شبكة ذي قار
عـاجـل










9- إن موضوعة علاقة الحركة الثورية بالجماهير تكتسب أهمية كبرى في مسيرة نجاحها وبالاخص في هذا الوقت الذي لم يعد للحركات الثورية من أعمدة تسندها وتقويها الا العامل الجماهيري,لذلك يكون في مقدمة الاوليات للحركة الثورية أن تتحسس وبموضوعية عالية بحركة الجماهيروتغير إتجاهاتها ,وعليه يتوجب على الثوريين الحقيقين إمتلاك فهماً دقيقاً للمنهج الجدلي المبني على التطورات التأريخية وفهم حركة الواقع فهماً حياً وذلك من خلال تحليل خصوصياته وتناقضاته وان لايُنطلق هذا التحليل من تحديدات أو بديهيات مجردة قد تصيب الحركة بالعمى الفكري والذي يؤدي بها الى الغربة عن واقعها أو البيئة التي تتعامل معها الحركة أو الحزب الثوري,وليس هذا فقط بل تُبذل كل الامكانيات الذاتية وتُسخرالعوامل الموضوعية من أجل خلق حوار إيجابي مع الاخر,وأقصد بالاخر الطبيعة أو البيئة وعواملها أوقوانينها المحركة لهما سواء كانت ذاتية أو موضوعية,تاريخية أو معاصرة وأيظاً بمحاولة تطويع ما يمكن تطويعه فيهما لخدمة المجتمع الثوري أو إعادة تركيب بعضها ليكون في خدمة الانسان والمجتمع ,

 

وبنفس النظرة قد يكون الاخر حركات أو أحزاباً او إتجاهات وهذا الاخر لايهم من يكون رجعي أو إمبريالي أو سلفي أو تقدمي ليبرالي أو راديكالي, بمعنى أدق أن خلق هذه الحوارات وخاصة في هذه المرحلة الحالية من القرن الحادي والعشرون التي تتأثر بتغيرات محلية أو اقليمية أو عالمية تكسب الحركة الثورية معرفة بكل الظروف الحياتية مادية او معنوية وكذلك تعطي لحركة الثورية فرصة ثمينة للتعرف بالايديولوجيات المحيطة بها سواء القريبة منها او البعيدة,الصديقة أوالتي تختلف معها.وان ترفع من درجة الاستفادة من الحوارات أو المناظرات أو النقاشات مع هذه الافكار او الاراء في تخصيب الفكر الثوري وتجديده بل ايظاً في تحصينه, الامر سوف ينعكس على التجربة الثورية المستقبلية أيظاً.واية حركة ثورية حقيقية تستبعد أن تستثني من هذا التفاعل أي عامل مادي أو معنوي مرتبط عضوياً بواقع الثورةو أوإقصاء أو إستثناء أية حركة أو إتجاه لاي سبب سوى الخيانة والعمالة سوف تكون ناقصة في تتبع حركة الجماهيرلانها تقضم أو تتغافل عن جزء من العوامل المحركة لإتجاهات الحركة العامة للمجتمع وتأريخه وبذلك تكون ثوريتها ناقصة,وفي نفس الوقت على الثورة أن تبتعد وتتجنب المواقف التي تصبح فيها تصنيف تقارباتها على أساس أن تكون هذه المقاربات مع التي تكون قريبة منها مبنية على التفاعلات الفكرية والنظالية و أن تكون مع التي تختلف معها كالحركات السلفية أوالراديكالية مثلاً ميكانيكية بسبب هوة ألاختلافات الكبيرة معها أو الارث التصادمي معها,وأن هذا التقارب أو التباعد والمجافاة سواء كان موقفاً فكرياً أو سياسياً سوف يجعلنا نحكم على من يدعي بالثورية بأنه لا ثوري.

 

الثورية في المنطق الجديد ان نتعامل ونتفاعل حتى مع اللذين نلتقي معهم في الفكر أو الموقف بنسبة 1% من مجمل النظرية الثورية أو المواقف النضالية لان واقعنا يقرأ وجودهم الايديولوجي وحضورهم في التحرك الجماهيري ولهم ما يؤثرون به علينا وعلى بيئتنا النضالية ايظاً, وعلينا التأثير بهم بحكم ثوريتنا.إن هذه الاتجاهات الفكرية أو الاحزاب التي لا تلتقي مع الثورية الحقيقية تحتاج منا أولاً فهما لفكرهم وهذا يدفعنا الى الولوج الى تفصيلات عقيدتهم,و من ثم تفتيت العقد التي ركبتها مرجعيتهم الدينية أو السياسية وثالثاً طرح البدائل الفكرية الحقيقية لهذه العقد,,بهذا الاسلوب الحواري والطرح والاستقبال للافكار بكل أحترام وتقدير لفكرة ومبدأ الاخرنكون قد تعاملنا مع الواقع بكل ما في من عوامل حيوية أو ايديولوجيات متنوعة,و هكذايكون نجاح الثوريين,فإن زمن ستراتيجيات الصدامات والصراعات والعنف كخيار أولي لمواجهة الاخر قد إنحسر الى صفوف الخيارات الاخرى,وان تفتيت مثلاً الحركات الدينية مثلاًوخاصة في واقعنا العربي بإعتماد أسلوب القمع أو التصفيات تحت ما كان يسمى العنف الثوري,أعتقد أن هذا الاسلوب قد أصبح من أساليب الماضي.

 

ويمكن للحزب الثوري أن يتعامل مع خصومه ( أقترح شطب تعبير أعدائه ) بهذا النهج الحضاري الذي اصبح جزءأً أساسياً من السلوك الثوري الحالي,والتعامل بهذا الاسلوب جزء من ثورية الحركة ونجاحها في هذا المضمار سوف يؤشر على قدرة العقائد والنظريات الثورية في التحرك بمرونة الثوار المناضلين الحقيقين,ولكن هذا لا يعني أبداً إستسلامنا عنف الاخر,فعنما يعترض أو تل طريقنا فأن هندسة الطرق تجيز لنا تفجير ممر داخل الجبل لايجاد نفقاً ما لتسهيل خدمة الانسان,وهكذا عنما يُفرض علينا خيار المواجهة بعد إستنفاذ خيار الحوار لدوره وتأثيره يكون خيارنا الاخيرصحيح و مناسب ويكون خياراً ثورياً وبكل ما تعنيه الثورية .. مع أيماننا من أن الثورة تتبع قواعدها الخاصة وتنضبط لقوانينها الخاصة والتي لم تكتب أو تدرج بتعليمات أو بكتيبات,بل تجد جذورها في تناقضات المجتمع ومن خلال الخبرة النضالية وعبر مسيرة طويلة قد تكون مؤلمة ومرة ومعقدة تكون الحركة الثورية قد مرت من خلالها بعدة تجارب واخطاء و كبوات,وهذه جزء من حتمية تدفعها الثورات لكي تتطور نحو صيرورة حقيقية في تمثيلها لتطور المجتمع,اي جزء من ضريبة لابد أن تدفعها الثورات للوصول لحالة من النظوج الثوري,وبقدر ما يتعلق بالثورة العربية يقول الاستاذ ميشيل عفلق في تصويره لحقيقة هذه الثورة: ( حقيقة الثورة العربية. الثورة العربية ستكون بحجم الأمة العربية التاريخي والحضاري لذلك هي لا ترضى إلا أن تكون نهضتها عربية أصيلة، ذات إشعاع عالمي ولو اقتضى ذلك أن تمر بتجارب وصعوبات في منتهى الشدة، بل أن هذه الصعوبات مطلوبة حتى تبلغ الثورة العربية أو النهضة العربية عمقها المطلوب وأصالتها. ولذلك فهي تتخذ من كل أزمة ومن كل صعوبة مناسبة للتعريف بنفسها لمزيد من التوضيح ولمزيد من التعمق ولمزيد من النضج. ) ( 1 ) .

 

ولكن المهم أن يبقى تطور الثورة مرتكز بشكل أساسي على قدرتها في تطوير فكرها وتجاربها بشكل مستمر وبتفاعل مع تطورالواقع وليس وفق بديهيات نظرية أو مخطط أو برنامج يعد سلفاً.

 


 ( 1 ) في حوار أجرته جريدة الجمهورية العراقية مع الاستاذ ميشيل عفلق، ونشر على صفحاتها في 27/4/1980

 

 





الاثنين٢٠ جمادي الاخر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٣ / أيـــار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير الجزراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة