شبكة ذي قار
عـاجـل










في خطابه الاخير حاول الرئيس الامريكي اوباما استرضاء ثوار ثورتي مصر وتونس واعدآ حكومتهما الجديدة !! بدعم كبير لتجاوز الازمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ليبقيهما بحاضنة واشنطن مدينين لها بدعمهم وبقائهم على راس السلطة ومنفذين برامجها للتوجه نحو الاقتصاد الحر وتعميق ركائز الدموقراطية الغربية فيهم  !! . رابطين مصالح بلديهما معها كما فعل السادات وحسني اللذان , صورا المساعدات الامريكية تنقذ اوضاع مصر من الجوع والبطالة وتزايد السكان , واذا بها تغرقها بفوضى اقتصادية لم يعرفها تاريخه  !! .

 

صحيح ان الثورتين المصرية والتونسية انبثقتا من حجم معاناة وغضب جماهيري اختزنه شعبي القطرين تجاه مظالم حكامهم  !! . فالمصريون يقولون , ان بلادهم ولدت يوم 25 كانون الثاني عام 2011 من ارادة شعبية وانحياز المؤسسة العسكرية مع الثورة وثوارها لغرض حمايته !! وبنفس الوقت توجد انظمة عربية تحتاح الى اصلاحات اقتصادية وتغييرات سياسية وثقافية واجتماعية واعطاء دور كبير للجماهير الشعب لممارسة دورها الرقابي والشعبي وتداول السلطة. ومع ذلك لانشكك بامكانية اللذين انتفضوا على واقع مؤلم وفاسد.فاصبح كل يوم مظاهرة ومطالب جديدة وخلافات ورفض ونزاعات وغياب الادارة الموحدة وتعطيل للحياة العامة واعتصامات وقطع طرق وضرب الاقتصاد الوطني وتعميم حالة الخوف من المجهول وغياب الامن والامان بمجرى حياة المواطن العادي المكتوي بنار البطالة والفقر والجوع وغلاء الاسعار للوصول الى شعار ( الفوضى )  !! الذي رفعته ادارة بوش عام 2004 ومجموعة الدول الثمان الصناعية الكبرى بأسم ( مجموعة الشرق الاوسط الكبير ) !ودراسة وسائل تنفيذه بالقضاء على انظمة الحكم الموجودة في المنطقة الرافضة للغطرسة الامريكية والصهيونية والفارسية , عبر التمويل الخارجي لجماعات معارضة صغيرة من الشباب والمتطوعين !!

 

واللقاء بيهم في عدة مدن عربية وغربية وتوجيههم باستخدام التكنولوجيا الحديثة في مجال الاتصالات والانترنيت ودعمهم ماديا ومعنويا باعلام غربي يتجاوب مع تطلعاتهم وتهيئتهم لغرض الاستيلاء على السلطة ببلدانهم !! ولا ننسى دعوات وزير الخارجية الامريكية السابق هنري كيسنجر بمطلع سبعينيات القرن الماضي ( بتفتيت العرب وتقسيم دولهم وقضية الشرق الاوسط لاتفاقيات جزئية وفق سياسية الغدر القائمة على خطوة خطوة ) !ان واشنطن تستخدم جيش ضخم من ( الاسلاميين ) لتنفيذخططها السياسية والعسكرية لحماية منابع النفط بالخليج العربي والوقوف بوجه المارد الصيني والقول ( ل ) لروسيا. مدعين انهم يدافعون عن حقوق العرب والمسلمين وترسيخ الديموقراطية ببلدانهم الشمولية المستبدة !! لقد تبدد الخوف من الاسلاميين ومن مسمياتهم المختلفة بعد اعلان هؤلاء التقية موافقتهم وتقبلهم لوجود ( يهودية الكيان الصهيوني )  !! مقابل اسلامية دول يخططون لتولي السلطة فيها مما يشكل مقايضة تأريخية !! لان اهداف ما يسمى ربيع الشارع العربي تأجيج الحرب الاهلية الداخلية وتعزيز الطائفية وحماية الكيان الصهيوني والدفاع عن جرائمه المستمرة !! التي قام بها منذ عام 1948 , فالمشهد المقزز والفضيحة التي قادها المجرم نتنياهو عندما كان يخطب بالكونغرس الامريكي بمجلسيه وهم يصفقون له. فهذا المنظر يضاعف الظلم والنفاق السياسي والمعايير المزدوجة للديموقراطية المشبوهة التي تنتهجها واشنطن لدعم ربيع الشارع العربي ومنظمات حقوق الانسان !! للاطاحة بانظمة مستقرة امنيا وسياسيا واجتماعيا بحجة انها بائسة تيبست عروقها وشاخت رؤوسها لمنع قيام مجتمع تنبت فيه اليات الاستبداد او ثقافته !!  !! مدعين انهم يسعون لاحترام كرامة الفرد وتعزيز حرية التعبير له ومن خلالها تتفتح حدائقها الديموقراطية  !! بعد عقود من الذل والهوان .! ان التغيير الذي حدث في مصر وتونس تناول ( خدش القشرة الخارجية للنظامين ) فلا زالت القوى التقليدية كالاحزاب والجماعات السياسية والدينية وطبقات الاغنياء والتجار ورجال الاعمال والمؤسسات الامنية والبيروقراطية على حالها. وشبابهما وثوارهم ( باتوا اشباحا يطوفون على الفضائيات ) لاتعرف هوياتهم وعقيدتهم وشيوخها يعانون من مراهقة سياسية  !! . فعلى سبيل المثال في مصر ام الدنيا كما يسميها اهله , عقدت 3 مؤتمرات للحوار الوطني تتحدث باسم جماهير الثورة وشبابها تولاها شيوخ من جيل ثورتي 1952—1919 فالاولى ادارها عبد العزيز حجازي 88 عام رئيس وزراء مصر الاسبق , مدعيا انه شارك بالثورة المصرية الجديدة من خلال نافذة بيته المطلة على كوبري قصر النيل وميدان التحريروكان سياق المؤتمر قائم على الدردشة العائلية !! اما الثانية فقادها يحي الجمل 81 عاما نائب رئيس الوزراء الحالي وفق منطق استفزازي واستعلائي ولا مكان للمعارضة !! واصفا نفسه بانه حامي الثورة .اما الثالثة فترؤسها ممدوح حمزة 64 عاما وبطريقة كيف تقضي وقت الفراغ والتسلية  !! . واصبح المجلس العسكري لمصر مجرد حارس للسلطة يخشى ان تذهب بعيدة عنه ويستأثر بها غيره فلا توجد لديهم افكار وقيم ومبادىء وعقلية ثورية واستراتيجية سياسية واقتصادية. بل هم مجرد وجوه قديمة يمتلكون افكار مستهلكة وعقليات بالية سمحوا لتزايد نفوذ الاخوان المسلمين اللذين لم يتغيروا بعد الثورة وانما يستعدون لطعنها من الخلف . يهيمن على تصريحاتهم منطق الاستعلاء والاستقواء  !! .

 

اما في اليمن برز عاملين مهمين على السطح باختطاف المعارضة اليمنية لصوت الشعب وظهورها على المشهد السياسي كمفاوض وخصم للسلطة. وربيعها مثقل بالدماء البريئة والبلاد تنتابها الصراعات بين الحوثيين والسلطة والقاعدة ودعوات الانفصال !! اما تونس الخضراء فلا زال فؤاد المبزع 78 عاما رئيسا للوزراء والباجي قائد السبسي 85 عاما وكلاهما من بقايا العهد الكولونيالي. ووصل الاستقطاب بين الاسلاميين والعلمانيين حول هويتها ومستقبل نظامها السياسي .اما باقي القوى التقليدية فانها تتصارع لحجز مقاعد في البرلمان القادم. ولعبت وسائل الاعلام العربية والغربية ( بحث ) !! ما يسمى شباب الربيع العربي على التجاهل الكلي لمنظمة القاعدة الداعمة لكراهية امريكا والكيان الصهيوني ومقتها سياسيا وعسكريا . لانها تعاني من الالام وهزيمة هجمات 11 ايلول مجندتأ كل امكانياتها بحرب صليبية ضد ما يسمى الارهاب الاسلامي !! فاحتلت افغانستان ثم اتجهت للمنطقة العربية باحتلالها للعراق بحجة تجفيف منابعه الذي طال برجي نيويورك ومبنى وزارة الدفاع الامريكية. ( واعادة صياغة المنطقة ) !! كما عبر عنه كولن باول وزير الخارجية الامريكي الكذاب السابق عشية غزوه. واسقاط تجربته الثورية ومشروعه الحضاري الذي كان يقوده ( الشهيد صدام حسين رحمه الله ) لوقوفه بوجه التحديات الامريكية والصهيونية والتمدد الصفوي ) . محرضين هؤلاء الشباب والاجيال الجديدة ضد حكوماتهم والمراهنة عليهم ليكونوا اكثر مرونة وتقبل وعقلانية وانفتاح على الكيان الصهيوني لانهم لم يعدوا يكترثوا لتأريخها الاجرامي والاحتلالي ومحاصرة وتقويض ومهاجمة اي طرف وصرح حضاري يعاديها كما حدث في العراق الوطني العروبي المستقل الذي انفرد بقصفها ب43 صاروخا بعيدة المدى من ارضه الطاهرة , طالت مدنها ومؤسساتها العسكرية والنووية.فجرى احتلاله امريكيا وصهيونيا وفارسيا بحجة اشاعة الديموقراطية الاحتلالية والاتيان بعملاء وخونة وفاسدين ولصوص ومزورين وتداعيات طائفية دموية  !! .

 

ولان اغلب الانتفاضات العربية انطلقت بسبب الفقر والجوع والفساد الاداري والمالي فقررت الادارة الامريكية بوضع استراتيجيات لدعم الاجراءات الاقتصادية والتجارية لدعمها لتكون كفيلة باسكاتها واخضاعها المستمر لارادتها. بعد ان اجتمع قادة الدول الثمان الصناعية الكبرى في مدينة دوفيل الفرنسية في الشهر الماضي بقيادة واشنطن تعهدوا بتقديم قروض دولية بقيمة 20 مليار$ لمصر وتونس واليمن ولم تكن ( هبات ) !! بل قروض يجب اعادة تسديدها لممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية عليه , واعلنت كاثرين اشتون مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الاوربي ( انه من الان وصاعدا سيربط الاتحاد المساعدات التي يقدمها للاقطار العربية او ما يسمى دول اليقظة العربية , لمن يقومون باصلاحات ديموقراطية في بلدانهم ) !! وطالب رئيس وزراء قطر حمد بن جاسم بانشاء ( بنك تنمية الديموقراطية في الشرق الاوسط ) !! على غرار ( البنك الدولي لاعادة الاعمار والتنمية ) الذي انشأ عام 1991 بعد انهيار الحكم السوفياتي وجدار برلين لمساعدة البلدان الشيوعية السابقة للانتقال لمرحلة الازدهار والديموقراطية هناك !! بدعم اقطار الخليج العربي والانضمام اليه ومناصرة الشباب والثوار العرب !! لضمان مستقبل اقتصادي واجتماعي افضل لهم ولاولادهم !! باعتبارهم المحرك الاساسي لثورة الشارع العربي.داعيا اخوته الخليجيين  !! والمناصرين للديموقراطية الجديدة بالتحرك بسرعة . حتى لا يتحول هذا الربيع الى خريف وخيبة امل ويأس  !! . ومنح تركيا دور تمارس فيه ( البارومتر ) . فحصل تناغم امريكي – تركي بتحقيق المصالحة بين واشنطن والتنظيم العالمي للاخوان المسلمين بعد فترة من القطيعة والخصام والمجابهة عند انتهاء الحرب الباردة !!

 

ظهرت تجلياتها حين طلب اردوغان من الرئيس المصري حسني مبارك بالتنحي !! قبل ان يطلب منه اوبام  !! . والتهيؤ في مصرلاقامة نموذج يطابق الموديل التركي المزاوج بين المؤسسة العسكرية والاسلاميين تحت خيمة واشراف واشنطن!. وتدخلها الشائن بالشان السوري ورفضها عودة اللاجئين السوريين الموجودين قرب حدودها معتبرا اردوغان اوضاع سورية ( شأنأ تركيا داخلي ) ودعوتهم للقوى الاسلامية السورية المعارضة في الخارج لمؤتمر عقد في انطاليا التركية للفترة 1-2 من حزيران الجاري والعمل لايجاد توليفة في دمشق مثلما طبقت في القاهرة بين المجلس العسكري والاخوان المسلمين !! وساستها يراقبون الاوضاع في الملف العراقي بشان محافظة التأميم وتشكيل الحكومة واعطاء دور للتركمان ورفضهم تزويد العراق بحصته المائية و التوقيع على المعاهدات الدولية التي تنص على ذلك بالرغم من تدفق نفطنا عبر اراضيهم .ان الشعب العربي يرفض هذه الديموقراطية الاحتلالية وهؤلاء اللذين يسمون انفسهم ثوارا ويوافقون على ضرب بلادهم والتامرعليها كما يحدث في ليبيا ويقتلون الابرياء ويخربون المؤسسات العامة ويكونوا ادلاء خيانة كما في سوريا العروبة والصمود.

 

ولن تنطلي على احد اكاذيب تركيا وامريكا والاتحاد الاوربي . فالذي حدث في العراق خلال 8 سنوات من الاحتلال الغاشم شاهده وسمعه العرب !!

 

 





الاثنين١٨ رجـــب ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٠ / حــزيــران / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب حسين الربيعي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة