شبكة ذي قار
عـاجـل










وماذا سيحصل لو أن قائمة "العراقية"علّقت مفاوضاتها مع إئتلاف دولة القانون؟ هل ستنهار الحكومة العميلة أم أن الأحزاب القابعة في المنطقة الخضراء سوف تحزم حقائبها, بما فيها حقائب الدولارات والوثائق الشخصية المزوّرة, وتولي الأدبار والكروش هاربة الى جهات معلومة وأخرى مجهولة؟ لأن جناب أياد علاوي, الذي ما إنفكّ يهدّد ويتوعّد بوقف مفاوضاته مع هذا الطرف أو ذاك دون أن يحزم أمره. وكان يُفترض بعلاوي وأصحابه, ومنذ أن وضع يده في أيدي العصابة الحاكمة في بغداد أن يخلع عن وجهه أكثر من قناع ليراه العراقيون على حقيقته. بدل أن يستمر في الرقص, الذي سأمه حتى بعض أنصاره وأعضاء قائمته, على حبال "مبادرة البرزاني" التي تربط مهرّجي السيرك السياسي في بغداد المحتلّة بعضهم الى بعض.


وحتى لو إفترضنا, وهو إفتراض شبه مستحيل, بان قائمة أياد علاوي إنسحبت, كما هدّد كالعادة بعض قادتها, فان الضرر الأساسي سوف يعود عليها هي لا على غيرها لسبب بسيط هو أن السيد علاوي شخصيا مهوس ومستميت من أجل منصب ما رفيع المستوى والمحتوى, كاستحقاق دستوري إنتخابي, كما يدّعي. وبما أن السمكة لا يمكن أن تبقى كثيرا خارج الماء فمن المستحيل على قائمة "العراقية"ورئيسها أياد علاوي البقاء طويلا خارج مستنقع المنطقة الخضراء في إنتظار معجزة من نوع ما.


ثمّ أن أياد علاوي مثل القُبّرة ( طائر صغير ) تموت وعبنها عالسبوس! فالمنصب بالنسبة له مسألة حياة أو موت سياسي. ووجوده بلا كرسي وثير وتلفون وسكرتيرة وعلم عراقي خلفه وبساط أحمر يُفرش له في زيارات داخلية وخارجية, يعني أن موقعه من الاعراب أقلّ من الجُملة الاعتراصية, يمكن الاستغناء عنها بكل بساطة. ولذا فان المتابع لشأن العراق ولقائمةعلاوي "العراقية" تحديدا لا يتعجّب كثيرا أو يُصاب بالدهشة والانبهار من سلوك وتصرفات أياد علاوي ونوبات أو فورات الزعل والغيظ على بقية أقطاب الزمرة الحاكمة في عراقهم الجدبد.


ولا يُخفى على كل ذي بصر وبصيرة أن أياد علاوي, والكثير من قادة العراقية تعرّضوا, أو بالأحرى أنهم ذهبوا بارجلهم, الى عملية خداع أوهمتهم, وما زال الوهم يخيّم على عقولهم وقلوبهم, بان "التعاون" والعمل السياسي مع شرذمة من أكثر الحاقدين والكارهين للشعب العراقي ومصالحه الوطنية, كالعميل نوري المالكي وعمّار اللاحكيم والمتصهين بالفطرة والضرورة والوراثة مسعود البرزاني, سوف يحقّق لهم ولقائمة"العراقية"بعض المكاسب والانجازات ويمكّنهم من المشاركة الفعلية في الوليمة الباذخة الدسمة المدفوعة الثمن من أموال وثروات العراقيين.


إن السيد طارق الهاشمي, الذي إرتضى لنفسه أن يكون نائبا لرئيس دولة هو في الواقع عبارة عن "خرّاعة عصافير" بالية, لايحل ولا يربط وقابل لأن يُهان حتى من قبل شرطي حدود تابع لدويلة الكويت الشقيقة جدا, قال في بيان تلاه عقب إجتماع قادة "العراقية" يوم الاربعاء الماضي: "إن قائمته - العراقية - تأمل بأن لا تُدفع الى إتخاذ قرارات حاسمة إذا لم تتمّ تلبية شروطها المشروعة, تُرقى في حالة التأخير والتسويف والتضليل, الى الدعوة لاجراء إنتخابات مبكّرة إنسجاما مع التطلّعات الشعبية". طيب وماذا تنتظرون؟


ومن ضمن مطالب العراقية, ويا لبؤس المطالب والشروط, الموافقة على إسم مرشّحها لوزارة الدفاع وأسماء مرشّحيها لوزارة الداحلية وتشريع قانون المخلوق الخُرافي الذي خرج من رحم الفوضى الخلاّقة, والمسمى بمجلس السياسات الوطني الذي يُفترض أن أياد علاوي أفندي سوف يترأسه. وهذا "المجلس" الذي لا علاقة له بالوطن ولا بالسياسات الاستراتيجية جعل أياد علاوي يفقد صوابه شوقا وتلهّفا وهياما, بالمنصب طبعا.


فخلافا لمن إقتنع بوزارة أو هيئة أو مؤسسة مدركا إمكانية النهب والسرقة والاثراء الغير فاحش فيها, أصرّ أياد علاوي على أن يكون نوري مالكي آخر وفي مجلس"سياسي" يتمتع بصلاحيات وسلطات مشابهة لتلك التي يملكها رئيس الوزراء. وهو أمر فيه الكثير من الغرابة والشذوذ, رغم أننا تعوّدنا على عجائب وغرائب عراقهم الجديد. وفي النهاية, ورغم سلسة العنتريات, مع إحترامنا العميق واللامحود لفارس بني عبس عنترة, لم يبقَ لعلاوي غير لغة التهديد والوعيد وإطلاق التصريحات, النارية في بعض الأحيان, أمام شاشات التلفزة. ولكن دون جدوى أو تأثير حقيقي على الأحداث.


إن قائمة "العراقية" التي إنتخبها ومنحها الكثير من العراقيين ثقته ودعمه من أجل أن تحرّك المياه السياسية الآسنة المسمومة وجدت نفسها وبجميع قياديّيها تتصارع, من أجل البقاء طبعا, حول المناصب والوظائف وغيرها من المكاسب التي هي أبعد ما تكون عن إهتمامات وإحتياجات ومشاكل الشعب العراقي. وبناءا على التجربة المُعاشة في العراق الجدديد, خصوصا بعد الانتخابات التشريعية, فان قائمة أياد علاوي "العراقية" سوف تستمر في نفس اللعبة الساذجة البليدة, أي الخروج من باب العملية السياسية نهارا لتدخلها من الشبّاك ليلا. وما أكثر شبابيك وأبواب المنطقة الخضراء!

 


mkhalaf@alice.it

 

 





السبت٠٢ رجـــب ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٤ / حــزيــران / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب محمد العماري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة