شبكة ذي قار
عـاجـل










قبل أيام صرّح مسؤول أمريكي كبير في جيش الاحتلال قائلا "إن قوات بلاده سوف تتوقف إعتبارا من مطلع شهر آب عن مشاركتها في العمليات المشتركة مع وحدات من إقليم كردستان وأخرى تابعة للحكومة العراقية التي بدأتها مطلع عام 2011". وأكّد الكولونيل مايكل باورز على ان تلك العمليات "ستكون ثنائية إعتبارا من الأول من آب / أغسطس بين القوات العراقية والكردية". وكأن القوات الكردية , التي هي ليست أكثر من مليشيات حزبية وعصابات منظّمة, تابعة لدولة مجاورة للعراق وليست تابعة للدولة العراقية.


وواضح إن الغاية من مشاركة القوات الكردية, التابعة حصرا لحزبي البرزاني والطلباني وكانها تمثّل دولة وليس إقليما عراقيا, مع ما يُسمى بالقوات العراقية هو التركيز المسعور والسعي العنصري من قبل القادة الأكراد في إظهار وإبراز أي شيء له علاقة بهم ووضعه في الواجهة بل وفرضه على الجميع, بإصرار مقصود ومتعمّد مستمرّين في التعامل مع رفاقهم "العراقيين" في العملية السياسية معاملة الند للند أو أسوء.


وعليه, لا يكفي القول إن ما يُسمى باقليم كردستان العراق حالة شاذّة وإستثنائية للغاية بين أقاليم ومناطق العالم. ولا يكفي القول, بناءا على واقع العراق المحتل وتكالب القوى الكردية العميلة وهيمنتها على كل شيء تقريبا, إن إقليم "كردستان العراق" هو دولة داخل الدولة وله اليد الطولى في كل صغيرة وكبيرة. فقد تجاوز قادة هذا الاقليم كل الخطوط الحمراء في تعاملهم وتصرّفهم مع العراق وشعبه. وبات من الصعب على أية حكومة, في ظل الاحتلال وحمايته, أن تقوم بابسط واجباتها إذا لم يكن للساسة الأكراد حصّة الأسد في أية خطوة أو موضوع.


وبما أن الساسة الأكراد تربّوا وتتلمذوا على أيدي خبراء ومختصّين صهاينة في جميع فنون التزييف والتضليل والنفاق ونفح أو تشويه الحقائق وتوظيفها في مصلحتهم, التي هي في النهايةأيضا مصلحة أسيادهم عبر البحار, فانهم دأبوا على الاستفزاز والابتزاز حينا وعلى التملّق والتزلّف حينا آخر طالما يصّب ذلك في خدمتهم. فهم عراقيّون أقحاح عندما تقوم إيران أو تركيا بقصفهم بالصواريخ والمدافع وتشرّد االمئات من مواطنيهم. في هذه الحالة فقط, والتي تفوح منها رائحة نفاق مبتذل, يستنجد الساسة الأكراد بالحكومة الفيدرالية ويطالبونها بالتدخّل وباتخاذ ما يلزم لحماية"السيادة العراقية"ويتكّرونا عراقيّتهم.


لقد إستقوى الساسة الكرد باسيادهم الأمريكان والصهاينة بعد أن وضعوا جلّ خبراتهم في التجسّس والتخريب والتفرقة, وهي أهم ركائز السياسة الصهيو أمريكية في المنطقة. وإستأسدوا على الشعب العراقي مستعينين دائما بخناجر ورماح الغُزاة والطامعين في ثروات وخيرات العراق, إضافة الى خناجرهم المسمومة التي تقطر منها دماء آلاف الأبرياء على مدى نصف قرن. فهم اسود ضراغم علينا, في زمن محنتنا وشدّتنا ومآسينا, لكنهم أرانب وخرفان أمام أي عدو خارجي. يولولون ويصرخون كالنساء الأرامل خوفا ويأسا وعجزا في الوقت الذي يملكون فيه جيشا عرمرما, منظّما ومسلّحا بشكل جيد وقادر على غزو دولة.


يمنعون حتى على رئيس وزراء العراق )الفيدرالي( من دخول الى شمال العراق الاّ بأذن خاص مكتوب من فخامة الامبراطور الصغير مسعود برزاني باشا, طبعا بعد مفاوضات وتنسيق بين الطرفين. جعلوا من شمال الوطن ضيعة أو إمارة عنصرية خاصة بينما تخلّصت والى الأبد جميع دول العالم, باستثناء الكيان الصهيوني الغاصب, من عنصريتها المخزية وسلوكها الأناني المنافي ليقم الحضارة والتقدّم الثقافي والأخلاقي. وفي المقابل يفتح القادة الأكراد بيوتهم وفلوبهم وأراضيهم وو... الى أبسط موظّف أو جاسوس أمريكي أو صهيوني.


لأن لهؤلاء فضل كبير لا يمكن لمسعود البرزاني ولا للطلباني نكرانه أو نسيانه أبدا. والعبد الوفي المخلص لسيّده, كما تعلم عزيزي القاريء, مستعد أن يموت ألف مرّة في اليوم من أجل عيون بل وحذاء هذا السيّد, خصوصا إذا كان أمريكي متصهين بالفطرة والوراثة. والطامة الكبرى أيضا هي إن القادة الأكراد, حتى في منصب رئاسة جمهورية العراق ( الفيدراني ) يتصرّفون وكأنهم خدم وعبيد وموظّفون صغار. وقبل بضعة أيام إجتمع ضخامة "الرئيس" الكارتوني جلال الطلباني مع السفير الأمريكي في بغداد المحتلّة. أين...؟ في مقر السفارة الأمريكية وليس في القصر الجمهوري!


والأعراف والتقاليد والعمل الدبلوماسي لا تبرّر لرئيس دولة الاجتماع مع سفير دولة أخرى في مقّر السفارة الاّ في حالاات نادرة جدا, وليس من أجل مأدبة غداء كما ببرّر مكتب "الرئيس" الطلباني ذلك. لكن الظاهر إن جلال الطلباني, خصوصا إذا تعلّق الأمر بغداء أو عشاء أو ما شابه ذلك, مستعد أن يتناوله حتى مع بواب السفارة أو الحدقجي أو مربّي الكلاب والخنازير. وأنا شخصيا أشك بأن يكون للطلباني جلال مكتب أو قصر جمهوري. والاحتمال الأكبر هو أن لديه غرفة واسعة ملحقة بالسفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء مكتوب على بابها "مكتب رئيس جمهورية العراق - فرع السفارة الأمريكية".


لا أدري متى تتوفّر للقادة الأكراد الشجاعة الأدبية والجرأة السياسية والمصداقية الأخلاقية ليعلنوا صراحة إن كانوا عراقيين فعلا أم أكراد فقط. لأن الرقص على جميع الحبال وفي أي سيرك لا يقودهم الاّ الى معاداة الشعوب المحيطة بهم ونشر بذور حروب وصراعات قد لا تؤدي الى نتائج مقبولة بالنسبة لهم حتى وإن إستعانوا كعادتهم بامريكا وكيان إسرائيل العنصري. وألّفوا وزوّرا وفبركوا عشرات الحقائق والروايات عن مظلوميات مزعومة وحقوق مهضومة وشعوب متوحّشة تناصبهم العداء والكراهية, كما يدّعي دائما قادة الكيان الصهيوني.


mkhlaf@alice.it

 

 





الجمعة٢٨ شعبان ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٩ / تمـــوز / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب محمد العماري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة