شبكة ذي قار
عـاجـل










• دول الخليج العربي ليست مستقلة .. ولا تمتلك قرارها السياسي والاقتصادي.
• نظم الخليج العربي .. ترتبط بالغرب ارتباطاً عضوياً .
• والارتباط العضوي .. نخب سياسية وثقافية، واقتصاد السوق .
• ليست هنالك معادلة متكافئة لحوار حقيقي ومستقل !!


مقدمة :
من الغريب أن تؤخذ الأمور في طريقة بحثها وتحليلها على أساس أنها من المسلمات، بدون الرجوع إلى خلفية الواقع المُكون للنظام السياسي وسياساته وارتباطاته .
ومن الغريب أيضاً أن يتجاهل البعض الارتباط العضوي القائم بين نظم الخليج العربي والغرب على أساس المكون الرأسمالي والاقتصاد الحر والنزعة الفردية وسياسة الأخذ بالاستشارة البريطانية والأمريكية .. ولكن أحياناً قد يأخذ أحد الأنظمة على عاتقه هامشاً للحركة، ولكن لا غرابة في التشخيص، بأن القوى السياسية، التي تحكم قبضتها على الخليج العربي بصفة قيادات متوارثة قبلياً وعشائرياً، تعيش في مأزق مركب يتمثل بأمن النظم ذاتها من جهة، وأمن النظام الجمعي لمجلس التعاون، الذي لم يرَ النور من جهة ثانية ، فضلاً عن الأمن القومي العربي الذي يأكله الاختراق من كل جوانبه السياسية والاقتصادية والصناعية والأمنية والعسكرية والمعلوماتية والسكانية والمائية والغذائية إلخ . هذا المأزق المركب تجده دول الخليج العربي منفصلاً يفتقر لمبدأ الأولويات، كما يفتقر إلى الترابط الموضوعي في وحدة الأمن التي لا تتجزأ .


دول الخليج العربي جميعها تعمل على أساس مفهوم (أمن النظم) بصورة تكاد أن تكون منفردة ولكنها مرهونة بمعاهدات حماية أجنبية .. فيما يبقى أمن الخليج العربي في وحدته السياسية- الجغرافية إطاراً عاماً، أما مضمونه فهو معطل من حيث الأهداف والوسائل، التي على أساسها يتشكل نظام الحماية الذاتية لدول الخليج العربي الفاشل .


نظام الأمن لمجلس التعاون الخليجي - الذي له الأولوية في إطار نظام الأمن الإقليمي - ليس فعالاً ولا متكاملاً، لأنه مخترقاً من الخارج :


1- مخترق من الدول الغربية وفي مقدمتها أمريكا وحليفاتها بريطانيا وفرنسا، عن طريق اتفاقيات الحماية .
2- مخترق من إيران عن طريق الاستيطان الفارسي الطائفي والتجنس المخطط له وشبكات التجسس، التي تديرها الشركات والسفارات والقنصليات الإيرانية .
اختراق في الأمن وترابط في الاقتصاد :


إضافة إلى القواعد العسكرية الأمريكية ، البرية والبحرية في الخليج العربي :


- كان عدد أفراد القوات الأمريكية في الكويت عام 1991 يقرب من (140) ألف .. انخفض هذا العدد إلى أقل من (12) ألف جندي في الوقت الحاضر تقريباً .


- وكان عدد أفراد القوات المسلحة في القواعد الأمريكية عام 1991 ، (9) الاف معظمهم من سلاح الجو (طائرات F-15 .. f- 16 و أواكس وطائرات تموين) ، انحدر هذا العدد إلى بضعة مئات في السعودية ، بعد انتقل مقر القيادة الأمريكية إلى قطر.


- عدد الجنود الأمريكيين في قطر (8000) ألاف في قاعدة (السيليه) و (العديد) مع طائرات . (f – 15 >> f-16 )
- وفي البحرين (5000) ألاف مع قيادة الأسطول الأمريكي الخامس .
- وفي الإمارات (1200) ألف جندي أمريكي .
- وفي سلطنة عمان (3000) ألاف مع طائرات مقاتلة وقاذفة .


- وفي الخليج يوجد (48) ألف من سلاح البحرية مع (6) حاملات طائرات تحمل كل منها (80) طائرة ، و(26) سفينة عائمة و (20) سفينة برمائية للقوات البريطانية .. كل هذه الأعداد انخفضت في الوقت الحاضر إلى أقل من النصف تقريباً ، حسب إحصائيات مراكز الأبحاث المتخصصة.


ملاحظة أولى :

- أسهمت الرياض في تكاليف الحرب على العراق (17) مليار دولار عام 1991 .
- دفعت الكويت ما بين عام 1990-1991 مبلغاً قدره (36.51) مليار دولار لتمويل العدوان الأمريكي الصهيوني الأطلسي على العراق .
- أما تمويل العدوان على العراق عام 2003 ، فهو مفتوح تماماً وتقديراته لدى بندر بن سلطان . فقد وضعت كل إمكانات دول الخليج العربي في كافة المجالات الخاصة بتسهيل الأعمال العدوانية ابتداءً من العمل الإستخباري المجاني إلى التسهيلات في الأجواء والمياه الإقليمية إلى تعزيز القواعد العسكرية وانتهاءً بفتح الأجواء والحدود البحرية والبرية لتدفق الدبابات الأمريكية والبريطاني وغيرها لتدمير العراق واحتلاله ونهبه واستعباد شعبه .


ملاحظة ثانية :

- طور (البنتاغون) البنية التحتية الاقتصادية الإيرانية بعد عام 1979 .
- الدكتور (سولي شهفار) رئيس مركز دراسات إيران والخليج العربي في جامعة حيفا، يؤكد أن شركة (عوفر) الإسرائيلية تتعامل بشكل واسع مع شركات نفط إيرانية، وإن خبراء إسرائيليون في مجال الزراعة والإنتاج الزراعي، خاصة الأسمدة العضوية وأجهزة التنقيط، وهورمونات لإنتاج الألبان والبقوليات ، فضلاً عن رجال أعمال وأكاديميون إسرائيليون ينشطون في إيران في تخصصاتهم .. وإن شركة (عوفر) ليست وحدها إنما هناك شركات (ناحوم منبر) التجارية، التي ترتبط بإيران بعلاقات وثيقة !!


أدلة قاطعة على هذا التعاون :

أكدت صحيفة (New York Times) الأمريكية في عددها الصادر بتاريخ 27/5/2011 ، إن أمريكا فرضت عقوبات على شركات إسرائيلية لكونها أبرمت صفقات مع إيران، وفي مقدمة الشركات الإسرائيلية شركة (عوفر) في مجال الطاقة، فيما يبلغ عدد الشركات الإسرائيلية العاملة في إيران (200) شركة إسرائيلية !!


- الاستثمارات الإسرائيلية في مجال الطاقة الإيرانية تقع في إطار تطوير المشروع النووي الإيراني .. وهذا ما جاء في تقرير صحيفة (New York Times) الأمريكية موضوع البحث !!


كيف ينظر الكيان الصهيوني إلى الملف النووي الإيراني ؟! :
- رئيس الأركان الصهيوني يعرب عن اعتقاده (بأن إيران لن تكون قادرة على صنع قنبلة نووية قبل عام 2015 .
- قال (أيهود باراك) وزير الدفاع الإسرائيلي عام 2009 ( إن إيران ستكون قادرة على صنع قنبلة نووية بحلول عام 2011 .


- فيما يصرح (موشيه يعلون) الوزير في مجلس وزراء الكيان الصهيوني المكلف بالشؤون الإستراتيجية ( إن الإيرانيين يحتاجون إلى وقت لا يقل عن ثلاثة سنوات لتطوير السلاح النووي ) !!


تنطوي السياسة الإستراتيجية الأمريكية المعلنة في ظل واقع العلاقات الإسرائيلية- الأمريكية ، والعلاقات الأمريكية – الإيرانية على عدد من العناصر :
أولاً- ردع إيران (Deter The Iranians ) بوسائل متعددة منها :


- تزويد بلدان الخليج العربي بعدد من صواريخ (باتريوت) الدفاعية قصيرة المدى (Patriot Medium Range Missiles) .. والمغزى من ذلك منع مؤثرات القوة حيال الكيان الصهيوني أو الإخلال بما يسمونه بميزان تعادل القوى ( إسرائيل في كفة والدول العربية كلها في كفة مقابلة) !!


ثانياً- الحيلولة دون امتلاك البلدان العربية بصورة عامة وبلدان الخليج العربي القدرات النووية لمقابلة قدرات إيران النووية .. والسبب هو إبقاء الكيان الصهيوني يحتكر السلاح النووي في المنطقة .


ثالثاً- طمأنة دول الخليج لأغراض هذه الإستراتيجية !!


إن مسوغات البعد الإستراتيجي للرؤية الأمريكية، التي وردت في خطتها الإستراتيجية الخاصة بالخليج العربي في كانون الثاني عام 2005، هي تقليل كثافة القوات الأمريكية في القواعد لتجنب ما أسمته بالضربات الانتقامية المحتملة والمحافظة على الاحتياطات الإستراتيجية النفطية في الخليج العربي (السعودية، الكويت، الإمارات، البحرين، قطر، سلطنة عمان، واليمن)، وتضع الإدارة الأمريكية نصب عينها احتياطات العراق وإيران، والتي تقدر رسمياً بـ 84% من احتياطات النفط العالمية المؤكدة، فضلاً عن ثلث الاحتياطات العالمية المؤكدة من الغاز الطبيعي.


إذن .. إن مدركات الأطراف المعنية لواقع الصراع والتنافس في المنطقة يأخذ بُعْد التوافق الإستراتيجي، وذلك من خلال تداخل المصالح بين الأطراف الدولية والإقليمية وفي مقدمتها إيران .. فالشركات الإسرائيلية تتعامل بصيغة استثمارات مع شركات النفط الحكومية الإيرانية .. وشركات النفط الأمريكية تدخل في تعامل استثماري مع القطاع النفطي الإيراني ، وتطوير البنية التحتية الإيرانية، فيما تهدف الاستثمارات الأمريكية في مجال الطاقة الإيرانية تطوير قدرات إيران النووية !!


هذا ما كشفته صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية حين نشرت قرار الجهات الرسمية الأمريكية الخاصة بمعاقبة الشركات الإسرائيلية التي أخلَتْ بالحضر وتعاملت مع شركات النفط الأمريكية، وهي شركات حكومية رسمية، فيما تلوذ حكومة الكيان الصهيوني بالصمت المطبق على هذا الموضوع !!


نأتي إلى بيت القصيد ...

- دول الخليج العربي لم تكن في كل تاريخها دولاً مستقلة تمتلك قرارها السياسي والاقتصادي المستقل، بحكم ارتباطاتها بمعاهدات واتفاقيات حماية أجنبية بريطانية وأمريكية وغيرها أولاً .. وبحكم مكونات نظمها السياسية والاقتصادية المرتبط عضوياً بالاقتصاد الرأسمالي ثانياً .. وبحكم مجموعة عوامل الضعف لديها لكون معظمها لا يمتلك مقومات الدولة ثالثاً .. وبحكم أن حكامها عائلات رهنت نفسها بصورة متوارثة للأجنبي منذ عقود من السنين، بعضها يستجيبون نسبياً للمتغيرات والبعض الآخر ما يزال متحجراً ، فيما يعاني الشعب العربي في الخليج العربي إشكاليات مركبة وخطيرة رابعاً .. ودليل ذلك (( طرح العراق على حكام الكويت في ثمانينيات القرن المنصرم مشروع تزويد الكويت بماء الشرب بدلاً من التحليه ، وبماء للسقي في شكل أنابيب تمتد من (القرنة) حتى الكويت – وهو مشروع مفيد للكويتيين مادياً – ولكن حكام الكويت استشاروا لندن التي أفتت لهم بعدم تنفيذ المشروع )) !!


- دول الخليج العربي مستغلة ومستنزفة من قبل أطراف اتفاقيات ومعاهدات الحماية الأجنبية .. وسياسة التخويف التي تمارسها أمريكا ضد هذه الدول، هي سياسة معده لهذا الغرض، تخيفهم من إيران بالرغم من أن هذا الخوف حقيقي بالنظر إلى حقائق التاريخ الذي يفصح عن التوسع الإيراني، ولكن إيران لن تجرؤ على الاقتراب من المصالح الحيوية الأمريكية والغربية – إيران تخيف دول الخليج، والأمريكيون يجنون مبيعات السلاح ويجنون التسهيلات العسكرية، ويجنون أسعار ميسرة للنفط ومضمونة، ويجنون سرعة تنفيذ السياسات الأمريكية . إذن .. أمريكا مرتاحة من حالة تخويف دول الخليج العربي بإيران وهذا التخويف له مقابل ، وإيران مرتاحة من استعراض عضلاتها في شكل مناورات عسكرية وتصريحات نارية من أجل التخويف الأجوف لدول الخليج العربي بمقابل أيضا .. والمقابل هو ( التوافق الإستراتيجي القائم بين أمريكا وإيران والكيان الصهيوني) !!


ما هو إذن معنى ومغزى الدعوة إلى التفاوض بين دول الخليج العربي أو مجلس التعاون الخليجي وبين إيران في واقع تلك الحقائق ؟!
قد يقول أحدهم، أنها دول والدول تقيم في ما بينها علاقات ثنائية، ومثل هذه العلاقات قد تفضي في حالة وجود مشكلات، إلى الجلوس على طاولة المفاوضات ؟! هذا القول العام صحيح في ضوء معطيات ، ولكن هذا القول في ظل معطيات معينة أخرى مغايرة كمن يحرث في البحر!!


فالدعوة إلى التفاوض مع الإيرانيين في واقع الحال مع دول الخليج العربي خديعة كبرى لا طائل من ورائها، وهي تدخل في سياق اتفاقات سياسية معينة قواعدها لعبة شد الحبل وإرخائه تحت خيمة التخويف .. والذين يتبرعون بأخذ الأمر على محمل الجد واهمون، أو الذين يعرضون أنفسهم وسطاء أو خبراء في مسائل التفاوض لهم دوافعهم التي لا تنسجم مع منطلقاتهم الفكرية التي لها منظورها الخاص حول الخليج العربي من جهة ، وقواعد اللعبة التي تمسك بمفاتيحها كل من واشنطن وطهران من جهة أخرى !!


إن أمريكا وبكل إمكاناتها التقنية الفضائية وغير الفضائية على يقين تام بما تقوم به إيران حالياً في الجزر العربية المحتلة التي سيطرت عليها منذ عقود ، تبني المشاءات وتبني منتجعات للجنود وتأسس ما يشجع على الإقامة المدنية والعسكرية من الإيرانيين وتغري السكان بتسهيلات الإقامة الميسرة في تلك الجزر .. إيران تؤسس للأمر الواقع على الأرض، فلماذا تسكت أمريكا على واقع يضر بدولة الإمارات العربية الصديقة لها ؟! ولماذا لا تمنع فرض سياسة الأمر الواقع الإيرانية إذا كانت أمريكا تهمها مصلحة أصدقائها ؟! أو على أي تقدير تساند ملف احتلال إيران للجزر العربية في الخليج العربي وتدفع به إلى مجلس الأمن ؟!


لا سبيل إلى تبديد القلق الخليجي من التهديد الإيراني المستمر في ظل أي أجواء غير العمل السريع والجاد من أجل :


أولاً- حصانة الداخل الخليجي من الاختراق .
ثانياً- تنظيف الداخل الخليجي من الخلايا الإيرانية النائمة والمستترة بعباءة الجنسية .


ثالثاً- بلورة منظور للأمن الإقليمي الخليجي، يتأسس على وحدة القرار السياسي والأمني، في صياغة إستراتيجية دفاعية شاملة الأبعاد اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً وامنياً وعسكرياً وبنيوية تنظيمية عامة ، شريطة أن تكون خليجية خالصة دون مشاركة أمريكية أو بريطانية أو غيرهما .. هذه المنظومة الدفاعية هي التي ستصون الداخل الخليجي وتبدد هذا القلق العارم الذي ينتاب ليس فقط حكام الخليج إنما الشعب العربي في هذه المنطقة الحساسة من العالم .. وعدا ذلك فأن سفسطات التفاوض ومحاولات المتبرعين بترتيب شروط الطحن في الهواء تظل محاولات بائسة تنم عن افتراق واضح عن المبادئ .. كما تظل في نهاية الأمر " صرخة في واد أو نفخة في رماد " !!
 

 

 





السبت٢٢ شعبان ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٣ / تمـــوز / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة