شبكة ذي قار
عـاجـل










أحببت دائماً اللحظات التي أتطفل بها على الشمس ونحن نغادرها وليس الصحيح هي التي تغادرنا وكذلك اللحظات من بداية النهار التي نحن نستقبلها فيتولد في دواخلي لغة عذبة تأتي من المجهول ولا عهد لــه بها من قبل, وقد يكون هذا المجهول هو المذبح الرباني للاسرار القدسية, وتجعلني أشعر بشعور مرهفاً وشفافاً بأني موجود وليس كما قال الفلاسفة الكبار ومنهم رينيه ديكارت (أنا أُفكر فانا موجود)فأنا الانسان البسيط أرى أنا موجود بنسبية وليس بالمطلق بقدرما أشعربه من محبة للاخرين وبقدرماأمتلك من قوة في إنتمائي للانسانية فهذه المشاعر المتولدة هي التي تُولد عندي حقيقة وجودي كأنسان خالقه رب السموات والارض وتبعث في نفسي شعوراً بارتياح بإنتمائي لهذا الخالق العظيم الكامل, ومن ثم الى عائلتي الارضية في العراق الحبيب ومن ثم لامتي العظيمة العربية لاكون في حضن العائلة الارضية الكبيرة الانسانية بشعوبها وأُممها وبكل إنتماءاتها لتتحد تحت مظلة شريعة الخالق العظيم. ولاني أشعر بأن مركز الكون هو الانسان الذي خلقه الله على صورته وعلى صورته خلقه فأني أرى كل شئ يخص هذا المركز يبدأ من عنده وينتهي الى ما نبحث عنه وفي كل ذلك نحن مخيرون في الطرق والمنافذ التي نعتمدها في إنطلاقتنا عند البحث عن الحقائق و كل الحقائق ومنها سر وجودنا,إنه إيمان فدعوني أسبح في أجواء وفضاءات روحية أولاً ومن بعدها نستطيع أن نعاين وبدقة موقعنا و مواقفنا من حقيقة وجودنا ونستطيع عندها أن نقارن بين ما أعطانا الخالق من قدرات لبناء حياتنا السعيدة وبين ما يقوم البعض من هذا الخلق من تضادات شريرة لغاية الرب.


هو ليس بغروبٍ هذا الذي اُحدثكم عنه بل هو بداية اليوم هومجموع لحظات مرة أُخرى فيه يلتقي أحلى العشاق وفيه يعانق الليل نهاره ويسدل عليه ستائره في هذه المرة وكما غطى النهار الليل بنوره في فجر اليوم عند الشروق,أية عدالة سماوية هذه حيث يناصف أحدهما الاخر في اليوم وبكل حب ويتحمل النهار دجى الليل وهو راضي برضاء المحبين وفي نفس الوقت لا يعترض الليل على ضياء وحرارة اليوم التي لم تكن بمشتهاه,إنها من صنع الله أيظاً, جملة متداخلة((أنقدر نحن البشر أن نتعلم من هذه المصنوعات الالهية؟! يعني أيتحمل الانسان في الغرب الاستعماري أن يكون العربي في الشرق مُنعم عليه بالخيرات وبدون أن يتسلط ويتجبر عليه؟ويسرقه ويحتل أرضه ويدمر حضارته بكذب كبيرة هو لايتحملها أن يعيشها كالديمقراطية والعدالة !؟)).


· في هذه اللحظات و نحن نودع شمسنا أّذ أصابتني بذهولٍ لاني أشعر بأن الصامت يودع وصامت أخر يستقبل و كأنما أنا في سلم موسيقي رائع ينتقل بكل عذوبة من مفتاح لاخر وبكل نعومة و أنسيابية في تبادل بالنغمات وخضوع وإلتزام بحركة أعظم مايسترو عرفناه,إنها لحن من الالحان الروحية وصورة من صور الجمال الروحي,تنساب هذه الالحان في كل دقائق المشاعر الانسانية وتنفذ هذه الصور الى كل الاحاسيس والمشاعر فتفعل في الانسان إرتياحاً ينبثق مرةً كوخزة توقظ الظمائر ولترتقي بمشاعر إلايمان للعلية التي يلتقي فيها الرب بعباده فيفهم الانسان عندها شيئاً ما عن حقيقة هذه الحياة وقد يتجلى أمامه شيئاً من أسرارها,فيتطلع الى السماء في هذه المرة ليرى جمالاً يترقق له الوجدان من جديد ويعلو بتكبير عظيم.. ألله وأكبر ايها الخالق,وأنا في هذا الطوفان الحلو والمحبب لنفسي كثيراً و خاصة في يوم رمضاني,فإذا بي أصحو بأني قد وصلت الى موطئ قدمي الرب أرضنا التي نعيش عليها و ما تحمله من قساوة قلوبنا على بعضنا مدفونة بين دقائق ثراها,أقول أصحى على أعذب صوت وأحلى الكلمات بل أقدسها فإذا بتكبير آلآذان بعز الجلالة...الله أكبر... هذا الامرجعلني ليس أوطأ الرأس وأركع على ركبتي بل أسجد لمن يستحق السجود للخالق الواحد الاحد,هذا التكبير بالاكبر كان يعلن نهاية الامساك وبداية الفطوروقلتها بقلبي ومعها أُمنية لكل من شهد هذا الشهروصامه من أحبائي أن يكون يوماً رمضانياً حقيقياً والف عافية لمن صامه.ففي هذا الشهر يبدأ الانسان الحقيقي جهاداً مع النفس ويكون اول المشوار هو صوم النفس عن الحقد والحسد والانانية ومشواره هو ترتيب الارادة لابتعاد النفس عن الاثام والتحكم بالعادات وزرع في نفس الانسان طبع الاحرار اللذين يؤدون أعمالهم بحرية واختيارويعرفون الحق والحق يحررهم كما قال رب السموات والارض .من الخطأ الكبير أن يختزل شهر رمضان ومعانيه بالصوم عن الاكل فهو أكبر واكثر من ذلك إنه مساحة زمنية يقاتل و يجاهد الانسان فيه ضد كل الشرور وطباعئه السيئة لكي يروضها و من ثم يُحجمها ويسيطر عليها في هذه الفسحة الزمنية من هذا الشهر الفضيل,فهو بالحقيقة شهر جهاد النفس لمن شهده وعاشه بصدق و بدون تزييف وكما أراد الله سبحانه وتعالى أن يكون ويتفاعل معه الانسان, وليس كما يريده البعض تحويله من شهر تترفع النفس الانسانية عن الصغائر وجهاد كامل وشامل ضد شرور الانسان الى ان يختزل هذا الشهر العظيم الى شهر مركزه هو الاكل وساعات الانقطاع.وبكل اسف أستطاع هذا البعض من أن يحول رمضان على أنه شهر الطعام الممنوع وفرص السهرات سواء التلفزيونية أو السهرات الاخرى,و قد يكون فيه ذلك لانه شهر فرح وسعادة ايظاً,ففيه يفرح الصائمون في تقربهم للخالق, هو في الحقيقة الاولى و المهمة الشهر الذي تفتح فيه ابواب الرحمة,وعن أبي هريرة(رض) عنه ان الرسول محمد (ص) قال:(ذا دخل شهر رمضان فُتحت أبواب السماء وغلقت ابواب جهنم وسلسلت الشياطين)(1) فهو أيظاً شهر الانتصار إنتصار المحبة على البغضاء وإنتصار التعاون في الزكاة على الانانية فهو شهر تنتصر الانسانية على الوحشية المقيتة ,وانا اقول على المؤمنين الصادقين وأصحاب الرأي في الدين ان ينشطوا في تصحيح طريقة الحياة في هذا الشهر لان الامر لايتعلق فقط بهذا الشهر بل بمناسبة العيد الذي يُتوج هذا الشهر بوصول الفضائل الى رقي وعلو ممتزجين بثمار الروح من المحبة والفرح والسلام وكلها مؤطرة بالنصر وأيظا في تحويل وجعل كل الاشهر الباقية رمضاناً في التصرف والسلوك والايمان الصحيح بالعقدة الدينية,اي لا تنتهي معطيات شهر رمضان بعيد الفطر بل أن يُحول المعنين بإمور الدين عيد الفطر المناسبة الأعظم والانسب لمراجعة الانسان لمسيرته الجهادية على مدى شهر ومعاينة ما تغير منها و كيف يديم السلوك الذي أكتسبه في هذا الشهر الفضيل ويكون جزء من جهاده في الاشهر التاليةو فضح المرتدين والمزيفين اللذين يعيشون فضائل رمضان في شهر رمضان فقط والذي همهم هو الامساك عن الاكل ليختزلوا معطايات الشهر العظيم بهذا التحريف والتزيف وهو في حقيقته جهاد مستمر على طول السنة.إيها الاخوة إن العبادة عمل متكامل ومستمر و التقيد بالامر الالهي طهارة النفس يعني أن تشمل كل جوانب حياة الانسان ولا أن تقتصر على ثلاثين يومً فقط بل أن تمتد لتشمل كل أيام الحياة.

 

إنها سُنة في الحياة أن تسمو النفوس في هذا الشهر الفضيل وتحول نتائج الجهاد الروحي الى ثمرات دائمة وفعالة في حياة الناس وفرصة للتبشير بكل ما له علاقة بالجهاد الروحي ...




(1) عن أبو هريرة المحدث( رض): البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أوالرقم1899/خلاصةالدرجة[صحيح]





الثلاثاء٠١ شـوال ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٣٠ / أب / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير الجزراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة