شبكة ذي قار
عـاجـل










الحماقة أن يظن الناشط انه قادر على التغيير بالشتم وبدون برنامج ممنهج وتصاعدي والأكثر حماقة أن تكون الأحزاب جزء من عملية الصمت في كل شيء وحتى أنها بدائرة الصمت أكثر سكوناً من الآخرين.


تونس لم تكون البداية، فالقهر عام في الوطن الكبير ألا أنها شكلت حاله من الفهم الخاص.


وقبل الخوض في هذا وجب التأكيد على أن الثورة الشعبية في أي قطر هي نتاج نضالات عقود اتسمت بالتضحية لإفراد حزبيين أو مستقلين، ونضالاتهم هي التي شكلت قاعدة الوعي العام لدى الأمة ناهيك عن حقيقة أن الأمة العربية في حراك جهادي دائم ضد المستعمر وأدواته وحتى في لحظة التحرير والوحدة فان الحراك الجهادي مستمر فكل مسلم في هذا الكون له حق الحماية والرعاية من قبل العرب، وهذا جزء من ثقافة العربي وبناء على فهم الشخصية العربية نقول أن النضالات جميعاً قطاعية أو وطنية قومية شاملة شكلت قاعدة الوعي العام عند الجماهير دفعتهم إلى الحراك ضد الأنظمة.


وبين التحليل للموقف والثابت المبدئي لا تعارض فالتحليل هو فهم لمجريات الأحداث وبناءً على هذا الفهم يتخذ الموقف المنسجم مع الثوابت المبدئية من اجل تحقيق الغاية الأسمى.


والأسباب التي أدت إلى اشتعال الثورات في بعض الأقطار العربية متعددة ومنها ما ذكرنا سابقاً أنها تراكم عقود من النضال والتضحيات لأفراد وأحزاب قدموا خلالها سنوات من الاعتقال والتعذيب والقهر والملاحقة والنفي ، وهي أيضا تراكم عقود من قهر المواطن من أسلوب الحكم الذي صار فيه الفساد والقمع وتزوير الإرادة والتجويع والعمالة للمستعمر نهج حكم عند الأنظمة الحاكمة.


ومن الأسباب أيضاً ضعف القوة الأمريكية فبعد سقوط الاتحاد السوفيتي وتحول أمريكا إلى القطب الأوحد وشرطي العالم تورطت نتيجة حماقات قادتها في معارك أنهكتها وجاءت الأزمة المالية العالمية التي كانت هي سببا في اشتعالها لتكون ضربة جديدة أطاحت بالقوة الأمريكية والتي تنتظر ضربة قاضية جديدة لتنغلق على نفسها وتعود خائبة مرغمة إلى وكرها ويسجل هنا للمقاومة العراقية الفخر كونها استطاعت بصمودها ومنهجها القتالي وإستراتيجيتها السياسية من إخضاع القوة العظمى وإحراجها ودفعها للتخبط كما كان للمقاومة في أفغانستان دور في استنزاف قوتها.


ونتيجة هذا يظهر في العالم ضمن المرحلة الجديدة قوى إقليمية تنافس أمريكا وحلفائها على مناطق نفوذها مستغلة ضعفها، وتظهر أوروبا بقيادة فرنسا ويتصدى لها بريطانيا الحليف الأساس لأمريكا وتظهر الصين المتحالفة مع الهند و تظهر إيران المتحالفة مع سوريا وتظهر تركيا و(إسرائيل) في هذا كله ذات مستقبل مجهول ويظهر أيضاً تحالفات وتجمعات دول الهدف منها الحماية الذاتية والاعتماد على قوة التكتل في مواجهة القوى الجديدة التي تظهر ومن اجل أيضا معالجة الفراغ الناتج عن الخسائر المتلاحقة للقوى الكبرى.


المهم أن هناك قوى إقليمية تحاول السيطرة وهناك ولادة لتجمعات دول بتحالفها تحمي نفسها.
أمريكا ليست بعيدة عن كل ما يجري وهي تصارع لتبقى القوة العظمى المسيطرة والمهيمنة وتبني تحالفات جديدة وتقدم تنازلات للبقاء كقوة عالمية أولى وتحاول أمريكا بشتى الطرق احتواء الثورات جميعاً وقيام الرئيس الأمريكي باستقبال عائلتي مشعلي شرارة الثورة في تونس ومصر يثبت صواب التحليل في هذا المقام.


ولن ننسى أيضاً وجود روسيا بما تبقى لها من قوة ناتجة عن كونها تاجر سلاح لا يلتزم بالمخطط الأمريكي ببيع الأسلحة الدفاعية وكثير من الأحيان الهجومية،ولكي لا نخرج عن موضوع الثورات العربية وكل ما سبق هو تشخيص مختصر للحالة العامة والتي تشكل حزمة من الأسباب أدت إلى تفجر الثورات.


والثورات العربية لم تكن منعزلة عن الخارطة الدولية الجديدة والتي تتشكل ببطء ،واستطاعت الثورة التونسية الخروج من عباءة الاستحقاق الإقليمي وحافظت على استقلاليتها القطرية مع التزامها بقضايا الأمة إلا أن بعض المؤثرين فيها استطاعوا في مكان ما من خارطتها التعبوية الشعبية من دعم الحلف الأطلسي وإعطاءه صك الشرعية الأول من خلال موقفها الحازم والقاطع في دعم (الثوار) الليبيين المتحالفين مع الأطلسي، ولا يعني هذا فشل الثورة بأي حال من الأحوال بل هو تلاعب في جزئية من ضمير الثورة مستغلة تصريحات القذافي إبان بدايات الثورة التونسية وكون الثورة أيضاً في مزاجها العام تعتبر نفسها ملهمة الثورات جميعاً وعليها واجب الدعم والتأييد والإرشاد أحياناً.


وكانت الثورة المصرية أكثر حذراً من توأمها الثورة التونسية فهتفت الجماهير ضد ثالوث عداء الأمة ( الاستعمار وممثله أمريكا، والصهيونية ، والفارسية الصفوية )، بل قامت الجماهير أيضا بتعرية المتعاونين مع ثالوث العداء و وصل الأمر إلى قذف مواكبهم بالحجارة ومنعهم من الدخول بعض أحياء القاهرة.


وبالمرور على الثورة اليمنية والتي تشكل حاله خاصة والسبب أنها منطقة صراع بين فريق عربي بقيادة العربية السعودية بمواجهة إيران، و نرى أن هناك وعي شعبي عام في اليمن وتوجه واضح للبقاء كرقم مهم في أجندة الوفاق العربي فمحاولات إيران لتجيير الثورة وحملها على الانسلاخ عن عروبتها باءت بالفشل بسبب الوعي العام ودعم دول الخليج لها من خلال المبادرة التي قدمت.


ولثورة البحرين شكل خاص فهي ثورة مفتعلة الهدف منها استقدام المحتل الإيراني وتحويل البحرين إلى محافظة فارسية، واستخدمت إيران كل ثقلها في الثورة المزعومة إلا أن التكتل المتشكل من دول عربية استطاع إفشال المخطط ويسعى الان للتطهير وخسرت إيران في هذا الكثير وبخاصة أنها كشفت كثير من أوراقها الإستراتيجية .


و وقوفاً عند الحراك الشعبي في العراق وهو جزء أساس من إستراتيجية المقاومة والذي جهز له منذ بداية الكفاح المسلح ضد المستعمر وقد أعلن عنه بوضوح في رسائل الشهيد صدام حسين ومن بعده في رسائل رئيس الجمهورية عزت الدوري واخذ حيزاً في الإستراتيجية التي أعلنتها المقاومة.


والثورة في سوريا تجاهد فيها الجماهير للتخلص من الفساد والقمع والقهر وسط مجابهة دامية بينها وبين السلطة المدعومة من إيران وحلفائها وقيام بعض المنتفعين من محاولة تحويل مسار الثورة لإدخالها عباءة الطاعة الأمريكية وما يظهر جلياً للان من قبل الجماهير الثائرة حفاظها على هويتها الوطنية العربية .
الثورات عموماً كان لها أسبابها التي ذكرنا ولها دوافع ناتجة عن الحرمان والقهر، والتشخيص والتحليل جزئي ومختصر وهو محاولة للفهم ليس أكثر.


ودعوة النشطاء المطالبين بالجمهورية الديمقراطية و الملكية الدستورية التدقيق بدعوتهم فالجمهورية الديمقراطية مطلب شعبي حقيقي ولا يسجل لأحد الفضل في إطلاقها ، لان الأصل بناء دولة مؤسسات ، والملكية الدستورية مع وجود تجارب لدول تنتهجها إلا أن دعوتها غير مفهومة وخاصة في الأردن والبحرين وقبل تشخيصها وجب فهم الأطر السياسية الناشطة داخل الأردن ومن أهم هذه القوى القوميين الساعين للوحدة العربية وبناء الدولة العادلة فهم يرون بالملكية المطلقة أو الدستورية أو النظام الجمهوري ديمقراطي كان أو حكم الفرد ترسيخ للقطرية وشرعية للاستعمار من خلال جعل تقسيماته للوطن العربي شرعية لا عودة عنها إلا في حال كون النظام عروبي يسعى للوحدة ويدعم القوى الساعية لتحقيقها ويلتزم بثوابت الأمة العربية.


ويرى القوميون عموماً أن الغاية هي الوحدة العربية والتحرر من كل أشكال الاستعمار والتبعية، ويشكل القوميون العدد الأكبر بين الأجنحة السياسية ولهم الجماهيرية الأضخم بين التيارات السياسية الأخرى.


وان الطرح المغاير لرؤية القوميين وخاصة قوى الإسلام السياسي وحلفائهم هي ترسيخ واضح للقطرية ورفضاً للوحدة العربية مما يجعلهم يصطفون مع القوى الرجعية التي تدور في فلك المستعمر الذي يقف بوجه الوحدة العربية ومشروعها الإنساني.


ونشطاء الأردن من مختلف مشاربهم أصحاب الهدف الموحد المشار إليه يتحالفون ضمن تناقضات غريبة فدعوات إقليمية تمزق النسيج الاجتماعي من خلال طرح الهوية الوطنية لنقاش يحدد أردنية حاملها بتواريخ محددة وفئة أخرى من التكتل تطالب بحلف تاريخي مع قوى الشرق الممانعة والمقصود هنا إيران، ولكل قوة أهداف خاصة لم يعلن عنها .


وهذا التناقض الغريب بين الهيئات والتجمعات الملتفة حول شعار الملكية الدستورية يجعلنا نحذر منها وخاصة أنها تبتعد كل البعد عن المطالبات اليومية للمواطن المتمثلة بالحفاظ على أمنه الاجتماعي والاقتصادي.


كما أنها تنشغل بمعارك جانبية وتعطي في كل حراك لها ألف حجة للسلطة في التجييش الشعبي بمواجهتها مما يجعلها عديمة الفائدة.


وبنظرة سريعة إلى تعداد الحراك المطالب بالإصلاح من اعتصام وتجمع ومسيرة ومهرجان عموماً منذ عام تقريباً كان (1941) فعالية بما فيها مسيرات ومواكب الولاء واعتصامات القطاعات المهنية المطالبة بتصويب وضع فئة محددة ومنها أيضا عدد من المسيرات والاعتصامات التي اختصت بحق العودة واعتصامات ومسيرات متضررين وخاصة قضية البورصات.


وبلغ عدد الاعتصامات والمسيرات والتجمعات الخاصة بالمطالبات اليومية من متضررين أو فئة اجتماعية محددة (603) نشاط من مجموع النشاط العام.
وبالحد الأعلى للمشاركين بالنشاطات المطالبة بالإصلاح السياسي بما فيهم المشاركين بمسيرات ومواكب الولاء لم يتجاوز العدد في جميع المدن عن ثلاثين ألف مشارك فقط.


وبين مجموعتي النشاطات تكون النشاطات الفئوية أكثر وقعاً وتعداداً من ناحية المشاركين وهذا دليل على أن ما يهم المواطن هو الأمن الاجتماعي والاقتصادي فخلو برنامج المطالبين بالملكية الدستورية من المطالبات اليومية للمواطن يضعف أدائهم.


والمواطن عموماً لم يهتم بالنقاش الدائر حول طرح الملكية الدستورية أو المطالبة بدستور عام 1952، ويلتف حول المطالبة باحتياجاته اليومية ، وفي مدينة اربد على سبيل المثال استطاعت الفعاليات الشعبية ممثلة بمكتبها الدائم والتي انطلقت منذ عام2000 وتتشكل غالبيتها من القوميين من حشد ما يزيد عن ثماني مائة مشارك في مسيرة طالبت بالاحتياجات الأساسية للمواطن وتم الإعلان عنها ببيان واضح و في المقابل جميع المسيرات المطالبة بالطرح السياسي السائد من ملكية دستورية أو دستور عام 1952 لم تزد في أعظم نشاطاتها عن مائة مشارك.


وهذا لا يلغي شخصية المواطن الأردني فهو عروبي تحرري بطبعة وفي مدينة اربد مثالاً وفي كل عام يكون بالحد الأدنى المشاركين في أسبوع إحياء ذكرى الشهيد صدام حسين ورفاقه الذي تقيمه اللجان ألف وخمسمائة مشارك وهو الحد الأدنى.


أن فهم شخصية المواطن الأردني بعيداً عن الطرح الإقليمي الذي يمزق نسيج الوحدة الوطنية هو أساس برنامج التحرك لأي مجموعة من النشطاء لأي هدف يسعون لتحقيقيه خدمة للوطن وحفاظاً على عروبته ودوره في دعم المقاومة العربية في فلسطين والعراق.


أن القفز عن فهم أن الأردن جزء تاريخي من سوريا الطبيعية والتي هي احد الأقاليم المهمة من نسيج الوطن العربي عامة ، وفهم أن المواطن عروبي ملتزم ملتصق بقضايا أمته، يحول مجموعة النشطاء إلى غرباء بعيداً عن واقعهم غير مدركين لخطورة طرحهم.


وأما في البحرين فان المطالبة بالملكية الدستورية لم تخرج من إطار الماكنة الإعلامية الاستخبارية الإيرانية التي تم تجهيزها وتقديمها للمعارضة الحليفة لها.
فيما سبق هو تحليل ورؤيا للواقع بعيداً عن الانفعال والتعصب لرأي محدد، ونقول لكل النشطاء في الأردن نريد وطنا نعيش فيه أعزاء وكل عربي يقيم على هذه الأرض هو أردني


والأردني هو عروبي ويشكل الجناح الصلب الداعم للمقاومة في فلسطين والعراق وسهم عربي أصيل مدافع عن الأمة ومتصدي لثالوث عداء امتنا العربية الخالدة.

 



00962795528147

Etehad_jo@yahoo.com

 

 





الثلاثاء٢٦ رجـــب ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٨ / حــزيــران / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الله الصباحين نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة