شبكة ذي قار
عـاجـل










لا أدري من الذي أحصى معجزات البرلمان العراقي الخمس عشرة، فهي واقعية ويعرفها العراقيون.


هم يقولون، منذ وطأت أقدامهم أرض العراق إن مثل هذه الأمور طبيعية، وأن النظام الدكتاتوري الصدامي السابق هو من كان يرى العكس، حيث الوطنية هي التمسك بجنسية الوطن، وهو الذي أجاع الموظفين، وحرم المعممين من المشاركة في الحياة السياسية و .. و .. و ..


انقلبت المفاهيم بين ما قبل الاحتلال وما بعده، فما كان يعد وطنياً في ظل النظام ''الدكتاتوري الصدامي الشمولي'' أصبح عمالة يجتث الإنسان بسببها، وما كان يعدّ عمالة للأجنبي بيّنة، أصبح بعد ''تحرير العراق من الطاغية'' وطنية بينة.


أضحكني مقطع منشور على اليوتيوب بعنوان (عملاء عراقيون) فيه صور إعلاميين عراقيين، من ضمنهم شخصي المتواضع، ومع الصور كلام فاحش بذيء لمجرد أن هؤلاء الإعلاميين كانوا في يوم من أيام الوطن الزاهية كتاباً يرسمون انتصارات العراق ومباهجه بأقلامهم .. وكانوا في مفاهيم ذلك العصر وطنيين، وأصبحوا في مفاهيم هذا الزمان عملاء عراقيين .. ألا أنني يشرفني أن أكون عميلاً لوطني، ولا يضيرني ذلك قط أو يعيبني.


وفعلاً، فعلى وفق مفاهيم ما بعد الاحتلال أنا نفسي لا أعلم، الآن، ما إذا كنت وطنياً عراقياً أم عميلاً؟! فالمفاهيم انقلبت رأساً على عقب، ومزورو الشهادات صاروا رؤساء حكومات ووزراء ومسؤولين تحميهم أفواج من العسكر، وذوو الشهادات الصحيحة أصبحوا في بيوتهم عاطلين، وإذا طالب أحد منهم بحقه أصبح ''صدامياً إرهابياً بعثياً وهابياً تكفيرياً ومن القيادات التي يجب اجتثاثها''، وهكذا صارت "البعثية" التي كانت قمة الوطنية يوماً، عمالة يجب اجتثاثها، وأصبحت المعارضة التي تعاونت مع المحتل الباغي الغازي وطنية، وأصبح من جاء مستقوياً على وطنه وشعبه بدبابات أمريكا وطنياً، محرراً لا يبارى في الوطنية، والعراقيون يتفرجون، واستمر الوضع هذا إلى حين ..


الآن أمريكا انهزمت من العراق بفعل ضربات المقاومة العراقية الباسلة، فالمحتل لن يقوى على تحمل خسائر أكبر، ومصيره المحتم في العراق هو الهزيمة، التي كشفت عورة ''أزلامه'' ومن استقوى به على الناس، وأنشأ الميليشيات والعصابات، فصاروا يتصارخون، أنهم يحتاجون إلى وجود قوات المحتل إلى عام 2020 ولكن حسابات المحتل وأزلامه شيء، ومنطق إرادة الشعب شيء آخر، وقوانين التاريخ دائماً في صالح الشعوب، وجعل الله سبحانه وتعالى في أرض العراق سراً هو أنه ما من قوة غزتها إلا وتهشمت عليها وآلت حطاماً.

 

ومعجزات البرلمان العراقي الخمس عشرة تكشف للقاصي والداني، من هو الوطني، الغيور، اليوم، ومن هو العميل والخائن، ففي هذه المعجزات مقاييس الوطنية لهذا الزمان:


''البرلمان العراقي هو الوحيد الذي يضم عناصر من غير مواطنيه ومن جنسيات أجنبية، وهو أكثر برلمان في العالم يتسيب أعضاؤه ولا يحضرون اجتماعاته، كما إنه أول برلمان في العالم لا يمثل مصالح الشعب، إنما مصالح الدول ذات المطامع، وهو البرلمان الوحيد في العالم الذي معظم أعضائه حجاج بيت الله الحرام -طبعاً لاستحواذهم على حصة العراقيين في الحج- وهو البرلمان الفريد في الأرض الذي يتقاضى أعضاؤه رواتب مليونية أعلى من نواب أوروبا وأمريكا، وهو البرلمان الوحيد المسلح، فلكل نائب فيه 30 حارساً شخصياً، وهو البرلمان رقم واحد عالمياً الذي يضم عناصر إرهابية، وقادة ميليشيات إجرامية، كما إنه يتفرد عالمياً لكونه لم ينتخب بنزاهة وإرادة شعبية، وهو البرلمان الوحيد عالمياً الذي تشم الكلاب الأمريكية نوابه قبل دخولهم البرلمان، وهو البرلمان الوحيد عالمياإ الذي زرعت مفخخات داخله، وقتل وجرح نواب، بسببها، وهو البرلمان الوحيد الذي يحق لقوات الاحتلال أن تفتش نوابه وتمنعهم من الدخول، أو يطأطئوا رؤوسهم بالبساطيل إذا تطلب الأمر، كما إنه البرلمان الوحيد الذي يجهل ما يجري في ساحته، وهو البرلمان الثاني بعد إيران في عدد النواب المعممين، وهو البرلمان الوحيد في الكرة الأرضية الذي لا يستطيع نوابه لقاء الشعب أو التجول خارج حصون المنطقة الخضراء، والبرلمان الوحيد في العالم الذي معظم أفراده بلا شهادات علمية، وبلا أية كفاءات تذكر.


وسأضيف أنه البرلمان الوحيد الذي تشغله رواتب أعضائه أكثر مما تشغله مصالح الشعب، فإيران التي تريد إجبار العراق على دفع مليون برميل نفط يومياً كتعويضات لحرب هي التي بدأتها وأصرت على استمرارها، لا تشغل مساحة من اهتمام هذا البرلمان، ولم تند شفة برلماني لاستنكارها ومطالبة الحكومة بالتصدي لها.

 

 





السبت١٨ جمادي الاخر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢١ / أيـــار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سلام الشماع نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة