شبكة ذي قار
عـاجـل










نعم سلام لك أيها العيد وسلاماً على أهلي في العراق وعلى كل اللذين اخرجهم الظالمون من وطني الحبيب.سلامٌ على الرفاق والاصدقاء والاحباء وحتى على اللذين قست قلوبهم على الانسان في العراق وفلسطين وأفغانستان وفي كل هذه البقاع أن يهديهم الله اليوم وفي كل زمنٍ تفاخرفيه الشر بالغلبة والنصرة لحينٍ,وملاء الارض صراخاً وزعيق..سلاماً على كل الشهداء ورحمة وغفراناً لهم.. وسلاماً على شهيد الحج الكبير الذي تقدم للشهادة وهوماردُ أمام جلاديه الاقزام,أستقبل الشهادة بفرحٍ وهويصلي في قلبه وكتاب الله في يمينه, ولاخر لحظة من حياته بعث الينا بدرسٍ كيف تكون شهادة الفرسان وكيف يكون قلب المؤمنين وكيف نودع هذه الحياة الفانية بصلادة المعادن الاصيلة التي لا تدغدغ صلابتها طرقات أيدٍ راخية,ولكن فقط تنحني وتركع أمام نار حب الخالق الواحد الاحد.كان شامخاً عالٍ وهم كانوا مهزوزين مرعبون تتراجف ايديهم الوسخة وقلوبهم الحاقدة,ودعتنا وودعنا معاك الوفاء ايها الكبير,فرحمة عليك أمين


نعم رحلتي مع عيد الاضحى بدئت منذ طفولتي التي لم تكن تفهم من العيد إلا القفز بين الفرح و الحلوى ونسج الضحك بين الشفاه البريئة التي لاتتعدى فرحتها هذه المشاعر,وقد رأيتها في أطفال العراق ملونة كالخيوط التي نسجت ثيابهم في العيد وايظاً نائمةً بقبضة أيادي الصغار كماكانوا يقبضون على عيدياتهم التي تزرع فيهم بهجة يومهم.. كَبرتُ وكَبرتْ معي نوافذ العيد فأصيحت معها أٌشارك الاخرين بالتهنئة ومحو الحزن من الاخرين,وأزرع البهجة للجميع, وتعلمت من دينٍ كل المحبة والتسامح ومعاونة الاخ والشقيق والصاحب والرفيق,وهداني ربي الى عقيدة نمت فيَ حب الامة والانسان الصديق وهداية العدو وعلمتني أن أعمل بسيفٍ يفرق بين الكذاب وكلام الصديق ,وبين الشريف الذي لايقبل ببساطيل الاجنبي ان تدنس حتى آشنة في مستنقعاً في أطراف وطني,عقيدة بعثت في العربي كل حلو ونقي وسامي من تاريخ حمل كل ما في حضارة قامت بين الرافدين الخالدين وشمخت على ضفاف النيل وتمددت على سهول بردى.إنها عقيدة الوفاء والشهامة فتزاحمت نحوها كل عقول الامة من العلماء والادباء,ولفظت الكذابين والمارقين ومصاحبي الكفرة و من أدعياء الدعارة بالسياسة وبائعي الاوطان ..


وقبل حلول الظلام, كان قد كَثُرَ عندنا العيد وزادت ايامه أقول هذا وأستشهد بقول ابن رجب الحنبلي رحمه الله: (الخواص كانت أيام الدنيا كلها لهم أعياداً فصارت أيامهم في الآخرة كلها أعياداً. قال الحسن: كل يوم لا يعصي الله فيه فهو عيد ، كل يوم يقطعه المؤمن في طاعة مولاه، وذكره، وشكره فهو له عيد)*.وكنا في العراق نتوسل مرةً هلالاً لكي يطل برمضان علينا و مرةً بتكرمه علينا بليلة العيد التي لايمكن ان ترتقي السعادة نفسها اليها,فكنا ننفجر فرحاً وحباً وسلاماً في ليلة العيد..أقول هذا قبل أن يغزو نهارنا ظلاماً ويحرق أمالنا ويملاء أرضنا بشهداءنا ويسرق منا سلامنا ويحيل أرضنا الى مقابر بعد أن كانت منابر, منابر علم وفكر وشعر ويُدَرسُ فيها التأريخ والحاضر والمستقبل وبقلوب مملؤة بالمحبة,محبة الاخرين.. وفي ليلة سوداء قُتل فيها الحارس وأُغتيل صاحب الدار وشُرد الاولادُ والبنات,كان ذلك في 2003 حيث حلق في سماء العراق عقبان سود تتساقط من مناقيرها سموم قتلت الاخضر في بلادي,و وفي أرضنا كان دبيب زاحف من قوارض الطاعون وسحالي الجيف يأكل الاخضر والحلو الذي بلادي,وهنالك على أطراف الحدود ضحكات لمن حُسبوا يوماً لنا اشقاء ملئوا كؤوسهم بدماء أبناء وطني وحسبوها نشوة نصراً لهم,واليوم هي أمست عليهم فاجعة لا يقوون عليها لانهم بدئوا يسمعون طرق الاجنبي على أبوابهم ويعيشون مع تهديداته ..(سامحهم الله).. هكذا شدَ العيد رحاله بعيداً عن بلدي,ودخل الحزن والبكاء والشقاء في حجر بيوتات العراق,نسينا كما نستنا الضحكات ودردشة الاخ والجاروالاحباء..حلَ ظلامٌ وخوفٌ في وطن الرجال,لننظر للسماءو لنفتخر بالضيقات لانها تُنشئ صبراً والصبر تزكية والتزكية رجاء ..


فقد كنا رجالاً نساءاً نعبد الله الواحد الاحد ومن ثم نتعبد بالعمل ( العمل عبادة ) , لذلك كانت كل ايامنا عبادة وبالتالي هي اعياد لنا ,لم نكن نعرف الحزن الى أن جاء الظالمون الحاسدون وأكتسحوا مزراع الخير كجراد أسود وقلعوا الشجر الاخضر وأكلوا المعدن الاصفر وشربوا النفط الاسود,ولولا الابناء الشرفاء من المقاومة العراقية ممن ضربوهم على رؤوسهم وسحقوا آلآلاتهم ما فكروا اليوم أن يخرجوا منها مهزومون,الابناء اللذين ضربوا راس كبيرهم الغازي بحذاء الزيدي وسحقوا جنوده بالطلقة والمكواروالمدفع وبالكلمة القائلة والمكتوبة والتي ملئت الفضاء والسماء. نعم كنا نعيش حياة العبادة بالصلاة والعمل مهتمين.


ها أنا أٌحاول أن أرسم الصورة بحبر جروحنا وعلى ورق وهو مرآة الصادقين ويتبارك فيه وبكل حرف يولد على جبينه,وأحاول أن أُترجم أحساسي ومشاعري والتي لم تتعود على أن تفارق الاحباب.وأنا في هذه الخلوة الحلوة ومعي صديقي القلم وهويفهم معنى الوفاء وانا اقول لوطني العطشان للماء ياوطن شربت من مياه العالم ولكنها لم تستطع أن ترونيي, ولم أحس بنبض الحياة إلا عندما كان صدرك وسادتي,ورايت ملايين الضحكات في شوارع الغربة فلم أجد أصدق من ضحكات أهلك البسطاء الصادقين,الى أن حول المغول كل هذا الحلو الذي فيك الى حزن,ونسينا العيد وترك أهلك الحقول والمعامل والمدارس فنسوا العبادة وعادوا الى محرمات الدنيا,وكما فعل العبرانيين بعد خروجهم من ارض مصر اللذين نسوا فضل القدير وأنقلبوا على نبي الله موسى(ع) ,فضربهم الله لكي يعيدهم الى طريق الايمان.وبعض أهلك أصطف مع الشياطين ضد ابنائك المؤمنين ومن أجل المال كما فعل ابو لهب,وبعضهم ياوطن اصبح دليل الشروللمحتلين كما فعل العلقمي.وهكذا قتلوا ضحكة الطفل وضيعوا مستقبل الشباب وسَرعوا في موت الشيوخ.ولم يكتفوا بل غدروا بالوية البناء في يوم العيد فكسرا الشرع وقتلوا البناة,فكان شهيد العيد الكبير في مقدمة الاضحية للعيد,وأصبحنا في كل عيد نذكر غدر القتلة اللذين اسائوا للدين عندما طَوىُ أهم تعاليم الشريعة,أسائوا للوطن عندما غدروا ببناته,وجعلوا من فضاء العيد الابيض فيه سوادٌ,أغتالوا فيه القضاء فأغتالوا به تاريخ العرب في العدل والقضاء,وكانوا يرمون الى زرع الحزن فيناولكنهم نسوا أو تناسوا إننا شعب يحب الحياة,لا ننسى شهدائنا ابداً ونحول ذكراهم لقوة في التحرير الكامل والقادم (إنشاء الله), الى قوة لنا في محبة الله والناس ونسيان مال الدنيا.


إننا في بعض الاحيان قدنعتاد الحزن ويتحول الى سنة في حياتنا ويصبح جزءاً منا ونصبح جزء منه,وننسى الفرح والضحك ولكن دائماً هنالك الرب ينتظر عودتنا اليه ليمنحنا الغفران ونعود اليه لنكون له شعباً مؤمناً,ويعطينا الصفاء في قلوبنا ويدلينا على الوفاء في وعودنا له,إنه طريق عودة المؤمنين. ولكي نُعَيَد مرة أُخرى وفي داخل مساجدنا ليس لنا خياراً سوى أن نكنس شوراعنا من نفايات الاجنبي وهويغادر أرضنا,ونُبصر الاخرين ان لا يضيعوا فرصة إيقاض ظمائرهم وكسب مودة شعبهم بخدمته وليس بتسخيره لاطماعهم. نحن شعبٌ يؤمن بأن عيد الاضحى يبدا بيومه الاول و كما يقدم الحجاج في (منى) الاضحيات لوجه الله تعالى ومعهم كل قادر من المسلمين في كافة بقاع العالم ومن ثم تبدأ إحتفالات عيد الاضحى بإداء صلاة العيد فجر اليوم الاول من العيد الذي يستمر اربعة أيام وتصلى هذه الصلاة خارج المساجد كما يجوز أن تصلى داخل المساجد,وبعد الصلاة تذبح الأضحية تطبيقاً للآية الكريمة ( انا أعطيناك الكوثر , فصلِ لربك ,انحر ) .. ونحن في العراق قدمنا أضحيتنا وكان الشهيد الكبير صدام حسين(رحمه الله) هو اول أضحية عيد التحرير والنصر العراقي(إنشاء الله)..


ونحن اليوم نعيش إحتفالات العيد الكبير,وفينا من يُصَلي وهوخارج الوطن ومنا من يُصَلي وهوداخل الوطن,وفرحنا قادم بنصر الحق وإنشاء الله ستكون صلاتنا كلنا في العيد القادم داخل وطننا أمين...



* (صفحة 317 من كتاب لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف) للامام ابن رجب الحنبلي 736

 

 





السبت٠٩ ذو الحجة ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٥ / تشرين الثاني / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير الجزراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة