شبكة ذي قار
عـاجـل










12- إذن اصبح من المؤكد وعلى ضوء ما نضحت به الاحداث في العالم وفي الوطن العربي وعلى وجه الخصوص في هذا الوقت من تزييف لحقيقة الثورة وتحريف لحركة الجماهير بسرقة شعاراتها بل تجاوز الامر الى الحد الذي أُستغلت في بعض الاحيان المعاناة لدى شريحة أو بعض الشرائح في المجتمعات العربية وتحويل إندفاعاتها بالمطالبات الشرعية والمقبولة بإتجاه إحدلث بعض التغيرات في مجمل الحياة الى أعمال هدم في البنيان الاجتماعي والاقتصادي وبإستغلال المشاعر الدينية والطائفية والقومية في بعض الاحيان وبشكل بشع ومهين لهذه المشاعر المقدسة , وتحريف أي إتجاه لانتفاضة أو مطالبة من منطلقاتها الشرعية الى منطلقات فئوية وتضيق وتجزئة المطالبات وتصميم لكل مطالبة توجه مع ضغط بإتجاه ما أطلقوا عليه بالتغير وتحويل المجتمعات العربية الى ما يشبه بكانتونات مذهبية أو طائفية أي لم يكتفوا بتقسمها بمشرط ديني وإنما بمشارط مذهبية وطائفية وقومية , وهدف هذه القوى الاستعمارية يتعدى تغيراً في شكل الانظمة العربية الى مرحلة ما بعد سقوط النظام والتي ستؤمن للقوى الاستعماري الطامعة ومعها كل مؤسساتها المرتبطة بها سواء سياسياً أوعسكرياً الى خلق وضعاً مجزئاً في الاهداف والقوى المنتفضة , أقول يتعدى لمرحلة بعد إسقاط الانظمة الى مرحلة ما بعد السقوط وهي إفتراضاً ستكون مرحلة إعادة بناء المجتمع والدولة على أُسس وطنية ديمقراطية ( ولكن ديمقراطية حسب ما تشتهيه هذه الدول الطامعة ) تتعامل مع كل الدول على أُسس المصالح الوطنية وهذا بالتاكيد سوف لا يفيد هذه القوى الطامعة وهذا إفتراضاً وذلك لان القوى الاستعمارية قد صممت التغير المنشود على مختلف إلاتجاهات وضمنت إفتراق القوى التي قامت بالتغير على أهداف جزئية غير وطنية فمنها يحمل طابع الهدف لقومية معينة ومنها لدين أو مذهب محددين ومنها تحمل مصالح طبقية وفئوية ,

 

وهذا يعطي الضمانة الاكيدة للقوى الاستعمارية بأن جهودهم ودعمهم المادي أوالاعلامي و السياسي لاسقاط النظام العربي الذي أما أن يكون رافظاً لمواقف هذه الدول الاستعمارية ومقاوماً لاطماعه , أو أن يكون مقرباً لها ولكنه فقد شرعيته من خلال الرفض الجماهيري وبالنتيجة سوف تعود لهذه القوى الاستعمارية بالفائدة وسوف لا تذهب بدون فوائد مادية ( إقتصادية أو سياسية أو عسكرية ) لان المنطق عند هذه الدول يقول بالموقف الذي تنتفع هي به وليس القائم على مبادئ الحق والباطل والشرعية واللاشرعية والمبدأ الاخلاقي أو اللاخلاقي , في قواميسها لا يوجد محلُ لهذه التعاملات المنصفة!.. وهذه مجموعة المواقف تتفق مع فلسفة البراجماتية والتي تدين بها أكثر دول الغرب الاستعماري , ولذلك يُلاحظ إندفاع بل تكالب هذه الدول لدعم اي تمرد أو إنتفاضة في الوطن العربي وتُجند لها كل مؤسساتها الفكرية والاعلامية وشبكات الاتصال الحديثة , وحتى ذهبت للتعاقد أو شراء بعض المؤسسات الاعلامية العربية كالفضائيات ومواقعها على الانترنيت والفيس بوك وأيظا شراء ذمم بعض أصحاب الاقلام الانتهازية وحولتها لاداة لها في تحقيق أطماعها التي خططت له , أيظاً إنها حملة منظمة و منتظمة في نفس الوقت وتُنفذ بإستراتيجية دقيقية للوصول الى هدف إستعماري كبير هو إحكام السيطرة الدول الاستعمارية على المنطقة العربية المهمة في هذا العالم , وبالتالي كنتيجة عرضة السيطرة على المنطقة على الاقل للعقود الخمسة القادمة ..

 

أن هنالك وسائل عديدة تسخدمها هذه الدول الطامعة بالمنطقة وفي بدايتها إستخدامها لوسائل الاعلامية والفكرية ومن ثم الاقتصادية والعسكرية كل واحدة من هذه الوسائل يتعاملون بها أو معها حسب الظرف الزمني ونضوج الحركات المعارضة وأيظاً حسب حجم و نوع المقاومة التي تبديها الانظمة , فهنالك مؤسسات فكرية وسياسية عالمية تهتم بصياغة الاراء وتطوير المواقف وترويج لافكار تخدم مصالح أصحاب هذه المؤسسات أو الجهات المتعاقدة معه , وفي نفس الوقت تتحرك بطرق شتى تجاه الاقلام المهزوزة والمترددة في إنتماءاتها الوطنية والقومية , لتجنيدها لخدمة ستراتيجيته , ويرتبط تحركها هذا بالدول أو المؤسسات السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية بعقود للترويج لمصالحها وعلى غرار شركات القطاع الخاص , وشروط التعاقد معها يكون مبنياً على قدرتها ونجاحهافي صياغة رأي أو موقف يؤثر في الرأي العام والسياسة بالاتجاهات التعاقدية المبرمة مع هذه المؤسسات.فيكون من السهل عليها توضيف أي مؤسسة إعلامية فردية أو جماعية لصالح اهدافها.وبسببب نمو هذه المؤسسات الفكرية والاعلامية وإتساعها أصبحت جزء من مجموعات الضغط التي تتنافس مع المنظمات الثقافية والفكرية الاخرى التي تتشارك معها في صناعة الراي و المواقف الخاصة.ومن المهم أن لاتغفل الحركات اوالاحزاب الثورية عن هذه المؤسسات وعن وسائلها سواء التي تتعلق بالماكنةالاعلامية القوية التي تمتلكها أوالجهات التي تتعاقد معه , أو في مجموعة الكتاب والمحللين اللذين يُجَنَدون فيها و يتخفون وراء يافطة الاستقلالية بالراي والموقف المحايد.والاخطر من هذا وذاك أن هذه المؤسسات وأدواتها تعتمد على مبدأ البرجماتية والديماكوجية واللذان يظهران بالسلوك الازدواجي بالراي والانتقائيةبالمواقف , فهم يكونون مع الثوار في ثورتهم لاسقاط نظام وفي نفس الوقت قد يكونون موالين لمركبات النظام نفسه وفلسفته والذي يكون قد فقد صلاحيته أي دخل مرحلة الرفض الجماهيري له , ويرفعون بل يروجون في نفس الوقت لشعارات ترفعها الجماهير المنتفضة ضد هذه الانظمة المستهلكة شعبياً كشعارات االديمقراطية وحقوق الانسان والحريات المزيفة التي تصدرها الدوائر والانظمة المستغِلة وبالخصوص الامبريالية العالمية ,

 

وهذا ما لاحضناه مما جرى في دول الاتحاد السوفيتي وخاصة في الايام التي سبقت إنهيار الاتحاد السوفيتي , واليوم يشيعون للربيع العربي وبنفس الفلسفة والنهج الذي أتبعوه في دول الاتحاد السوفيتي , فيدفعون بعناصرهم لركب هذه الموجات والاندفعات الجماهيرية لحجز مقعد أو موقع في المسيرة التي تلي تغير الانظمة و حتى بإستخدام عناصر قد تكون من مجموعات فوضوية تشارك بالاعتصمات أو اي شكل من اشكال الرفض الجماهيري ويتم في نفس الوقت تأجير بعض ألاقلام واصحاب رأي ووسائل الاعلام كالفضائيات المحلية والعالمية كل ذلك مقابل مساومات بين الضمائر والشرف المهني من جهة وأمام حفنة من الدولارات من جهة أُخرى. واليوم أُضيف لكل ذلك الانترنيت والفيس بوك , وهم يعملون بستراتيجية مُحْكَمة وبدقةعالية تسير بنهجين قد يتأخر أحدهم عن الاخر بمرحلة زمنية عن الاخر , النهج الستراتيجي الاول هو الاندفاع بالراي والتحليل مع الحدث أو المنعطفات بل قد يصل الامر الى المزايدات أي يكونون ثوريون ( إذا صح التعبير أكثر من الثوار أنفسهم ) , وبالوقت المناسب وهوفي الاغلب بعد وضوح النتيجة الايجابية للانتفاضة أو الثورة وإنحسار المواقف يدفعون بالنهج الثاني من ستراتيجيتهم والذي يكون بمحاولة تسليط الضوء على المواقف المطلوبة والتي تتناغم مع هذه المؤسسات الاعلامية والفكرية بل قد يصل بالبعض منهم بتخوين الثوار أنفسهم إذا لزم الامر فيما لو أراد الثوار بثورتهم طريقاً يتقاطع مع مرامي هذه المؤسسات أو المتعاقدين معه , فعلى سبيل المثال أذا ما أراد الثوار بثورتهم بأن تكون مستقلة ووطنية , فأن هذه المؤسسات ومن ورائهم الامبرياليون والمتعاقدون مع هذه المؤسسات قد يخلطون الاوراق في حزمة الاهداف وتشويه المواقف فإن الامر قد يصل بهم بتحريض المتطرفين وخاصة الحركات الدينية والمتطرفة منها بوجه خاص واللذين يلعبون في نفس ملعب هولاء الكتاب واصحاب الاقلام ولكن بطريقة مختلفة بأن يكفروا الثوار لكي ينزعوا عنهم مبأدئ الاخلاق والدين , ويسهل إسقاطهم جماهيراً وعندئذ تدجن الثورة وتُستَئصل ثوريته , ومن ثم محاصرتها فأما القبول بالرأي المؤسساتي المبرمج والذي تديره القوى الامبريالية الطامعة وحرف الثورة عن أهدافها و خسارة الجمل بما حمل والتسليم بالضغط المعادي للثورة أو حشرثوار الانتفاضات أو الثورات في زاوية ضيقة تحملهم صفات الارهاب أو التكفير أو الشغب .

 

 





الثلاثاء٢٦ رجـــب ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٨ / حــزيــران / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير الجزراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة