شبكة ذي قار
عـاجـل










المسافة بين ضريح الإمام الحسين بن علي عليهما السلام سبط رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وسيد شباب أهل الجنة في كربلاء العراقية الأبية الأصيلة وبين البيت الأبيض الأمريكي ليست قصيرة بحساب القياس المتري وليست قصيرة في حساب العقائد، لأن كربلاء مدينة ترفع الإسلام كل يوم من مآذنها، في حين إن البيت الأبيض يقرع أجراس الجشع الرأسمالي والطغيان الامبريالي الدموي المجرم بحق الإنسانية. ورغم كبر المسافة المادية والعقائدية إلا إن مَن يدعي الانتماء إلى كربلاء المقدسة المدعو نوري جواد العلي لم يستثمر قط ساعات الرحلة إلى مدينة البيت الأبيض في التفكير بما يقوم به هو وحزبه الذي يدعي الإسلام ويدعي الانتماء إلى الحسين الشهيد الخالد من ارتماء مذل في أحضان الذلة فينتهك بذلك أهم شعار رفعه أنصار الحسين وشيعته ومواليه: هيهات منا الذلة.. وما يؤديه المالكي وحزبه من خيانة للإسلام والوطن وسحق منظم لصدقية الشيعة يضع انتماءهم للإسلام محل شك وجدل منطقي وشرعي لا يمكن لسياسي مهما بلغ من الوضاعة أن يقبل به لمجرد التهالك للوصول إلى السلطة في بلد محتل، بل حتى لو كانت رافعته لحكم العالم برمته ومَن يسكت عنه من الشيعة، فهو جزء من عاره. فالمالكي بخيانته السافرة وارتماءه هو وحزبه ومَن وراءهما إيران ولاية الفقيه برمتها في أحواض النجاسة الأمريكية وتحت أوزار أردية الخيانة والعمالة يخرج نفسه وحزبه وولاية الفقيه الساندة له من الدين ومن الملة التي يدعي كذبا وزورا الانتماء والولاء لها ويوجب على الشيعة العرب الجعفرية أن ينهضوا بواجباتهم الوطنية والدينية وحتى الاثنية لتطهير أنفسهم من هذا الزنيم المجرم، وإلا فان عاره سيكون عار لهم رغم إنهم لم يقطعوا المسافة بين كربلاء ومدينة البيت الأبيض.

 

في علم النفس الاجتماعي إقرار بأن المرأة الساقطة لا ترى في نفسها أي معلم من معالم السقوط وتتعامل مع الزنا كوسيلة لكسب مستلزمات الحياة, تماما مثل المالكي الذي لا يرى في عار إلغاء المسافة بين ضريح الحسين ورمزيته الإسلامية العقائدية وبين البنتاغون والبيت البيض أي ضير مادامت تؤمن له ولحزبه السلطة ومهما كان ثمن هذه السلطة مكلفا أخلاقيا وسياسيا. المرأة الساقطة تغتنم شهوة النفوس المتهاوية للذة عابرة لتحقق مكسبا ماديا قذرا والمالكي يستثمر شهوة أميركا لحماية الصهيونية وللموارد التي تؤمن هذه الحماية ليفوز بسلطة فاقدة لأبسط مقومات الأهلية والشرعية دينيا ووضعيا.

 

في حمامات كربلاء والنجف والكاظمية الشعبية كانت جموع الشباب المتحفزة لممارسة التطيير تغسل أجسادها لتتطهر لاستقبال الدماء النازفة تظهيرا وتعاطفا مع الحسين الشهيد طبقا لعقيدة لا يعرف لها مصدر وكان العديد منهم يحتسي الخمر استجابة لمعلومة ضُخت من طرف متدين جدا تفيد بأن الخمر يفور الدم ويعطيه قدرات مضافة على التدفق ... و نوري جواد العلي ابن هذه البيئة الشاذة المنحرفة التي لا تعرف أي فاصلة بين الحق وبين الباطل وتتعاطى مع الدين والمذهب عبر مظهرية وشكلية تضعهما في خانات بعيدة جدا عن أصولهما وفروعهما ويأتي العار ليس على المالكي وحزبه فقط، بل على الشيعة الذين يهادنوه ويعاونوه على المضي في الادعاء بأنه يحكم بإسمهم .

 

نوري المالكي يوقع صكوك الاحتلال المدني للعراق وتوزيعه حصصا بين أميركا وبين إيران وهو وحزبه وعملاء العملية السياسية واجهات مهمتها تمرير المخطط الإجرامي بحق العراق والأمة. انه يقبل لنفسه ولاتجاهات مَن يعمل معه كلهم على أن يلعبوا دور الممثل الوضيع ليُخفي حقيقة الاحتلال الباقية بصيغ مختلفة تضمن بقاء العراق مرهون الإرادة لأمريكا ومنقوص السيادة بسبب وجود قواعد احتلالية وشركات أمنية وسفارة فيها جيش قوامه 16 ألف أمريكي، ما حصلت ولن تحصل في تاريخ العالم وجيش من المستشارين والمخابرات وشركات الاحتكار الرأسمالية. الإجراء الأمريكي بإنهاء الحرب في العراق إجراء مخابراتي يسهل على أميركا أعباء الحرب من خلال تقليص خسائرها البشرية والمادية لكنه يبقي العراق محتلا لأن الحكومة خاضعة لإرادة الاحتلال خضوعا تاما ولأن أوضاع البلاد كلها تتحرك طبقا لأجندات الاحتلال سواء في تهشيم البلد إلى فيدراليات وأقاليم تحت مسوغ الهرب من ممارسات الحكومة الطائفية الإجرامية أو تحت رغبات معروفه في الانفصال.

 

نوري المالكي يوقع لأمريكا صكوك الطاعة العمياء بأن يكون حصان طروادة لأهدافها ومصالحها السياسية في العراق فقط، بل وفي المنطقة كلها ليكون هو ممثل رديء للإسلام الشيعي الأممي الصفوي الفارسي وما سيتبعه من كانتونات تمزيق أرض العرب وليعطي الحق الافتراضي للإسلام القرضاوي التركي باستلام أجزاء أخرى من ارض العرب، ولتنتقل المنطقة بعد حين إلى الاقتتال الأوسع بين العرب القرضاويين الأتراك بالهوى وبين العرب الصفويين الفرس ويبقى الكيان الصهيوني ينعم بالأمن والسلام.

 

المالكي في زيارته الحالية لأمريكا قدم كل فروض الطاعة لتنفيذ كل ما تريده أميركا محليا وإقليميا وقدم لها كل الأغطية لتمرير بقاءها النوعي كقوة تحتل العراق وضمانات معاونة المتبقي من قواتها على الحماية والطاعة وتسهيل مهماتها في سرقة ثروات العراق وفي المضي قدما في تكريس الطائفية والعرقية كمنهج يبقي العراق بلدا يقبع في ذيل تعريف الدول وتابعا ذليلا لإيران وأميركا. ومارس هذا المرتزق الأجيرالخائن طقوس الجلاء الكاذب وقراءة سورة الفاتحة على مقابر قتلة شعبنا ومغتصبي شرفنا ومدمري وطننا مخالفا بذلك بذلة ما بعدها ذلة ابسط تعاليم الإسلام الحنيف وساقطا في عار لم يسقط فيه قبله سواه هو وشركاءه في العملية السياسية الاحتلالية الأمريكية. لقد داس المالكي على كربلاء والنجف والكاظمية وسامراء وبابل والبصرة والموصل والسليمانية.. داس بحوافره على الشيعة وعلى السنة وعلى المسيح والصابئة واليزيدية والشبك .. لقد بصم على أن يظل العراق ينزف وبهذا فقد حتى حق الادعاء الكاذب بالدين وأذل الراكضين في ركضة طويريج واللاطمين على صدورهم في مواكب العزاء حتى تُدمى بكفوف مرتعشة جاهلة والنازفين دماء من رؤوسهم بسيوف بليدة غبية تُدمي الدين والمذهب معا. لقد مارس المالكي أبشع أنواع العهر السياسي ومن يبقى ساكتا عنه فانه يمارس أبشع أنواع الهوان والذلة لنفسه ولدينه ولمذهبه.

 

أما اوباما فالرجل لا يُلام لأنه يريد أن يُخرج أميركا من ورطتها في العراق ويريد أن يفي بوعوده الانتخابية ليُعاد انتخابه ويريد أن يحقق مصالح أميركا التي غزت من اجلها العراق بأقل الخسائر أو بدون خسائر. لذلك مارس التدليس والكذب في كل حرف نطقه: كذب بادعاء الشراكة مع العراق فالعراق ليس لديه ما يشارك به أميركا بعد أن دُمر بالكامل بالغزو والاحتلال، بل يمتلك ثروات تنهبها أميركا مجانا وكذب بالشراكة السياسية لأن العراق ليس فيه الآن سياسة ولا وزن سياسي يشارك بها الآخرين بعد أن نحرت أميركا وقردتها وحدته الوطنية ومزقت جغرافيته عمليا بالعرقية والاثنية البغيضة وبتعدد سلبي للأحزاب والمليشيات...وكذب اوباما كذبته الكبرى عندما ظل يدلس بادعاء العراق الديمقراطي فالعراق يعيش ابغض أنواع الدكتاتورية وانتهاك حقوق الإنسان بالتصفيات الجسدية والتهجير والاعتقال والاغتصاب وقطع الأرزاق وكذب كذبته الأعظم عندما تحدث عن الشفافية في عراق يعيش الظلمة والعتمة وأخس أنواع الفساد المالي والإداري... غير انه معذور من وجهة نظري لأنه يريد أن يحقق نجاحا وفوزا لبلده وأمته أمام قرد باع وطنه ودينه وأمته وبشرعية منحتها له الدولة المحتلة ... نجاح لفظي يغطي وراءه آلاف قُتلوا وعشرات آلاف جُرحوا وآلاف عوقوا نفسيا وعقليا وبلايين هدرت أوصلت أميركا إلى حافات الانهيار الذي أتاح لاوباما أن يكون رئيسا كذابا لدولة مدلسة.

 

ويبقى لأبناء العراق ومقاومتهم البطلة الوطنية والقومية والإسلامية الكلمة الأخيرة وهي كلمة الفصل التي تنطق باسم الله والوطن والأمة والتحرير الناجز وشرف الموقف.. والله اكبر.

 

 





الجمعة٢٠ محــرم ١٤٣٣ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٦ / كانون الاول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة