شبكة ذي قار
عـاجـل










قبل أيام فتح البيت الأبيض تحقيقا بشأن اختراق حسابات بريد - جي ميل ـ الالكتروني التابع لشركة غوغل، في عملية واسعة النطاق يدعي الأمريكيون انها انطلقت من الصين واستهدفت كبار المسؤولين الأمريكيين ومسؤولين آخرين في دول أخرى. وكان غوغل أعلن عن عملية اختراق لبريده قال ان الحسابات المخترقة التي تناهز المئة هي حسابات شخصية وليست حكومية.


وادعى مسؤول غوغل أريك غروس ان شركته اكتشفت مؤخرا حملة تهدف الى جمع كلمات السر للمستخدمين بغية الحصول على معلومات خاصة، وان مصدر العملية هو الصين ومن مدينة جينان في الشرق، وبالتحديد من مدرسة للحرفيين. وبحسب نفس المصدر فان العملية استهدفت أيضا شخصيات صينية منشقة وناشطين لحقوق الإنسان . لكن البيت البيض تراجع عن أقواله وعاد ليصرح بأن مصدر الاختراق ربما مكتب للاستطلاع التقني الذي يشبه الى حد ما وكالة للأمن القومي في الولايات المتحدة. وقد نفت الصين اتهامات الولايات المتحدة لها بأنها مصدر الهجوم على غوغل التي يشوب علاقتها توتر مع الصين بسبب عدم سماح الصين لمواقع خلاعية في شبكتها وأسباب أخرى.


وتلا ذلك اعتداءات أمريكية متكررة على باكستان، منها اتهامها بإيواء أسامة بن لادن فسرته الإدارة الصينية على أنه محاولة للدخول الى مناطق النفوذ الصيني في باكستان التي تتميز بعلاقات خاصة مع العملاق الصيني منذ عقود. فردت الصين بتحذير شديد اللهجة الى الولايات المتحدة هو الثالث من نوعه منذ تحذير الاتحاد السوفييتي عام1958 وعام 1961 في أزمة برلين، تقول فيه ان أي اعتداء على باكستان سيعتبر عملا عدائيا تجاه الصين. بعدها هرعت الصين بنقل عتاد عسكري جوي الى اسلام اباد. ان هذه المواجهات تشير بوضوح الى تصاعد التوتر بين بكين وواشنطن وباكستان، وربما الى خطر حرب أخرى يسميها الصحافي بوب وودورد على اسم كتابه بحروب اوباما التي بشرت بها الولايات المتحدة لتحقيق الشرق الأوسط الكبير الذي تمتد حدوده من شرق الصين الى المغرب؟


بعد أيام من العملية التي أدعت فيها الولايات المتحدة انها قتلت بن لادن، طلبت الصين من الإدارة الأمريكية احترام سيادة باكستان، على لسان جيانغ يو الناطق الرسمي لوزارة الخارجية الصينية، في المؤتمر الصحافي الذي عقده في التاسع عشر من شهر ايار/مايو. وذكرت صحيفة 'التايمز' الهندية ان بكين حذرت بوضوح الولايات المتحدة بان أي هجوم على باكستان سيعتبر هجوما على الصين. وقد أسمعت الصين هذا التحذير للولايات المتحدة خلال المباحثات الإستراتيجية والاقتصادية التي جرت في واشنطن في التاسع من مايو الماضي وحضرها نائب رئيس الوزراء الصيني وينغ غيشان ومستشار الدولة داي بنغو.


وجاء هذا التحذير الصيني خلال زيارة رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني لبكين، التي سارعت بنقل خمسين طائرة حربية من أحدث طراز JF-17 الى حليفتها باكستان. وأشار جيلاني قبل مغادرته الأراضي الصينية الى عمق الصداقة بين البلدين، مشيرا الى ان بإمكان الصين الاعتماد على باكستان تمام الاعتماد في كل الظروف.


لقد اندلعت الأزمة الباكستانية ـ الأمريكية اثر عملية الاغتيال الأمريكية المزعومة لابن لادن حيث قامت القوات الخاصة بقصف المكان القريب لاحدى المدارس العسكرية المهمة في البلاد، وربما قتل فيها ضباط باكستانيون بدون علم الحكومة الباكستانية'وبدون موافقتها، وعلى ما يبدو بتواطئ من وكلاء في الجيش والمخابرات ISI. هذه العملية تعتبر خرقا فادحا للسيادة الباكستانية. ويبدو الا علاقة لها اطلاقا بالحرب على الإرهاب - ما يفهم أنه لا وجود لابن لادن فيها- بل ربما لها علاقة بزيارة الأمير بندر رئيس المخابرات السعودية وبرغبة الولايات المتحدة وحلف الأطلسي بعزل حكومات المنطقة العربية من أي عون وعلاقة لإبقاء الهيمنة والابتزاز الأمريكو- صهيوني؟ فالمملكة تتوجس الحراك الشعبي وتستنجد بباكستان وليس بالولايات المتحدة، التي تترك إيران لتتوسع في المنطقة العربية على حساب السعودية والعراق ومحميات الخليج الأخرى.


ان التحليل الوحيد والمنطقي لأسباب عملية اغتيال بن لادن المفبركة والمتناقضة اخبارها من قبل الولايات المتحدة، هو ان باكستان أصبحت هدفا أساسيا للولايات المتحدة منذ خطاب أوباما في ويست بوان عام 2009. وقد جاء التحذير الصيني عقب خطبة جيلاني في البرلمان حيث قال ان أي هجوم معلن او خفي ضد مكتسبات باكستان الإستراتيجية سيرد عليه بالطريقة المناسبة. وتحتفظ باكستان بحق الرد بقوة على أي هجوم. وعلى الجميع الا يستهين بمقدرة وقوة امتنا وقواتها العسكرية للدفاع عن وطننا. ان التحذير الصيني للولايات المتحدة يؤكد نية هذه على الاستحواذ على السلاح النووي الباكستاني، الذي سبق له ان كان محور المحادثات بين الهند والولايات المتحدة، وبالتأكيد مع الكيان الصهيوني وحلف الأطلسي. وقد كشفت المخابرات الباكستانية خطة الولايات المتحدة لاختراق باكستان والاستحواذ على ترسانتها النووية التي أوكل تنفيذها الى الجنرال ستانلي ماكريستال عندما كان قائدا للعمليات الخاصة، بحسب مصدر نقلته فضائية فوكس نيوز الاخبارية.


الخطة التي وافق عليها كما يبدو اوباما، تقوم على حجة الحرب على الإرهاب وطالبان، وعلى حجة عدم وقوع هذا النوع من الأسلحة بأيدي حكومة غير موالية للولايات المتحدة، كما فعل سابقا بوش في غزو العراق. بعدها تقوم القوات الأمريكية ـ الأطلسية بأمر من اوباما بانزال القوات الخاصة لتضع يدها على المنشآت النووية في البلاد وعلى قاعدة ساراغودا الجوية التي تحتوي على ثمانين صاروخا بالستيكيا يحمل رؤوسا نووية.


ان المواجهات الأمريكية الباكستانية بدأت منذ اربع سنوات بشكل مبطن، حيث كانت الاستخبارات الباكستانية ترد على الهجمات المكثفة من طائرات الدرون على المدنيين بحجة أنهم من طالبان افغانستان، او ممن يساعدونهم في حربهم في افغانستان بعمليات ضد التجهيزات الأطلسية التي تمر من بيشاور- خيبر. وآخر هذه العمليات هي عملية اختراق المجال الجوي الباكستاني بطائرة من حلف الأطلسي في وزيرستان في السابع عشر من الشهر الماضي وكانت القوات الباكستانية في حالة إنذار قصوى وتبادلت النيران مع الطائرة فقتل جنديان باكستانيان. وأجاب الباكستانيون بعملية بعد ثلاثة ايام استهدفوا فيها مرور قافلة دبلوماسية أمريكية لم يصب بها احد، بل تسببت في خسائر مادية فقط. لكن احدى الفضائيات الباكستانية فضحت اسم رئيس المخابرات الأمريكية في اسلام آباد، وهذا هو الحادث الثاني من نوعه مما يضطر هؤلاء لمغادرة البلاد.


كما قامت الهند من جانبها باستثارة جارتها المسلمة بعملية مناورات عسكرية في صحراء راجستان، اذ قامت بحسب الاعلام الغربي بمناورة حرب خاطفة ـ نووية وكيمائية وبيولوجية - قام بها الجيش الهندي الثاني الذي يعتبر اهم جيش من ثلاثة تنظيمات للجيش الهندي. ان إحدى الطرق التي يمكن ان تكون حجة كافية لتبرير هجمة على باكستان هي القيام بعمليات إرهابية تلصق مسؤوليتها بطالبان. وبحسب الصحافة الباكستانية فان السي آي ايه والموساد والمخابرات الهندية RAW كونت خلاياها الطالبانية من عصابات القتل التي تسيطر عليها وتقوم بتوجيهها ـ كما القاعدة في العراق- باسم منظمة 'تحريك طالبان او TTP' لزعزعة أمن باكستان. وقد صرح أحد كبار ضباط المخابرات الباكستانية 'بانه علم أثناء وجوده في الولايات المتحدة بان هناك عملا مخابراتيا هنديا - موساد تحت ادارة أمريكية يخص الباكستان'. وربما تكون العملية المزدوجة الأخيرة التي راح ضحيتها ثمانين شخصا من العسكريين في وزيرستان، هي من تدبير هذا التنظيم لكن تم إعلانه باسم كاذب؟


وقد كشفت معلومات روسية أن الولايات المتحدة والأطلسي لن يتورعا عن استعمال محدود للأسلحة الإستراتيجية عن طريق عملائهما واتهام باكستان والإسلاميين بمثل هذه العمليات. وقد أوقفت باكستان احد أقدم أعضاء هذه العمليات الخاصة ريمون ديفيد الذي اغتال ضابطين من المخابرات الباكستانية واضطرت باكستان الى اطلاق سراحه بعد حملة شعواء من قبل الولايات المتحدة.


منذ خطاب اوباما في ويست بوان فان السي آي ايه استعملت هجمات الدرون لقتل المدنيين بهدف خلق حرب أهلية في باكستان تؤدي الى تقسيمه بحسب خطوط اثنية، هي البنجاب والسند وبلوشستان وبشتونستان. ومنذ الأول من ايار/مايو الماضي لم تتوقف هجمات الدرون على المدنيين، اذ قتل اكثر من اثنين واربعين مدنيا باكستانيا، مما جعل البرلمان الباكستاني يطالب بالإجماع بوقف حملات القتل بالدرون، ودعا الحكومة الى قطع الدعم اللوجستي لحلف الأطلسي المتجه الى افغانستان في حالة استمرار الهجمات. في حين ان خط التجهيزات كراجي- خيبر ينقل الكثير من التجهيزات التي يحتاجها غزاة افغانستان، وان مثل هذا الأجراء سيسبب فوضى عارمة في صفوف حلف الناتو. كل هذا يشير الى ان الصلف والجنون الأطلسي الذي لا حدود لهما هو بسبب تواطؤ في داخل الإدارة الباكستانية وقبول من وكلاء تعتمد عليهم الولايات المتحدة لكل ما تقوم به هي وحلف القتل الذي خلفها.


لذا فانه ليس مصادفة ان تؤكد السي آي ايه ان رئيس تنظيم 'القاعدة' الجديد يعيش في وزيرستان لأن ذلك يتوافق مع رغبات الإدارة الأمريكية والأطلسية العدوانية وخططهما من اجل الشرق الأوسط الكبير.


ان عملية اغتيال بن لادن الكاذبة ما هي الا تسويق لحروب اوباما في باكستان وضغط مباشر على القوة الصينية المتصاعدة لابتزازها بتنازلات اقتـــــصادية وماليــــة وسياسية منها بالذات ما يخص عدم التدخل في الشرق الأوسط. وقد صفق الشعب الأمريكي للعملية وابتلعها على أنها حقيقية كما فرح بالتدخل في ليبيا، في حين ان مجرمي الإدارة الأمريكية الجدد يهيئون لحرب اوباما التي تستكمل حرب بوش ومخطط المحافظين الجدد الصهاينة من اجل الشرق الأوسط الكبير.
 

 

 





الاربعاء١٣ رجـــب ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٥ / حــزيــران / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ولاء سعيد السامرائي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة