في بدايات النهضة القومية الشاملة،وشكلت مصر في جميع المراحل التاريخية ولا زالت نقطة الوصل المباشر بين أقطاب الطرح القومي بين الشرق والغرب.


نشأت فيما بعد عدد من الأحزاب السياسية القومية بعد مخاض فكري أسترشد بدايةً بنضالات حركة التحرر العربي ضد الاستعمار العثماني التركي وبرؤيا تقليدية لمعنى الوحدة العربية، وأثرت الثورة العربية في فهم بعض المدارس الفكرية لحاله الفعل الثوري وتعريفيه. وجاء تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي عام 1947 بعد اندماج حركة الإحياء العربي مع الحزب الوطني الاشتراكي كثمرة مدارس وملتقيات فكرية من أشهرها ملتقى (زكي الارسوزي) الذي يعتبر من أهم منظري الفكر القومي وكذلك حوارات (ميشيل عفلق)، وطرح الحزب نفسه على أنه حركة شعبية ثورية اعتمدت على الانقلابية الاجتماعية لتحقيق الوحدة، وجاء تأسيس حركة القوميين العرب نتيجة نضالات طلابية شعبية وشبه عسكرية دون طرح فكري تجديدي بل جاء التأسيس بفهم تقليدي للعروبة ومعنى الوحدة،وفي فترة ظهور حزب البعث كان قد ولد ( لحزب السوري القومي الاجتماعي ) بقيادة المفكر (أنطوان سعادة) الذي وضع كل التفاصيل الفكرية والتنظيرية للحزب والفكرة عموماً ( للقوميين الاجتماعيين ) جاءت نسفاً للطرح العروبي الشامل.


توالت الهيئات الحزبية ظهوراً في الشرق والغرب إما تأسيساً أو انشقاقاً، وجميعها طرح الفكرة الوحدوية بناءً على قناعات تولدت من خلال فهم التجربة العربية الوحدوية من تاريخ القائد (مينا) والقائد(نبوخذ نصر) وغيرهم.


وجميع الأحزاب والحركات تناولت الإسلام كدين وليس كحراك ثوري أسهم بالتغير الجذري في المجتمع باستثناء مجموعة من الشعارات التي أطلقها (ميشيل عفلق)، وجاءت الناصرية لترسخ الفكرة الاعتيادية بتناول الإسلام كدين بعيداً عن تناوله كحركة اجتماعية تغيرية.


وفي جميع مراحل إعلان وتشكيل ومسيرة التنظيمات القومية اعتمدت على (كريزما) قادة وتضحيات أفراد في وسائل الاتصال مع الجماهير،ولم تعتمد على وسيله حقيقية ممنهجة لها الدلالة التاريخية والاجتماعية بما يتعلق بالرؤيا العامة للمجتمع العربي وتطلعاته.


وتأثر الحركة القومية عموماً بالتغير الدولي الاجتماعي أدخل مجموعة من المصطلحات والمفاهيم التي لا تتناسب بالأصل مع الفهم العروبي بإرثه و موروثة الحضاري،
و ارتبطت بالذاكرة العامة للمجتمع على أنها مصطلحات غربية تعود بأصلها إلى أفكار ومفاهيم انحلاليه أو الحادية يرفضها المجتمع وعزز هذا الفهم القطريين بمعركتهم ضد التيار القومي .

 

فلا مساواة في التاريخ الحضاري العروبي والأصل هو العدل، والمساواة تعني بالمعنى الحرفي مساواة الأفراد بإطار واحد وهو ظلم واضح ، والأصل في الطرح العدل،فالعدالة بين الأفراد هو إعطاء الحق لصاحبه بتفضيلية بما ينتج خدمةً للمجتمع، والمساواة قتل للطموح والتقدم،والعدل بشموليته بدون حرية هو استقواء واستعباد وجمود ، والحرية المطلقة بدون عدل فساد.


والخلاصة لا عدل بدون حرية والمساواة فساد وجمود في الإنتاج.
والمجتمع لا يحكم بوحدانية الفرد المطلق بل بحرية الإبداع والمشاركة في الحكم وبعدل شامل يضمن للجميع المشاركة والإبداع.
والمجتمع الحر بعدالة شمولية هو المجتمع القادر على التقدم والازدهار.
فطرح التنظيمات القومية لفكرة المساواة كان خللاً في الطرح الفكري أفقد التنظيمات مقدرتها على التواصل مع الجماهير.


عزز فهم القوميين من خلال استيعابهم للموروث والإرث الحضاري للأمة العربية على فهم معنى المواطنة فهماً صحيح انطلقاً من التمسك بالثوابت، إلا أن استحداث لغة الحزب الواحد ولغة حرب التحرير التي يعلو صوتها على أي صوت قيض أركان الدولة بإسقاط فهم المواطنة، فالمشروع الحضاري الناهض للأمة يعتمد على تعزيز المواطنة انتماءً،فأي مشروع تنجزه الجماهير تكون أكثر مقدرة بالدفاع عنه، أما الانجاز إذا نسب لفرد فلن تكترث الجماهير بالدفاع عنه.


المواطنة تعني المشاركة في الحكم بعيداً عن وصايا الحزب الواحد والفرد القائد ضمن أسس الحرية والعدالة التي ذكرنا.


العروبة رسالة حضارية ثورية ضد الجهل والتخلف والتبعية، و رسالة العروبة الإسلام. والأمة العربية حضارة تامة تقود الأمم الأخرى نحو التقدم والازدهار، مقاتلة كل أنواع المظالم الاجتماعية والاقتصادية والتقاليد البالية عند الأمم الأخرى.


وتميزت الحضارة العربية أنها استطاعت التمييز بين الذكر والرجل وبين الأنثى والمرأة من خلال صفات وخصال صارت عنواناً مهماً في الفهم الحضاري للأمة.


أجمعت التنظيمات القومية بمدارسها الفكرية والسياسية على أن فلسطين قضية مركزية للثورة العربية ،لا يجوز بأي حال من الأحوال القفز عنها أو تغيبيها بأي مشروع ناهض، وتشكل فلسطين بحالتها العامة ضمير القومي المقاوم.


وثوابت الامه ومشروعها الحضاري وضعها بمواجهة حتمية وفعلية مع المشروع الامبريالي والذي تعد الصهيونية أحد أدواته وان كانت تأخذ شكلاً مستقلاً في إطار المشروع الاستعماري الامبريالي،والمشروع الفارسي الصفوي الذي يعادي جوهر العروبة ، والمشروع الفارسي بكل تفاصيله ومنطلقاته مشروع يهدف إلى ضرب كيان الدولة العربية الواحدة، والتلاعب بالمفاهيم والثوابت الحضارية للأمة.


فثالوث عداء الأمة ( الامبريالية بقيادة الاستعمار،الصهيونية، الفارسية)، وقد تجلى ظهور ثالوث العداء بوضوح لا يقبل الشك أو الجدل في العراق،فالمقاومة العربية في العراق تقاتل الثالوث دفاعاً عن كل الأمة .


شكلت الأقليات الوهمية في الوطن العربي لبساً واضحاً عند القوميين بأن الأكراد والامازيغ قوميات تامة، في حين أعتبر القوميين الاجتماعيين أن الأكراد جزء من الأمة السورية ، وفي كلتا الحالتين لم يتم التعامل معهما بالشكل الصحيح.


وتدل جميع الأبحاث والدراسات التاريخية والمختصة بعلم الاجتماع والتي سنقوم بنشرها تباعاً أن الأكراد والامازيغ قبائل غربية بدون شك تأثروا بعادات القبائل التي جاورتهم من غير العرب ،فاخذوا منهم الكثير نتيجة ضعف الشعور القومي في مرحلة ما من التاريخ.


العربي هو من يحمل ثوابت الامه في وجدانيه ويفهم فهماً إنسانياً رسالتها الحضارية.
أن تمدد الأمة العربية جغرافياً وحضارياً وتاريخياً يثبت أن أفريقيا قارة عربية بامتياز بها أقليات مصلحتها ترتبط جذرياً بالأمة العربية.
يعتبر الشهيد صدام حسين مجدداً في الفكر القومي وتجلى هذا التجديد بإعادة الاعتبار للإسلام كجوهر الحضارة ، فجاءت الحملة الإيمانية في بدايات التسعينيات ترجمة لهذا التجديد وظهرت وتجلت أيضاً أثناء المحاكمات.


القوميون هم الأحق بالدفاع عن الإسلام جوهر العروبة ،وهم المعنيون بالدفاع عن كل مسلم في العالم، فجميع المسلمين من غير العرب هم رعايا الدولة العربية الواحدة.

أن القوميين اليوم بحاجة إلى مراجعة فكرية شاملة ،فالعدل والحرية أساس الحراك الثوري الشعبي الذي يقوده القوميون بمواجهة ثالوث عداء الأمة وأدواته.

القوميون معنيون اليوم ببدء ثورة أخلاقية انقلابية شاملة في المجتمع مرتكزة على الفهم الحضاري للأمة محافظة على صفات وخصال هذه الأمة العظيمة .




00962795528147

Etehad_jo@yahoo.com

 

 





الاثنين١٥ صفر ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٩ / كانون الثاني / ٢٠١٢م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الله الصباحين نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة