تعقيباً على تحطيم الجماهير المصرية لجدار العزل حول السفارة الصهيونية في القاهرة، والارتدادات السياسية لتصريحات البطريرك الراعي في فرنسا، أصدرت قيادة حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي البيان الآتي :

1- توقفت قيادة الحزب أمام الحدث الذي شهدته القاهرة وتمثل بتحطيم الجدار العازل حول السفارة الصهيونية وتمزيق ودوس وحرق علم الكيان الصهيوني ورفع العلم المصري مكانه فرأى فيه جولة نضالية جديدة عبرت من خلالها جماهير مصر عن عمق انتمائها القومي ورفضها لكل أشكال العلاقات مع العدو الصهيوني واستمرار استلاب دور مصر القومي عبر إلحاقها بالمشروع الصهيوني الأميركي.

وإذا كانت السلطة في مصر قد استغلت هذا الحدث لتمديد العمل بقانون الطوارئ، فإن الحزب لعلى ثقة بأن هذا الإجراء لن يزيد جماهير الانتفاضة الشعبية إلا تصميماً على مواصلة المسيرة التي بدأتها لاعادة تصويب المسار السياسي لمصر بجعل الانتفاضة تأخذ كامل مداها التغييري في بنية النظام، والتي تأتي المحاكمات لرموزه عن الفساد المالي والإداري والاقتصادي والسياسي والقمع في ظل هذه الرقابة الشعبية لتشكل مظهراً من مظاهر محاكمة عهد سياسي بكامله عن سياسته الداخلية والخارجية، فإن الشهداء الذين سقطوا وهم يدكون ركائز الجدار العازل، إنما بعثوا برسالة واضحة، وهي أن هدم جدار الحماية لسفارة الكيان الصهيوني، سيرفع مكانه جدار سياسي جُبلت تربته بدماء الشهداء ليكون عازلاً شعبياً أمام محاولات الاختراق الصهيوني، وهم بذلك أضافوا ذخراً نضالياً لمسيرة العمل المقاوم في العراق وفلسطين ولبنان، وفي كل أرض عربية معرضة للاحتلال أو الاستباحة وإليهم نوجه كل التحية والتقدير.

2- توقفت قيادة الحزب أمام تصريحات غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في فرنسا وما تركته من تداعيات، فأكدت أن الحق بالتعبير السياسي قد كفله الدستور ضمن آليات العمل الديموقراطي، لكن ما نخشاه و ما نتمناه أن لا تكون هذه المواقف الأخيرة للبطريك الراعي، الذي نكن كل التقدير والاحترام لشخصه وموقعه ومرجعيته، مشدودة إلى خلفية خارج البعد السياسي الظاهري.

وهذه الخشية نابعة من نظرة المسيحيين على مختلف كنائسهم على أنهم أقلية في إطار المكونات الوطنية وفي إطار المكون القومي العام. وإذا كانت هواجس تنتاب بعض من يعتبرون أنفسهم أقلية في هذا المحيط العربي بالنظر إلى وقائع مأسوية تعرض له المسيحيون في العراق، فإن الحزب يؤكد على ما يلي :

أولاً: أن التعامل مع تصريحات البطريرك الراعي الأخيرة يجب أن يتسم بالهدوء والبعد عن الانفعالية لأن تبديد الخوف والهواجس يكون من خلال استحضار التاريخ المشرق للامة وإذكاء الشعور الانساني في سياقات العمل الوطني والتحرري والقومي.

ان المسيحيين على تعددية كنائسهم في المشرق العربي ومغربه هم من المواطنين الأصيلين للبلاد العربية، وعروبتهم ليست طارئة، بل تمتد إلى ما قبل الدعوة الإسلامية، وبالتالي فهم ليسوا دخلاء على العروبة، بل هم أصلاء في عروبتهم وهم، وإن كانوا أقل عدداً في توزع الانتماء الديني الإيماني الا انهم جزء من المكون العربي الاكثري، وبالتالي لا يجوز تصنيفهم بأنهم أقلية أو أهل ذمة وما ينطبق عليهم ينطبق أيضاَ على فئات دينية أخرى.

ثانياً : إذا كان العراق يؤخذ مثلاً لما تعرض له المسيحيون، فهم قبل الاحتلال الاميركي كانوا يتمتعون بكامل مواطنيتهم وحرياتهم الدينية والمدنية في ظل السلطة الوطنية التي كان يقودها حزب البعث وقائده المرحوم الشهيد صدام حسين .

واذا كان المسيحيون قد تعرضوا للتهجير وكل اشكال الضغط النفسي والسياسي والمادي فإنما هذا كان جزءاً من التعرض العام الذي أصاب شعب العراق بكل أطيافه وفئاته، فكما هجر مسيحيون، هجر أيضاً (ملايين من المسلمين)، وكما دمرت كنائس، دمرت أيضاً حسينيات وجوامع، وهذا كله كان بفعل رعاية الاحتلال وتطييف الحياة السياسية التي لم تكن كذلك في ظل حكم البعث .لان الاحتلال الأميركي هو المسؤول عما الت اليه الاوضاع في العراق، و كما الاحتلال الصهيوني مسؤول عما الت اليه الاوضاع في فلسطين، و ان التدخل الأجنبي في الشؤون العربية هو الذي يدفع باتجاهات تحويل التنوع الديني إلى تنوع سياسي، وبالتالي إدخال المكونات الطائفية والدينية في صراعات سياسية.

ثالثاً: في هذه المناخات نؤكد ان المشروع الوطني لإقامة النظام الديموقراطي وتعددية الحياة السياسية وإقامة الدولة المدنية على قاعدة "الدين لله والوطن للجمع" هو الضمانة لكل من يتوجس خوفاً من التغيير الوطني والديمقراطي ولا يبدو أن الحراك الشعبي العربي ذاهب بعكس هذا الاتجاه.

قيادة حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي
بيروت في ١٤ / أيلول / ٢٠١١