شبكة ذي قار
عـاجـل










لن يمر زمن طويل قبل أن تزال عن الصورة كل الأتربة التي ألصقت بها لتضيع معالمها وتجعل سواد الناس لا ترى الحقيقة ولا تربط الخيوط يبعضها بشكل سليم بعملية تعمية مقننة ..إنها ذات الفوضى الخلاقة التي طبقت في احتلال العراق ولكن بتصميم جديد ولافتات جديدة طغى عليها إخفاء المنفذين الحقيقيين والفعليين وإبراز وإظهار ممثلين اعدوا ليكونوا واجهة المشهد الذي يخفي وراء ضبابيته كتائب فرنسا وبريطانيا وايطاليا ومعها تشكيلات رمزية من قطر والإمارات هي التي أسقطت المدن الليبية واحدة تلو الأخرى ليدخلها الممثلون أمام عدسات الكاميرات المحكومة بقوة إخراج نادرة . كان الهدف من كل هذا التزوير هو لإثبات هوية ليبية للثورة المزعومة في حين إن الحقيقة هي غير ذلك ..الحقيقة هي إن قوات نظامية فرنسية بريطانية ايطالية مسنودة أميركيا باعتراف اوباما نفسه هي التي كانت تجتاح مدن ليبيا بعد أن يحل في تلك المدن خراب وتدمير شامل بفعل القصف المنظم للناتو من البحر ومن السماء ومن وراء البحار.


ما وقع في ليبيا هو احتلال مجسم ثلاثي الأبعاد لا تغطيه أردية خرقاء كمثل التي تستروا وراءها , باستخدامه لمجاميع من المليشيات التابعة لتشكيلات تنظيم القاعدة الاوروصهيوامريكي وتيارات سلفية والإخوان المسلمين كواجهة ليبية سيستخدمونها بذات الطريقة التي استخدمت فيها الأحزاب الطائفية والعرقية وميليشياتها في العراق وستقام هياكل جديدة لدولة فيدرالية أو في طريقها للفدرلة لتكون هذه الصيغة الإدارية التي ابتدعوها لنا معولا يضربون به الكيان الليبي, يهدد وحدته إن ظل الكيان الليبي موحدا لبعض الوقت أو ليكون مدخلا للتهديد بالفيدرالية كوسيلة ابتزاز للقوى المجاهدة في حالة نهوض مقاومة وطنية عروبية تماما كما حصل في العراق.


إن صيغة تثوير مجاميع محدودة من الشبع الجائع أو المنتهكة حقوقه أو الحاقد والمحبط في شارع الأقطار العربية التي ظلت تعلن عن هوية وطنية وقومية ولم تنخرط انخراطا كاملا في عملية الاستسلام للكيان الصهيوني ومن ثم اختراقها بجيوش ومجاميع ميليشاوية مسلحة لخلق الصدام بين الدولة التي يجب عليها الدفاع عن الأمن العام وعن كيانها الشرعي ومن ثم مسك المواجهة هذه وتصعيدها إلى أن تصل إلى ذروة حقيقية أو مزوره بأفلام مدبلجة تبثها فضائيات العهر الأمريكي الصهيوني والمتصهين المتامرك, ومن ثم استخدامها في مجلس الأمن الغجري لاستصدار قرارات الحماية للمواطنين من دولتهم ومن قرار الحماية هذا تنفتح فوهات الجحيم على البلد لتوقع في مدنه الدمار والموت في الوقت الذي تخلو فيه شوارع المدن من الثوار المزعومين لحين إنهاك المدن ومقاومتها النظامية من الجيش والشرطة والأمن والمخابرات فتندفع الكتائب والجيوش والمليشيات المعدة من الدول التي اشرنا إليها لاحتلالها والإطاحة بمؤسسات الدولة كلها وهكذا تتوالي عملية تدحرج أحجار الدومينو بعد أن تصل كرة الثلج إلى الحجم المحدد لها و يتم احتلال كامل البلد وثواره المزعومين يتقدمون إلى الكاميرات لالتقاط صور تعلن بوضوح عن هويتهم الباغية الفاجرة الحاقدة كأسوأ نماذج عرفها تاريخ الارتزاق والرغالية.


الفيالق الإعلامية تشتغل على أكثر من صعيد وتبث صورا مفبركة وأخرى حقيقية وتنشر تصريحات وبيانات متناقضة ومتطابقة في جهد عملاق لتأطير صورة الفوضى ألخلاقه وإيصال بلاغات الصدمة والترويع على أكمل وجه دون حساب لحرفية الإعلام ولا لمصداقية الأخبار ولا لميزان أخلاق كان العالم كله يفترض ويؤمن وجود هذا الميزان في الصراعات العسكرية من هذا النوع عندما كان الصراع يحمل بعض ملامح فروسية الرجال وليس قالبا من الخسة والنذالة وانحطاط الأخلاق. ومع موجات الفوضى والترويع والصدمات التي تشل الادمغه وتوهن حلقات التفكير يشتغل المال القطري والإماراتي في شراء الذمم وتشكيل مجاميع الالتحاق الضرورية من الداخل حتى إذا وضعت المعارك الرئيسية أوزارها يكون المجلس الانتقالي قد تحول إلى حكومة فيها الشعب ممثلا ليس كوطن أو كأمة بل كطوائف وملل ونحل وأعراق واديان في محاصصات تعاف روائحها النتنة حتى خنازير الغاب والبراري .وتبدأ اللعبة الديمقراطية على هذا الأساس لتحول الشعب إلى مجاميع متناحرة على نسب التمثيل في البرلمان ونسب التمثيل في الحكومة مع تواصل عمليات القتل المجاني ودخولها الآن في ساحة البرلمان والحكومة وثمنها دم ينزف في كل مكان لتامين الارجحيات المطلوبة لهذا الطرف أو ذاك من أطراف عبيد ابن العلقمي وأبي لهب. وسيتكلم العالم عن ليبيا جديدة كما تكلم عن العراق الجديد..والمحصلة إن الأمة قد صار عليها ثلاثة مستحقات للتحرير هي فلسطين والعراق وليبيا والقادم معروف ومحدد ..وهذا يعني إن الأمة قد سقطت في يم اليأس الحتمي والذي يناغم واقعا قائما لا خلاص ولا مناص منه. القادم هو سوريا بكل تأكيد واليمن بنسبة اقل إن تفاءلنا باحتمالية أن لا تصل الأمور هناك إلى حد تدخل الناتو وأميركا عسكريا.


هكذا تصبح فلسطين في الخلف بل ويصبح العراق في الخلف وليبيا في الخلف عندما ترتفع رايات الإعلام الفضائي بكل أنواعه لتعالج وتدعم حال الثوار المزعومين في سوريا .


إذن..لا سيادة لدول أسموها الدول العربية وأسسوها بأنظمة على مزاج سايكس وبيكو. سيادة هذه الدول مرتبطة بأهلية حكامها وهذه الأهلية لا تقرر في عواصم ومدن العرب بل في الكيان الصهيوني وواشنطن ولندن وباريس ومن هذه العواصم يصاغ القرار الاممي بإسقاط النظام ومسك الرئيس في حفرة أو في أنبوب التصريف الصحي ليبرهنوا إن زعماءنا كلهم جبناء وإننا رعاع يحكمنا رعاع وإننا بهائم لا تعرف دربها إلا بحداء من أشقر شعر وازرق عيون يستخف بنا ويحتقرنا لأننا نغسل مؤخراتنا بالماء بعد الغائط ولأننا نتعدد بزيجاتنا شرعا بدل أن نقيم علاقات غير مشروعه على طريقة الرجل الأشقر ونحافظ على عذريتنا كعنوان لطهر نراه قمة الخلق وهم يرونه تخلفا وبلادة و لأننا ما زلنا إلى اللحظة نخنق حرية المثليين في الوقت الذي اعتمدوها هم أهل العيون الخضر قانونا لوطيا نبذه الله قبل عباده وعافته الذات الإنسانية مذ ارتقت إلى مقامات خارج الأطر الحيوانية. دولنا وحكامنا تقرر صلاحياتها وتواريخ انتهاء الصلاحية في عقول عبيد النفط والماسونية ويوم يقررون التغيير ينتقون منا رعاعا وعديمي خلق ولاهثون في صحاري الإحباط وسابحون في يم القنوط فيجندونهم ويزرقونهم بهرمونات الشجاعة العجيبة ليظهروهم ثوارا يقتلون بدم بارد ويفتون في الدين وهم أنجاس ويشرعون في الشريعة وهم محض أوغاد.


انقلبوا على الشرعية الدولية بعد أن اسقطوا اذرع الحفاظ عليها مع إسقاط النظام الاشتراكي فحولوا الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى أقبية لقتل القانون واغراق الأخلاق التي تحكم علاقات الشعوب وإحراق الدساتير التي تحمي السيادة وحق الإنسان .

صاروا بكل طغيان وجبروت وجشع الامبريالية والصهيونية خصما وحكما للشعوب التي أمعنوا في إفقارها وتجهيلها يذبحونها ليمنحوا سلاحهم فرص البيع والشراء وإنتاجهم الصناعي فرص التصريف المستمر ويثورونها متى شاءوا ليجددوا عقود الاستغلال والاستثمار الاستعماري. وهذا هو ما حصل في العراق وفي ليبيا وهو ما يحصل في سوريا واليمن وما سيحصل في باقي البقع المصنوعة في خارطة الاستغلال المتوحش للاستعمار القديم والجديد على حد سواء.


غاب عنهم إن الظلم يولد الانفجار باتجاه رد فعل معاكس وغير محسوب..غاب عنهم إن الظلم يقود إلى الثورة الحقيقية ..فاتهم إن اهانة الأمم والشعوب ستنتج براكين غضب يعيد تشكيل العالم كله من جديد...لقد ظلموا امتنا واحتقرونا وأهانوا رموزنا ..ولحظة انبثاق رد فعلنا العاصف تتبلور وتتشكل والله هو المستعان.

 

 





الاحد٢٥ ذو القعدة ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٣ / تشرين الاول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ.د. كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة