شبكة ذي قار
عـاجـل










يذكر خروج القوات الأمريكية الغازية من العراق بخروجها وهزيمتها النكراء في عقد السبعينات من فيتنام على يد مقاومة الفيتكونغ التي تعتبر الهزيمة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة. أن ذلك الخروج الأسطوري لهزيمة الجيش الأمريكي لم يكن له مثيل ولا سابق في التاريخ لارتباطه بالصور المؤثرة التي التقطتها وكالة الأسيوشيتد برس الإخبارية العالمية وأخذها عنها العالم اجمع والتي بقيت راسخة في أذهان أجيال متواصلة في مختلف دول العالم ليومنا هذا. لقد صدمت صورة الفتاة < ثان في كيم > البالغة من العمر تسع سنوات والتي أخذتها وكالة اسيوشيتس برس لها وهي تركض عارية مرعوبة بعد حرق قريتها وسكانها بقنابل النابالم الوعي الأمريكي والعالمي لتلك الحقبة وهي السبب الكبير وراء الكراهية العالمية للقوة الأولى في العالم منذ ذلك الوقت وليس فقط في الشرق الأوسط.


 لكن استمرار خروج القوات الأمريكية السري من العراق منذ شهر آب الماضي وحتى نهاية هذا العام تحت جنح الظلام وبدون صور وضوضاء وضجة إعلامية وقنوات فضائية لا جزيرة ولا سي ان ان او فوكس نيوز ولا ربما حتى الأعلام العسكري للبنتاغون لا يقل دلالة إعلامية عن خروجه الخاسر من فيتنام بالصور والصوت التي بثت حول العالم وشاهدها الملايين.  فالخروج بهذه السرية هو بذاته صورة معبرة عن الهزيمة التي مني بها الجيش الأمريكي في العراق. ورغم حرص الإدارة الأمريكية على أبعاد الصحافة والأعلام منذ بداية غزو العراق وأيهام الأعلام العالمي بأن المقاومة العراقية والمتمردين هم من يخطف الصحفيين فقد خسرت المعركة الإعلامية الهائلة بكلفة ملايين التي تقودها لتظليل الرأي العام الأمريكي والعالمي منذ كذبتها في 911 لعام 2001. وأنكشف انها هي من دبرت اختطاف الإعلاميين الفرنسيين لتمنع في المستقبل أي صحفي من الاقتراب من ساحة العمليات وتغطية سير المعارك وأنباء سقوط الجرحى ونفسية الجنود المنهارة ما عدا الذين يعملون برفقة قواتها وبتعليماتهم في ما يسمى بصحفي Embeded  خشية من خسارة الحرب وتأليب الرأي العام الأمريكي والعالمي كما حصل في حرب فيتنام .


تخرج الولايات المتحدة الأمريكية من العراق وهي خاسرة للحرب.، مهما تركت من قواعد عسكرية تزعم أنها للمحافظة على الديمقراطية وأمن العراق وعدم الاعتداء عليه من الجيران وتدريب القوات العسكرية العراقية والشرطة ومهما بلغ أعداد موظفي سفارتها الأكبر في العالم ومرتزقتها . فهذه سفارة أمريكا في كابول التي كانت تبنى على شاكلة سفارتها في العراق قد فجرت بعملية مقاومة أستثائية من المقاتلين الأفغان. لقد خسرت الولايات المتحدة الحرب عندما فقدت 31,150 ألف جريح بعمليات المقاومة العراقية بين 2003-2007 بحسب كلام نائب الرئيس الأمريكي بايدن في أول زياره له للعراق بعد فوز الديمقراطيين بالحكم. هذه الخسارة لربع القوات الأمريكية المقاتلة شكلت ضربة قاصمة للوجود الأمريكي في العراق.اذ ان من نتائج هذه الخسائر الفادحة هو انخفاض المتطوعين وعدم رغبة الاحتياط بالمشاركة بالحرب والهروب والانتحار في صفوف الجيش الأمريكي وتململ القوات الموجودة فعليا على ارض المعركة مما أضطر الجيش الأمريكي الى الاستعانة المكثفة بالمرتزقة وشركات نهبها الفاسدة والمرابية. ومن ثم فقد كانت الهزيمة ضربة للمحافظين الجدد ولنهج الصدمة والترويع الإجرامي الذي استعملت فيه الأسلحة الممنوعة الكيمائية منها والحرارية الحارقة للترويع والصدمة والقتل الجماعي فيما تقوم شركات المرتزقة على أشكالها بعمليات الاغتيال والتجسس وتدمير البنى التحتية والسيطرة على مرافق الدولة العراقية كاملة وعلى ثروات العراق بفواتير تدفعها الحكومة الأمريكية والعراقية بالمليارات. لقد خسرت الولايات المتحدة الحرب عندما جاء بيكر وهاملتون الى العراق وكتبوا تقريرهم موصين بسحب القوات العسكرية الى القواعد لكي تتوقف الخسائر البشرية وكلفتها. لقد خسرت أمريكا المتعجرفة حينما انتشرت صور الجرائم ضد الإنسانية لعمليات التعذيب في سجن ابو غريب التي قامت بها شركات المرتزقة بمساعدة الجيش الأمريكي على شاشات العالم وقنواتها وعلى الأنترنت ومنها بالأخص صورة الرجل المعلق ورأسه في الكيس التي أوحت لكبار رسامي الكاريكاتير لاستخدامها في أدانه خطاب تصادم الحضارات وحقوق الإنسان والحرية التي يتباهى الغرب. خسر الجيش الأمريكي المعركة ضد المقاومة العراقية عندما أقيل رامسفيلد منفذ نظرية المحافظين في الصدمة والترويع بعد مشاحنات ومعارك كلامية مع كبار القادة العسكريين الذين اسائهم ان يكونوا بيادق فقط لا عسكريين لتنفيذ أهداف مجموعة أشخاص لا تتلائم مصالحهم مع المصالح الوطنية للولايات المتحدة.


وخسرت الولايات المتحدة الحرب مبكرا عندما قال أهم القادة العسكريين في عملية < حرية العراق> المزعومة هو الجنرال أبي زيد لجنوده عام 2004 بان يحضروا أنفسهم للمغادرة آملا ان يحتفظوا بلباسهم العسكري وتجربتهم القتالية بحسب الصحفي روبير بيرنز من الأسيوشيتد برس. وحينما سؤل ابو زيد عن سبب قوله ذاك أجاب بأن البلد كان سيعرف في السنوات التالية مزيدا من –الحرب السرية-المقاومة-. وفي حديث لوزير الدفاع المنصرف روبير غيتس في ضباط خريجي الأكاديمية العسكرية قال في رأيي ان أي وزير دفاع قادم ينصح الرئيس بإرسال جيش أمريكي الى الخارج في اسيا او في الشرق الأوسط او في أفريقيا يجب ان يفكر جيدا ويمحص الرأي.وأنه ليس من الحكمة خوض حروب مثل حرب العراق وأفغانستان مرة أخرى. رغم ان الجيش الأمريكي قد غسل أياديه من كل ما حدث في العراق يقول غيتس ان حربنا في العراق لم تنته بعد، فقد ترك الجيش الأمريكي ورائه مشاكل .لقد أنهى اوباما دور الولايات المتحدة في حرب العراق لكن ذلك لا يعني ان حرب العراق قد انتهت.فلدينا 157 مؤوسسة تعمل في العراق تحت آمرة الجنرال روبير كاسلن. 


وخسرت الولايات المتحدة حربها في العراق ايضا عندما فرضت على الشعب العراقي عملية سياسية وأحزابا منذ غزوها الى اليوم لم يقدموا للشعب العراقي الا الوجه الكالح الحقيقي والكريه والمجرم للاحتلال والجائع للذهب الأسود وللسطوة والهيمنة على العراق والمنطقة.


لقد قامت الولايات المتحدة في فيتنام بنفس ما تقوم به اليوم في العراق.فقد أنشأت حكومة فيتنام الجنوبية وبنت القواعد العسكرية ودربت قوات عسكرية وقوات شرطة لهذه الدولة وبنت أجهزة مخابرات وتجسس تعمل لحسابها .وكان هناك أيضا شركات مرتزقة تضم مدنيين وعسكريين يعملون لحساب شركات خاصة.لكن هذا البناء لم يصمد وأنهار تحت ضربات المقاومة الفيتنامية وصمود الشعب الفيتنامي البطل واحتضانه لمقاومته. وخرجت في ذات يوم تاريخي مشهود القوات البربرية تجرجر جرائمها وذكرياتها الدموية هاربة يسارع جنودها للامساك بالحبال الملقاة لهم من طائرات الهليوكوبتر والأباشي المسرعة للصعود الى أعالي السماء لكي لا تطالها صواريخ المقاومة الفيتنامية تبث صورهم عبر كل شاشات العالم الفرح بهزيمتهم ونصر مقاومة الفيتكونغ.


ان التحاق الشعب العراقي اليوم بشبابه الثائر المتظاهر في ساحات مدنه في بغداد والموصل والسليمانية وكركوك والبصرة والنجف وكربلاء والحلة والناصرية ودعمه له والمطالبة برحيل المحتل ووكلائه وأحزاب العملية السياسية وإلغاء الدستور الذي يفترض ان يكون مكتوبا بإرادة الشعب وليس من قبل المرتزقة ستكون الخسارة الأكبر التي يقدمها الشعب العراقي للاحتلال الأمريكي.

 

 





الاثنين٠٤ ذو الحجة ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٣١ / تشرين الاول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ولاء سعيد السامرائي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة