شبكة ذي قار
عـاجـل










ب-: كان بسبب حالة الظلم التي تعيشها الامة العربية والاسلامية أيظاً,والتي تسبب بها الاستعمار الغربي الجديد وأبرز هذه المظاهر تتوضح في موقفه المتحيز من قضية فلسطين في دعمه اللامحدود للكيان الصهيوني وأيظاً في موقفه العدواني تجاه الامة العربية والاسلامية وخاصة في إحتلال أفغانستان والعراق وتدميرهما ومن ثم حملة الاطلسي الاخيرة على ليبيا والحملة الظالمة ضد القطر السوري ومحاولة محاصرته وتحت شعارات كاذبةمثل الحرية وحماية المدنيين,إن هذه الشعارات الكاذبة والمواقف الظالمة أدت وتؤدي الى خلق ردة فعل في الشارع العربي تمثلت في بروز تياراً دينياً متطرفاً يدعوا لمحاربة هذا الظلم ولكن هذا التيار المتطرف وضع كل النضالات التي تعيشها الامة اليوم في صورة الجهاد الديني وهذا أخطر من الاستعمار ذاته لانه يقسم الامة ويحرفها عن أهدافها الحقيقية,بل ذهب هذا التيار الى الحد الذي تطابقت أهدافه وتماثلت ادواته مع ألقوى الامبريالية الصهيونية الى تحويل الصراع الحقيقي من صراع بين قوى الثورة العربيةضد أشكال الظلم والاستعمار الى صراع ديني ومن ثم الى طائفي لكي يتطابق مع مشروع تقسيم المنطقة دينياً وطائفياً,فكم هي انانية هذا التيار المتطرف الذي يختبئ تحت شعارات الدين والطائفة.وفي نفس الوقت هنالك حقيقة لابد أن نكونُ أمينين في عرضها,وهي إن هذا التيار المتطرف والذي يقودوه بعضٌ من السلفين لا يخدم الدين والشريعة لان كل دعواته تتكسر أمام التطور الذي يعيشه الفكر العربي الاسلامي اليوم ( التطور لا يعني إطلاقاً خروجاً أو تغيراً في قيم هذا الدين الحنيف) بقدر ما يمثله من إبراز وتقديم القيم والمبأدئ المتطورة وعرضها للناس بشكل ينصف هذا الدين من كونه دين يحترم الاخرين ويتعامل مع الحورات بصيغ العقل والمنطق وهو إتجاه لا يتوافق مع أو يخدم مخطط تقسيم المنطقة دينياً وطائفياً,وهو مخطط تعمل به اليوم الدوائر الاستعمارية والصهيونية لذلك نلاحظ دعم الاستعمار الغربي للتيار المتطرف.


وكذلك يكشف الفكر العربي الاسلامي اليوم الذي ترتكز عليه الايديولوجية العربية الثورية عن ألاهمية التأريخية والقيمية والحضارية للفكر العربي قبل الاسلام والذي يؤكد حقيقة مهمة أن الله سبحانه وتعالى كان قاصداً في إختياره القدير بأن يكون المجتمع العربي حاضناً صحيحاً ومستحقاُ لهذا الدين,ويقول المفكر العربي الاستاذ ميشيل عفلق في هذا الصدد:(ان اختيار العرب لتبليغ رسالة الاسلام كان بسبب مزايا وفضائل اساسية فيهم، وان اختيار العصر الذي ظهر فيه الاسلام كان لان العرب قد نضجوا وتكاملوا لقبول مثل هذه الرسالة وحملها الى البشر، وأن تأجيل ظفرالإسلام طوال تلك السنين، كان بقصد ان يصل العرب الى الحقيقة بجهدهم الخاص وبنتيجة اختبارهم لأنفسهم وللعالم  وبعد مشاق وآلام، ويأس وأمل، وفشل وظفر. اي ان يخرج الايمان وينبعث من اعماق نفوسهم، فيكون الايمان الحقيقي الممتزج مع التجربة، المتصل بصميم الحياة)(1),ومن هذه الحقيقية يحق لنا ان ننطلق بتأكيدنا على العلاقة الجدلية والمهمة بين الفكر العربي والفكر الاسلامي والذي افضى الى تركيبة جدلية جديدة للفكر العربي الاسلامي لتكون صادقة في تمثيله لتطلعات الامة العربية والاسلامية بحيث يحافظ على مبأدئ وقيم الدين الحنيف من جهة ومن جهة أُخرى يبدي مرونة وسلاماً ومحبةً بين طوائفه وإالاجتهادات الموجودة فيه وبذلك يكون مهيئاً لابداء التسامح مع الافكار والحضارات المتعددة والتي تشاركه في هذا الكوكب .ويَحد من الاجتهادات المنحرفة عن مبادئه السامية سواء كانت مقصودة أو ناتجة عن جهل بحقيقة هذه القيم والمبأدئ.


· وأن الفكر العربي الاسلامي المعاصر فكر واحد مؤسس على خلفية التفاعل الجدلي بين الفكر الاسلامي والفكر العربي سواء كان جذوره مستمدة من فترة قبل الاسلام أو بعده.فأي حديث عن الفكر العربي المعاصر هو اصلاً يتظمن الفكر الاسلامي وهوتضميناً ضرورياً من حيث المبأدئ والقيم وهي الاسس التي جاء بها الاسلام لبناء المجتمعات, وليس كما يسعى البعض أن يسلك سلوكاًإقتنائياً عندما يحاول أن يفاعل الاسلام كفر وسلوكاً مع أنانيته في صياغة الافكار, بل أن الامرلا يحتمل إلا أن يأخذ شكلاً تكاملياً,فالمفكرون العرب المعاصرون من غير المسلمين اللذين عاشوا و يعيشون سواء في المشرق العربي(العراق, سوريا,لبنان ,فلسطين) أو في مغربه (الاقباط في مصر).فهم تناولوا القضايا التي تهم الفكر الاسلامي المعاصر تناولاً موضوعياً وعرضوا للعالم فكراً متطوراً و منفتحاً ومتفاعلاً مع كل الافكار الاخرى,بل دفعوا بكل قوة طرح قوة الاسلام في الكثير من الامور لميادين الحوارات والنقاشات والتي يتباحث عنها اليوم المفكرون والمجتهدون ويحاولون إيجاد شكل أو نموذج يفيد ويلائم هذه الامة كالنظام الديمقراطي ومسئلة حقوق الانسان والتي هي موجودة أصلاً في الفكر الاسلامي وقائمة في التجربة الاسلامية في الحكم,وأن هذا الدفع لم يكن بصيغة الاستنباط أو الاجتهاد بقدر ما هو إكتشاف هذه الحقائق. حيث أن الفكر الاسلامي المعاصر هو نتاج فكري لمفكرين عرب سواء كانوا مسلمين أومسيحيون وكانت منطلقاتهم الفكرية الحضارة الاسلامية,وقد ساهم الكثيرين من المفكرين العرب المسيحيون في اليقضة العربية(سلامة موسى, شبلي الشميل,أديب إسحاق,فرح أنطوان),وكانت جل كتاباتهم كانت تتحدث عن الدور العربي الحضاري التأريخي في هذا العالم,وصحيح إن كتاباتهم لم تتناول بشكل واضح وصريح الاسلام كشريعة وسلوكاً في تأثير التكوين النفسي والاجتماعي الحضاري للعرب ولكن كانت كتاباتهم تدل بشكل واضح على إنتمائهم الى هذه الحضارة الاسلامية التي أنتجت الانسان العربي الجديد.ولم ينقطع او يتوقف هذا الجهد عند حدود هذا الجيل بل جاء بعد هذا الجيل جيلٌ أخرمن المفكرين المسيحين العرب,جاء جيل جديد تناول الوجود الحضاري المعاصر للعرب على أُسس الاسلام كثورة وعامل تجديد للحياة العربية,فالمفكر العربي الكبير ألاستاذ ميشيل عفلق تناول الاسلام من المنظور البعثي سواء القيمي أو السلوكي ونجح في وضعه في نظرية حديثة قامت على أن الثورة العربية المعاصرة تأخذ من الاسلام صراحة قوة في الفكر والنهج وأستطاع هذا المفكر العبقري في تحقيق هذه الجدلية ليعطي مفهوماً ومعنى جديداً للثورة العربية المعاصرة,بعد أن وضع أُسس النظرية البعثية والتي تقوم على أساس الفكر الاسلامي المعاصروبذلك تخطى مفكري عصر النهضة العربية بإعطاء الصورة الحقيقية لمسالة التجدد الديني وذلك بمفاعلة جدلية مع عطاءات المفكرين المسلمين المعاصرين سواء في تركيا أو إيران أو حتى من الهند وباكستان وبالرغم من أنهم لم يكتبوا بالعربية ولكن إسهاماتهم في هذه كانت لها تأثيراً قوياً في العديد من كتابات المفكرين العرب المسلمين و المسيحين,ولكن هذه الانتاجات كانت قد تناولت فقط المواضيع التي خصت شؤون المسلمين في هذه البلاد الغير عربية وبقت بعيدة عن مسئلة المعاصرة في الفكر الديني وذلك بسبب ضيق في الافق المعرفي في ظروف التي نشأء الاسلام فيها, وأيظاً في محدودية القدرة في الاجتهاد الديني لان الاسلام أساساً كان قائماً على الثقافة العربية,ويعتبر القران الكريم مرجعية أولية في التفسير والاجتهاد وبتأكيده على أن القران عربياً:(إنَا أنزلناه قُرْآناً عَربياً لَعَلكُم تَعْقِلُون)(2),وأيظاً(لقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون اليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين)(3) اي بمعنى هنالك فرق في قوة الاجتهاد ودقته بين المجتهد المسلم العربي والمجتهد المسلم الغير عربي,وذلك لدراية الاول بالقاعدة العربية التي قام عليها وفيها الاسلام وايظاًفي الظرف العربي والبيئة التي نشاء فيها هذا الدين الحنيف,إن هذه العوامل تُعط للمجتهد الاسلامي العربي قدرة اقوى في التفسيرات عن المجتهد المسلم الغير العربي, وقد أتجرأ وأقول إن المفكرين العرب من المسيحين الذي عاشوا الاسلام كدين وثورة وقوة دافعة لتطور المجتمعات العربية أمتلكوا حظوظاً أكبر من المفكرين المسلمين الغير العرب المسلمين في فهم القوة العظيمة الموجودة في الفكر الاسلامي من قوة دافعة نحوتطوير الانسان وتثويره في إقامة مجتمعاته على  قيم سامية وعالية,اقول هذا وأقوي حجتي بقوله تعالى:( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ )(4)وهذا يعني إنكم الامة المؤهلة لحمل راية الاسلام الحنيف.إن هذا الامر  في محدودية المعرفة بجوهر وحقيقية الاسلام  جعل المجتمعات الاسلامية الغير العربية تنتج قوى التطرف ومن ثم تتحول الى حاضنة قوية للتطرف الديني,بل مصدرة لهذا الفكر المتطرف(السلفي) والذي أبتلت به الدول العربية والمنطقة عموماً فأية مراجعة للتأريخ سوف تتأكد حقيق واحدة أن التطرف المذهبي لم ينشاء ويتبلور في اي مجتمع عربي إسلامي بل نشاء وتبلور في بيئات بعيدة جغرافياً وفكرياً عن نبع الاديان وما تقوم به بعض الانظمة العربية من تبني هذا التيار ليس إلا محاولة منها للتستر على تبعيتها للاجنبي أو هو نوع من الاستقواء للطبقات الاوليغارشية الحاكمة أمام التيار القوي الذي يهدف لتغير هذه الاشكال من الانظمة الرجعية.


(1) حوار أجرته جريدة الجمهوريةالعراقية ، ونشر على صفحاتها في 27/4/1980
(2) القرآن الكريم/ سورة يوسف3
(3) القرآن الكريم/سورة النحل103
(4) القرآن الكريم/سورة ال عمران 110

 

 

 





الثلاثاء٢٤ محــرم ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٠ / كانون الاول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير الجزراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة