شبكة ذي قار
عـاجـل










بعد الوعود التي قطعتها على نفسها الولايات المتحدة الأميركيّة أمام العرب بحلّ القضيّة الفلسطينيّة ساعة ما يتحقّق الغرض الأميركي من ضرب العراق وتدميره وإخراجه من قضاء الكويت بالتعاون مع بعض العرب ومع الحكّام المشايخ الأعراب وذلك من خلال مؤتمر أوسلوا يجتمع فيه العرب والفلسطينيّون واليهود لإقرار الحقّ الفلسطيني وتنفيذه , ولكنّ تلك الوعود المعسولة سرعان ما تبخّرت بعد تدمير العراق , بل ولم يجن العرب والفلسطينيّون من تلك الوعود "الأوسلويّة" إلاّ مزيداً من الفرقة والدمار كما هو معروف , ثم استمرّ مسلسل وعود الاعتراف بالدولة الفلسطينيّة من قبل الغرب وتبلور أكثر بعد أن استقرّ رأي أميركا على غزو العراق هذه المرّة وذلك بإعادة مسلسل دغدغة المشاعر العربيّة للمغفّلين منهم وهم كثر والحمد لله , فراح مجرم الحرب بلير يسعى ما بين مصر حسني وما بين شيوخ دول خليج الناتو لشحن بطّاريّة القضيّة الفلسطينيّة الناضبة منذ ما بعد أوسلو ولغاية موعد اقتراب غزو العراق بغرض حشد التأييد لذلك الغزو الذي نشهد ويشهد العالم هروبه حالياً من جحيم المقاومة العراقيّة المغلّف بـ"الانسحاب" , وكالعادة وجدت تلك المساعي الغربيّة المحمومة لها آذان صاغية وأيدٍ مصفّقة , وللمرّة بعد تلو المرّة , كانت تلك المساعي تمهّد لما هو الأخطر على الوجود العربي برمّته , لعلم الغرب المسبق أنّ غزو العراق يمهّد بشكل حقيقي لتصفية القضيّة الفلسطينيّة تصفية تامّة ولكن وفق الهدف الغربي الغير معلن رسميّاً, وفعلاً عمّت الفوضى بعد احتلال العراق البلدان العربيّة والمنطقة والعالم , وأصبحنا نحن العرب من مسلسل تداعيات ذلك الاحتلال على محكّ المواجهة المصيريّة مع "قضيّة العرب المركزيّة" تجسّد بمسلسل غربي خاص يمهّد لمساعي التصفية بشكل نهائي ؛ بداية هذا المسلسل بعد غزو العراق هو إسكات فوّهات نيران جنوب لبنان المتجاورة لحدود الكيان الصهيوني من "شماله" والموجّهة إليه , ولكن .. وبعد الهزيمة الصهيونيّة العسكريّة الغير متوقّعة على أيدي المقاومين اللبنانيّين الّذين ذكّروا العالم بالبطولة الفائقة للمقاومين الفنلنديّون الذين هزموا الجيش السوفييتي رغم تفوّق الجيش الغازي لفنلندا بخمسة عشر ضعفاً على الجيش الفنلندي !! توجّهت آلة التصفية الصهيونيّة للقضيّة الفلسطينيّة بعد نكسة الصهيونيّة في لبنان , بينما العراق لا زال تحت الغزو , نحو "غزّة" بتواطئ نفس المشايخ وعرّابهم حسني مصر الّذين ليسوا فقط أيّدوا غزو العراق بل وعملوا بكلّ وسيلة لاستدعاء ما يبرّر للغرب وتوسّلوا له من أجل ذلك , تدمير العراق ومحوه من الوجود إن أمكن ..


اليوم .. وبعد أن حقّقت "الانتفاضة العربيّة الكبرى" نصف أغراضها بالنسبة للمصالح الغربيّة ـ الأميركيّة بإسقاط نظام الحكم الوطني الليبي وهو النصف الأوّل من صفحات أغراض هذا الحلف "الناتو" من "الثورات العربيّة" والّذي كان رافق إسقاطه تهييج القضيّة الفلسطينيّة مرّة أخرى أمام العرب بغرض حلّها ! , والحلّ هذه المرّة سيكون بلا أدنى شكّ حلاً حقيقيّاً "للمسألة" الفلسطينيّة بالنسبة للغرب ! خصوصاً بعد توافر الفرصة الذهبيّة باحتلال وإسقاط أنظمة "الدول الممانعة" بقيادة العراق , ولكن بطريقة جديدة لا يدركها العرب ولا حتّى يدركها أعراب خليج الناتو وبطريقة تلتأم ونمط "التغيير" الذي سار عليه المتظاهرون حسنوا النيّة الّذين "أسقطوا" نظاما محمّد حسني وأسقطوا بنفس النيّة نظام زين العابدين "الجمهوريّة الأولى" , ولمّا جاء الدور على المستهدف الأوّل من هذه الانتفاضة الكبرى "النصف الثاني من صفحات أغراض الغرب" ألا وهي "سوريا" بغية إنهاء ممانعتها التي تمثّل الجدار الممانع الأخير بالنسبة لرغبات الكيان الصهيوني , وبشكل نهائي , وفتح أبواب "من النيل إلى الفرات" على مصراعيه أمام الكيان الغاصب , وهو الهدف الّذي بدا جليّاً بشكل واضح وفاضح لحقيقة عمليّة "الانتفاضة العربيّة الكبرى" التي تذكّرنا تسميتها والأهداف المرجوّة من خلف الستار منها باتفاقيّة سايكس بيكو المشؤومة بـ"الثورة العربيّة الكبرى" !!! التي كانت في حينها المدخل الاستعماري الرئيسي لزيادة تفتيت الأمّة العربيّة زيادةً ما كانت عليه من تفتيت على أيدي الغزاة العثمانيّين كما هو معلوم ولابتلاع فلسطين بالكامل فيما بعد بالتمهيد لنضوج أسباب مفاعلات سايكس بيكو دوليّاً وعربيّاً مع مرور السنين لابتلاع الأراضي العربيّة بكاملها فيما بعد وإقامة إسرائيل الكبرى على كامل مساحاتها "كما يُمَنّي الغرب لليهود أنفسهم!!" في مرحلة قادمة بدت ملامحها تتشكّل الآن انطلاقاً من "االانتفاضة العربيّة الكبرى" ! , وبما أنّ طرق المساومة التقليديّة الغربيّة أصبحت مكشوفة , مكشوفة للإعلام وليس لما يسمّون بالمعتدلين , تنضّجت لدى أميركا والغرب أكثر وتبلورت فكرة "الاعتراف بدولة فلسطينيّة" اعترافاً مؤقّتاً يمكن إزالته وإزالة آثاره بسهولة مادام ذلك سيكون معول هدم لمبرّرات وجود النظام السوري , وما دام الاعتراف "المؤقّت" سيكون بقرارات صادرة من منظّمات تعمل تحت سقفها وتحت سقف منظّمة الأمم المتّحدة ! .. وبداية مشروع هذه "الفكرة" , نقول أنّها فكرة لأنّها منطقيّاً بالنسبة لمستعمر تبدو كذلك , ستتصاعد إذا ما تلكّأ الغرب في إسقاط النظام السوري , فيعمل الغرب عندها على رفع ملفّ القضيّة الفلسطينيّة من "منظّمة اليونسكو" إلى مستوى أعلى من الاعتراف , أي سيكون اعتراف أممي بدولة فلسطينيّة اعترافاً كاملاً معلن عنه , ولا خوف من ذلك الاعتراف على الغرب مادام بإمكانه وبإمكان أميركا إزالته وإزالة آثاره أيضاً ما أن يسقط النظام السوري ! , وهي الطريقة الأنجع بنظر الغرب "من الناحية المنطقيّة" لرفع الغطاء بهذه الطريقة "الجديدة" عن النظام السوري تمهيداً لإسقاطه ما دامت القضيّة الفلسطينيّة محور بقاء النظام السوري .

 

 





الاحد٢٤ ذو الحجة ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٠ / تشرين الثاني / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب طلال الصالحي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة