شبكة ذي قار
عـاجـل










حكومة العميل نوري المالكي, ذات التشكيلة الديمقراطية جدا, طائفية عنصرية مناطقية, لم تتقدم شبرا واحدة الى الأمام, لا على المستوى السياسي, فهم مختلفون دائما وعلى كلّ شيء, ولا علي الصعيد الاقتصادي والجوانب الخدمية منه, والتي تهمّ الشعب العراقي أكثر مما تهمّه قُبلات وعناق حكام المنطقة الخضراء لبعضهم البعض. أما الحديث عن الاستقرار والأمن والحفاظ على أرواح وممتلكات المواطنين فحدّث ولا حرج. ولا يبدو أنّ ثمّة فرج في هذا الموضوع.


وما يثير الضحك والسخرية, رغم هول كارثة العراقيين وحجم مأساتهم, هو أن برلمان المنطقة الخضراء دائم الانعقاد والنشاط. فالقاعة تمتليء بالعمائم الرباعية الدفع )والدفع بالعملات الصعبة( والوجوه الثلاثية الأبعاد, السياسية طبعا. لكن كل ما يخرج عنه, بعد عراك وشجار وشائم وسباب وإتهامات متبادلة, لأن العراق الجديد يُطبّق الديمقراطية بحذافيرها! هو العبارة التالية: "لقد تأجلت الجلسة حول المواضيع الفلانية الى التاريخ الفلاني".


وإذا قّدّر لخرفان البرلمان "العراقي"أن يجتمعوا ويتّفقوا على شيء فهذا يعني أنهم مكرهون تحت ضغط أرباب نعمتهم في واشنطن وطهران, وما عليهم الاّ النتفيذ الفوري وبلا مناقشات أو مماطلات أو لف ودوران, أو أن الموضوع يتعلّق فقط وحصريا برواتبهم ومخصصاتهم والامتيازات الاخرى التي يحصلون عليها مقابل عمل لا يستحقّون عليه حتى عشرة دولارات في الشهر, على أكثر تقدير. فاذا قُلت إن حكام بغداد هم عصابة مافيا منظّمة تدير دولة بواسطة قوات إحتلال أجنبية فانّك ربما ترفع من شأنهم وتمنحهم صفة لا يستحقّونها, لأنهم ببساطة أسوء بكثير من المافيا والعصابات الاجرامية.


والدليل على ذلك هو أن كل حزب, وبالأخص أحزاب الحكومة المالكية في بغداد والبرزانية في الشمال, لديه ميليشيات مسلّحة خارجة عن أي قانون, ولديه منطقة نفوذ وسيطرة يتصرّف بها وكأنها ضيعة خاصة له و لعصابته. لكن ما يميّز "قادة" العراق الجديد عن منظمات المافيا, التي تتبع قواعد وأخلاق ونُظم ثابتة ملزمة للجميع, هو أنهم بلا أخلاق ولا قيم ولا عهود ولا قواعد ثابتة لمزاولة أنشطتهم الاجرامية.


وبعبارة بسيطة, إن حكام بغداد المحتلّة هم عبارة عن مجموعة من العصابات السوقية المنحطّة التي تختلف وتتخانق مع الآخرين ومع بعضها البعض. فالحكومة, التي طالما تفاخر بها وتباهى بائع الخواتم والسِبح نوري المالكي, تمارس الاستبداد بمختلف الطُرق, ليس مع الشعب العراقي, لأنه يعيش في وادٍ وهي في وديان أخرى, بل حتى مع الشركاء في المسرحية - العملية الساسية,.مستخدمة هيمنة وسيطرة وبلطجيّة حزب رئيس الوزراء "حزب الدعوة" والسلطات الواسعة جدا, في مجال الأمن الغير موجود أصلا, الممنوحة لصلعته عفوا لفخامته, والتي تُدار, أقصد السلطات الأمنية, من قبل السفارة الايرانية في بغداد, حيث تكفّلت وبكم هائل من الحقد والكراهية وغريزة الانتقام, بتصفية شرفاء العراق, مدنيين وعسكريين.


وكل ما يستطيع فعله حكّام المحميّة الأمريكية الحضراء في بغداد المحتلّة بعد كل جريمة مروّعة لا تسلم منها حتى الحيطان والشوارع والأشجار, هو تشكيل لجان تحقيق, لم تعد تنفع حتى لذرّالرماد في العيون. فقد إمتلأت عيون العراقيين برماد الحكومة, كما إمتلأت مكاتب وزارات عراقهم الجديد بتقارير عشرات اللجان التي تمّ تشكيلها منذ غزو العراق وإحتلاله الى اليوم, دون أن يضبطوا أو يوقفوا قاتلا حيقيا واحدا. والسبب هو أن غالبية القتلة والمجرمين ومَن يحميهم ويخطط لجرائمهم يتواجد خلف أسوار المنطقة الخضراء, ويملك حصانة خاصّة وإجازة لسفك دم العراقيين موقّعة ومختومة من قبل جارة السوء إيران.


وقبل أيام طالب أحدهم, نائب أو مسؤول أو وكيل وزارة لا أذكر بالضبط, بان يتم ّ تفتيش سيارات ومواكب المسؤولين الحكوميين ونواب البرلمان, وإتهم بشكل صريح البعض من هؤلاء بالوقوف خلف تلك الجرائم. لكن المشكلة لا تكمن في تفيش سيارات أو وضع حواجز على الطرق أونصب أجهزة حديثة لكشف المتفجرات وغيرها. إن مشكلة حكّام العراق الجديد, ونتائجها الكارثية المدمّرة على العراق وشعبه, هي أنهم جميعا يمارسون الجرائم بمختلف أنواعها وأشكالها وحجومها. وقد يحتاج العراق الى أجهزة متطوّرة, ولا أظنّها متوفّرة حاليا, لكشف من هو البريء, وليس مَن هو المجرم, من حكّام المحميّة الخضراء. فالبراءة عندهم شذوذ وإستثناء وحالة نادرة جدا جدا.


mkhalaf@alice.it

 

 





الاحد١١ ذو القعدة ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٩ / تشرين الاول / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب محمد العماري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة