شبكة ذي قار
عـاجـل










لا يخفى الآن على أحد أن نقاشات وحوارات واسعة تجرى على كل الأصعدة وفى كل الأروقة تبحث عن التغيير والإصلاح تتداخل فيها الوسائل مع المقاصد والغايات والرؤى الشخصية مع الحزبية والأطروحات الفردية مع الجماعية والمصالح الفئوية مع المصلحة العليا للوطن منذ بداية الغزو والاحتلال الامبريا صهيوني فارسي صفوي للعراق ، ولا ينبغي أن نتهم النيات أو نشكك في إخلاص أحد من الوسط الرافض للاحتلال وما نتج عنه لان الكل متضامنون في  تعريت الاحتلال وأدواته ، لكن الإخلاص وحده دون فهم دقيق ووعى عميق وبصيرة نافذة لا يكفى  لتحقيق الأهداف السامية في إخراج العراق من المستنقع الذي أريد له كي ينكفئ عن مهامه وواجباته القومية والوطنية ، إذ لابد من فهم الواقع الذي افرزه الاحتلال تحت مسمى العملية السياسية وشعار العراق الجديد وفهم الواجب الوطني والقومي في الواقع الذي يراد تغييره جذريا كي تعاد اللحمة إلى الوطن والمواطنين ومن هذا المنطلق اسمحوا لي إخوتي القراء وزملائي أن أبدأ بالمرتكزات والأصول التالية

 

*  يجب علينا أن نعلم يقيناً أن ما فسد في كل النواحي طيلة السنوات الاحتلال لا يمكن أبداً أن نصلحه ونغيره في أسبوع أو شهر أو عام

* كما أن ما هدم في السنوات العجاف لا يمكن أن يبنى في أيام

* وأؤكد على هذا ليتحلى الجميع بالصبر والمسئولية وقوة الإرادة وعقد النية على العمل وحسن الإدارة

* كثيرا ما تعرّف السيادة الوطنية بالحصول على الاستقلال فحسب ، أي بجلاء المحتل وتحرر البلاد من هيمنة واحتلال دولة أو دول أجنبية

* والوطن عند هؤلاء الوافدين مع قوات الغزو والاحتلال هو الرقعة الجغرافية التي رسمت حدودها برحيل العدو المحتل

 

* إن السيادة الوطنية لكي تكتمل في الإطار الجغرافي لا بد لها أن تترافق مع حرية الإنسان العراقي ، فما معنى حرية الأوطان دون حرية المواطن  وماذا يجني الفرد الواحد منا إذا استبدّ به الظلم والإفقار والفساد سواء تم ذلك بسيف الأعجمي ، أم بسيف من يدعي ذوي القربى؟ وحقيقتهم غرباء لا تربطهم بالوطن رابطة المواطنة  لأنهم من أصحاب الجنسيات المكتسبة وكثيرا ما تكون ممارسات الأجنبي في فترات من التاريخ أخف وطأة في الجور وظلم من يدعي العراقية وان الشواهد على ذلك كثر تجسدها المداهمات العشوائية والتجاوزات على حقوق وكرامة وشرف العراقيين لا لذنب سوى أنهم عراقيون أبات رافضين للاحتلال  ، فما عاد ينطلي حتى على المواطن العادي الكلام الإنشائي الذي بتمنطق  به ألهالكي  وشقير الجعفري وكتكوت المرجعية  عميره  وآخرين من أمثالهم ولا يجذبه زيف بريق السيادة الوطنية التي يجأر بها السلطويون للتغطية على انتهاكاتهم وتسلطهم  وماذا يختلف عند الفرد المحكوم إذا تشابه المآل والنتيجة ، في الظلم والتهميش والإقصاء

 

السيادة الوطنية ينظر إليها المتسلطون على رقاب الشعب العراقي بإرادة الاحتلالين فضلا عمّا ذكرناه أعلاه من زاوية واحدة وحيدة وهي الالتفاف حول النظام حول السلطة ، أيا كانت طبيعتها وتمتثل لإرادتها ، وتسير وفق توجهاتها وما تطرحها من شعارات وكثيرا ما تكون هذه الشعارات للتعمية والتضليل والخداع لتمرير الأجندة التي لها هم عاملون ، وأحيانا تقترن السيادة الوطنية بمفهوم أيديولوجي الذي يحكم كل تصرفاتهم والمعبر أساسا عن مصالح ومنافع القوى التي زرعت الأحزاب والتيارات والحركات في العراق لتكون موطئ قدم  لها تتمدد من خلاله ، دون أن تكون الغاية منها مقاومة الوصاية والهيمنة

 

التغيير والإصلاح لا يتم أبداً دفعة واحدة وإنما بالتدرج  فهذه ســــــــنة كونية لا تتبدل ولا تتغير ولا يجدي معها تعجل حتى يتم التغيير والإصلاح في كل نواحي الحياة باتزان وترابط، وهذا بلا شك يلقى بالتبعية الثقيلة والمسؤولية العظيمة على المؤسسات الدينية والإعلامية والتعليمية والفكرية ، لتبدأ بداية جديدة للإصلاح وتغيير منظومة القيم لاستئصال الفساد وشحذ الهمم لتصحيح الهوية وتقوية الإرادة وتصحيح الإدارة وحسن العمل ، وليس الوقت وقت تصفية حسابات وانتقام كما هو السائد حاليا بقوانين  اجتثاث البعث والمسألة والعدالة الاسوء من سابقه ، بل هو وقت نبذ الفرقة وتوحيد الصفوف للعمل بصدق وإخلاص ، من أجل ديننا وبلدنا العراق  والأمة العربية لان الهجمة صليبية يراد منها تدمير الإسلام والعروبة ، مع مراعاة مساحة الحرية المنضبطة والمسؤولة  وان ما أطرحه في هذه الحلقة إنما هو اجتهاد فردى لا أحمله لأي اتجاه ، ويحتاج مزيداً من البحث والدراسة  والإضافة والتصويب  من المتخصصين في كل الميادين التي تناولتها ، مع تقدير الرأي المخالف ، وأقول كذلك أن الإسلام لا يعرف القهر والإكراه حتى في العقيدة ، فكيف يرضاه في الفكر والرؤى؟ والسؤال المهم الآن القائمين على ما يسمى بالعملية السياسية من الإسلاميين من أين يبدأ التغيير والإصلاح ؟ هل يبدأ من الأخلاق والقيم لتصحيح ما فسد واعوج منها ؟ أم يبدأ بالتعليم ؟ أم بالإعلام ؟ أم بالاقتصاد ؟ أم بالمؤسسة الأمنية ؟ أم بالمؤسسة الدينية ؟ وقبل عرض الجواب إن من أهم مراحل التغيير والإصلاح يبدأ من النفس وان الله سبحانه وتعالى نص في محكم الكتاب  هذا المنطوق بأية كريمه " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "   ، وأقول لا يجوز أبداً أن يكون التغيير والإصلاح في ناحية واحدة وأن نعطل التغيير في النواحي الأخرى من أجلها بل يجب أن يبدأ التغيير في النواحي كلها ، والله إنها لأمانة سنسأل عنها جميعا بين يدي الله جل وعلا ، لأ ننى على يقين أن التغيير يبدأ بالأفراد من داخل النفوس لقوله تعالى "ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم"، ونظراً للظروف الحرجة التي تمر بها بلادنا في هذه الأوقات العصيبة فإنني أرى أن نبدأ بما يلي

 

ألتغيير والإصلاح في المؤسسة الدينية            

يبدأ حتما بتحرير المساجد  والحسينيات من العبء الثقيل الذي فعله المتسلطون ومدعي الدين وأتباع منهج آل بيت النبوة عليهم السلام وجعلوها ميدان تناحر وإثارة وفتن من خلال الادعاءات والشعارات والمظلومية التي يرفعونها ، وإعادة دورها لأنها بيوت الله وليس لممارسة  التضليل والبدع والعادات التي أريد لها إبعاد المسلم عن جوهر الدين ، فالمساجد قطب الرحى في الإسلام  وأول ما فعله النبي العربي الهاشمي القرشي ألمضري محمد بن عبد الله صلى الله عليه واله وسلم  وهو مؤسس دولة الإسلام في المدينة النبوية هو بناء المسجد فكان المسجد مكاناً للصلاة والصلة بالله سبحانه وتعالى ، ومكاناً للتشاور في أمور الدولة وجامعة للتعلم والتربية ومكاناً للتكافل الاجتماعي ، ومأوى للفقراء والمساكين ، ومنه خرجت البعوث وأرسلت الكتب والرسائل للحكام والملوك ولابد أن يعود المسجد إلى رسالته ، وأنا أنادى بصوت مرتفع بتجديد الخطاب الديني والدعوى في المرحلة المقبلة للربط ربطاً صحيحاً بين الأصول والثوابت والمتغيرات والربط ربطاً صحيحاً بين دلالات النصوص الشرعية والواقع الذي يتغير بتغير الزمن والحاجة البشرية بلا مبالغة ، ليؤدى كل عالم وداعية دوره إرضاءً لله بلا خوف أو وجل بالحكمة البالغة والموعظة الحسنة ، وبما يتفق مع ما يحتاج إليه الناس عامة والشباب خاصة ، لأن كثيراً من شبابنا قد انصرف عن المساجد ، ربما لأنه يأتي إلى كثير من المساجد فيجد طرحاً دعوياً بعيداً تمام البعد عن مشكلاته وأزماته التي يحياها، ويريد أن يعرف حكم الله فيها ويزداد الأمر خطراً إذا كان الشباب في محنة أو نازلة ثم يبحثون عن العلماء والمشايخ لتوجيههم فلا يجدونهم، وهنا سيتقدم حتماً للتأثير على شبابنا وتوجيههم من لا يحسن أن يتكلم عن الله ورسوله صلى الله عليه واله وسلم ثم بعد ذلك نلقى اللوم على شبابنا وأولادنا إن انحرفوا عن الحق والهدى

 

التغيير والإصلاح في العملية التعليمية والتربوية

 الشباب وهم الأمل والمستقبل فهو العالم والحاكم والقائد والطبيب والمهندس والداعي والصانع والمزارع والأديب والشاعر والإعلامي إلى غير ذلك وقد أوجز ذلك القائد الشهيد صدام حسين  رحمة الله عليه  في  مقولته نكسب الشباب نضمن المستقبل ، وكل طالب يمتلك من الملكات والطاقات والقدرات ما يختلف عن الآخر والمؤسسة التعليمية الناجحة هي التي تتعرف على هذه الملكات والطاقات وتعمل على تفجيرها وتنميتها وضبطها لاستثمارها أعظم استثمار في رفعة الدين ونهضة البلد والأمة وإعداد الكوادر المؤهلة خلقياً وعلمياً وعملياً لما تحتاج إليه الأمة بصفة عامة وبلدنا بصفة خاصة كي ينجو من ترسبات سني الغزو والاحتلال وسابقتها الحصار الاقتصادي الظالم الذي كبل به العراق ،  ولن نستطيع تحقيق ذلك إلا إذا قدمنا للطالب في كل فصل دراسي ما ينفعه في المدرسة وخارجها في حياته الخاصة والعامة في إطار هدف تربوي وإيماني وأخلاقي متكامل وأن نحرص على غرس القيم الإيمانية والأخلاقية والمفاهيم الدينية الصيحة التي ترسخ عنده أصول مكارم الأخلاق كالصدق والوفاء والإخلاص والأمانة والمراقبة وغيرها وأن نغرس في عقول وقلوب طلابنا معاني الكرامة والعزة والشرف والانتماء وأن ننزع منهم الخوف والجبن والخيانة ، وأن نعلمهم إلى جانب العلوم المعاصرة الحديثة العلوم التي تجدد إيمانهم ومعرفتهم بربهم ودينهم ونبيهم وجميع إخوانه من النبيين والمرسلين لنعلم قلوبهم الخشوع وعيونهم الدموع ، علينا أن نغرس في قلوبهم وعقولهم أدب الحوار بخلق الإسلام وأدب الدين وأن نربيهم على نبذ العنف وعدم إكراه الآخرين على قبول أفكارنا بالقهر والكبت ، علينا أن نعلم طلابنا أدب التأمل مع الكبير والصغير والحاكم والعالم والأب والأم بل ومع غير المسلم والموضوعية في التفكير والطرح والنقاش والتقييم إلى غير ذلك  ، وهنا السؤال المهم والحيوي أين حكومة الاحتلال من هذه القيم التي أكدها الخالق البارئ والسنة النبوية وسيرة آل بيت النبوة عليهم السلام والصحابة  المنتجبين رضوان الله عليهم أجمعين

 

 

يتبع في الحلقة الأخيرة

 

 





الاربعاء١٤ ذو القعدة ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٢ / تشرين الاول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامــل عــبــد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة