شبكة ذي قار
عـاجـل










والحقيقة الأكيدة أن ضعف هذا التيار تكمن في أن ظاهرة التطرف بحد ذاتها مرحلية في تأثيرها على المجتمعات وهي كفكر مرفوضة عند المثقفين والواعين والمحللين السياسين والاجتماعيين الخاليين من الغرض المسبق في العداء للقومية والتقدمية والذي يجيز تكفير الاخرين وإقصائهم وتهميشهم وإجتثاثهم,,وحتى عند اللذين يفهمون الدين شريعةً وأصولاً وفي مقدمتهم رجال الدين المسلمون الحقيقيون واللذين يعتمدون القران الكريم والحديث النبوي الشريف مرجعية وحيدةواساسية لتحديد وتوضيح اي فهم أو لبناءأي موقف حياتي,وأما من حيث الفعل الذي يمارسونه( والتي يطلقون عليها بالجهاد) الذي يجيز لهم القتل والتصفية الجسدية للاخرين ممن يختلفون معهم في الدين أو المذهب او حتى بالمرجعية فهو مرفوض جملة وتفصيلاً على قاعدة تكفير الاخرين لانها تسقط الايمان بفتوى بشرية,في حين وفي كل الشرائع السماوية لايُكفر ويسقط إيمان الاخرين إلا بنص كتابي أوحديث أو قول نبوي وبغير ذلك يدخل في حيز الاجتهادات البشرية والتي تعارض رغبة الخالق في أن يعيش الناس بمحبة ووئام وسلام وكما جاء في القران الكريم(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)(1)وهوالحاكم والديان لكل البشر الواحد الاحد ,لان المنطق يقول إنه لايمكن أن ينجح في تفسير اي نص لاي موضوع وبشكل يتطابق مع جوهر النص بالقدر الذي يَقدر عليه صاحب النظرية أو الفلسفة والذي صاغ هذه النصوص سواء كان كاتب أو محلل أوصاحب نظرية,فكيف الحال مع خالق الحياة أو أحد انبيائه أو رسله.إن الامر قد وصل بهذه الفتاوي والاجتهادات البشرية في الدين الواحد أن تتعدد الى الحد الذي يضيع على الناس وحدانيتهم تجاه الخالق!فكل إجتهاد أوفتوة تضر بالدين سواء تضعفه أو تشتت قواه الفكرية في الحجة والنص أوتفرق أتباعه الى ملل وشيع فهو إجتهاد وعمل باطل و مرفوض...


وأن ظاهرة التطرف الديني ليست وليدة مخاضات الاجتهادات والفتاوي البشرية في الشرق فقط,فهي سبق أن كانت موجودة في أُوروبا في القرون الاولى والوسطى من المسيحية فهي ليست بجديدة على عالمنا, واليوم لم يبقى منها في الغرب إلا الشئ الذي لا يستحق ذكره,و بحكم فصل الدين عن السياسة وفهم حقيقة الدين التي لا تستطيع قوى وعقليات بشرية أن تستمر في تشويه حقيقة دين السلام,ايظاً بحكم تطور القوانين التي تٌحكم المسيرة التطويرية للأنسان وخاصة ظهور الفلسفات و الايديولوجيات التقدمية والتي أخذت من الدين بعض المبادئ والقيم وأعادة صياغتها بشكل قوانين وضعية وسلوكيات صحيحة, وهي التي جمعت أكثر المجتمعات الغربية مع بعضها وقربتها بالرغم من وجود الكثير من الاختلافات الدنيوية بينها,وتاركين كل الطقوس التي تباعد بين هذه المجتمعات.وبالتأكيد ستكون مسيرة الظاهرة الدينية في الشرق ونهايتها كما هي سابقتها في الغرب ولكنها ستكلف شعوب المنطقة الكثير من الخسائر في المعاني الدينية سواء كانت رموزاً أو معاني قيمية ومبأدئ مرتبة على فلسفة الدين,إلا إذا أحكمنا أبوأب مجتمعاتنا أمام التدخلات الاجنبية والتي تدعم نمو هذه الظاهرة لسبب واحد لانها أكبر العوامل واقدرها على تمزيق المجتمع العربي الى أديان وطوائف و مذاهب.


وفي شرقنا الاوسط والادنى أصبحت هذه الظاهرة اليوم مؤثرة جداً,وهي لاتنتشر في أوساط طائفة أو مذهباً محدداً بل تتواجد في فلسفة كل المذاهب أو الطوائف ويلاحظ أن في كل منها يكون له دوراً تشتيتياً ومفرقاً للدين وتخلق حالة من الصراع بين أجنحته حتى في الطائفة الواحدة او المذهب الواحد,وأن كل أجنحته تنادي بإقامة الدولة الدينية بحسب مجتهديه أو مرجعيته الدينية المذهبية.وأن تناميه في الوسط العربي اليوم بهذا الشكل الملفت وبمقارنة عن ما كان يعانيه هذا التيار في القرن الماضي من إنحسار وسلبية في التعامل معه بل لفض لأكثر طروحاته المتشنجة تجاه أي مظهر حضاري او تقدمي قد تبنته هذه المجتمعات, وقد كانت بعض إعلاناته حادة ومتوترة في دعواتها والتي كانت قد أخذت طابع الجهاد وتحت مسميات لاتمت في حقيقتها المتطرفة والمؤذية للدين الاسلامي الحنيف, وهذا ألانحسار وحتى الرفض في بعض الاحيان كان بسبب وجود قوي وحاضر ومؤثر أنذاك لحركة الثورة العربية سواء كانت قومية اوإشتراكية,وأقول أن في تمدده في الساحة العربية اليوم خطراً ليس على حالة التغير التي يعيشها المجتمع العربي فقط والوقوف بوجهها,بل محاولة تحريف إتجاه هذه الانتفاضات وأيظاً محاولة جذبه للوسط الجماهيري المحبط نحو أهداف هذا التيار, بل أن الامر وصل بإقترابه من جرف الاحزاب الوطنية والقومية الاشتراكية وقضمه لمساحات جماهيرية مستغلاً في بعض الاحيان ظروف التحالفات أوتشكيل الجبهات مع القوى الوطنية القومية والتقدمية,ومن ثم الالتفاف على هذه الاحزاب والتيارات بأسم الدين أو الطائفة (من خلال فتوى لاحد المرجعيات لتجيز له هذا الالتفاف أو الاصح الغدر) ومن ثم تقدمه عليها في قيادة اي تحرك جماهيري,وهذا بحد ذاته يؤشر حالة الخلل في هذه الاحزاب سواء قومية أو إشتراكيةأو ماركسية..



(1) القرأن الكريم / سورة الحجرات / آلاية 13

 

 





الاحد٢٢ محــرم ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٨ / كانون الاول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير الجزراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة