شبكة ذي قار
عـاجـل










 

لم يبقَ بشر أو شجر أو حجر لا يعلم إن ضخامة جلال الطلباني, رئيس عراق المنطقة الخضراء, هو التجسيد الحي للعنصرية القومية بكلّ تبعاتها وتفرعاتها منذ تعيينه من قبل أسياده الأمريكان المحتلّين "رئيسا" للعراق. ولم يجد المواطن العراقي, وهنا أتحدى من ينقض هذا القول, أية خطوة ولو صغيرة وهامشية قام بها العميل الطلباني دون أن تفوح منها رائحة العنصرية الكريهة, أو دون أن يكون فيها مكسب من أي نوع كان لقوميته.


ولم يجنِ العراق والعراقيون من رئاسة ثور الحظيرة الخضراء مام جلال أية منفعة, بل تحوّل ليس الى عبء مالي وأخلاقي وسياسي فقط, بل أصبح وصمة عار في تاريخ العراق الحديث الذي لم يترأسه, رغم كل المحن والظروف القاسية والمآسي التي مرّت به, شخصا بهذه الصفاقة والوضاعة. والظاهر للعيان والعميان معا إن جلال الطلباني, الرئيس الفيدرالي للعراق الجديد, يقضي معظم وقته ونشاطه"الرئاسي" في العمل من أجل خدمة مشروعه العنصري الانفصالي لما يُسمى باقليم كردستان في إنسجام وتناسق تام مع الصهيوني بالوراثة والفطرة مسعود البرزاني, رئيس الاقليم الكردي المقدّس!


فالمعروف في دول العالم, مع تحفّظنا على إعتبار عراق اليوم دولة, هو أن يسعى الرؤساء الى تقوية أواصر الأخوة والمحبّة بين القوميات والاقلّيات التي تعيش في أوطانهم ولمّ شمل أبناء الوطن الواحد بغض النظر عن العرق والدين والطالئفة ومنطقة السكن الجغرافية, من خلال طرح مبادرات ومشاريع ترمي الى تحقيق هذا الهدف النبيل. نرى عكس هذا تماما في ما يقوم به ضخامة جلال الطلباني في العلن أكثر منه في السرّ. فقد تقدّم ضخامته الغير موقّر بمشروع لترسيم الحديد في المحافظات "المتنازع" عليها بيننا وبين دولة "كردستان العظمى" التي يمثّل سكانها أقلّ من ريع عدد سكان العراق .


والحقيقة أننا لم نسمع, باستثناء عراق اليوم وحكّامه الفاشلين والفاسدين والساقطين, إن رئيس دولة إهتمّ أو شغل نفسه في موضوع ترسيم حدود بين مدن الوطن الواحد, بينما تُنتهك كل يوم حدود وسيادة هذا الوطن ويثشرّد العشرات من مواطنيه, وتحديدا في ما يُسمى باقليم كردستان العراق, على يد القوات الايرانية والتركية. وفي المقابل تقوم إمارة آكلي المرار )الكويت( بنهب أراضي ومياه العراق دون أن يرفّ لثورالمنطقة الخضراء جلال الطلباني جفن أو لسان أو كرش.


إن مسعى القيادات الكردية العميلة, وعلى رأسها الأفعى الصهيوني مسعود البرزاني, هو أن يصبح العراق بكلّ تاريخه العريق وماضيه المجيد وحضاراته الراقية جزءا من "كردستان" مسعود البرزاني, أو في أفضل الأحوال أن يكون العراق حديقة خلفية لآمارة "طرزانستان" متّبعين في ذلك نفس السُبل والوسائل وفبركة الحقائق التي مارسها الكيان الصهيوني على مدى ستّين عاما.


فبدل من أن يهتمّ "الرئيس" العراقي الى مواضيع وأمور تمسّ بشكل مباشر وملحّ حياة المواطنين, بما فيهم الأخوة الأكراد, كتوفير الخدماء وألأمن ومحاربة الفساد المستشري في جميع مفاصل الدولة إبتداءا من مكتب الطلباني نفسه, نراه متحمّسا أكثر من اللازم حول مسألة ترسيم الحدود في محافظات كركوك ونينوى وديالي وغيرها. وكأن المواطنين في تلك المحافظات موشكون على الموت والهلاك التام إذا لم يتمّ ترسيم حدود مدنهم. وإذا كان ضخامة الطلباني العنصري يتنازع معناحول مناطق معيّنة فما مغزى وجوده في بغداد كرئيس "فيدرالي" للعراق؟ ولماذا لا يولي أدباره وكرشه, الذي لا يختلف عن الأدبار الاّ في الشكل, ويذهب الى إمارته العائلية في شمال العراق ويشغل نفسه بهموم ومشاكل أبناء دجلنه التي لا تُعدّ ولا تُحصى؟


وإذا إفترضنا جدلا إن موضوع ترسيم الحدود بين المحافظات أمرا ملحّا للغاية ويتوقّف عليه مصير ومستقبل الشعب العراقي وأجياله القادمة فأن السؤال الواجب طرحه هو ما هو عمل ومهام رؤساء المحافظات واللجان البرلمانية المختصّة والوزارة المكلّفة بالعلاقة بين المحافظات والمركز, خصوصا البرلمان"الفيدرالي" الذي يضمّ نوّابا عن تلك المحافظات, ويُفترض أن يدخل ترسيم الحدود ضمن مهامهم ونشاطهم؟ أم أن ضخامة الطلباني ما زال مقتنعا بسبب بلادته وإنغلاق فكره وعقله الصدأ أنه ما زال في المعارضة ويعتبر نفسه في المنطقة الخضراء, رغم ملايين الدولارات التي كسبها ظلما وإجحافا كرئيس فيدرالي, ممثلا للقومية الكردية فقط؟


mkhmlaf@alice.it

 

 





السبت٠٩ ذو الحجة ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٥ / تشرين الثاني / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب محمد العماري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة