أكد خبير الشؤون الإيرانية السيد صافي الياسري أن قوات درع الجزيرة التي دخلت إلى البحرين لم تزعج بسبب قدراتها فقط وإنما بمغزاها. وأوضح، في حوار مع ''الوطن'':
إن الاستجابة السعودية الإماراتية، وجرأتهما في التقدم وعبور جسر الملك خالد، والإعلان عن حالة لم تتوقعها إيران تفيد أن البحرين بلد عربي، وأن عروبته محمية بسواعد العرب من بقية دول الخليج، وإن اقتضى الأمر فمن بقية العرب في أقطارهم كلها، هو ما أزعج إيران وسيستمر يزعجها، لفشلها في عزل البحرين عن حاضنتها العربية. وقال الياسري: إن إيران كانت ومازالت تطالب بالبحرين وجزر عربية خليجية أخرى لتضيفها إلى الجزر الإماراتية الثلاث التي سبق أن احتلها الشاه بصفتها تابعة لها. وأضاف أن إيران لن تكف عن تطوير الأمور باتجاهات سلبية على الأوضاع ليس في البحرين وحسب، وإنما في عموم الجزيرة والخليج العربي، وبخاصة في مسار إلهاب الصراعات وتحويلها بالاتجاه الطائفي.
وشدد الياسري على أن المؤامرة الإيرانية باءت بالخيبة والفشل، وسينعكس ذلك على مشاريعها للبحرين، بل وللخليج العربي كله إلى أمد غير قصير..وفيما يأتي نص الحوار: التآمر الطائفي ؟ كيف تنظر إلى الانزعاج الإيراني من وجود قوات درع الجزيرة في البحرين؟ ـ بموضوعية لا أنظر إلى هذا التواجد كما فعل بعضهم وكتب (عبرت قوات درع الجزيرة جسر الملك خالد فتبخر الحلم الإيراني باحتلال البحرين!!) أو أن قوات درع الجزيرة حمت البحرين من الاحتلال الإيراني، لأن هذه مبالغة كبيرة، فهذه القوات تملك الغطاء القانوني لدخول البحرين، بحسب اتفاقية الدفاع المشترك بين دول الخليج وملاحق التعاون العسكري وبقية الاتفاقات والبروتوكولات التي تتيح ذلك الدخول قانوناً من دون معارضة المجتمع الدولي والأمم المتحدة، وهذه القوات أدت واجبها -ومازالت- في الحفاظ على أمن البحرين، وهي ستغادر البلد بعد أن هدأت الأمور، وانتقض غزل التآمر الطائفي على هذا البلد الأمين الذي هدده عملاء إيران وخلاياها النائمة ومندسوها، بوعي شعب البحرين قبل جهد قوات درع الجزيرة، ولم تزعج إيران هذه القوة العسكرية، إنما الذي أزعجها حقاً هو الاستجابة السعودية الإماراتية، وجرأتهما على التقدم وعبور جسر الملك خالد، والإعلان عن حالة لم تتوقعها إيران تفيد أن البحرين بلد عربي، وأن عروبته محمية بسواعد العرب من بقية دول الخليج، وإن اقتضى الأمر فمن بقية العرب في أقطارهم كلها.. ما أزعج إيران هو هذه الهبة القومية، وكلنا نعرف كيف سعت إيران وتسعى بقواها كلها إلى عزل العراق، عن محيطه العربي، وكيف تقاتل لخنق أي توجه قومي عربي، أو صوت عروبي فيه، هذا هو ما أزعج إيران وسيستمر يزعجها، لأنها فشلت في عزل البحرين عن حاضنتها العربية، وليس لأن دول الخليج أرسلت قوات لا يزيد تعدادها على ألف وخمسمائة شرطي، وما أعنيه هنا أن قوة درع الجزيرة، كانت صادمة لإيران ليس بسبب قدراتها وإنما بمغزاها.
الخيبة والفشل ؟ حاولت إيران بدس عناصرها أن تحول التظاهرات المطلبية في البحرين إلى فوضى تخدم مشروعها ما رأيكم بذلك؟ ـ
حسناً فعلت إيران، إذ كان لابد لدول الخليج من حافز لتعلن عن وحدتها، فقدمت إيران ذلك الحافز، وإن بنية مختلفة، وكانت البحرين شعباً وحكومة، في ظرفها تحتاج إلى حافز لتأكيد تماسكها، فقدمت إيران الحافز وأيضاً بنية سيئة، وخرج البحرينيون كما يريدون لأنفسهم، وباءت المؤامرة الإيرانية بالخيبة والفشل، وسينعكس ذلك على مشاريعها للبحرين، بل وللخليج العربي كله إلى أمد غير قصير. قوس الأزمات في الشرق ؟ ما مخاطر السياسة الإيرانية على المنطقة بنحو عام وعلى الخليج العربي بنحو خاص؟ ـ لم يكن دور إيران الشاه إيجابياً في نظرته إلى النهوض العربي، لا بل حتى إلى الوجود القومي العربي، إذ لعب دور الشرطي في الخليج، وفي منطقة قوس الأزمات في الشرق العربي.. إنه كان منحازاً للعدو الإسرائيلي وظهيراً له في مواجهة المشروع القومي العربي الذي مثله عبدالناصر وحزب البعث العربي الاشتراكي والقوى القومية العربية الأخرى، وكان دوره في سلطنة عمان معادياً لتطلعات الشعب العربي العماني، ودوره التخريبي في لبنان كان ينطلق من كونه شرطاً من شروط خدمة الغرب في الشرق العربي، مغطى بعباءة طائفية على وفق التقليد الإيراني في افتراض مهمة حماية الطائفة الشيعية، وكونها مسؤولية العرش الإيراني الشيعي، ولم يكن لشيعة لبنان ذنب في ذلك آنذاك، بل إنهم ما كانوا يشعرون بوجود النظام إلا في المناسبات، فقد كان حذراً ولم ينزع أقنعته كما فعل نظام خميني، وللحقيقة فإن الدور الإيراني أيام الشاه على مساوئه وعلاته وحربه على العرب كلها، لم يكن بمستوى الخطر المحدق الذي يمثله الدور الإيراني الحالي، مع إننا لا يمكن أن ننكر الدور الابتزازي الذي مارسه الشاه مع العراق، بتشجيع التمرد الكردي ومن ثم المساومة بخبث ودناءة عليه، حتى الحصول على امتيازات خط التالوك في شط العرب بموجب اتفاقية الجزائر، وهو التعبير الحي والمكشوف عن الأطماع الإيرانية في الأرض العربية، وبعد الانقلاب الخميني وقيام دولة ولاية الفقيه، لم يتغير الكثير، فقد بقيت إيران شرطاً من شروط خدمة الغرب في المنطقة، زادها خطراً مبدأ تصدير الثورة الخمينية، وبصفة مكشوفة ومغطاة فبات النظام الإيراني في المنطقة أحد ثلاثة أطراف تتسابق وتتغانم على اقتسامها، والأطراف الثلاثة هي أمريكا وإيران وإسرائيل، أمريكا بمشروع الشرق الكبير، وإسرائيل في طياته بمشروع إسرائيل الكبرى، أو الحلم التوراتي الأسطوري من النيل إلى الفرات، وإيران بمشروع المشرق الإسلامي أو المشرق الجديد ومشروع أم القرى الأممي، والأطراف الثلاثة في تغانمها، بدت وكأنها تتقاطع أو في حالة صدام، إنما هي في الحقيقة في حالة منافسة على التفاصيل وأساليب التنفيذ، وجمع الأوراق.
أما الخطوط العريضة فمتفق عليها، وعلى سبيل المثال، فإن إدارة الأزمات في المنطقة أسلوب أمريكي أخذ صفة إشعال الحرائق وإعادة إطفائها، وأخذ الأسلوب الإسرائيلي شكل التفتيت الطائفي والعرقي وتثوير الأقليات، ومن ثم التقدم كحامية لها!! في حين أخذ الأسلوب الإيراني صفة إحراق المنطقة في ما يمكن تسميته بأسلوب بلقنة الشرق الأوسط، وهو أخطر الأساليب الثلاثة المذكورة. وأنا من الذين لا يعترفون بالحروب الكلامية، بين طرفين متنافسين أو متغاضبين، أو حتى متحاربين، لكني أنقل هنا صورة علنية، كشف فيها النظام الإيراني ليس عن دوره في المنطقة كشرط مهدد، وإنما أيضاً عن أطماعه ونواياه المكتومة في المنطقة، فبعد يوم واحد من إعلان تنديد البرلمان العربي بالتهديد الإيراني لدول الخليج، ومطالبة الدكتور علي سالم الدقباسي رئيس البرلمان العربي الانتقالي، بضرورة وقف التهديد الإيراني لأمن الخليج العربي، وقوله بدبلوماسية هادئة: ''نريد حواراً قائماً على المصالح المشتركة''!! جاءت القنبلة الإيرانية، التي لم تتحمل أكثر من ساعات سماع الدقباسي وهو يشكو التهديد ويطالب بالحوار، إذ أدان الجنرال حسن فيروزبادي، رئيس أركان الجيش الإيراني، في تصريحات أوردتها، السبت 30-4-,2011 وسائل الإعلام الإيرانية والخليجية والعالمية، ما وصفه بـ''جبهة الديكتاتوريات العربية'' في الخليج المعادية لإيران، مؤكداً أن هذه المنطقة ''كانت دائماً ملك إيران''، »نقلاً عن تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية«. وقال فيروزأبادي في بيان نقلته معظم وكالات الأنباء والصحف الإيرانية إن ''الأنظمة العربية الديكتاتورية في الخليج الفارسي غير قادرة على منع الانتفاضات الشعبية''، على حد تعبيره. وأضاف الجنرال، وهو أيضاً عضو في المجلس الأعلى للأمن القومي بإيران، أنه ''بدلاً من فتح جبهة لا يمكن الدفاع عنها مع إيران، على هذه الديكتاتوريات أن تتخلى عن الحكم ووضع حد لجرائمها الوحشية وترك شعوبها تقرر مستقبلها بحرية''، كما دان ''مؤامرة'' الدول الخليجية ''لتشكيل هوية لها على حساب الهوية الإيرانية''. وشدد الجنرال فيروزبادي في بيانه على أن ''الخليج الفارسي انتمى وينتمي وسينتمي دائماً لإيران''، كما ندد المسؤول الإيراني الذي أصدر بيانه بمناسبة ''اليوم الوطني للخليج الفارسي'' في 30 أبريل، برفض دول الخليج العربية تسمية الخليج بـ''اسمه التاريخي''.
وقال إن ''قدوم البريطانيين ثم الأمريكيين إلى المنطقة أثار مؤامرات لتحريف التاريخ وهوية الخليج الفارسي''. وكانت إيران ومازالت تطالب بالبحرين وجزر عربية خليجية أخرى لتضيفها إلى الجزر الإماراتية الثلاث التي سبق أن احتلها الشاه!! بصفتها تابعة لها. وليست هذه هي المرة الأولى التي يهدد فيها فيروزي دول الخليج فقد سبق له أن حذر من أن بلاده ستغلق مضيق هرمز في حال تعرضت مصالحها للخطر. وأعلن هذا الجنرال أنه -على الدول كلها أن تعلم أنه في حال تجاهل مصالح إيران في المنطقة فمن الطبيعي أن لا نسمح للآخرين باستخدام الطريق البحري!!.
وما يلفت النظر هنا بقوة، ليس تصريح الجنرال فيروز أبادي شديد الوقاحة بلا مواربة، أن الخليج العربي ملك إيران، وأنها لن تسمح لدول الخليج بامتلاك هوية على حساب الهوية الإيرانية، فتلك هي الأيديولوجيا الإيرانية القائمة في نظرة إيران إلى الضفة الغربية للخليج، بل وعموم الدول العربية، وتلك هي أيضاً العقيدة العسكرية الإيرانية القائمة على النظرية النازية (المجال الحيوي) والتي تستعير نظرية ستالين (المجال الحيوي القريب) والعقيدة العسكرية الإسرائيلية في إرهاب الجوار، وفي رأيي، لو أن شعوب الخليج والسعودية والعراق واليمن وبقية الدول العربية اجتمعت على رأي، يتمحور حول عروبتها واستحقاقاتها، لرأى فيروز أبادي أي أسد ورقي إيراني يمزق إذا ما تجرأ نظام الطاغوت الإيراني على مجرد التفكير بالمساس بالهوية القومية العربية لدول الخليج أو غيرها من الدول العربية، لأن قوة النظام الإيراني ليست بكيانه العسكري المدجج بالأسلحة، فالمقاومة الإيرانية أثبتت هزالته، فثمة أسلحة لدى دول الخليج وحدها، تفوق ما لدى إيران، وليس في الكيان السياسي الإيراني الممتلئ عجرفة، فالنظام الإيراني معزول دولياً، ومكروه داخلياً، ولا بثقافة ولاية الفقيه وقوة النظام الدكتاتوري القائم على البطش، ولا أريد أن أوغل في المقارنات، لكني أؤكد أن قوة نظام ولاية الفقيه سببها الضعف العربي، وفراغ مربع القدرة العربية من جدية القرار والمعالجة الصائبة، والاعتبار بالتاريخ، وفهم حقيقة سلوك نظام ولاية الفقيه العدواني الفاضح، إذ مازالت دول الخليج العربي، حتى اللحظة على الرغم من العداء والتهديد المعلن كله، تنتهج سياسة الحوار والتهدئة، والنظام الإيراني لا يفهم هذه السياسة إلا على أنها رسالة استسلام، فلا تستغربوا أن يمسح رئيس أركان الجيش الإيراني بهوية دول الخليج الأرض، وينقعها بمياهه المالحة. هناك أيضاً مشروع أم القرى الخميني الأممي الذي يرفع شعار: ''الطريق إلى القدس'' ما هو إلا ''الطريق إلى مكة والمنامة'' ولا أريد أشرح وأبين هذه النظرية (المشروع) لأنها معلنة، لكني أود الإشارة هنا إلى أنها تجعل إيران وعاصمتها طهران، عاصمة العالم المسلم على دين خميني، والخاضع لدستور ولاية الفقيه الحاكم في إيران!! فأي مخاطر أشد من هذه يمكن الحديث عنها؟؟ وإن هي هنا إلا بالخطوط العريضة؟؟ أغاليط المؤرخين ؟ بمناسبة تطرقك إلى تسمية الخليج، لماذا الإصرار الإيراني على تسمية الخليج العربي بـ''الخليج الفارسي'' وادعائها أنه كان تاريخياً تابعاً لإيران؟ ـ بصراحة مع إني أرى عدم أهمية التسمية، إلا إني حين أرى إيران تمنحها هذه الأهمية إلى حد أن تعدها ملكاً وهوية قومية، أتذكر أن الكيان الإيراني، قام في بعض بنائه على الاغتصاب، وأتحسب لما تبغيه من الإصرار على هذه التسمية المغلوطة، فالخليج كان ومازال عربياً بضفتيه حتى قبل أن يزحف الفرس على هضبة فارس وقبل أن يتشكل الكيان الإيراني، وهناك خرائط موغلة في القدم تحمل تسمية الخليج العربي. ويمكنني هنا نقل تأكيد الشيخ بكر أبوزيد في كتابه ''معجم المناهي اللفظية'': ''الخليج الفارسي: هذه التسمية الباطلة تاريخاً وواقعاً من شعوبية فارس.
فكيف يكون الخليج الفارسي وكل ما يحيط به أرض عربية من لحمة جزيرة العرب وسكان عرب خلص؟ فلنقل: الخليج العربي''، وكتب في الحاشية: ''الخليج الفارسي: أغاليط المؤرخين. لأبي اليسر عابدين ص.''264الدافع إذن ليس الجغرافيا والتاريخ، وإنما السياسة والأطماع، وعلى هذا يجب إعطاء القضية أهميتها وعدم اعتبارها مسألة شكلية كما ينزع بعضهم. الحرب الإلحاقية ؟ ولماذا تبدأ إيران تحرشاتها بالعرب من البحرين، وما مغزى تهديداتها الدائمة لهذا البلد خاصة وللخليج العربي عامة؟ - وهل بدأت إيران تحرشاتها بالعرب من البحرين؟؟ ومنذ متى؟؟ وأين ذهبت تحرشاتها بالعرب عبر العراق، على امتداد التاريخ، مروراً بحرب الثماني سنوات والحرب الإلحاقية الحالية؟؟ أما السؤال عن مغزى تهديداتها للبحرين، فإن البحرين مطمع إيراني تاريخي هي و130 جزيرة عربية أخرى في الخليج، من أخوات طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبي موسى، لتشكيل إقليم الخليج الفارسي؟؟ كما إنها فك الكماشة الأسفل إذ إن العراق هو الفك الأعلى، وقد وقع العراق في القبضة بفعل الاحتلال الأمريكي، وجاء الآن دور البحرين، ومن بعدها البقية!! ودوائر المعلومات في دول الخليج العربي كلها تعرف ذلك، وهذا هو سر تهديدات إيران لدول الخليج إذ إنها تعده بحيرة إيرانية وملكاً صرفاً كما قال فيروز أبادي. الغرب ليس درعاً للعرب ؟ وكيف يمكن أن تواجه دول الخليج هذه المطامع والأخطار؟ ـ في خيارها الشكسبيري (أن تكون أو لا تكون) أن تكون عندما تنتمي لنفسها وتوقن أن الغرب ليس درعها الحقيقي، وأن الدرع الحقيقي هو شعبها وأخوتها العرب، وألا تكون، في أن تتبع سياسة الانفصال عن الأمة والشعب.
أما تكديس الأسلحة فهو، وإن كان بعض الضرورة إلا أنه ليس كلها، وهو ليس الحل ما دام مربع قدرة القرار فارغاً. الفقيه الدكتاتور ؟ ولاية الفقية هل تصلح لمجتمعاتنا العربية وهل صلحت أصلاً لإيران وما مخاطرها وأهداف التمسك الإيراني بها؟ - في عالم اليوم الساعي إلى الديمقراطية والتعددية، وعدم القبول بالفكرة الواحدة، واحترام الرأي الآخر، عالم اليوم.. عصر الشعوب، الألفية الثالثة، والمجتمع الإنساني المتحرر من هيمنة ودكتاتورية الفرد والفئة والأيديولوجيا الباطشة، لا مكان لأي نظام ثيوقراطي، تحت أية تسمية، ويمكنك سماع هتافات الشعوب الإيرانية: الموت للدكتاتور.. والمقصود المرشد الأعلى أو الولي الفقيه، خامنئي الذي سقطت في عهده هالة الولي الفقيه التي كانت تلف رأس خميني، وديست بالأحذية صوره، ويمكنك مشاهدة صغار الطلبة يتسلقون الجدران، لإنزال تلك الصور وتمزيقها ورميها تحت عجلات السيارات المارة!! ويمكن سماع هتافاتهم بسقوط نظام ولاية الفقيه على أعواد المشانق، فإذا كانت نبتة ولاية الفقيه تعيش مواتها في أرضها وتجف أوراقها وتتيبس جذورها في تربتها ومناخها، فأي مصير يمكن أن تلقى في دول أخرى عربية كانت أم غير عربية؟ ولو رأيت تظاهرات البغداديين ضد مجلس محافظة بغداد الذي أغلق النوادي الاجتماعية، في خطوة بائسة لتقليد النظام الإيراني، لعرفت مصير ولاية الفقيه، ويكفي أن أقرأ لك شعار المتظاهرين البغادة الذي رفعوه ومازالوا يرفعونه منذ الخامس والعشرين من شباط خط انطلاق الثورة الشعبية العراقية، (بغداد ليست قندهار.. بغداد ليست طهران) والمغزى مفهوم. إلهاب الصراعات ؟ هل من تأثيرات للنفوذ الإيراني في العراق على ما يجري في البحرين وبقية أقطار الخليج العربي؟ ـ لا.. أبداً إذ أثبتت تجربة الأحداث الأخيرة في البحرين، فشل إيران وعملائها في العراق في التأثير على الأحداث في البحرين على الرغم من أنهم انجرفوا علناً وبزخم قوي مع الخطاب الإيراني، والسبب في رأيي، هو الموقف الشعبي العراقي الذي أتمنى أن يلتفت إليه العرب، في الجزيرة والخليج العربي، ولكن هذا لا يعني أن إيران ستكف عن تطوير الأمور باتجاهات سلبية على الأوضاع ليس في البحرين وحسب، وإنما في عموم الجزيرة والخليج العربي، وبخاصة في مسار إلهاب الصراعات وتحويلها بالاتجاه الطائفي.
البصرة جسرهم للخليج ؟ ما الذي تقوم به إيران في البصرة بالدقة، وهل هناك مؤشرات حقيقية على جعل البصرة منطقة وثوب على البحرين والخليج العربي؟ - هذا في رأيي أخطر سؤال في مجموع الأسئلة التي طرحت علي، والإجابة عنه كما أرى هي الإجابة عن الأسئلة السابقة واللاحقة كلها في ما يتعلق بالعلاقة بين العرب وإيران بصفة عامة، وإيران ودول الخليج العربي بصفة خاصة، وكنت نشرت دراسة مكثفة، عن احتلال إيران محافظة البصرة عام ,2007 بعد أعوام من المراقبة والتسجيل، كانت جرس إنذار دق منذ خمسة أعوام ولم يصغ إليه أحد، مع أنها كانت تحوي تفاصيل، خطرة حصدت بعد نشرها حزمة تهديدات من جهات عدة بينها أو في مقدمتها المخابرات الإيرانية، عبر إحدى واجهاتها في العراق، إذ ذكرت فيها وقائع تؤكد أن البصرة باتت جسراً برياً للقوات الإيرانية للعبور إلى الضفة الثانية من الخليج، واليوم ينشر بعض الأخوة المعلومات والإشارات نفسها وبالتوجهات نفسها التي سبق أن بينتها، عقب تبين الحقيقة إثر أحداث البحرين التي سبق أن أشرت إلى أنها ستقع قبل خمسة أعوام.. التساهل الأمريكي مع إيران ؟ ما دور المقاومة العراقية في تجنيب المنطقة خطر التدخل الإيراني في شؤونها؟ ـ بصراحة، وبلا مبالغة لولا المقاومة العراقية لتم تنفيذ المشروع الأمريكي كاملاً في المنطقة، وأقصد هنا مشروع الشرق الأوسط الكبير، ولسقطت الكثير من القلاع العربية، ذلك أن بعض مساومات أمريكا لتنفيذ المشروع، هي إطلاق يد إيران بهذه الدرجة أو تلك في العراق ودول الخليج، والاعتراف بها لاعباً إقليمياً أول اشتراطاته الهيمنة على المنطقة، وما المشروع النووي الإيراني والتساهل الأمريكي معه في الباطن إلا الدليل والأداة، ومازال دور المقاومة العراقية هذا يتعاظم، والمقاومة العراقية المقصودة هنا ليست فقط تلك التي تقاتل بالسلاح، وإنما أيضاً رجال الكلمة والمتظاهرون، الذين قدموا ضحايا، والذين أشغلوا إيران وعملاءها بأنفسهم وبوجودهم في العراق وكيفية الدفاع عنه، عن النظر إلى البحرين أو إلى دول الخليج العربي.
ثقل العراق ؟ هل تدعون الدول التي يتهددها الخطر الإيراني إلى دعم المقاومة العراقية وكيف؟ ـ قلت إن حماية المقاومة العراقية لهذه الدول من تدخلات إيران تستوجب حتماً، وكتحصيل حاصل، أن تدعم هذه المقاومة، وكم أتمنى أن تتفهم دول الخليج العربي ثقل العراق في موازنة أمنها.
